منتصف أيار/ مايو الماضي، شَعرت بسمة عصام بارتفاع حرارتها وضيق في التنفس، وخلال يومين انتقلت الأعراض إلى أفراد أسرتها تباعاً. تعيش بسمة (24 عاماً) مع والدتها وأختها وزوجها وطفلتهما الرضيعة، بالإضافة إلى جدتها في شقة واحدة بإحدى ضواحي مدينة نصر شرقي القاهرة.
بعد إجراء أشعة مقطعية للصدر، في أحد المستشفيات الخاصة، عقب يومين من ظهور الأعراض قالت بسمة: "هنا تأكدت من إصابتي وإصابة عائلتي أيضاً بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)".
حتى 13 تموز/ يوليو 2020، بلغ عدد الحالات المصابة المُسجلة بفيروس كورونا في مصر 82 ألف حالة. وبلغ عدد الوفيات 3858 حالة منذ إعلان أول إصابة منتصف شباط/ فبراير الماضي.
بعدها، حاولت بسمة إيجاد مكان لعائلتها في أحد مستشفيات العزل، لكن بسبب تكدس المصابين، اضطرت العائلة إلى إجراء عزل منزلي. أسرة بسمة ليست الوحيدة التي اضطرت إلى العزل المنزلي بسبب عدم توفر أماكن شاغرة بالمستشفيات الحكومية.
وثقّ معد التحقيق 10 حالات أخرى، لم تستطع الحصول على سريرٍ في المستشفيات الحكومية.
بين عاميْ 2005 و2019، انخفض عدد المستشفيات الحكومية في مصر بنسبة 40.7%، بعدما تقلَّص عددها من 1167 إلى 691 مستشفى فقط. في المقابل زاد عدد مستشفيات القطاع الخاص من 652 إلى 1157 مستشفى، بنسبة 77.4%، بحسب النشرة الصحية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2019.
يرصد هذا التحقيق، كيف أغلقت الحكومة المصرية -عبر سلسلة قرارات- 476 مستشفى حكومياً، فضلاً عن خروج 60 مستشفى "حميات" أو ما أطلق عليها اسم "مستشفيات الفقراء" من الخدمة، بعدما تحولت إلى مجرد أقسام تابعة للمستشفيات المركزية، مع بدء تنفيذ خطة الإصلاح الصحي نهاية تسعينيات القرن الماضي.
هذا الانخفاض سَبّب معاناة آلاف المصريين في الحصول على رعاية صحية مناسبة في ظل جائحة كورونا "كوفيد-19"، إثر الارتفاع المتزايد في تكلفة العلاج، في ضوء ارتفاع نسبة الفقر بين السكان إلى 32.5%، بحسب بيان الدخل والإنفاق الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء 2019.
وتحتل مصر المرتبة 84 من بين 89 دولة في مؤشر الرعاية الصحية الذي تُوفره لمواطنيها، وفقاً لبيانات مجلة CEOWORLD للرعاية الصحية لعام 2019.
عدد المستشفيات - قطاع حكومي
1167
691
نقصت بنسبة
عدد الأسرّة - قطاع حكومي
116,150
95,683
نقصت بنسبة
عدد المستشفيات - قطاع خاص
652
1157
زادت بنسبة
عدد الأسرّة - قطاع خاص
18,574
35,320
زادت بنسبة
الدكتور محمد حسن خليل، المنسق العام لبرنامج الدفاع عن الحق في الصحة -منظمة حقوقية صحية- يرجع أسباب انخفاض أعداد المستشفيات الحكومية إلى برامج الخصخصة التي بدأت الحكومة تطبيقها.
ويقول إنّ برنامج الإصلاح الصحي الذي بدأته وزارة الصحة بالتعاون مع البنك الدولي عام 1998، اشتمل على تحويل الخدمات الصحية لتُصبح "ربحية" عوضاً عن كونها بسعر التكلفة.
ويُضيف خليل، أنّ فترة تولي الدكتور حاتم الجبلي وزارة الصحة "2005-2011" كانت الحلقة الأهم في الخصخصة، بدءاً من محاولة خصخصة خدمات التأمين الصحي عام 2006، مروراً بقرار إنشاء الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية رقم 637، في العام التالي مباشرة.
ويشرح، أنّه لولا حكم المحكمة الصادر عام 2008 بإيقاف إنشاء هذه الشركة، لكان تمّ بيع أصول التأمين الصحي المصري، متابعاً أنّه بعد وأد هذه الخطط، انتقلت الحكومة إلى جانب آخر من الخصخصة، من خلال إغلاق نحو 70 مستشفى حميات في شباط/ فبراير 2008.
