ARIJ Logo

في 6 دقائق: وجبات تشريعية سريعة في البرلمان المصري

الدقائق الست و"العوار الدستوري"

تحقيق: دعاء عبد الوهاب

وقت مسرّع (كل ثانية = دقيقة)
قراراً اتُّخِذَ من قبل مجلس النواب
مع مرور الوقت والوصول إلى 6 دقائق
icon clock
يكون مجلس النواب قد اتَّخذ
icon hammer
قراراً

كشف تحليل الإحصائيات الرسمية الصادرة عن مجلس النواب المصري السابق، بين كانون الثاني/ يناير 2016 وتموز/ يوليو 2019، عن سرعة هائلة في سنّ القوانين وإقرارها داخل الجلسات العامة للبرلمان في مدة تعادل 6 دقائق للمادة الواحدة داخل التشريع.

هذه السرعة طرحت أسئلة عن مدى إحاطة النواب بالقوانين التي يتمّ تشريعها بالجوانب المنوطة بها، خاصة أنّ المجلس أغفل إصدار بعض القوانين، المعروفة باسم "القوانين المكمّلة للدستور" التي ألزمه الدستور بإقرارها خلال دور انعقاده الأول؛ لينقضي الفصل التشريعي كاملاً من دون إصدارها.

سرعة سنّ القوانين ومناقشتها داخل الجلسة العامة للبرلمان طرحت أسئلة تتعلق بقدرة المشرّعين على قراءة التشريعات وفهمها جيداً وبالتالي مدى جدواها وملاءمتها للمصلحة العامة.

icon quote
لا نعرف مصطلح سلق القوانين، تعبير "يسلق القوانين" لا ينطبق على البرلمان

قالها النائب سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب، في أحد لقاءاته الإعلامية، خلال ردّه على الانتقادات الموجهة للبرلمان بأنّ قوانينه لا تصب في صالح المواطن، وأنّ كثرة عددها دليل على عدم التروّي في دراستها.

الجلسة العامة تحدد مصير التشريعات

اختصت المادة (121) من الدستور المصري، بتصويت البرلمان على القوانين والقرارات، واشترطت لصحّتها حضور أغلبية أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 596، وما لا يقل عن ثلث العدد للتصويت على القوانين ذات الطبيعة العادية.

لكن وفقاً للإحصائيات الرسمية التي كشفتها تقارير إنجازات البرلمان السابق خلال 4 أدوار انعقاد من كانون الثاني/ يناير 2016 حتى تموز/ يوليو 2019
نفذ البرلمان
hand icon
9734
عملية تصويت
خلال
arrow
313
جلسة عمل
استغرقت
arrow
289,39
ساعة عمل
arrow
نتج عنها
arrow
arrow
arrow
arrow
933
قانوناً
تضم 8459 مادة
arrow
341
قراراً بقانون
11 جلسة 15 يوماً
arrow
26
قراراً جمهورياً
arrow
219
معاهدة دولية
arrow
172
حالة رفع حصانة

تحدد المادة (121) من الدستور المصري، تصويت البرلمان على القوانين والقرارات، وتشترط لصحتها حضور أغلبية أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 596، وما لا يقلّ عن ثلث العدد للتصويت على القوانين ذات الطبيعة العادية.

6 دقائق

الجلسات العامة شهدت 9 آلاف و734 عملية تصويت بالموافقة، بخلاف حالات التصويت التي انتهت بالرفض، ويضمّ هذا العدد مجموع التشريعات التي ذكرناها أعلاه.

وتكشف عملية حسابية بسيطة ربطت بين عدد الموافقات، وعدد الجلسات العامة، وكذلك مدّة كلّ جلسة، أنّ الجلسة الواحدة شهدت 31 عملية تصويت، وبعد توزيعها على متوسط مدة الجلسة، يتضح أنّ التشريع الواحد أو القرار أو المادة استغرقت 6.2 دقيقة، كنسبة تقريبية تختلف من مادة إلى أخرى، ومن تشريع إلى آخر، وفقاً لمضمونه وأهميته وحجم الجدل حوله.

