ARIJ Logo
Seat person

الحبس داخل كرسي

شوارع عمّان وأبنيتها طاردة لذوي الإعاقة الحركية

الوضع "على ما هو" رغم دق الناقوس أريجيّاً قبل عشر سنوات

تحقيق: سوسن طبازة و فرانك أندروز

الثلاثاء 05/12/2020
الحبس داخل كرسي-برومو

إذا كنت من بين أربعة ملايين شخص يعيشون في عمّان، فلا بدّ أنّك تدرك صعوبة التنقل من مكان إلى آخر من دون سيارة خاصّة أو مواصلات عامّة. ولكن، إذا كنت واحداً من قرابة 365 ألف شخص من ذوي الإعاقة فستكون مغادرة المنزل إلى الشارع مشقّة كبيرة.

Seat person icon
821,000
شخص مقعد (فوق سنّ الخامسة)

يقطنون العاصمة من ذوي الإعاقة الجسمية والحسيّة

chart 40%
*بحسب إحصائيات عام 2015

عبد الرحمن سلامة (37 عاماً) يتنقل في عمّان على كرسيه المتحرك منذ اضطر إلى استخدامه قبل 20 عاماً. في كل مرّة يزور الجامعة الأردنية للقاء أصدقائه، يعجز سلامة عن عبور الشارع بأمان إلى الجهة المقابلة لبوابة الجامعة الرئيسية، حيث المطاعم والمقاهي ومواقف سيارات الأجرة والحافلات.

"عليّ إما البحث عن سيارة أجرة بصعوبة شديدة للانتقال إلى الطرف الثاني من الشارع أو استخدام كرسيي المتحرك وقطع تلك المسافة [انعطافة مسافتها كيلومتر واحد]، أو عبور نفق المشاة" يقول عبد الرحمن، مضيفاً أنّ الخيار الأخير يكون عادة ملجأه الوحيد.

يهم سلامة بدخول نفق المشاة ليستقل سيارة أجرة للعودة إلى المنزل، ولكنّه يقف بمجرد وصوله لأول درجة. هنا يبادر شابان أمام باب متجريْهما إلى حمل سلامة فوق كرسيّه المتحرك مسافة 10 درجات هبوطاً ثمّ مثلها صعوداً حتى خروجه من طرف الشارع الآخر.

"بدّي حدا يساعدني من قدّام"، يناشد سلامة، فينادي أحدهما "يلا، أحمد.. واحد، اثنان ارفعوا شباب". ولدى وصولهم إلى الطرف المقابل، يبقى أحدهم مع سلامة ويساعده في التلويح لسيارة أجرة، بينما يعود البقية إلى محلاتهم لبيع الحقائب والهدايا.

"عمّان صفر بالمية مهيأة لذوي الإعاقة"، هكذا يصف سلامة حال المدينة. تزيد المشكلة إن حاولت البحث عن عمل، حسبما يضيف معدّداً صعوبة دخول معظم البنوك، ومحلات البقالة والسوبر ماركت أو الاستمتاع بزيارة الأماكن السياحية. ثمّ يتساءل: "أليس من حقي زيارة هذه الأماكن؟".

تفاقم معاناة هذه الشريحة طبوغرافية المدينة التي تمدّدت من سبعة جبال قبل 2000 عام إلى 20 جبلاً وربوة الآن بمساحة 1700 كيلومتر مربع. تلتف الطرق حول محيطها وفي قصبتها كلعبة السلم والثعبان بينما تتقاطع أدراجها الضيقة غير المستوية وسط عماراتها المرصّعة بالحجر الأبيض.

بتتبع مسارات سلامة وعشرة من أقرانه وقريناته، أثبت مُعِدَّا التحقيق أنّ مباني المدينة، وأزقّتها، وشوارعها وأرصفتها غير مهيأة لاستخدام ذوي الإعاقات الحركية والبصرية باستقلالية تامة. ورافق مُعِدَّا التحقيق ذوي إعاقة في رحلاتهم "الشاقّة" خارج المنزل واستمعا إلى تجاربهم، كما تفحّصا تطور القوانين ومدى تطبيقها في هذه المدينة؛ بخاصة لدى مؤسساتها الحكومية والمناطق السبع التي تؤكد الحكومة وأمانة عمّان أنّها رفيقة بذوي الإعاقة الحركية.