إغلاق نحو 500 مستشفى "تكامل" -المستشفيات التي أنشأها وزير الصحة الأسبق إسماعيل سلام، لتكون حلقة وصل بين الوحدات الصحية الأولية والمستشفيات المركزية- بدعوى تدّني نسب الإشغال لأقل من 25%، وعدم وجود مخصصات مالية، كانت من أسباب معاناة مصر حتى اليوم من تفشي جائحة كورونا، بحسب خليل.
بعد مرور 8 أيام، أواخر أيار/ مايو الماضي، فقدت جدة "بسمة عصام" الوعي تماماً لأكثر من 24 ساعة. خلال هذه المدة لم تتوقف بسمة وعائلتها عن البحث عن مستشفى لإنقاذها.
بعدما عجزت بسمة عن إيجاد سيارة إسعاف حكومية، اضطرت إلى إخفاء إصابة جدتها بفيروس كورونا، وتواصلت مع سيارة إسعاف خاص، لكنّ العاملين بسيارة الإسعاف لما رأوا حالة الجدة، رفضوا إنزالها من شقتها بالطابق الرابع، ما اضطر الأسرة إلى تحمل هذا العبء وحدها.
"لم أكن أدري ماذا أفعل؟ أو أين أذهب بجدتي؟"، تقول بسمة. ثم قررت الذهاب إلى مستشفى التأمين الصحي بمدينة نصر، لأنّه الأقرب لعائلتها بعدما خُصِّصَ لمصابي كورونا، إلّا أنّ عمال أمن المستشفى رفضوا استقبال الجدة، بدعوى قدومها بسيارة إسعاف خاص.
تغيّرت إدارة المستشفيات المصرية منذ العام 2010، حين أصدر وزير الصحة حاتم الجبلي قراره (رقم 674) المعروف بـ "اللائحة الموحّدة"، التي جرى فيها للمرة الأولى تقسيم المستشفيات المصرية إلى 6 فئات، تمّ فيها تحديد عدد الأسرّة. بعكس اللائحة السابقة (رقم 239) الصادرة عام 1997، التي لم تحدد عدد الأسرّة بالمستشفى الواحد.
بحسب اللائحة، ضمت الفئة الأولى، المستشفيات العامة الموجودة في عواصم المحافظات أو المراكز الإدارية التي يتخطى عدد سكانها 500 ألف نسمة، وحددت سعتّها السريرية بـ 200 سرير فأكثر. أما الفئة الثانية فهي المستشفيات المركزية من نوع "أ" وهي تخدم المراكز الإدارية التي يتراوح عدد سكانها بين 100 و500 ألف نسمة، على أن تبلغ سعتها بين 100 و199 سريراً فقط.
أما الفئة الثالثة فهي المستشفيات المركزية من نوع "ب" التي تحدد وجودها في المدن التي يقل عدد سكانها عن 100 ألف نسمة، على أن تتراوح سعتها السريرية بين 50 و99 سريراً فقط. أما الفئة الرابعة فهي المستشفيات النوعية، وتخدم المدينة التي يقل تعدادها عن 100 ألف نسمة، ويتراوح عدد أسرّتها بين 50 و99 سريراً.
وأخيراً، الفئتان الخامسة والسادسة، وهما النموذج الأول والثاني للمنشآت الصحية، وتقدم خدمات الرعاية الأولية وصحة الأسرة، وتُمثل نقطة الاتصال الأولى بالمواطنين، وتختص برعاية من 1000 إلى 20 ألف سرير.
بمجرد تطبيق هذه اللائحة، خرج من الخدمة نحو 60 مستشفى حميات، بعد تحولها إلى مجرد أقسام داخلية للمستشفيات المركزية. ومن سوء الطالع فإنّ أغلب مستشفيات الحميات تقع داخل المدن والقرى الفقيرة، لذا جرى نقل تبعيتها للمستشفيات المركزية من فئة "ب" ما تسبب في الاستغناء عن 5235 سريراً.
ووفقاً لمراجعات أجريناها على عدد الأسرّة بمستشفيات الحميات، من خلال النشرة الصحية السنوية الصادرة عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء (منذ 2005 وحتى 2019) انخفض عدد أسرّة مستشفيات الحميات من 9904 أسرّة عام 2005، إلى 4669 سريراً عام 2019، بنسبة انخفاض بلغت 50%.