ويتضمن هذا الوقت مناقشات النواب على المادة المقرّر التصويت عليها. مناقشة أولية من حيث المبدأ، ثمّ مناقشة نهائية قبل التصويت، وعرض تقرير اللجنة المختصة، وكذلك عملية التصويت ذاتها، سواء تمّت بطريقة إلكترونية أو برفع الأيدي.

التشريع الواحد يمرّ على الجلسة العامة أربع مرات، الأولى من حيث المبدأ، والثانية لعرض تقرير اللجنة المختصة، والثالثة لمناقشة التشريع مادةً والتصويت عليها منفردة، والرابعة للتصويت النهائي على كامل القانون.

لم تكن الجلسات العامة للبرلمان وساعات عملها، المذكورة أعلاه، مخصصة لمناقشة القوانين والتصويت عليها فقط، فاللوائح البرلمانية والدستورية تترك للجلسة العامة مناقشة أمور كثيرة والتصويت عليها أيضاً، نظراً إلى اشتراطها حضور غالبية الأعضاء لتحقيق صحة انعقادها؛ القرارات الجمهورية استقطعت من مدة الجلسات العامة، مثلما فعلت القوانين، وكذلك الاتفاقيات الدولية والمعاهدات، وحالات رفع الحصانة عن أيٍّ من النواب أعضاء المجلس.

notebook
بلغ عدد المداخلات خلال الأدوار البرلمانية الأربعة 15,293 مداخلة لـ 1,943 متحدثاً

الدور الأول

3991
مداخلة
567 متحدثاً

الدور الثاني

3584
مداخلة
475 متحدثاً

الدور الثالث

4425
مداخلة
450 متحدثاً

الدور الرابع

3263
مداخلة
451 متحدثاً
هل تغني اللجان النوعية عن المناقشات العامة؟

البرلمان السابق يضمّ 25 لجنة نوعية تُسند إليها مهمات المناقشة الأولية للقوانين، يتراوح عدد أعضاء كلّ لجنة ما بين 8 نواب إلى 40 نائباً.

ووفقاً للائحة مجلس النواب الداخلية فإنّ اللجان تختص بفحص القوانين وإعداد تقارير مُفصلة عنها تُعرض فيما بعد على أعضاء الجلسة العامة، بأغلبية 298 نائباً + 1، لتأتي بعد ذلك مهمة أعضاء الجلسة العامة للمناقشة النهائية والتصويت، إضافة إلى مهمات اللجنة الأخرى المتعلقة بالنظر في الأدوات الرقابية من طلبات إحاطة وبيانات عاجلة واستجوابات وغيرها.

تقارير إنجازات البرلمان السابق كشفت عن عقد 6,715 اجتماعاً لجميع اللجان النوعية موزّعة على أدوار الانعقاد بواقع 12,192 ساعة، فيما بلغ عدد التقارير التي أعدتها اللجان النوعية 5,543 تقريراً، أي أنّ العمل على التشريع الواحد أو القرار وخلافه وكتابة التقرير المتعلق به استغرق ساعتيْن وبضع دقائق.

ويقول عضو لجنة الصناعة في مجلس النواب السابق، طارق متولي، إنّ التشريعات قبل وصولها إلى الجلسة العامة تمر على لجان نوعية مختصة، تعقد كلٌّ منها جلسات استماع حول كلّ قانون على حدة، يشارك فيها نواب مختصون في مجال كلّ لجنة؛ وخلالها تتمّ دراسة القوانين وفحصها بداية من الصياغة حتى آلية التطبيق على الأرض وقياس المنافع المترتبة عليها.

وتشير عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب نفسه، النائب عبلة الهواري، إلى أنّ اقتصار المناقشة المُفصّلة على أعضاء اللجان، يحرم النواب، غير الأعضاء في لجنة، من المساهمة في إعداد التشريع.

ويذكر عضو لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب السابق، أحمد طنطاوي، واقعة حدثت "خلال مناقشة أحد القوانين قلت لرئيس المجلس إنّ اللجنة النوعية تضمّ في المتوسط 20 نائباً، وفي التصويت على القوانين لن يكون عدد أعضاء اللجنة مميزاً بصوتيْن مثلاً، وبقية النواب بصوت واحد، وإذا فرضنا أنّ أعضاء اللجنة أخذوا وقتهم الكافي لتكوين قناعة عن مشروع القانون، فإنّ بقية أعضاء الجلسة العامة الذين يفترض أن يصوتوا على القانون ويمثل صوتهم الأغلبية، لم يطّلعوا أصلاً على القانون".