الوضع كما هو

في منتصف 2019، رافق أحدُ مُعِدّي التحقيق الناشطة الحقوقية آسيا ياغي في جولة -على كرسيها المتحرك- شملت ثمانية مبانٍ حكومية عشوائية لاختبار مدى تهيئة المؤسسات العامة وهي وزارات الثقافة، والتنمية الاجتماعية، والتربية والتعليم، والعمل والصحة فضلاً عن دائرة قاضي القضاة واثنين من مباني أمانة عمّان الرئيسية في منطقة رأس العين.

تبين من خلال الجولات أنّ خمسةً من المباني الثمانية مجهزة بمنحدرات مهيأة، اثنان منها فقط مجهزة بمصاعد مزوّدة بنظام صوتي ناطق ولغة بريل، وثلاثة منها مزوّدة بدورات مياه للأشخاص ذوي الإعاقة؛ واحد منها فقط مهيأٌ تماماً وسهل الاستخدام. كما تبين أنّ أربعة من المباني مزوّدة بأماكن اصطفاف مخصّصة للأشخاص ذوي الإعاقة. ولكن، لم يكن أيٌّ منها مهيأً تماماً لجميع الإعاقات الحركية والحسّية.

يتعارض ما كشفه هذا التحقيق مع وعود حكومية متكرّرة مذ وثّق تحقيق سابق لأريج عام 2009 كيف أنّ عمّان تشكّل بيئة طاردة للأشخاص ذوي الإعاقة. وكشفت الزميلة زينة حمدان آنذاك ضعف الرقابة الحكومية على تطبيق كودة (معايير) البناء الخاصّة بالأشخاص ذوي الإعاقة.

منذ عام 2009، أصدرت الحكومة قانوناً جديداً لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وعدلت قانون البناء الوطني، وحدّثت كودة متطلبات البناء الخاصّة بالأشخاص ذوي الإعاقة، كما أطلقت خطّة استراتيجية عشرية لتهيئة المباني الحكومية.

على أنّ مُعِدَّيْ التحقيق رصدا خللاً في تطبيق القوانين والأنظمة الجديدة ما حال دون جعل المدينة صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة. كما لاحظا تداخلاً في صلاحيات الجهات المسؤولة عن ضمان تنفيذ القوانين الجديدة.

تختلف متطلبات التهيئة البيئية بحسب نوع الإعاقة. مثلاً، المغسلة المنخفضة في دورة المياه، والمساحة الواسعة في مواقف السيارات ووجود مصاعد تقع ضمن متطلبات تسهيل تنقل ذوي الإعاقة الحركية في تلك المرافق. أما توفّر اللوحات الإرشادية بلغة بريل والنظام الناطق في المصعد فتقع ضمن متطلبات تسهيل حركة ذوي الإعاقة البصرية.

قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة 2017

إمكانية الوصول: تهيئة المباني والطرق والمرافق وغيرها من الأماكن العامة والخاصة المتاحة للجمهور، ومواءمتها وفقاً لكودات متطلبات البناء الخاص بالمعوقين الصادرة بموجب أحكام قانون البناء الوطني الأردني وأيّ معايير خاصة يصدرها أو يعتمدها المجلس.

تضارب بين المعلن والواقع

أمانة عمّان لا تملك خريطة بالأماكن الرفيقة بذوي الإعاقة. على أنّ المديرة التنفيذية للهندسة في الأمانة نعمة قطناني تؤكد وجود سبع مناطق في العاصمة خالية من العوائق ومهيأة لذوي الإعاقة الحركية وهي ميدان الملك فيصل، وشارع الرينبو، وشارع الوكالات، وشارع الملك غازي، وجبل الحسين (في المنطقة الممتدة من شارع مدرسة سكينة حتى تقاطع دوار فراس)، وجبل القلعة والساحة الهاشمية.

يشاطرها في التأكيد مدير قسم الأشخاص ذوي الإعاقة في أمانة عمّان أيمن السعود قائلاً إنّ هذه المناطق "مهيأة مئة في المئة".

ولكنّ الزيارة الميدانية لهذه المواقع مع الناشطة آسيا ياغي رئيسة جمعية "أنا إنسان" أثبتت عكس ذلك بسبب شدّة انحدار المنحدرات، وقلّة أماكن ركن السيارات المخصّصة لذوي الإعاقة، ووجود أشجار أو أعمدة إنارة في منتصف الأرصفة.

تقدر قطناني نسبة مباني الأمانة المهيأة بـ 80% "على الأقل للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، توجد بها منحدرات".

