ARIJ Logo
Lebanon map

المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان وحيدة في مواجهة الكورونا 

سيناريو موت الآلاف في حال انتشار الوباء

تحقيق: هلا نهاد نصرالدّين
تصوير: عز الدّين ياسين

14/10/2020
برومو تحقيق المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان وحيدة في مواجهة الكورونا
%80 - %70

من اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان معرّضون للإصابة بوباء كوفيد-19

بحسب تقرير للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني التابعة لرئاسة الوزراء والذي حصلت معدّة التحقيق على نسخة حصريّة عنه قبل صدوره.

وبحسب وكالة الأونروا، بلغ العدد الإجمالي لحالات كوفيد-19 بين أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حتى 5 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2020، 1282 حالة مع 478 حالة نشطة و31 حالة وفاة. بناءً على ذلك، غرّد مدير عام مستشفى رفيق الحريري الحكومي، د. فراس الأبيض، أنّ معدل الوفيات من كوفيد-19 بين أوساط الفلسطينيين في لبنان بلغ 2.4% "وهو أكثر من ضعف المعدّل في لبنان البالغ 1%".

وعلى أقل تقدير سيحتاج 36 ألف لاجئ فلسطيني العناية الحثيثة من إجمالي 224,901 يسكنون المخيمات ومن قدم إليها من فلسطينيي سوريا، ونظراً إلى أنّ احتمال الوفاة يرتفع عند من تزيد أعمارهم على 70 عاماً، فإنّ نحو 10,825 شخصاً من إجمالي الفلسطينيّين في خطر.

استحالة تحقيق التباعد الاجتماعي للحدّ من انتشار الفيروس في المخيمات هي أحد تخوفات رئيس اللجنة والوزير السابق د. حسن منيمنة الذي يقول إنّ الكثافة السكانية في مخيم برج البراجنة بلغت 80 ألف نسمة لكل كيلو متر مربع أي أنّ ما بين 5 إلى 10 أشخاص يعيشون في غرفة واحدة.

والحال شبيه في مخيم عين الحلوة إذ يقطن قرابة 7-8 أشخاص في شقة صغيرة من غرفتين بحسب عضو اللجان الشعبيّة عدنان الرفاعي الذي يقول: "الخطر داهم ومخيف وسيناريو انتشار الوباء داخل المخيّمات كارثيّ بالفعل(..) قدراتنا الاستشفائيّة والصحيّة محدودة".

توقعات انتشار كورونا في المخيمات

%10 من 40 ألف حالة مشتبه بها

سيثبت مرضها بحسب توقعات أعدّتها خليّة الأزمة الصحيّة المركزيّة

خلية الأزمة الصحية المركزية

خليّة تترأسها الأونروا وتتضمّن الفصائل الفلسطينيّة المختلفة واللجان الشعبيّة فضلاً عن المنظمات الدوليّة والأهليّة العاملة في المخيّمات الفلسطينيّة تحديداً في الجانبين الطبّي والإغاثي.

1
عدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي
2,911,344
إصابة
2
pepoles
1 من كل 4 أشخاص يتحرك بحرية
156,915
إصابة
3
1 من كل 8 أشخاص يتحرك بحرية
15,906
إصابة

المصدر: دراسة للجامعة اللبنانيّة الأميركيّة في آذار/ مارس 2020

موقف "الفصائل" من أداء الأونروا

من بداية أزمة كورونا، يشكو قاطنو المخيّمات الفلسطينيّة ضعف ونقص الإجراءات الوقائيّة والاحترازيّة لمواجهة الوباء في ظلّ التخوّف من موجة ثانية تعصف بثقلها على المخيّمات المكتظّة والمحرومة من أبسط حقوقها.

وكالة الأونروا المسؤولة عن المخيّمات وصحة اللاجئين تباطأت في تعاطيها مع الأزمة الراهنة بذريعة نقص التمويل وعدم التمرّس وتركت اللاجئين لمصيرهم. أمّا الدولة اللبنانيّة فلطالما كانت حاضرة أمنيّاً على مداخل المخيّمات وغائبة اجتماعيّاً وإنسانيّاً وحقوقيّاً داخلها.

في 13 آذار/ مارس، طلبت الحكومة من المنظمات الدولية تقديم الرعاية الصحية للّاجئين السوريين والفلسطينيين والخدمات الاستباقية اللازمة للحد من انتشار كورونا، علماً أنّها واحدة من مسؤوليات وزارة الصحة بحسب المادة (123) من قانون عملها.

