ARIJ Logo

جباية غير قانونية من جيوب الفلسطينيين

السندات والوكالات.. دجاجة تبيض ذهباً للمحامين

تحقيق: فراس الطويل

16/10/2020
شاهد/ي خلاصة التحقيق في أقل من دقيقتين

في أحد أيام شهر آب/ أغسطس الماضي، أوكلني صديق لي مصاب بفشل كلوي للتصرف بمركبته وتمثيله أمام الجهات الرسمية في وزارة النقل والمواصلات وشركات التأمين لإتمام عمليات الترخيص الاعتيادية، نظراً إلى وضعه الصحي والتزامه بالذهاب إلى المستشفى ثلاث مرات أسبوعياً لغسيل الكلى.

اتفقنا على التوجه إلى الكاتب العدل في رام الله من أجل إصدار وكالة خاصة، وهناك طلب منا الموظف المسؤول، بعد إبراز بطاقات هوياتنا الشخصية، تصديق الوكالة من نقابة المحامين ودفع الرسوم المتوجبة عليها من خلال محامٍ مزاول.

كانت دائرة الكاتب العدل مكتظة بالمراجعين في ذلك اليوم، منهم من يريد إصدار وكالة خاصة، أو دورية، ومنهم من باشر في عملية تسجيل شركة، وآخر كان يريد إصدار صك رهن لشراء سيارة من خلال البنك، إلى جانب معاملات مختلفة تدرج غالبيتها تحت مسمى "السندات العدلية". وكل المعاملات المذكورة تستوجب تصديقها من نقابة المحامين، مقابل رسوم محددة طبقاً للمعاملة المنظورة.

في زحمة المشهد، دار نقاش بيني وبين موظف الكاتب العدل، حول رسوم نقابة المحامين، وأخبرني أنّ التعليمات لديه تفرض عليه عدم تصديق أيّ سند عدلي -باستثناء 17 حالة- إلّا بختم النقابة، ودفع رسوم تتراوح بين 60 ديناراً للوكالة الخاصة و2010 دنانير للشركة المساهمة العامة. طلبتُ منه كتاباً خطياً يوضح أسباب رفض تصديق وكالتي الخاصة، فرفضَ وأبلغني بأنّ رئيس محكمة البداية، هو المسؤول عن دوائر الكاتب العدل في المحاكم، وبالإمكان مخاطبته من خلال طلب استدعاء.

وقفت حائراً في تلك اللحظة، وسط نظرات الاستغراب من المحامين والمراجعين في الدائرة، ما العمل؟ فالقانون الأساسي الفلسطيني يمنع فرض رسوم لم يُنص عليها بموجب قانون.

ليست السندات العدلية فقط ما تستوجب دفع رسوم على شكل أتعاب محاماة، وإنّما تطال تسجيل الشركات. رسوم تسجيل الشركة العادية تبلغ 510 دنانير، والشركة المساهمة الخصوصية 710 دنانير، والشركة المساهمة العامة تصل إلى 2010 دنانير.

صديقي المريض لا يقوى على الوقوف طويلاً، وعبر لي عن خشيته الإصابة بفيروس كورونا وسط جموع من المراجعين. طلبت منه المغادرة والذهاب إلى المستشفى، لأنّ الساعة كانت تشير إلى الواحدة بعد الظهر؛ موعد جلسته لغسيل الكلى في مجمع فلسطين الطبي برام الله. أما أنا فلجأت إلى الخيار الثاني، وباشرت بكتابة استدعاء لرئيس محكمة البداية، أشرح فيه تفاصيل الواقعة، وأطلب تصديق الوكالة بموجب قانون الكاتب العدل الساري (رقم 11 لسنة 1952).

كيف فُرضت؟

استندت نقابة المحامين الفلسطينيين، في فرض الرسوم إلى اللائحة التنظيمية (رقم 1 لسنة 2009)، بشأن تنظيم السندات العدلية والشركات والعقود، الصادرة عن مجلس النقابة في 24 نيسان/ أبريل 2009، المنشورة في الجريدة الرسمية. وورد في اللائحة أنّها صدرت في "إطار تنظيم مهنة المحاماة، وتحقيقاً لمصلحة المحامين"، مخالفة بذلك المادة (88) من القانون الأساسي الفلسطيني كما يرى خبراء، على اعتبار أنّ نص القانون يعلو على اللوائح التنظيمية. وتنصّ المادة على أنّ "فرض الضرائب العامة والرسوم، وتعديلها وإلغاءها، لا يكون إلا بقانون، ولا يعفى أحـد من أدائها كلها أو بعضها، في غير الأحوال المبينة في القانون".