أُغلق المستشفى عام 2010.
مستشفى حميات بهتيم: كان النائب جمال زهران تقدم بطلب إحاطة سنة 2009 لمنع إغلاقه.
أُغلق المستشفى سنة 2010.
مستشفى حميات الخرقانية.
أُغلق سنة 2010.
مستشفى حميات شبين القناطر: وتقدم النائب محمود بدر بطلب إحاطة لإعادة تشغيله عام 2018.
أُغلق عام 2010.
مستشفى حميات منشأة القناطر.
أُغلق عام 2010.
مستشفى حميات الخانكة: تقدم النائب رضوان الزياتي بطلب إحاطة لإعادة تشغيله عام 2020.
تحوّل المستشفى عام 2009.
مستشفى حميات الدلنجات: تمّ خفض عدد الأسرّة وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى الدلنجات المركزي (أ) عام 2009.
حدث إغلاق جزئي للمستشفى عام 2010.
مستشفى حميات المطامير.
مستشفى حميات شبراخيت: تحوّل المستشفى إلى قسم تابع لمستشفى شبراخيت المركزي.
مستشفى حميات كوم حمادة: تمّ خفض عدد الأسرّة وتحول إلى قسم تابع لمستشفى كوم حمادة المركزي (ب).
مستشفى حميات رشيد: تمّ خفض عدد الأسرّة وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى رشيد المركزي.
مستشفى حميات التحرير: تمّ خفض عدد الأسرّة وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى بدر المركزي (ب).
مستشفى حميات إيتاي البارود: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى إيتاي البارود المركزي (أ).
مستشفى حميات منيا القمح: تمّ خفض عدد الأسرّة وتحول إلى قسم تابع لمستشفى منيا القمح المركزي (أ).
مستشفى حميات بلبيس: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحول إلى قسم تابع لمستشفى بلبيس المركزي (أ).
مستشفى حميات الحسينية: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحول إلى قسم تابع لمستشفى الحسينية المركزي (ب).
مستشفى حميات الإبراهيمية: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحول إلى قسم تابع لمستشفى الإبراهيمية المركزي (ب).
مستشفى حميات ههيا: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحول إلى قسم تابع لمستشفى ههيا المركزي (أ).
تهالك المبنى منذ عام 2010.
مستشفى حميات دكرنس: هناك مشروع لإعادة تطويره، وبات قسماً تابعاً لمستشفى دكرنس العام.
مستشفى حميات المنزلة: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى المنزلة المركزي (أ).
مستشفى حميات ميت غمر: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى ميت غمر المركزي (أ).
مستشفى حميات شبراهور: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى شبراهور المركزي (أ).
مستشفى حميات شربين: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى شربين المركزي (أ).
مستشفى حميات بلقاس: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى بلقاس المركزي (أ).
أُغلق المستشفى عام 2010.
مستشفى حميات السادات: جرت محاولة لإعادة تشغيله عام 2017 لكن بلا جدوى.
مستشفى حميات زاوية الناعورة: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى الناعورة المركزي (أ).
مستشفى حميات تلا: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى تلا المركزي.
مستشفى حميات بيلا: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحويل المستشفى إلى قسم تابع لمستشفى بيلا المركزي (أ) عام 2010.
مستشفى حميات مطوبس: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحويل المستشفى إلى قسم تابع لمستشفى مطوبس المركزي (ب).
مستشفى حميات الزرقا: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى الزرقا المركزي (أ) عام 2010.
مستشفى حميات فارسكور: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى فارسكور المركزي (أ) عام 2010.
تحوّل إلى قسم تابع لمستشفى الواسطي المركزي عام 2010.
مستشفى حميات الواسطي: تمّ خفض عدد الأسرّة.
صدر قرار بإزالته عام 2002 بسبب تهالك المبنى وحتى تاريخ نشر التحقيق.
مستشفى حميات سمسطا.
مستشفى حميات ببا: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى ببا المركزي (ب).
مستشفيات حميات الفشن: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى الفشن المركزي (ب).
تحوّل إلى قسم تابع لمستشفى الصف المركزي (أ) عام 2010.
مستشفى حميات الصف: تمّ خفض عدد الأسرّة.
مستشفى حميات أطفيح: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى أطفيح المركزي (أ).
مستشفى حميات العياط: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى العياط المركزي (أ).