ويوضح الفقيه الدستوري، الدكتور شوقي السيد، أنّ مناقشة التشريعات في اللجان النوعية لا تغني عن إطْلاع النواب جميعاً على التشريع في الجلسة العامة ومناقشته قبل التصويت عليه.

نواب لم يتمكنوا من قراءة التشريعات
مهدد بعدم الدستورية
ما أضرار "السلق" على المواطن؟
رفض رئيس الجمهورية التصديق على بعض القوانين

عضو لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب السابق، هيثم الحريري، قدم خطاباً مكتوباً بخط اليد، في آذار/ مارس 2017 خلال دور الانعقاد الثاني، إلى رئيس المجلس الدكتور علي عبد العال؛ ليسجل اعتراضه على سرعة مناقشة قانون تعديل السلطة القضائية، وعدم منحه الفرصة لتسجيل موقفه وشرح أسباب اعتراضه على القانون، معلناً اعتراضه على التشريع ومتبرئاً منه.

وعن تسلسل إصدار القانون يقول الحريري إنّ التشريعات تُعرض على أعضاء الجلسة العامة من حيث المبدأ، ثمّ تُحوّل للّجان النوعية للدراسة والتعديل، ثمّ تعود للجلسة العامة ليناقشها النواب، وفي النهاية يتمّ التصويت عليها، وبحسب الحريري فإنّ رئيس البرلمان، بحسب وجهة نظره، يرى أنّ الجلسة العامة للتصويت فقط، وليست للمناقشة، كاشفاً أنّ هناك قوانين كثيرة لم تناقش في الجلسة ولم يُطَّلع عليها قبل التصويت.

اضغط/ي على الصورة

ويؤكد النائب السابق أحمد طنطاوي، أنّ هناك ظاهرة غير حميدة عند مناقشة عدد كبير من القوانين المهمة، وهي أنّ التشريع يوضع في ملحق جدول أعمال الجلسات قبلها بساعتين أو ثلاث، وأحياناً عقب انعقادها.

ويقول طنطاوي، إنّه فوجئ في إحدى المرات بأنّ ملحق جدول الأعمال أُضيف إليه مشروع قانون مهم خلال الجلسة وبدأت المناقشة مباشرة وتمّ التصويت عليه، وكانت هناك واقعة أخرى تخص القوانين المنظمة لعمل الصحافة وجميعها قوانين تتضمن عدداً كبيراً من المواد أُضيفت فجر يوم التصويت.

يقول الفقيه الدستوري وأستاذ القانون بجامعة المنوفية، الدكتور فؤاد عبد النبي، إنّ عدد أعضاء المجلس كبير ويتجاوز 590 نائباً، وخير دليل على عدم مناقشة القوانين بطريقة جيدة هو ما حدث عند مناقشة قرارات بقوانين صدرت في غياب المجلس، وهي 342 قراراً بقانون، وجميعها تمّ الانتهاء منها في 15 يوماً، وبجميع المقاييس العقلية لا يستطيع هذا العدد من النواب مناقشة هذا الكم الهائل من القوانين خلال 15 يوماً، ولذلك صدرت قوانين بها ثغرات تمّ الطعن فيها وما زالت تحت المداولة في المحاكم الدستورية، مثل قانون تنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة، رقم (32) لسنة 2014 والمعروف إعلامياً بـ "تحصين عقود الدولة"؛ الذي صدر في عهد الرئيس الأسبق عدلي منصور، وألزم الدستور البرلمان بالنظر فيه خلال الـ 15 يوماً الأولى من عمله، إلّا أنّه وفقاً لما جاء في مضبطة الجلسة العامة، فإنّ عدد النواب المصوّتين على القانون كان أقلّ من العدد المطلوب، لأنّه قانون مكمل للدستور يتطلب موافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس، ولأنّ القانون نفسه كان يتضمن مواد غير دستورية تتصادم مع نص الدستور، بحسب قوله.