وبالرجوع إلى قانون تنظيم مهنة المحاماة الصادر عام 1999، لم يتم النص على فرض هذه الرسوم. كما أنّ قانون الكاتب العدل لم يعطِ نقابة المحامين حقاً في تحصيل أيّ رسوم من المواطنين، لدى إصدار أيّ سند عدلي، أو تنظيم عقد، أو تسجيل شركة.

لم يكن ممكناً تطبيق فرض الرسوم على المواطنين لولا مساعدة مجلس القضاء الأعلى، حينما أصدر تعميماً في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2010 لدوائر الكاتب العدل التابعة له، بعدم إتمام أيّ معاملة من دون تصديق النقابة. وتوالت التعميمات المشددة على تطبيق نظام السندات من قبل مجالس القضاء المتعاقبة منذ ذلك التاريخ. وفي سنة 2017 استثنى تعميم المجلس 17 حالة من دفع رسوم النقابة، مراعاة لظروف الفئات من ذوي الدخل المحدود منها: الإقرارات العدلية لهيئة شؤون الأسرى والمحررين ووزارة التنمية الاجتماعية، والوكالات الخاصة بمؤسسة أُسَرِ الشهداء وتلك المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة والطلبة وتجديد جوازات السفر.

"سلوك غير قانوني"

أكد الخبير القانوني، د. أنيس قاسم (81 عاماً)، أنّ رسوم نقابة المحامين غير قانونية مهما كانت تسميتها حينما قال: "لا يمكن أن تمنح نقابة المحامين أو أيّ نقابة أخرى فرض أيّ نوع ضريبي إلّا بقانون، بصرف النظر عن التسمية، وإلّا يمكن تسمية الكثير من الضرائب بأسماء أخرى حتى تفرضها على الناس".

واعتبر فرض رسوم للنقابة تحت مسمى أتعاب للمحامين التفافاً وإحباطاً لنصّ القانون الأساسي. وتابع: "لا يمكن أن تمنح نقابة صلاحية فرض مثل هذه الرسوم أو الجبايات دون تفويض بقانون من الدولة، المجلس التشريعي، هو من يفوض النقابة بتقاضي رسوم من أعضائها، رسوم لا تتجاوز كذا أو رسوم عضوية. حتى من الأعضاء لا تستطيع أن تجبي جبايات من الناس إلا بقانون، وإلّا تصبح (إتاوة) تفرض بالقوة، وهذا لا يجوز".

الموقف ذاته عبّر عنه عميد كلية الحقوق في جامعة فلسطين الأهلية في بيت لحم د. نافع الحسن، وشدّد على أنّ القانون يعلو على اللوائح التنظيمية. وأضاف: "إذا وُجِد النص القانوني فإنّه يبطل ما جاء في اللوائح التنظيمية، لأنّ القانون يعلو على ما عداه".

وفصّل الحسن رأيه بأنّ الرسوم والضرائب من اختصاص السلطة التشريعية، ولا يجوز للسلطة التنفيذية أو أيّ فرع من أفرعها فرض الرسوم إطلاقاً. وتابع: "كل ما يُفرض من السلطة التنفيذية أو أحد أجنحتها كرسوم أو ضرائب هو باطل. أي رسوم تترتب على المواطن هي من صلاحيات السلطة التشريعية في البلاد وليس أيّ جهة أخرى، سواء كانت نقابة محامين، أو نقابة عمال، أو مجلس وزراء، أو رئيساً. ليس من صلاحيات هؤلاء جميعاً فرض أيّ شكل من أشكال الضرائب والرسوم".