تحوّل إلى قسم تابع لمستشفى الفكرية المركزي (أ) عام 2010.
مستشفى حميات الفكرية: تمّ خفض عدد الأسرّة.
تحوّل إلى قسم تابع لمستشفى ديروط العام عام 2010.
مستشفى حميات ديروط: تمّ خفض عدد الأسرّة.
مستشفى حميات منفلوط: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى منفلوط المركزي (أ).
مستشفى حميات أبو تيج: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى أبو تيج المركزي (أ).
مستشفى حميات الغنايم: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى الغنايم المركزي (ب).
مستشفى حميات البداري: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى البداري المركزي (أ).
مستشفى حميات الدوير: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى صدفا المركزي (أ).
تحوّل إلى قسم تابع لمستشفى جرجا العام عام 2010.
مستشفى حميات جرجا: تمّ خفض عدد الأسرّة.
مستشفى حميات طما: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى طما المركزي (أ).
مستشفى حميات المنشأة: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى المنشأة المركزي (أ).
مستشفى حميات أخميم: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى أخميم المركزي (ب).
مستشفى حميات جهينة: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى جهينة المركزي (ب).
مستشفى حميات البلينا: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى البلينا المركزي (أ).
مستشفى حميات المراغة: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى المراغة المركزي (ب).
تحوّل إلى قسم تابع لمستشفى دشنا المركزي (أ) عام 2010.
مستشفى حميات دشنا: تمّ خفض عدد الأسرّة.
مستشفى حميات فرشوط: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى فرشوط المركزي (أ).
مستشفى حميات نقادة: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى نقادة المركزي (ب).
مستشفى حميات الوقف: تمّ خفض عدد الأسرّة، وتحوّل إلى قسم تابع لمستشفى حميات الوقف المركزي (ب).
مستشفى حميات قفط: ما يزال قيد الإنشاء بقرية الكلاحين منذ أكثر من 10 سنوات.
تحوّل إلى قسم تابع لمستشفى دراو المركزي عام 2010.
مستشفى حميات دراو: تمّ خفض عدد الأسرّة.
تحوّل إلى قسم تابع لمستشفى نصر النوبة المركزي عام 2010.
مستشفى حميات نصر النوبة.
تحوّل إلى قسم تابع لمستشفى إسنا المركزي (ب) عام 2010.
مستشفى حميات إسنا: تمّ خفض عدد الأسرّة.
مستشفى حميات القصاصين: تمّ إغلاق المستشفى وتحوّل إلى قسم داخل مستشفى القصاصين المركزي (ب).
ما يزال مغلقاً.
مستشفى حميات التل الكبير: كلّف بناؤه نحو 31 مليون جنيه منذ عام 2005.
كما خلت اللائحة الموحدّة من أيّ ذكر لـ "مستشفيات التكامل"، على عكس لائحة 1997 التي وضعت تعريفاً لها بأنّها مستشفيات يُديرها طبيب سبق له العمل بالخدمات الصحية، وأن يكون حاصلاً على مؤهل أعلى من البكالوريوس، ويعاونه عددٌ كافٍ من الأطباء والفنيين اللازمين لأداء الخدمة الطبية والوقائية.
بحسب التقرير الصادر عن وزارة الصحة عام 2012، بلغ عدد مستشفيات التكامل في كلّ المحافظات 522 مستشفى، كانت وزارة الصحة تستعد لطرحها بنظام الشراكة مع القطاع الخاص عام 2016، بناءً على اقتراح من وزير الصحة السابق أحمد عماد.
مضت الدقائق ثقيلة أمام مستشفى التأمين الصحي بمدينة نصر. بسمة تصرخ في عمّال الأمن مرة، وتتوسل مرة أخرى قائلة :"والنبي حطوّها على جهاز أكسجين.. إن شاء الله حتى على كرسي!"؛ لكنّ كلّ هذه المحاولات لم تفلح أمام عناد بوابة الحديد الضخمة.
بسبب لائحة 2010، انخفض عدد الأسرّة بالمستشفيات الحكومية من 116.1 ألف سرير عام 2005 إلى 95.7 ألف سرير عام 2019، إذ تمّ الاستغناء عن 20.5 ألف سرير، وفقاً لمراجعات أجريناها على البيانات الصادرة عن النشرة الصحية السنوية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
حتى مع قرار إيقاف العمل باللائحة الموحّدة الصادر عام 2011 (رقم 344) من جانب وزير الصحة أشرف حاتم -عقب الإطاحة بنظام الرئيس الراحل حسني مبارك "1981-2011" إثر ثورة يناير-، لم تعد هذه الأسرّة للعمل مرة أخرى.
