ARIJ Logo

قصة خالد عبد الله*

حصانة مطلقة للمحامين الأردنيين و"النقابة" هي الخصم والحكم

"إذن المخاصمة": عدالة ناقصة

تحقيق: عهود محسن

بعد أن فقد حريته، وأرضه وماله، لجأ عبد الله إلى المحامي جورج حزبون في يناير/ كانون الثاني 2019 علّه يسترد حقّه أمام المحكمة، وفق معاينة مُعِدَّة التحقيق وثائق تثبت دقّة رواية عبد الله. إلّا أنّ المحامي لم يستطع الترافع في هذه القضية لأنّ نقيب المحامين رفض منحه "إذن مخاصمة". في المحصلة رضخ ذوو عبد الله لتسوية مالية حتى يُطلَق سراحه بعد شهر من التوقيف.

خلال تلك الفترة، قدّم عبد الله شكوى لدى مدير الأمن العام ومدير البحث الجنائي -اطّلعت عليهما مُعِدَّة التحقيق- لكنّه لم يتلقَّ ردوداً عليها حتى الآن.

يقول عبد الله: "وقّعت أوراقاً للمحامي للتصرف ببيع أرضي ومن ضمنها ورقة (ضد). بدت الأمور في البداية طبيعية ولم تُثِرْ لدي شكوكاً بأنّ مصيري سيكون السجن".

ورقة الضد: شيك، أو كمبيالة أو وصل أمانة توثّق اتفاقاً مخفياً بين متعاقدين بهدف إجراء عملية بيع/ شراء باسم أحدهما مقابل تعهده بردّ قيمة الصفقة من خلال توقيعه على هذه الورقة.

نهاية غير متوقعة خلف القضبان عاش عبد الله تفاصيلها عام 2018 حين رغب باستثمار مليون و800 ألف دينار في شراء الأراضي وبيعها.

إذ اضطر صاحب الشكوى إلى التنازل عن حقوقه -التي فشل في استعادتها قضائياً- نظير خروجه من الحبس.

بملامح تشي بالقهر وفقدان الحيلة يصف عبد الله تجربته القاسية: "أوهمني السمسار والمحامي بوجود مُشترٍ من جنسية عربية (شيخ خليجي) لقطع أراضٍ تمّ الاتفاق بيننا على شرائها والاستثمار فيها بعد أن أعطيتهم مبلغ مليون و800 ألف دينار وطلب مني توقيع وكالة عامة لتسهيل عملية البيع لأنّ المشتري خارج البلاد".

بعد نحو شهر طلب السمسار والمحامي من عبد الله الحضور إلى مكتب الأخير لبحث كيفية استعادته لأمواله التي بات يلح بطلبها لعدم تنفيذهما الاتفاق المبرم معه.

مفاوضات وضغوطات كبيرة مورست عليه من قبل السمسار والمحامي تمّ إيهامه خلالها بأنّ إتمام الصفقة واستعادة حصته منها يتطلب توفير أراضٍ بقيمة أربعة ملايين دينار لتتناسب وحجم الصفقة المرتقبة مع المستثمر الخليجي، من ضمنها الأرض التي أوهموها بشرائها من أمواله.

يقول عبد الله:" حضرنا جميعاً في مكتب المحامي في إحدى ضواحي عمان وتمّ الاتفاق على شراء أرض يملكها السمسار وتسديد أموالي التي بحوزتهم حال دفع المشتري الثمن".

وتمّ الاتفاق لاحقاً أن يسحب ثمن الأرض على شيكيْن من بنك أبوظبي الوطني وأن يتمّ نقل الملكية بعد تحصيل الحقوق المالية لعبد الله وإيداعها في حسابه بأحد البنوك المحلية وعمل اتفاقية بذلك من قبل المحامي.

مدير مكتب "الشيخ الخليجي" -المشتري- طالب بضمانات بقيمة الشيك لحين نقل ملكية الأرض فتمّ الاتفاق على توقيع الشيكات والكمبيالة والاتفاقية كوحدة واحدة وأن تثبت لدى نقابة المحامين لاحقاً.