"مجالس القضاء لا تُشرّع"

وبخصوص تعاميم مجالس القضاء المتعاقبة المُلزمة لكتّاب العدل بعدم تصديق أيّ معاملة إلّا بختم نقابة المحامين، أكد الخبير القانوني قاسم وهو مقيم في العاصمة الأردنية عدم قانونيتها ووجوب الطعن فيها؛ "لأنّ المجلس القضائي لا يملك سلطة تشريعية، والسلطة التشريعية هي المجلس التشريعي فقط، وإلّا فإنّ ذلك يصبح تداخلاً غير مبرر بين السلطات. فالمجلس القضائي الذي لا يستطيع أن يشرّع، شرّع وفرض للنقابة شيئاً، لا يملك صلاحية فرضه. الذي يملك هذا الحق هو التشريعي". وبما أنّ المجلس التشريعي (البرلمان) معطل في الأراضي الفلسطينية منذ 2007، فيتوجب على الرئيس الفلسطيني إصدار مراسيم أو قرارات بقانون حتى تكتسب رسوم نقابة المحامين صفة الشرعية.

ومع ذلك ينبّه قاسم إلى أنّ هذه المراسيم أصبح مطعوناً بها، بعدما حلّ الرئيس المجلس التشريعي (أواخر عام 2018)، ولم يُجرِ انتخابات جديدة "وبالتالي قد ينطوي فرض ضرائب من هذا النوع على تعسف شديد، يعني لا يجوز للرئيس أن يصدر مراسيم إلا لمصلحة وطنية كبرى. وحتى هذه المراسيم أصبحت بدون تفويض".

وفي رده على أنّ الرسوم جاءت في إطار تنظيم مهنة المحاماة، نفى قاسم وجود علاقة بين الرسوم وما أسماها "الفوضى السارية"، واعتبر أنّ "سبب الفوضى ليس قلة الضرائب، وإنّما عدم ضبط وربط أعضاء النقابة".

وجاء موقف الخبير القانوني نافع الحسن مؤكداً أنّ تسمية الرسوم بمسميات أخرى لا تمنحها الشرعية، وقال: "من أجل تبرير الخطأ قد تُطلق أسماء مختلفة على الرسوم، لكن عندما نعود إلى الأصل نجد أنّها رسوم يجري تقاضيها من الناس، وأيّ أعباء مالية تفرض على المواطنين من غير السلطة التشريعية فهي باطلة. والقانون يجب إصداره بطريقة صحيحة؛ فقوة القانون لا تكمن في نصه فقط وإنّما في طريقة إصداره من صاحب الشأن الذي يحق له إصدار القانون".

ثلاثة خبراء قانونيين آخرين أكدوا عدم دستورية رسوم نقابة المحامين لذات الأسباب التي أوردها الخبيران أنيس قاسم ونافع الحسن. ورفض الثلاثة الكشف عن هوياتهم تفادياً لأيّ صدام مع نقابة المحامين، وتعرضهم لإجراءات قد تصل إلى سحب مزاولاتهم للمهنة وعضوياتهم أيضاً.

8 ملايين دينار سنوياً تذهب للمحامين ونقابتهم

بحسب أمين سر النقابة محمد جرار، يدخل إلى خزينة نقابة المحامين سنوياً ما معدله 7-8 ملايين دينار كرسوم عن السندات العدلية، تذهب لصندوق النقابة. وفي نهاية كل شهر تحوّل النقابة 90% من المال المدفوع عن كل سند إلى حساب المحامي الذي قام بختمه، ويتبقى 10% لصالح صندوق النقابة كمصاريف بدل إدارة ملف السندات العدلية. علماً أنّ عدد المحامين المزاولين في الضفة الغربية يتجاوز ستة آلاف. ويحق لكل محامٍ مزاول ختم ثمانية سندات شهرياً، لكنّ مجلس نقابة المحامين، أجاز للنقيب وأمين الصندوق، منح إذن خاص بالسماح للمحامي، بتنظيم أكثر من ثمانية سندات، على أن لا يتجاوز مجموع السندات العدلية الشهرية ستة عشر سنداً.

ويرفض جرار وصف ما يدفعه المواطن مقابل تصديق السندات العدلية من قبل نقابته بـ "الرسوم"، ويصرّ على أنّها "تحديدٌ للسقف الأدنى لأتعاب المحامي"، لافتاً إلى أنّ قانون تنظيم مهنة المحاماة منح نقابته الحق بوضع الأتعاب التي تقررها بموجب الأنظمة الصادرة عن الهيئة العامة للنقابة.