النائب السابق هيثم الحريري أكد أنّ سرعة العرض والمناقشات تؤدي إلى "العوار الدستوري" في أحيانٍ كثيرة، قائلاً: "هذا حدث بالفعل في قانون تحصين عقود الدولة، إذ ردته إلينا المحكمة الدستورية بدافع أنّ بعض مواده لم تحصل على تصويت ومناقشة من الأعضاء".

قرر المحامي والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية، خالد علي، الطعن في قانون تحصين إجراءات الطعن على عقود الدولة رقم (32) لسنة 2014.

وقال علي، إنّ هناك مادتين فيهما عوار دستوري في القانون، موضحاً أنّ العيب في القانون هو أنّه يمنع أيّ مواطن من الطعن في عقد من عقود الدولة، إلّا بعد صدور حكم نهائي من المحكمة الجنائية أو من محكمة النقض، يشير إلى وجود فساد ما، وأضاف: "هذا من وجهة نظرنا تحصين لعقود الدولة التي تعد مالاً عاماً، لماذا تمنعني من الذهاب للمحكمة عندما أرى أنّ هناك فساداً في جهة ما، أو حتى هدراً للمال العام وليس فساداً؟".

وتابع: "اعتبرت أنّ هذا يخالف المبدأ الدستوري الذي يقول إنّ حماية المال العام واجب على كل مواطن، ثانياً لأنّه يرهق الحقّ في التقاضي الذي يفترض أن يكون متاحاً للجميع، والقانون وضع قيوداً بشكل مباشر على حماية المال العام، ووفقاً لهذا الأسباب منحتني المحكمة تصريحاً من الجلسة الأولى للذهاب إلى هيئة المفوضين وبحث مدى دستورية القانون، وأوصت الهيئة بالفعل في تقريرها بعدم دستورية القانون، وحتى الآن ما زال يخضع للمداولة".

يوضح خالد علي، أنّ آلية الطعن بعدم دستورية القوانين لها أسس، فلا بدّ أن تكون هناك قضية منظورة أمام محكمة عادية، وأن تكون هناك أطراف متنازعة، وخلال إجراءات التقاضي يتمّ الدفع بعدم دستورية القانون المتعلق بالقضية المنظورة، إذ تصرح المحكمة بالدفع أو تقوم من تلقاء نفسها، أثناء التقاضي، بتحويل القانون إلى المحكمة الدستورية لبحث مدى دستوريته.

وأكد المحامي والمرشح السابق لمجلس نقابة المحامين، ياسر سعد، أنّ هناك دوراً مهماً للجنة الفتوى والتشريع داخل مجلس الدولة يتمثل في مراجعة التشريعات التي ينتجها البرلمان ويبتّ في مدى دستوريتها قبل عرضها على الجلسة العامة للتصويت، لكن للأسف ملاحظات اللجنة جوازية والبرلمان غير مجبر على العمل بها.

يقول عضو اتحاد المثبتين على الصناديق الخاصة، مصطفى النجار، إنّ قانون الخدمة المدنية الصادر في 2016 أغفل حقوقاً أساسية للموظف، منها ضمّ مدة الخدمة للمعينين بعد العمل بالقانون، أي أنّ من حصل على التثبيت بعد تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 ضاع حقه في ضم مدة الخدمة منذ بداية التعاقد.

وأضاف النجار أنّ الأزمة الثانية في القانون هي التسوية بالمؤهل؛ لأنّ القانون منع الحاصلين على مؤهل قبل الخدمة من التسوية بالمؤهل، واكتفى بالحاصلين عليه أثناء الخدمة، ولمدة وجيزة، كما أوضح أنّ القانون حرم ما يزيد عن 250 ألفاً من التثبيت على الموازنة العامة، على رغم مطالبتنا بشكل مستمر بإيضاح المادة وتعديلها بشكل يضمن تثبيت العاملين على الصناديق الخاصة.

وعلى هذا علَّق عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب السابق، عبدالمنعم العليمي، بقوله إنّ قانون الخدمة المدنية أضر ببعض موظفي الدولة، لأنّه يفصل بين الحاصل على مؤهل أثناء العمل، قبل تطبيق القانون، وبعده، ولم يتمّ حل هذه المشكلة حتى الآن، وأضاف: "قمنا أنا وعدد من النواب بتقديم مشروع قانون جديد لمعالجة هذا الأمر ولكنّه لم يرَ النور حتى الآن".