"الأونروا لم تتحمّل مسؤوليتها إلّا بعدما ضغطنا عليها ضغطاً شديداً" هذا ما قاله أمين سرّ تحالف القوى الفلسطينيّة د. أحمد عبد الهادي وأعلن تجميد عضويّته في خلية الأزمة الصحية.

رئيس هيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي يقول إنّ الأونروا تذرّعت بالعجز الماليّ وكان يمكن اللجوء إلى حلول أخرى لتحصيل المبالغ المطلوبة لمكافحة هذا الفيروس.

أمين سر حركة فتح اللواء فتحي أبو العردات يرى أنّ الأونروا طوّرت أداءها قليلاً معتمداً على افتتاح مركز حجر صحي في سبلين بالتعاون مع منظمة "أطباء بلا حدود"، وقال: "هذا كان بداية لتطوّر الوضع في خدمات الأونروا في ظلّ الحصار عليها بسبب توقّف التمويل الأميركي الذي يشكّل ثلث الموازنة".

corona-img corona-img

الوضع ليس نفسه في المخيّمات المختلفة

مخيّم الرشيديّة، تسكنه 10 آلاف نسمة، مرت إجراءات السلامة به أفضل من غيره بحسب ساكنيه ومنهم الشاب ولاء طالب.

وفي مخيم نهر البارد تطوع شبابه للقيام بحملات تعقيم، وعلّق زياد جنيد: "الأونروا لا تفعل شيئاً على الإطلاق في نهر البارد".

أما مخيم عين الحلوة الذي تسكنه 36,220 نسمة في مساحة لا تتعدّى 2 كلم مربع، فاستمرت الحركة التجارية داخله كالأيام السابقة، إذ كان يستقبل سكان المناطق المجاورة للتبضع أثناء "التعبئة العامة" بحسب ساكنه الشاب عزالدين ياسين.

وفي هذا السياق ردّ رئيس دائرة الصحة في الأونروا عبدالحكيم شناعة على الانتقادات قائلاً "نحن نعقّم كل مراكزنا، ولكن بالنسبة للتعقيم داخل المخيّمات والشوارع، كانت هناك دراسة لنقابة الأطباء اللبنانيّة تؤكّد أنّ هذا التعقيم مضرّ بالبيئة لذلك لم نطبّقه".

وحدّدت المتحدّثة باسم وكالة الأونروا في لبنان هدى سمرا، في مقابلة لشبكة أريج الخطوات التي اتبعتها الوكالة لمواجهة تحدّي الوباء بعد التنسيق مع وزارة الصحة اللبنانيّة ومنظمة الصحة العالميّة بالتالي:

1. حملات التوعية بكل مراكز الأونروا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. 
2. تأمين المعقّمات في عيادات الوكالة وتقليص عدد الزيارات الروتينيّة لصالح الحالات الملحة.
3. تعميم أرقام وزارة الصحّة للتواصل في حال الاشتباه بأيّ حالة.
4. الالتزام بدفع مستحقات الفحوصات لكلّ الحالات المشكوك بإصابتها.
5. افتتاح مركز عزل في سبلين يتّسع لـ 100 حالة، ويجري العمل على تجهيز مركزيْن في مخيّم عين الحلوة والبصّ.

وتوالت الانتقادات بسبب تأخّر تجهيز المراكز، إذ إنّ الإصابات بدأت في لبنان منذ 25 شباط/ فبراير 2020 وفي هذا الإطار قال شناعة: "نحن لم نكن مجهّزين ككل الحكومات لمواكبة كوفيد-19" مؤكّداً أنّ "أيّ حالة داخل أيّ مخيّم تعني استنفاراً طبياً كاملاً إن لم تكن كارثة صحيّة بسبب اكتظاظ المخيّمات وتلاصق بيوتها بعضاً ببعض".

وأعلن شناعة أنّ نقص التمويل ليس عائقاً من الناحية الصحيّة وأنّ الأونروا ستدفع تكاليف الفحوصات للحالات المشتبه فيها بالتعرفة المعتمدة.

corona-img corona-img

وزارة الصحة اللبنانيّة تضغط على الأونروا

"هذا الإجرام بحق دعم الإخوة الفلسطينيين عبر الأونروا لن يغفره التاريخ" جملة صرّح بها وزير الصحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن عقب إثبات إصابات في مخيم الجليل الفلسطيني (بعلبك). ونتيجة هذا الضغط تمّ افتتاح مركز العزل وتحديد مبعوث من الوزارة لحضور اجتماعات اللجنة الصحية.