وأضاف: "القانون منح الهيئة العامة الحق في إصدار أنظمة النقابة دون عرضها على أيّ جهة أخرى، وهذه الأنظمة ملزمة للمحامين ولا تلزم المواطنين، لكن أنا ألزمت المواطن بدفع الحد الأدنى لأتعاب المحامي على المعاملات التي ينظمها، وأيّ أنظمة صادرة عن النقابة واجبة التطبيق".

نقابة المحامين: الرسوم ضمانة للمواطن!

وفي الوقت الذي تنصّ فيه المادة (رقم 12 من اللائحة التنظيمية) على أنّ "المحامي ليس مسؤولاً عما يرد في السندات العدلية أو عقود الشركات وأنظمتها، أو ما يرفق بها من وثائق ومستندات ويتولى صاحب الشأن تقديمها إلى الكاتب العدل أو سواه من ذوي الاختصاص بصفته المسؤول قانوناً عن صحتها"، تؤكد النقابة من خلال أمين سرها، أنّ ختم نقابة المحامين على السندات والأتعاب (الرسوم) المدفوعة للمحامي تشكل ضمانة للمواطنين، باعتبار أنّ المحامي مسؤول عما يرد في السندات، "الهدف من هذا النظام أن يكون المحامي مسؤولاً عن كل سند يضع ختمه عليه، فأيّ خلل يحصل في السند هو مسؤول عنه وهو مسؤول عن سلامته".

ومن أجل تنظيم أيّ وكالة أو سند عدلي، يتوجب على المواطن أولاً ختم معاملته من محامٍ مزاول، وأن يتوجه برفقته إلى صندوق نقابة المحامين الموجود غالباً في مقار المحاكم ودفع الرسوم، ومن ثم التوجه إلى الكاتب العدل لتصديقها في عملية تستغرق 10-20 دقيقة حسب حالة الاكتظاظ في دوائر الكاتب العدل. ويتركز دور المحامي في ختم المعاملات ومرافقة المواطن للصندوق لدفع الرسوم.

الرسوم القانونية حددها قانون الكاتب العدل

هناك جهة وحيدة يجب على المواطن دفع رسوم لها مقابل إصدار الوكالات والإقرارات العدلية وتسجيل الشركات، وهي الخزينة العامة بموجب قانون الكاتب العدل لسنة 1952، وذلك استناداً لنص المادة (33) الذي جاء فيه "يستوفي الكاتب العدل الرسوم المبينة في الجدول الملحق بهذا القانون وتعتبر إيراداً للخزينة".

كما أنّ (القرار بقانون رقم 1 لسنة 2012) بشأن الرسوم المستوفاة عن الوكالات والإقرارات العدلية، حدد بدقة في المادة الثانية منه، قيمة الرسوم لكل معاملة، ولم يتطرق هو الآخر إلى وجوب دفع رسوم لغير الخزينة العامة، بل شدد في المادة الثالثة منه، على إلغاء كل ما يتعارض مع أحكام هذا القرار بقانون.

لصالح الخزينة
30
20
25
20
%0.5 - %1
%0.5 - %1
رسوم الوكالات بالدينار الأردني
وكالة عامة
وكالة خاصة
وكالات أجنبية
إلغاء وكالة دورية
وكالة دورية
إقرار عدلي
لنقابة المحامين
110
60
90
110
110
60

مجالس القضاء المتعاقبة شريكة

عودة إلى مشهد البداية، وبعد نقاش استمر ربع ساعة مع موظف الكاتب العدل، انتهى برفض التصديق على الوكالة الخاصة بي، أودعتُ لديه "طلب استدعاء" لرئيس محكمة البداية، طلبت فيه تصديق معاملتي من دون دفع رسوم نقابة المحامين بقيمة 70 ديناراً، وجاء الرد في اليوم التالي برفض التصديق دون أن يخوض في مشروعية فرض الرسوم من عدمه.

واكتفى رئيس المحكمة القاضي وسام السلايمة بتبرير رفضه المكتوب بخط يده، بأنّ لديه تعميماً صادراً عن مجلس القضاء الأعلى، جاء تطبيقاً لنظام السندات العدلية بموجب (اللائحة التنظيمية رقم 1 لسنة 2009) الصادرة عن نقابة المحامين، وأضاف: "أقرر رفض الطلب".