27 آذار/ مارس 2017
أوصت هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار الدكتور طارق شبل، بعدم دستورية قانون تنظيم الطعن على العقود الإدارية رقم (32) لسنة 2014 التي تبرمها الدولة مع المستثمرين، شكلاً وموضوعاً، وإحالته إلى هيئة المحكمة الدستورية العليا لاستكمال الإجراءات القضائية السابقة للفصل في مدى دستوريته، وما زال قيد المداولة حتى الآن.

9 شباط/ فبراير 2020
نظرت هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، في الدعوى رقم (81) لسنة 41 دستورية محالة جديدة، والمقامة من المدعية "عزة. م. م. ح" ضد وزير الصحة بصفته وآخرين، للمطالبة بالفصل في مدى دستورية البند 5 من المادة 69 من قانون الخدمة المدنية رقم (81) لسنة 2016، الصادر في دور الانعقاد الثاني للبرلمان الحالي، في ما لم يتضمنه من "ضرورة إنذار العامل كتابة قبل إنهاء خدمته للانقطاع عن العمل خمسة عشر يوماً متتالية"، وخلال الجلسة تم حجز الدعوى لإعداد تقرير هيئة مفوضي الدولة عن مدى دستورية المادة محل النزاع.

نتيجة لسرعة مناقشة القوانين، رفض رئيس الجمهورية، عبدالفتاح السيسي، التصديق على عدد منها، بعد انتهاء البرلمان من إعدادها، وكان على رأسها مشروع قانون تنظيم البحوث الطبية والإكلينيكية، المعروف إعلامياً باسم "التجارب السريرية" اعتراضاً منه على بعض مواده، وذلك في تشرين الأول/ أكتوبر 2018.

كما كلف السيسي بتعديل قانون منظمات المجتمع المدني، المعروف إعلامياً باسم "قانون الجمعيات الأهلية"، قائلاً في أحد مؤتمراته الشبابية، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018: "كان في تخوف أدى إلى أن يخرج القانون بشكل فيه عوار دستوري".

ما الشكل الطبيعي لدورة عمل البرلمان حتى إصدار التشريع؟
01
flag icon
يعلن رئيس المجلس وصول مشروع القانون.
02
flag icon
يحيل رئيس المجلس مشروع القانون إلى اللجنة المختصة.
03
flag icon
تناقش اللجنة مشروع القانون من خلال جلسات حوار مجتمعي.
04
flag icon
تسلم اللجنة رئيس المجلس تقريراً نهائياً عن تعديلاتها على مشروع القانون.
05
flag icon
يعرض رئيس المجلس التقرير على الجلسة العامة.
06
flag icon
تناقش الجلسة العامة مشروع القانون مادةً وتقوم بالتصويت عليها.
07
flag icon
تصوّت الجلسة العامة على التشريع من حيث المبدأ.
08
flag icon
التصويت النهائي على القانون في مجموعه.
لماذا وصفوها بـ "السلق"؟

قال النائب السابق أحمد طنطاوي، إنّ هناك بنداً يُسمى "ما يُستجد من أعمال" وفيه يتمّ وضع الأمور الطارئة ذات الطبيعة العاجلة، والتي لا يمكن أن تنتظر، مشيراً إلى أنّه أُسيء استخدام هذا الأمر، وتمّ التوسع فيه لدرجة "التعسف"، واعتبر أنّ الهدف كان تمرير قوانين بعينها من دون مناقشة.

النائبة عبلة الهواري، تؤكد أنّ هذا يضيّق الوقت على النائب للاطّلاع على التشريع، مقارنة بما كان يحدث في بادئ الأمر بأن تكون التشريعات مطبوعة في يد النائب ليطّلع عليها ويفندها بدقة.

وتوضح الهواري أنّ طلبات نحو 20 نائباً للمداخلات تكون أمام رئيس المجلس في "التابلت" خلال مناقشة القانون والتصويت عليه، يختار الرئيس نصفهم أو أقل قليلاً للحديث، وأضافت: "لو افترضنا أنّ كلّ نائب منهم تحدث لدقيقتين، فبالتأكيد يكون وقت المادة في الجلسة أكثر من 6 دقائق، وهو ما يتغير بالطبع تبعاً لأهمية القانون أو حجمه".

عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان السابق، عبد المنعم العليمي، وصف عملية مناقشة كم هائل من التشريعات في وقت قليل بأنّه "سلق للقوانين"، معقباً: "في البرلمانات السابقة، أعوام 1990، و1995، و2005 كنا نأخذ حقنا في المناقشات بكل قوة"، مضيفاً: "إذا قلَّ عدد المناقشات في الجلسة العامة فهذه مسؤولية رئيس المجلس، لأنّه من يمنح الكلمة للنواب أو يغلق باب المناقشة".

ويقول عضو اللجنة التشريعية في مجلس النواب السابق، ضياء الدين داوود: "6 دقائق وقت غير كافٍ إطلاقاً، ولا أحد راضٍ عن سرعة مناقشة القوانين ولا طريقة منح الكلمة، ولا المساحات الممنوحة لكل وجهات النظر"، موضحاً أنّ هناك موافقة ديناميكية تحدث من الأغلبية من دون مناقشة، كون معظم النواب يحضرون الجلسات من دون تحضير للقوانين أو قراءتها، مع عدم نشر مضابط الجلسات على وسائل الإعلام كما كان يحدث في السابق.

إغفال القوانين المكملة للدستور

على الرغم من ضخامة القوانين التي أصدرها البرلمان إلّا أنّه أغفل إصدار بعض القوانين المكملة للدستور، التي أُلزم دستورياً بإصدارها في دور انعقاده الأول، وقبل انتهاء دور انعقاده الخامس، وعلى رأسها قانون "العدالة الانتقالية" وفقاً للمادة (241) من دستور 2014، وكذلك قانون الإدارة المحلية الذي نصت المادة (242) على إصداره، وقانون إنشاء مفوضية منع التمييز الوارد في المادة (53) من الدستور.

وفي هذا الشأن، قال النائب السابق ضياء الدين داوود، إنّه في أغلب الأوقات يكون هناك اتفاق ضمني بين الأغلبية البرلمانية على تعطيل مشروعات القوانين المقدمة من النواب حتى تقدم الحكومة مشروعها، وهذا يشكّل عائقاً أمام صدور التشريع، مستشهداً بقانون الملكية العقارية الذي ما زال مُعلَّقاً لدى الحكومة حتى الآن، والذي كان النائب قد تقدم به عوضاً عن قانون مصلحة الشهر العقاري، لافتاً إلى أنّ لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية سبق أن وجهت النقد للحكومة على القوانين المُعطلة لديها حتى الآن، كما انتقدت تقاعسها عن تقديم أجندة تشريعية لمشروعات القوانين المكلفة بإعدادها في بداية كل دور انعقاد، ومطالبتها بالتأجيل مرة تلو الأخرى.

الموقف القانوني

يقول الفقيه الدستوري، الدكتور شوقي السيد، إنّ الدستور ألزم البرلمان بإصدار تشريعات خلال مدة معينة، ويعتبر إغفالها بمثابة إخلال من قبل البرلمان والأعضاء بواجباتم والتزاماتهم الدستورية، كما أنّه إخلال بالقسم باحترام الدستور، إلّا أنّ الأمر لا يترتب عليه بطلان البرلمان، ولن يؤثر في سلامة التشريع.

وأوضح السيد، أنّ الوقت القصير المخصص لمناقشة التشريعات في الجلسة العامة لا يتناسب مع عدد النواب الحاليين، خاصة وأنّ الحياة البرلمانية المصرية لم تشهد أبداً هذا العدد من النواب في فصل تشريعي واحد.

ويرى أستاذ القانون، الدكتور فؤاد عبد النبي، أنّ تقصير البرلمان في أدائه يُسأل عنه رئيس المجلس وفقاً للمادة (119) وتكملها المادة (118)، باعتباره المسؤول عن الأمانة المهنية التي تلزمه بمراعاة مصالح الشعب واحترام الدستور، ولكن لا يوجد نص عقابي من نصوص الدستور يحكم عملية الإغفال التشريعي أو تقصير البرلمان، والعقاب على عدم تطبيقه يرجع لرئيس الدولة إذا كان راضياً عن ذلك أم لا، وفقاً للمادة (139)، باعتباره رئيس السلطة التنفيذية.