على أنّ تأكيدها يثير استغراب ياغي: "يعتقدون أنّ المبنى إذا امتلك منحدراً فهو مهيأ"، لافتة إلى ضرورة الاستجابة لمتطلبات أصحاب جميع أنواع الإعاقة، بما فيها البصرية والسمعية.

إحدى تلك المناطق في جبل الحسين تصنَّف على أنّها موقع نموذجي للأشخاص ذوي الإعاقة. بحسب مقابلات مع خبراء وناشطين حقوقيين، انطلقت أولى بوادر المشروع بعد زيارة وفد أردني إلى مدينة برشلونة نهاية عام 2015، تبعتها زيارة لوفد من أمانة عمّان والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة نهاية عام 2017، تمّ خلالها الاتفاق على تمويل بلدية برشلونة تصميمَ منطقة نموذجية مهيأة في منطقة سكنية-تجارية في عمّان.

close icon
شارع الرينبو
close icon
شارع الوكالات
close icon
شارع الملك فيصل
close icon
الساحة الهاشمية
close icon
شارع الملك غازي
close icon
شارع الوكالات
close icon
شارع الوكالات
close icon
شارع الوكالات
close icon
شارع الوكالات
خريطة تفاعلية
اضغط/ي على النقاط لمشاهدة الفيديوهات
المرحلة الأولى
من مدرسة سكينة إلى دوار فراس
التكلفة
$1,410,000
المرحلة الثانية
من دوار فراس إلى مركز أمن الحسين ومن جزيرة سكينة إلى دوار الداخلية
التكلفة
غير معلنة بعد
pin
شارع الرينبو
pin
وزارة العمل
pin
شارع الملك فيصل
pin
الساحة الهاشمية
pin
شارع الملك غازي
pin
دوار الداخلية
pin
دوار فراس
pin
مدرسة سكينة
pin
مركز أمن الحسين

على أنّ أمانة عمّان لم تستشر أعضاء اللجنة التي زارت برشلونة -من ضمنهم مستخدمو كراسي متحركة وأكفّاء- حين شرعت في تجهيز موقع جبل الحسين، بالرغم من تأكيد السعود أنّ المشروع خضع لتجربة أشخاص ذوي إعاقة عند تهيئته.

زار مُعِدَّا التحقيق المشروع مرتيْن أثناء تنفيذه، ومرة بعد استكماله.

قبل شهر من إطلاق المرحلة الأولى -تحديداً في أكتوبر/ تشرين الأول 2019- كانت الأرصفة البازلتية ملساء تتسبب بانزلاق الكرسي المتحرك، والمنحدرات ذات درجات ميلان متفاوتة بين متوسطة إلى شديدة الانحدار يصعب استخدامها من دون مساعدة. وكانت السيارات تغلق المنحدرات وأماكن الركن الخاصّة بذوي الإعاقة، فيما امتلكت معظم المحال التجارية المجاورة للمشروع درجات أمامية تمنع وتقيّد دخول الأشخاص ذوي الإعاقة إليها. أما الإشارات الضوئية، فكانت مزوّدة بنظام صوتي لكنّ صوته منخفض مقارنة بضجيج الشارع.

بينما قال اثنان من أصحاب المحال التجارية إنّ الأمانة أخبرتهم بأنّها تنوي تركيب منحدرات، لكنّهم عبروا عن رفضهم لاعتقادهم بأنّ المنحدر سيعوق دون دخول الزبائن بسبب ضيق مداخل محلاتهم.

تبين خلال الزيارة أيضاً أنّ نهاية أحد الأرصفة لم تمتلك منحدراً، وأنّ النظام الصوتي لاثنتين من أصل ثلاث إشارات كان معطلاً.

أما بالنسبة للمسارات المهيّأة لذوي الإعاقة البصرية، فقد ثبّتت الأمانة سابقاً البلاط المعروف بـ "تاكتايل" بمواد لاصقة تأثرت بالعوامل الجوية ما أدى إلى اقتلاعه من مكانه، لذا تعمل الأمانة حالياً على تدعيمها بمسامير في الأرض.

فشلت جميع محاولات مُعِدَّيْ التحقيق في الحصول على تفسير من أمانة عمّان حيال النقاط الموثقة أثناء الزيارات الميدانية.

وقّع الأردن على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2007 وأصدر قانوناً لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في 2017، فلاقى ترحيباً لدى المؤسسات الحقوقية، لنصّه على إلزامية تهيئة المدارس، والمراكز الصحية، والمستشفيات والأماكن العامة للأشخاص ذوي الإعاقة. كما ألزم الحكومة بتهيئة المرافق والخدمات العامة خلال خمس سنوات من صدوره.