ويُوضح الدكتور أشرف حاتم وزير الصحة الأسبق، أنّ قراره بإيقاف اللائحة الموحّدة، جاء بناءً على توصيات لجنة ضمت مُختصين في أمراض الحميات والصدر.
ويُضيف حاتم، أنّ "اللجنة انتهت، إلّا أنّه لحماية البلاد من الأوبئة والأمراض المعدية مثل إنفلونزا الطيور أو فيروس كورونا حالياً، يجب الحفاظ على مستشفيات الحميات، وأوصت اللجنة بتطويرها، تحسباً لأيّ جائحة مثلما هو الآن".
ويقول حاتم، إنّ اللجنة أعدّت خطة للتطوير، لكنّ أوضاع البلاد السياسية آنذاك حالت دون تنفيذها، ولم ينتبه لها أحد، حتى أنّها ما تزال مهملة حتى الآن.
يؤكد الدكتور طارق كامل، أمين عام صندوق نقابة الأطباء السابق، معاناة مصر نقصاً في عدد الأسرّة بالمستشفيات الحكومية، مقارنة بالنسب العالمية لعدد السكان.
ويرجع أسباب ذلك، إلى نقص الإمكانيات المادية، قائلاً: "الخدمة الصحية 80% منها إمكانيات مادية، و20% فقط حسن إدارة وتوظيف".
ويلفت إلى أنّ الموازنة المرصودة لوزارة الصحة لم تصل إلى 3% من الناتج القومي الإجمالي لمصر، وهي الاستحقاق المنصوص عليه في دستور 2014. وبحسب مراجعات أجريناها على موازنات وزارة الصحة للسنوات الأربع الماضية، فإنّ هذه النسبة لم تتخطَّ 1.6% من إجمالي الناتج القومي.
بعد ساعة من البكاء والرجاء، ذهبت بسمة بجدتها إلى مستشفى حميات العباسية، واعترضها رجال الأمن أيضاً. لكنّها، وبحسب ما قالت، أجرت اتصالات بـ "أمةّ لا إله إلا الله.. وبـ طلوع الروح، دخلت جدتي المستشفى".
بعد مرور أكثر من 24 ساعة على فقدانها الوعي، عثروا للجدة على كرسي فارغ في أحد أركان ردهة استقبال المستشفى المكتظة.
يعرِّف المعهد المصري للدراسات، مستشفيات الحميات بأنّها "خط الدفاع الأول" للتصدّي للأمراض المعدية والوبائية، ومنها فيروس كورونا، بالإضافة إلى إمكانية تخصيصها لعزل مصابي الفيروس.
ويُضيف المعهد في دراسته الصادرة في آذار/ مارس الماضي، أنّ مستشفيات الحميات تُعاني نقصاً في التجهيزات جعلها عاجزة عن استقبال مصابي كورونا. وكانت وزارة الصحة خصصت نحو 370 مستشفى للعزل، ليس من بينها أيٌ من مستشفيات الحميات الـ 60 التي تحوّلت إلى أقسام.
ويُوضح المعهد، أنّ مستشفيات الحميات تُعاني "أزمة هوية"، بسبب تأرجح تبعيتها بين قطاعيْ الطب العلاجي والوقائي بوزارة الصحة، ما أحَدث خللاً في تركيبتها، بدأت بإسناد المسؤولية الإدارية للقطاع الوقائي، والمسؤولية الفنية للقطاع العلاجي عام 2011، قبل أن يتمّ تحويل إدارة مستشفيات الحميات بالكامل إلى القطاع الوقائي في 2017.
ويلفت إلى أنّ قرار نقل المستشفيات للقطاع الوقائي تسبّب في تأخر انضمامها لمنظومة التأمين الصحي الشامل، ما أثّر في مستقبلها وجعلها خارج أولويات برامج التطوير ورفع الكفاءة.
من جهته، يقول الدكتور طارق علي، نائب مدير مستشفى حميات العباسية، إنّ أطباء الحميات من الفئات الأكثر تعرضاً للعدوى بسبب طبيعة عملهم في مواجهة الأوبئة وأماكن العزل. ويضيف أنّ بدل العدوى يتراوح بين 19 و30 جنيهاً حسب درجة الطبيب.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرر زيادة بدل مخاطر المهن الطبية، بعد إجراء تعديل تشريعي، بنسبة 75% عن القيمة الحالية لتصبح 1225 جنيهاً للطبيب، لكنّ نقابة الأطباء المصرية ذكرت أنّ الزيادة الصافية للبدل ستتراوح بين 250 و400 جنيه فقط بعد خصم الاستقطاعات.