وأضاف عبد النبي: "نحن أمام معضلة بعدم احترام الدستور، وبما أنّ القاعدة القانونية عامة مجردة إلزامية، بمعنى أنّها تطبق على الجميع دون استثناء أو مصالح خاصة، فإنّه وفقاً لقانون الإرهاب رقم (94) لسنة 2015 الذي تقول الفقرة الأولى من مادته الثانية إنّ مقاومة أو تعطيل أي من أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح تندرج تحت الأعمال الإرهابية، فإنّ تعطيل حكم من أحكام الدستور يعد ضمن الأعمال الإرهابية".

تصنيف القوانين

خلال الأدوار الثلاثة الأولى من عمر البرلمان السابق كشفت الإحصائيات الرسمية عن طبيعة القوانين التي وافق المجلس عليها وجاء ترتيبها كالآتي:

قدمت الحكومة 479 مشروعَ قانون من إجمالي 496 قانوناً صدرت في الدورات الثلاث الأولى، بنسبة 92.5%.
أسهم النواب بـ 17 مشروع قانون بنسبة 3.5% من إجمالي القوانين التي أقرّها البرلمان.

ماذا كان رد البرلمان؟

قال المتحدث باسم مجلس النواب السابق، صلاح حسب الله، إنّ المطبخ الرئيسي للبرلمان هو اللجان النوعية، ومسموح لكل النواب المهتمين بالتشريع الحضور في اللجنة أثناء المناقشة حتى وإن لم يكونوا أعضاء فيها.

وأضاف حسب الله: "في الكونغرس الأميركي، يناقشون المادة في أقل من 6 دقائق لأنّ كل نائب يدخل الجلسة وهو مذاكر القانون ومواده ومستعد للتصويت".

وعن ضيق الوقت بين إرفاق القوانين على أجهزة للنواب لقراءتها، وبدء مناقشتها والتصويت عليها في الجلسة العامة، بالشكل الذي لا يمنح النواب الوقت الكافي للاطّلاع عليها ودراستها جيداً، قال حسب الله: "أحياناً تكون هناك قوانين ضرورية ترتبط بمواعيد دستورية ونضطر للتعامل معها بسرعة، لكن في الوضع الطبيعي فإنّ كل قانون يأخذ وقته للمناقشة الكافية، وبعد ذلك يطرح القانون في الجلسة العامة للتصويت، وخلال المناقشة يؤخذ رأي ممثلي معارضة القانون، ورأي آخرين ينوبون عن المؤيدين" .

وأوضح حسب الله أنّه "في قانون العدالة الانتقالية على سبيل المثال كانت هناك مواءمة دستورية وسياسية وشعبية لعدم إصداره، لأنّه يقضي بالتصالح مع جماعة الإخوان الإرهابية، ولا يملك أحد أن يصدر قانوناً لمصالحة الجماعات التي تمارس أعمالاً إرهابية في البلاد، وفي الأصل نحن لا نعترف بوجود هذه الجماعات أساساً، فكيف لنا أن نتصالح معها، وبالتالي كانت هناك رغبة شعبية ودستورية وسياسية بإرجاء إصداره".

حاول مُعِدُّ التحقيق التواصل مع كلٍّ من رئيس البرلمان السابق، الدكتور علي عبد العال، ورئيس اللجنة التشريعية والدستورية السابق، المستشار بهاء أبو شقة، لمنحهما حقّ الرد، إلّا أنّهما لم يتجاوبا معه بالرد، حتى موعد النشر.

تنويه هام

الإحصائيات والأرقام الأولية التي حلّلها مُعِدُّ التحقيق جاءت جميعها من مضابط الجلسات والكشوفات والإحصائيات الرسمية الصادرة عن البرلمان السابق على مدار 4 أدوار انعقاد منذ انطلاق الجلسة الافتتاحية للمجلس في 10 كانون الثاني/ يناير 2016 وحتى جلسة فض دور الانعقاد الرابع في 15 تموز/ يوليو 2019.