بحسب قانون 2017، على الأمانة تزويد الإشارات الضوئية بنظام تنبيه صوتي وتهيئة الطرق والمباني تحت الإنشاء لتكون خالية من العوائق. ولكن، حتى الآن لم تشهد مدينة عمّان على وجه الخصوص أيّ تغييرات جذرية في تهيئة بنيتها التحتية، قبل سنتيْن من انتهاء فترة المشروع في آب/ أغسطس 2022.

low book icon
مواد من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تفرض على الحكومة تهيئة الطرق، والأبنية والمواصلات العامة خلال مدة زمنية أقصاها 5 سنوات.
اضغط/ي على المواد للقراءة
مادة
32

أ- لا يجوز استبعاد الشخص ذي الإعاقة أو تقييد وصوله إلى أيٍّ من المرافق التي تقدّم خدمات للجمهور، أو تقييد وصوله إلى المعلومات وخدمات الاتصال والخدمات الإلكترونية وغيرها، على أساس الإعاقة أو بسببها.
ب- على وزارة الأشغال العامة والإسكان بالتنسيق مع أمانة عمّان الكبرى والبلديات ومن في حكمها ومجلس البناء الوطني الأردني والمجلس والجهات الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة القيام بما يلي:
1- وضع خطة وطنية لتصويب أوضاع المباني والمرافق ودور العبادة والمواقع السياحية التي تقدم خدمات للجمهور المنشأة قبل العمل بهذا القانون لتطبيق إمكانية الوصول، على أن يبدأ بتنفيذ هذه الخطة خلال مدة لا تزيد على سنة واحدة من تاريخ نفاذ أحكام هذا القانون ولا يتجاوز استكمالها (10) سنوات.
2- إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة ومنظماتهم في وضع الخطة المنصوص عليها في البند (1) من هذه الفقرة وتنفيذها وتقييمها، وفقاً للآلية التي يحددها المجلس لهذه الغاية.
3- إصدار تقرير متابعة سنوي يتمّ رفعه لمجلس الوزراء يبين الأماكن المنصوص عليها في البند (1) من هذه الفقرة، التي تمّ تصويب أوضاعها والبدائل الدائمة أو المؤقتة التي تمّ اتخاذها لتحقيق ذلك.
ج- يراعى في تنفيذ الخطة المنصوص عليها في البند (1) من الفقرة (ب) من هذه المادة ما يلي:
1- العوامل الطبوغرافية والهندسية والطبيعية والقيمة الأثرية للمبنى أو الموقع.
2- اعتبارات الأمن والسلامة.
3- الموازنة بين المنافع والأضرار المحتملة الناجمة عن تهيئة المبنى أو المكان.
4- أيّ ضوابط يضعها وزير الأشغال العامة والإسكان بما لا يتعارض وأحكام هذا القانون.

مادة
33

أ- لا يجوز مصادقة أو إجازة المخططات والتصاميم أو منح الترخيص وإذن الإشغال للمباني العامة أو الخاصة أو دور العبادة أو المواقع السياحية وغيرها من المنشآت والمرافق التي تقدم خدمات الجمهور، ما لم تكن مطابقة لإمكانية الوصول.

ب- 1- على وزارة الأشغال العامة والإسكان وأمانة عمّان الكبرى والبلديات ومن في حكمها ومجلس البناء الوطني الأردني والجهات ذات العلاقة بعد نفاذ أحكام هذا القانون إلزام الجهات التي تقدم خدمات للجمهور بتصويب أوضاع منشآتها ومرافقها وفق إمكانية الوصول.

2- إذا لم تلتزم الجهات التي تقدم خدمات للجمهور بتصويب أوضاع منشآتها ومرافقها وفق إمكانية الوصول، تتخذ وزارة الأشغال العامة والإسكان وأمانة عمّان الكبرى والجهات ذات العلاقة الإجراءات اللازمة بما في ذلك الإغلاق المؤقت أو الدائم بحقّ تلك الجهات.