ويُضيف علي أنّ رواتب الأطباء المحدودة في أقسام الحميات وصعوبة التسجيل في تكليف الوزارة تسبّبت في عزوف خريجي كليات الطب عن دخول القسم.
وتُعاني مصر نقصاً عاماً في عدد الأطباء، فمن بين 212 ألفاً و835 طبيباً حاصلين على ترخيص مزاولة المهنة في نقابة الأطباء المصرية، يعمل 82 ألف طبيب منهم فقط، بنسبة 38%، وهم يعملون إما في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة أو المستشفيات الجامعية أو القطاع الخاص، وفقاً لدراسة أعدها المجلس الأعلى للجامعات والمكتب الفني لوزارة الصحة المصرية.
وتُوضح الدراسة الصادرة في 2019، أنّ 62% من الأطباء يعملون خارج مصر، أو استقالوا من العمل الحكومي أو حصلوا على إجازة من الحكومة، مؤكدة أنّ المعدل الحقيقي للأطباء في مصر هو طبيب واحد لكل 1162 فرداً، في حين أنّ المعدل العالمي هو طبيب لكل 434 فرداً.
بعدما استقرت الجدة "ثناء محمود" على أحد كراسي ردهة استقبال مستشفى العباسية، انشغلت الممرضة بوضع قناع جهاز التنفس الصناعي في محاولة إنعاشها، في حين اشترت بسمة ملاءة وبطانية كي تدفئها.
بينما كانت بسمة تُسجل بياناتها ورقم هاتفها، تفاجأت برفض الطاقم الطبي بقاءها بجوار جدتها، وطلبوا منها المغادرة، إذ إنّ المستشفى لا يستوعب إلّا المرضى فقط.
وتُوضح دراسة أجراها باحثون من جامعة كوينزلاند بأستراليا بالاشتراك مع وزارة الصحة المصرية، أنّ تخفيض الإنفاق على الصحة أجبر المواطنين على زيادة إنفاقهم الشخصي على العلاج، ما تسبب في عدم المساواة في الحصول على الرعاية الصحية التي باتت مقتصرة على من يستطيعون تحمل تكاليفها.
وتُضيف الدراسة الصادرة في 2018، أنّ السياسات الاقتصادية في عهد الرئيسيْن الراحلين (أنور السادات 1970-1981، وحسني مبارك 1981-2011) أدت إلى خصخصة نظام الرعاية الصحية.
كما يُشير تقرير صادر عن اتفاقية التعاون 20/20 للأنظمة الصحية الممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، إلى أنّ الإنفاق الشخصي على الصحة في مصر ارتفع من 51% عام 1995 إلى 60% عام 2008. في حين ترفع تقديرات لمنظمة الصحة العالمية النسبة إلى 72%.
ويُقسّم التقرير طرق الإنفاق الشخصي إلى 9 أوجه هي: العيادات الخاصة بنسبة 38.4%، تليها الصيدليات بنسبة 33%، والمستشفيات الخاصة بنسبة 8.2%، ثمّ مستشفيات وزارة الصحة بنسبة 3.5%، والمراكز العلاجية بنسبة 2.9%، والمستشفيات الجامعية بنسبة 2.8%، ومستشفيات التأمين الصحي بنسبة 1.9%، ثمّ نسبة 0.9% لمستشفيات عامة أخرى، وأخيراً نسبة 8.3% مصروفات أخرى.
ويُوصي التقرير الصادر عام 2010، بزيادة الاستثمارات العامة في مجال الصحة، ومعالجة مسألة الإنفاق الشخصي، معتبراً أنّ استمرار العبء المرتفع للإنفاق من الجيب أمر مثير للقلق الشديد.
بعد مرور 10 دقائق، على مغادرة بسمة مستشفى حميات العباسية، اتصلت بها عاملة الاستقبال تُخبرها بـوفاة جدتها.
قاعدة بيانات تفاعلية توضح الإجراءات الاحترازية الرئيسية التي اتخذتها الحكومات العربية لمواجهة كوفيد-19، وأعداد الإصابات والوفيات بكورونا والمتعافين منها في الدول العربية. للاطّلاع اضغط/ي هنا.