ويقول عبد الله "طلب المشتري أن أكون كفيلاً على الكمبيالة"، رفضت طلبه وبعد إلحاح من الموجودين اشترطت كتابة إيضاح حول سبب إعطاء الكمبيالة وتوقيعي عليها ككفيل، فتدخّل المحامي وقال إنّ" هذة التفاصيل ضمن الاتفاقية التي سيتمّ إبرامها لاحقاً".

ويستكمل عبد الله، قائلاً "وقعت تحت ضغط منهم وبسبب حاجتي لاسترداد أموالي التي بحوزة السمسار واضطررت إلى التوقيع فأصبحت كفيلاً لأمواله والدين الجديد المضاف على القيمة الأصلية باستخدام الكمبيالة -ورقة ضد- وفقاً للشكوى المقدمة لنقابة المحامين" .

لم يدرك عبد الله حينها أنّ المحامي كان يستغل مهنته وخبرته الواسعة في التشريعات للإيقاع به وتخييره بين الحبس وخسارة أمواله.

"علمت ذلك بعد فوات الأوان"، يستذكر الرجل بحسرة كيف تفاجأ بعدها بإخطار عدلي من شخص لا يعرفة يطالبه بقيمة الكمبيالة ولتشهد القضية دخول محامٍ آخر وأطراف جديدة وتبدأ المفاوضات مع عبد الله لتنفيذ تسوية مالية يدفع خلالها مبلغاً إضافياً قدره مليون ونصف دينار وهو ما لم يتمكن من فعله.

ليتم إيداع الكمبيالة لدى دائرة التنفيذ من قبل محامٍ آخر وإيقاع الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة منفرداً دون السمسار ووكيل المشتري.

بعدها تواصل عبد الله مع المحامي العدوان وطالبه بحل الإشكالية التي تسبب فيها، فأخبره الأخير بأنّه سيسوي المشكلة وأجبره على توقيع وكالة، وبعد مراجعة المحكمة فوجئ بأنّ المحامي طبع ورقة وسلمها للمحكمة بها إقرار بالدين وطلب تسوية بعد أن استلب توقيعه بالغش والاحتيال.

أمام هذا الاحتيال، لجأ عبد الله إلى محامٍ آخر " جورج حزبون" لاسترداد حقّه في المحكمة.

في يناير من العام 2019 قدّم موكله طلباً لدى نقيب المحامين لنيل "إذن مخاصمة"؛ مفتاح مقاضاة أيّ عضو في نقابة المحامين أمام المحاكم الأردنية بموجب قانون النقابة.

إلّا أنّ نقيب المحامين مازن ارشيدات الذي ترأس نقابة المحامين في دورتين (الأولى 2011-2013 والثانية من 2017 وحتى تاريخه) رفض طلبه دون إبداء الأسباب.

خلال تلك الفترة، تقدّم عبد الله بشكوى إلى مدير الأمن العام ومدير البحث الجنائي -اطّلعت عليها مُعِدَّة التحقيق- ولم يتلقّ ردوداً عليها حتى الآن.

النتيجة خسارة ثلاثية: فقد عبد الله أرضه وفوقها أربعة ملايين دينار فضلاً عن حكم بالحبس نُفِّذ منتصف ديسمبر 2018 وحتى بداية يناير 2019 عقب إدانته بإصدار شيك بلا رصيد.

واضطرت عائلة عبد الله إلى توقيع تسوية لإخراجه من السجن بحسب الوثائق التي اطلعت عليها مُعِدَّة التحقيق وتأكيداته خلال مقابلة أجرتها معه.

لتنتهي القضية بهروب السمسار بعد تقديم شكوى نصب واحتيال بحقه لدى الادعاء العام أُسقطت ضمن صفقة إخراج عبد الله من السجن، من دون الحصول على إذن مخاصمة بحق المحامي.

*اسم مستعار