مادة
35

على أمانة عمّان الكبرى والبلديات ومن في حكمها وإدارة السير المركزية والجهات ذات العلاقة بالتنسيق مع المجلس، وخلال (5) سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون القيام بما يلي:
أ- تزويد الإشارات الضوئية بنظام تنبيه صوتي يتيح للأشخاص المكفوفين وضعاف البصر التعرّف على حالة السير في الطريق وعبوره بأمان.
ب- وضع إشارات إرشادية تتيح للأشخاص ذوي الإعاقة التعرف على بداية الرصيف ونهايته ومواقع جسور المشاة وغيرها من معالم الطرق.
ج- تدريب الكوادر العاملة بما في ذلك رقيب السير على سبل التواصل الفعّال مع الأشخاص ذوي الإعاقة.
د- وضع الحواجز والإشارات الإرشادية الملموسة والمرئية على المواقع الخطرة، كالحُفَر والمنحدرات ومواقع الإعمار والإنشاءات وغيرها.
هـ- عدم إشغال الأرصفة بالبروزات على نحو يُعيق استخدام الأشخاص ذوي الإعاقة لها ويعرضهم للخطر.
و- تطبيق إمكانية الوصول على الطرق والمباني والمرافق التابعة لها.

مادة
36

على وزارة النقل وهيئة تنظيم النقل البري وأمانة عمّان الكبرى والبلديات ومن في حكمها وهيئة تنظيم الطيران المدني وشركات تشغيل المطارات وشركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة كل حسب اختصاصه بالتنسيق مع المجلس وخلال (5) سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون، القيام بما يلي:
أ- تضمين سياسات واستراتيجيات وخطط وتعليمات تنظيم النقل البري والبحري والجوي تدابير تكفل توفير أشكال الترتيبات التيسيرية المعقولة وإمكانية الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة في مرافق وخدمات النقل.
ب- إلزام شركات النقل العام بتهيئة جميع الحافلات لاستعمال الأشخاص ذوي الإعاقة، وتخصيص مقعديْن لهم في حافلات النقل العام حسب الاقتضاء.
ج- إلزام شركات النقل السياحي العام والمتخصصة بتوفير وسائط نقل مهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية.
د- إلزام سيارات الأجرة بتوفير بطاقة معلومات السائق بالأشكال الميسرة.
هـ- توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة وإمكانية الوصول في المطارات والموانئ البحرية ومحطات السكك الحديدية ومواقف حافلات النقل العام.
و- عقد دورات تدريبية للعاملين في قطاع النقل البري والبحري والجوي على سبل التواصل الفعّال مع الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة.

مادة
37

على وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة كل حسب اختصاصه، بالتنسيق مع المجلس وخلال (5) سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون، القيام بما يلي:
أ- تضمين تعليمات تراخيص المهن السياحية المعايير الخاصة بإمكانية الوصول ومتابعة مدى التزام الشركات والمنشآت السياحية بها.
ب- توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة وإمكانية الوصول في المواقع السياحية والأثرية، بما يتيح للأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إليها، وبما لا يخلّ بالطبيعة الطبوغرافية والأثرية للموقع.
ج- تدريب الكوادر العاملة في مجال السياحة والأدلّاء السياحيين على سبل التواصل الفعّال مع الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة.
د- توفير نماذج توضيحية بالأشكال الميسّرة توضح المعالم الأثرية التي يتعذر على الأشخاص ذوي الإعاقة الوصول إليها والتعرف عليها بما لا يخلّ بطبيعتها.
هـ- توفير النشرات والمطبوعات والمعلومات في الأماكن السياحية والأثرية المختلفة بالأشكال الميسّرة.

26 عاماً على "المفهوم الجديد"

المديرة التنفيذية للهندسة في الأمانة نعمة قطناني تقول إنّ أهم تحدٍ يواجه التهيئة البيئية في الأردن هو أنّه "مفهوم جديد"، على الرغم من تناول نصوص التشريعات الأردنية للتهيئة البيئية منذ أكثر من 26 عاماً.

في 1993، صدر قانون البناء الوطني ومعه أول كودة لمتطلبات التهيئة البيئية للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يفرض إمكانية الوصول في المباني العامة للأشخاص ذوي الإعاقة من دون غيرهم، مع فرض غرامة تتراوح بين 100-3000 دينار أردني (140-4230 دولاراً أمريكياً) على المخالفين.

كودة البناء

كودة البناء هي مجموعة القواعد والشروط والمتطلبات الفنية المتعلقة بأعمال الإعمار المقررة من مجلس البناء الوطني والمعتمدة من مجلس الوزراء. وتكون الجهات المعنية كافة ملزمة بتطبيق هذه الكودات.