هنا، كان لا بدّ من التوجه إلى مجلس القضاء الأعلى الانتقالي المُعين في تموز/ يوليو 2019، وسؤاله عن السبب في تمرير فرض رسوم السندات العدلية وعدم إلغائها رغم عدم قانونيتها.

ومن خلال رسالة عبر البريد الإلكتروني موجهة إلى رئيس المجلس عيسى أبو شرار، جاء الرد كما ورد حرفياً في نص الرسالة بأنّ "تبعية كتّاب العدل تعود إلى رئيس محكمة البداية، وطالما أنّ رئيس محكمة البداية، أبدى رأيه بالموضوع؛ فإنّنا نكتفي بما أورده رداً على مخاطبتكم". في المحصلة، فإنّ المجلس الانتقالي الحالي لم يصدر تعاميم لكتّاب العدل بخصوص السندات، لكنّه في الوقت نفسه لم يقم بإلغاء النظام.

رسوم تثقل كاهل المواطنين

ملامح الغضب بدت واضحة على الشاب محمد معالي، في منتصف الثلاثينيات، بعد خروجه من دائرة الكاتب العدل في رام الله. يعمل محمد في مجال مساحة وتجارة الأراضي، واعتبر أنّ المحامي لا يستحق المبالغ التي يتقاضاها مقابل خدمة لا يستغرق إنجازها سوى عشر دقائق. وأضاف بعامية بسيطة: "المحامي لما يعمل وكالة عامة لغرض البيع يطلب مني 140 ديناراً وما بتنازل عنها، على أي أساس هذه الرسوم؟ كلها ورقة كتبها لي وذهب معي برفقة المشتري إلى المحكمة لمدة عشر دقائق، أنا بعرف أن الرسوم تعود للمحامي، فالنقابة تتقاضى 10-12% فقط والباقي يذهب للمحامي، وفي الآخر بحملك جميلة".

وأثناء ترددي لمدة أسبوعيْن على دائرة الكاتب العدل في مجمع محاكم رام الله، التقيت بمجموعة من المراجعين، كان من بينهم مسعود حموري، الذي يعمل في مجال العقارات منذ 20 عاماً، ويدفع مبالغ تصل إلى ألفيْ دينار شهرياً لاستصدار وكالات خاصة ودورية. اعتبر أنّ رسوم نقابة المحامين باهظة وغير قانونية، وألقى باللوم على مجلس القضاء لتمريره فرض الرسوم: "مجلس القضاء كيف يقبل بشيء كهذا أن يكلف المواطن مبالغ طائلة من أجل ختم وكالة خاصة أو دورية. لا يجوز أن يدفع المواطن أيّ رسوم إلّا بقانون واحنا سألنا ما في قانون. هذه تعليمات وتفاهمات بين نقابة المحامين ومجلس القضاء". ورغم معرفته بعدم قانونية الرسوم إلّا أنّ حموري (44 عاماً)، من رام الله مجبر على دفعها "إذا ما دفعت للمحامي ونقابة المحامين يرفض كاتب العدل تصديق وكالتي الدورية ومن أجل تسليك مصالحي أنا مضطر إلى الدفع، وهذا مرهق لكل الناس".

مواطن بعمر 69 عاماً -يخشى ذكر اسمه- تذمر من أنّ الرسوم باهظة، ورأى أنّ "نقابة المحامين تريد من وراء فرض الرسوم تشغيل أكبر عدد ممكن من أعضائها على حساب الشعب".

أما أنا، فبقيت الوكالة الخاصة لسيارة صديقي في يدي من دون المصادقة عليها، وهي عملياً لا تساوي الحبر الذي كتبت به، فهي غير سارية لأنّني رفضت دفع رسوم نقابة المحامين. ألح عليّ صديقي بضرورة أن ندفع الرسوم لأنّه لن يقوى على متابعة ترخيصها وتأمينها، واسمه مدرج على لائحة الانتظار في المستشفى من أجل زراعة الكلى. بعدما أصبح واضحاً أنّ الرسوم غير قانونية، قررت عدم المضي في إجراءات تصديق الوكالة؛ لتبقى القصة مرهونة بتقديم طعن للمحكمة ضد الرسوم المدرجة في اللائحة التنظيمية لنقابة المحامين، ويبدو هذا الخيار صعباً في ظل صعوبة توكيل محامٍ في قضية ضد نقابته.