ولكنّ هذا التجاوب يبقى شفهيّاً وتنسيقيّاً مع الأونروا ولا يصل إلى تقديم المساعدات أو توفير المواد الاحترازيّة كالمعقّمات والكمّامات.

الوضع الاقتصادي للاجئين: "شعبنا عايف حاله"

إجراءات وزارة العمل لغير اللبنانيّين وأزمة انهيار الليرة مقابل الدولار وضعت العمال الفلسطينيين وأغلبهم من عمال المياومة في مأزق اقتصادي، وجاءت جائحة كورونا وإجراءات التعبئة العامة لترفع نسبة البطالة بينهم إلى 90% بعد أن كانت 60% وفقاً للرفاعي.

corona-img corona-img

الإغاثة الماليّة وخلاف الفصائل مع الأونروا

تمحور خلاف الفصائل الفلسطينيّة مع الأونروا حول الإغاثات الماليّة التي ستقدّمها الوكالة للّاجئين. ففي بادئ الأمر، تذرّعت الوكالة بالعجز المالي لديها واقترحت أن تقتصر المساعدات على فئة (الشؤون)، رفض مسؤولو الفصائل الفلسطينيّة الاقتراح باعتبار أنّ الشعب الفلسطيني كلّه في ضائقة ماليّة خلال هذه الأزمات المتلاحقة وأنّ فئة الشؤون لها برنامجها الخاص فأموالها متوفّرة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ بيانات الأونروا لهذه الفئة غير دقيقة وقد تحول دون استهداف الفئات الأشدّ فقراً. وبعد توحّد الموقف الفلسطيني لجهة ضرورة توزيع الإغاثة على جميع اللاجئين، استطاعت الأونروا تأمين تمويل إضافي، ما دفع الفصائل للتساؤل لماذا لم تؤمن الأونروا التمويل منذ البداية؟ وأكّد الرفاعي أنّ "الأونروا طلبت رسميّاً من الفصائل تأمين التمويل، وهذا بمثابة تخلٍّ عن مسؤوليّاتها، فمدير وموظفو الوكالة يتقاضون رواتبهم لقاء عملهم في الوكالة ويجب أن يعملوا لمصلحة اللاجئين".

وفقاً لعبد الهادي والهويدي، استطاعت الوكالة تأمين 5 ملايين دولار وعلى ضوئها بلغت هذه الإغاثة 112,000 ليرة لبنانيّة أي ما يعادل 28 دولاراً (باعتماد سعر الدولار الواحد بـ 4000 ليرة لبنانيّة) للفرد الواحد ولمرّة واحدة ما اعتبره هويدي "مبلغاً زهيداً جدّاً في ظلّ تدهور قيمة الليرة اللبنانيّة مقابل الدولار ومقابل الارتفاع الجنونيّ للأسعار". وطالب المعنيون أن تكون هذه المساعدات دوريّة للتخفيف من حدّة الأزمة وإنعاش المخيّمات.

بدأت الأونروا بعد أشهر من التأخير، بتوزيع المساعدات حتى أوقفتها بسبب عدم الالتزام بأيّ إجراءات وقائيّة فاتّسمت العمليّة بدايةً بخلل إداري منهجي اعتبرته الفصائل مهيناً ومذلّاً للفلسطينيّين. لتعمل الوكالة بعد ذلك على آلية إلكترونية جديدة وتباشر بها في 3 حزيران/ يونيو 2020، ولكن سرعان ما عُلّقت هذه الآليّة أيضاً في 10 حزيران/ يونيو لأنّها بحاجة لمزيد من التدقيق.

ويرجّح الرفاعي السبب بأنّ أعداد اللاجئين فاقت توقّعات وحسابات الأونروا، فمعظم الإحصائيّات تقلّص من أعدادهم لأسباب سياسيّة بينما قالت سمرا إنّ السبب الرئيسي هو "الحديث في أوساط اللاجئين عن بعض التجاوزات في المرحلة الأولى من التوزيع وعن تقاضي مساعدات من قبل أشخاص غير مستحقين لها (ربما من بعض المقيمين في الخارج) ما اضطر الأونروا إلى تعليق عملية التوزيع والبحث في سبل تدقيق إضافية بهويات المستفيدين".

إلّا أنّ هذا التأخير أدّى إلى خسارة الإغاثة قيمتها بعد أن وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى قرابة 10 آلاف ليرة لبنانيّة في أواخر حزيران وأوائل تمّوز 2020 إلى جانب ما ترافق ذلك من ارتفاع في الأسعار.