"لم يكن هناك أيّ تطبيق خلال العقديْن أو الثلاثة الماضية… إلا في بعض المبادرات العشوائية، هنا وهناك"، يقول العزّة، الذي يعاني إعاقة بصرية.

وفي عام 2018، صدر قانون معدّل لقانون البناء الوطني الأردني الذي يلزم الجهات المختصة بعدم التصديق على أيّ مخطّطات إلّا بعد التأكد من انسجامها مع كودات البناء، ومنع إصدار أيّ ترخيص عقار إلّا بعد الحصول على الموافقات اللازمة مع مراعاة الأحكام الواردة في كودات البناء.

بموجب القانون الجديد أُلغيت المخالفات واستعيض عنها بعقوبة سحب الرخص من الجهات المخالفة، سواء المقاول، أو المكتب الهندسي.

في آذار/ مارس 2019، حدّثت الحكومة كودة متطلبات البناء للأشخاص ذوي الإعاقة؛ بشكل "يناسب جميع المشاريع الإنشائية ويراعي المتطلبات الخاصة بذوي الإعاقة الحركية، والسمعية والبصرية من حيث وجود الأدراج، والمصاعد، والأرضيات، والخدمات الصحية المناسبة، ومواقف السيارات وغيرها من المواصفات الفنية المتضمنة في كودة البناء"، حسبما يؤكد الأمين العام السابق لمجلس البناء الوطني جمال قطيشات لمُعِدّي التحقيق.

من جانبه، يوضح أمين عمّان يوسف الشواربة لمعدّي التحقيق أنّ الكودة استخدمت كمرجع في مشروع جبل الحسين لجعله مهيأً طبقاً "لأعلى المواصفات والمقاييس العالمية" وتمّ تطبيقها في تهيئة جميع الأرصفة وممرات المشاة.

الخطة العشرية

أطلق المجلس الأعلى بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة والإسكان في آذار/ مارس 2019 خطّة عشرية لتصويب أوضاع المباني القائمة والمرافق العامة، تنفيذاً لأحكام قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2017، وتطبيقاً لكودة متطلبات البناء الخاصة بإمكانية الوصول بما يحقق بيئة خالية من العوائق المادية.

تستهدف الخطّة تهيئة ما نسبته 60% على الأقل من المرافق والمباني العامة التي تقدم خدمات للجمهور بحلول عام 2029 وذلك من خلال تطبيق معايير كودة متطلبات البناء للأشخاص ذوي الإعاقة و/أو إيجاد البدائل المناسبة حسب الاقتضاء، وتأهيل مناطق نموذجية في الشمال والوسط والجنوب لتصبح مهيّأة لاستخدام الأشخاص ذوي الإعاقة بمعدل (4) مناطق على مستوى المملكة وبحلول عام 2022.

في حواره مع معدّي التحقيق، يشكّك العزّة بالقدرة على إكمال المشروع. ويرى أنّ النفقات المخصّصة لتنفيذه "بسيطة جداً" كما ينفي وجود "خطّة تنفيذية".

أمانة عمّان خصصت مليون دينار أردني (1.41 مليون دولار) لمشروع التهيئة البيئية في عام 2019، بينما خصصت وزارة الأشغال العامة للمشروع 100 ألف دينار أردني (141 ألف دولار).

رئيس الوزراء السابق عمر الرزاز يدرك قابلية الحكومة لصنع القوانين لا تنفيذها. إذ أقرّ في كلمته خلال إطلاق الخطّة العشرية "بأنّ هناك فرقاً بين القوانين، والاستراتيجيات والتنفيذ على أرض الواقع".

تعتقد قطناني أنّ تهيئة المباني القديمة صعبة جداً لأنّ "عمّان مدينة قديمة". أصحاب العقارات في المناطق السكنية هم من يبنون الأرصفة دون مراعاة لاحتياجات ذوي الإعاقة. وبينما تقرّ قطناني بأنّ سكان عمّان من ذوي الإعاقة يشعرون بعدم الإنصاف، إلا أنّها تؤكد أنّ "المواطنين العاديين يواجهون مشاكل مع الأرصفة أيضاً".

"هذه ليست وظيفتي"

يبدو أنّ المسؤولين في الأمانة على غير دراية بالنصوص القانونية أو المتطلبات الأساسية للتهيئة البيئية.

قطناني، المديرة التنفيذية للهندسة في أمانة عمّان، تقول "لا أعتقد أنّ الأمانة هي المعنية بمراقبة تطبيق كودة الأشخاص ذوي الإعاقة".

بينما يقول السعود، مدير قسم الأشخاص ذوي الإعاقة في أمانة عمّان إنّه لا يعلم أيّ المؤسسات الحكومية مسؤولة عن تطبيق كودة الأبنية للأشخاص ذوي الإعاقة: "هذه ليست وظيفتي... في الحقيقة لا أعلم وظيفة من هي".

مسؤولية تطبيق كودة البناء

بموجب الكودة الجديدة، يلتزم أصحاب المنشآت بمراعاة قواعد بناء رفيقة بالأشخاص ذوي الإعاقة لدى إعادة تهيئة المباني الجديدة والإنشاءات القائمة المُراد تغيير صفة استعمالها وتعديلها. وعلى نقابة المهندسين الأردنيين التحقّق من تطبيق متطلبات مرحلة التصميم عند تدقيق المخطّطات التصميمية للمبنى، بينما تتحقق أمانة عمّان الكبرى وسائر البلديات والجهات المانحة للتراخيص في المحافظات من تنفيذ المتطلبات الواردة في المخطّطات التصميمية قبل إصدار إذن الإشغال للمبنى، الذي يتمّ بموجبه توصيل خدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي للبناء.

ولعدم وجود أيّ جهة ملتزمة بالتفتيش على تنفيذ الكودة، رغم إيلاء أمانة عمّان هذه المهمة صراحة، قرّر وزير الأشغال العامة والإسكان إحالة هذه المهمة إلى الدفاع المدني أثناء التفتيش على كودة متطلبات السلامة العامة في جميع المنشآت.

بحسب التقرير السنوي الأول لوضع حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن لعام 2018، الصادر عن المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، خاطبت وزارة الأشغال المكاتب الهندسية وهيئة المكاتب والشركات الهندسية وجمعية المستثمرين في قطاع الإسكان لضمان تطبيق الكودة في المشاريع الإنشائية في مرحلتيْ التصميم والتنفيذ، وتمّ إرفاق تعميم دولة رئيس الوزراء بخصوص عدم منح التراخيص والمصادقة على مخططات المباني المنوي إقامتها ما لم تكن مطابقة لكودة متطلبات البناء الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة.

ولكنّ تطبيق القانون ما يزال بطيئاً نوعاً ما، بحسب تقرير الظل حول اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن.

القائمة الغامضة

لدى الأمانة أرقام مختلفة ومتضاربة حول المنشآت والأماكن المهيأة حول عمّان. فبالإضافة إلى المناطق السبع "المهيأة بنسبة 100%"، أطلعنا السعود على قائمة كانت معدّة قبل أن يتسلم منصبه عام 2018، بجميع الأماكن المهيأة في عمّان. وهي تضم 29 شارعاً، و44 فندقاً، وتسع إشارات ضوئية.

العدد الإجمالي
13 ألف شارع رئيسي وفرعي
387 فندقاً
134 إشارة مرورية
السنة
street
2018
buliding
2019
Traffic lights
2011
المهيأة لذوي الإعاقة
29 شارعاً
44 فندقاً
9 إشارات ضوئية

على أنّ السعود لم يزود مُعِدّي التحقيق بأيّ معلومات إضافية عن التقرير أو نسخة منه. في المقابل لم يسمع العزّة بهذه القائمة من قبل.

مشقّة التعليم

هديل أبو صوفة (29 عاماً) وجدت مشقّة في نيل شهادة البكالوريوس من الجامعة الأردنية/ تخصص تغذية. رحلتها يومياً على كرسي متحرك، كانت مليئة بالعقبات بسبب رداءة التهيئة البيئية في المؤسسات التعليمية الأساسية، والثانوية والجامعية.

حالت كثرة الأدراج وغياب المنحدرات دون استمتاع أبو صوفة بمرحلتها الدراسية الأساسية منذ أصيبت بشلل نصفي في حادث سير حين كانت في الحادية عشرة من عمرها. معاناتها تضاعفت في المرحلة الثانوية عندما رفضت مدارس عامة وخاصة استقبالها عام 2010، إلى أن تمّ قبولها أخيراً في مدرسة حكومية في منطقة الشميساني، لكنّ انعدام وجود المنحدرات اضطر والدها إلى تهيئة مرافق للمدرسة على نفقته الخاصة حتى تستطيع اجتياز هذه المرحلة.