والجدير ذكره أنّ الأونروا استثنت من هذه الإغاثة نحو 60,000 لاجئ مسجّل في شبكة الأمان الاجتماعي، وقرابة 28,000 لاجئ فلسطيني مهجّر من سوريا ونحو 25,000 لاجئ غير مسجّل في سجلّات الأونروا ونحو 15,000 لاجئ فلسطيني من فاقدي الأوراق الثبوتيّة بحسب هويدي، فيما حصل على هذه المساعدة مسافرو كرت (بطاقة) إعاشتهم مع أقاربهم بالإضافة إلى عشرات الآلاف من اللبنانيّين ممّن يحملون كرت إعاشة وفقاً لعبد الهادي.

corona-img corona-img

أعداد اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان

تتناقض الدراسات والتقارير حول أعداد اللاجئين الفلسطينييّن في لبنان.

فبحسب اليونيسيف، يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حالياً نحو 192 ألفاً (174,422 لاجئاً فلسطينياً في لبنان و17,706 لاجئين فلسطينيين من سوريا). فيما يبلغ عدد اللاجئين وفقاً لموقع الأونروا، نحو 475 ألف لاجئ مسجّل مع الأونروا ونحو 180 ألفاً منهم لغرض الإقامة، ما يعني أنّ في لبنان نحو 295 ألف لاجئ يستفيدون من خدمات الأونروا، وهذا يتناقض مع أرقام اللجنة المذكورة آنفاً.

المفارقة أنّ التقرير الأخير للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني خلال أزمة كوفيد-19، أظهر اختلافاً في أعداد اللاجئين عن التقرير السابق عام 2017.

إذ بلغ عددهم في التقرير الحالي 275,171 لاجئاً مقابل 114,206 لاجئين في التقرير السابق.

عدد السكان في الكيلو متر المربع الواحد
عدد السكان الإجمالي

اللاجئون الفلسطينيّون من سوريا

قدّرت دراسة ميدانيّة عن اللجوء الفلسطيني السوري في لبنان (2013-2018)، أعداد اللاجئين الفلسطينيّين من سوريا إلى لبنان بنحو 31,000 (بناءً على تقديرات الأونروا) فيما قدّرت دراسة لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني عددهم بـ 18,601.

وتشير الدراسة إلى أنّ متوسط حجم عائلات هؤلاء اللاجئين يبلغ 5.6 أفراد وهي أكبر من حجم عائلات اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان التي تبلغ 4.5 أفراد وتبيّن أنّ الكثير منهم يتشاركون البيوت بهدف تقاسم الإيجار بمعدل عائلتين إلى ثلاث في البيت الواحد.
وبحسب اليونيسيف، "يعاني 89% من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا من العوز (بمبلغ 6.8$/ للفرد الواحد في اليوم الواحد). ويعيش 9% منهم في فقر مدقع (بمبلغ 2.4$/ للفرد الواحد في اليوم الواحد). ويتمتع 6% فقط منهم بالأمن الغذائي، ويعاني 63% منهم انعدام الأمن الغذائي وفقاً للدراسة، ومن المتوقّع أن تكون هذه النسبة ارتفعت خلال الأزمة الاقتصاديّة الحاليّة.

في مقابل تزايد أعداد اللاجئين الفلسطينيّين تتقلّص خدمات الأونروا ومساعداتها بعد وقف التمويل الأمريكي عام 2018 الذي أسهم في ارتفاع قيمة عجزها الماليّ الذي بلغ نحو مليار دولار.

فيما يسعى مفوّض عام الأونروا الجديد فيليب لازاريني إلى جذب تمويل أكبر من المجتمع الدولي، ولكنّ هذه المساعدات لم ترتقِ إلى المستوى المطلوب بعد. 

كل هذه التجاذبات السياسيّة لا يدفع ثمنها سوى اللاجئ الفلسطيني فهو، وفقاً للرفاعي، "ميّت ميّت على الجهتين: ويلنا الصحة ويلنا الجوع... ففي فلسطين يقتلون أطفالنا بالمدفع والدبّابة والطيّارة، وفي لبنان يقتلوننا بالصحّة والتربية".

قاعدة بيانات تفاعلية توضح الإجراءات الاحترازية الرئيسية التي اتخذتها الحكومات العربية لمواجهة كوفيد-19، وأعداد الإصابات والوفيات بكورونا والمتعافين منها في الدول العربية. للاطّلاع اضغط/ي هنا.

corona-img corona-img corona-img corona-img