"مرحلة الجامعة أيضاً لم تكن سهلة… فالمنحدرات غير كافية، ولا توجد مصاعد أو بالأحرى هي موجودة ولكن بنسب قليلة جداً"، تقول هديل لمُعِدّي التحقيق. مشيرةً إلى انعدام دورات المياه المهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة. "كنّا لا نأكل ولا نشرب لأنّه لا توجد دورة مياه واحدة. فلك أن تتخيل أنّنا تنازلنا عن أبسط حقوقنا؛ حق الأكل والشرب ما كان يتسبب أحياناً بمضاعفات صحية كبيرة بسبب قلة المياه".

بعد مطالبات حثيثة قادتها مبادرة "صار وقتها" عام 2012، التي شاركت أبو صوفة في تأسيسها، هيأت الجامعة مرافقها وأنشأت منحدرات وعينت مترجمي لغة إشارة للطلاب ذوي الإعاقة السمعية. وفي عام 2018، أنشأت الجامعة مسارات مزوّدة بمؤشرات أرضية ملموسة للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية.

أدراج في كل مكان

تعد الأدراج من أكبر المعيقات في عمّان، فتقول أبو صوفة إنّ عمّان تتخذ الأدراج في مقدمة الأبنية كشكل جمالي من دون الانتباه إلى أنّها قد تمنع دخول الأشخاص ذوي الإعاقة لها.

أما خالد البربراوي (50 عاماً) الذي يملك محل بقالة في ضاحية الرشيد، ويعاني ضمور العضلات منذ العام الأول من عمره، يقول إنّ أولاده يساعدونه في الدخول إلى المنزل -الذي تتقدمه عتبتان- والخروج منه "إذا ما كانوا موجودين... رح أقولها ومش رح استحي، بستخدم ايدي وركبي".

المواصلات العامة

من لا يملك سيارة خاصّة، يستخدم سيارات الأجرة غير المهيأة، التي لم يرد نص بضرورة تهيئتها في قانون عام 2017. تقول ياغي من جمعية "أنا إنسان" إنّها "تنتظر أكثر من ساعة بحثاً عن سيارة أجرة".

فيما يعتمد الذين لا يملكون مالاً كافياً لاستقلال سيارات التاكسي عادة على الباصات في تنقلاتهم. وينصّ قانون 2017 على أنّ على جميع الباصات أن تكون مهيأة بحلول عام 2022.

يواجه الأشخاص الذين يقودون مشكلة كبيرة في ركن سياراتهم. يبدأ ترميز سيارات ذوي الإعاقة بالرقم "81" وهم الوحيدون المسموح لهم باستخدام أماكن الاصطفاف المخصصة لذوي الإعاقة. ولكنّ الأشخاص من غير ذوي الإعاقة غالباً ما يصطفون في هذه الأماكن.

يعد ذلك غير قانوني في الأردن، وحرّرت مديرية السير 4584 مخالفة في 2018 للاصطفاف في المناطق المخصصة لفئات معينة من المركبات، بما فيها الأماكن المخصصة لاصطفاف مركبات الأشخاص ذوي الإعاقة، لكنّ تلك المخالفات أُلغيت بالعفو الملكي عام 2019.

بدأت أمانة عمّان الكبرى في تشغيل 135 حافلة مهيأة في حزيران/ يونيو 2020 في عمّان، ضمن مشروع الباص السريع الذي يتوقع أن ينتهي العمل به في نهاية 2020 وسيضم ما مجموعه 286 باصاً لخدمة العاصمة.

حلم الأردن المهيَّأ

أكثر ما يغضب الأشخاص ذوي الإعاقة أنّ التهيئة البيئية بسيطة وغير مكلفة للغاية.

الراحلة آية أغابي مطلقة المبادرة المجتمعية "الأردن المهيَّأ" قالت لمُعدّي التحقيق إنّ المؤسسات المعنية "لا تطلب من الناشطين في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المساعدة في التصميم أو تنفيذ المشاريع الجديدة". وأجرت أغابي المقابلة في فبراير/ شباط 2019، على كرسيها المتحرك، الذي لازمها منذ أصيبت بالشلل في حادث سير وحتى وفاتها عن 28 عاماً في 20 آب/ أغسطس من العام ذاته. وكان يطلق على هذه الريادية "صانعة الأمل".

يشعر الشخص بأنّه "معزول"، قالت أغابي مضيفةً "من المريع أن تشعر بأنّ أشخاصاً لديهم طاقات هائلة لكنّهم غير قادرين على المشاركة والمساهمة في بناء هذا البلد".

آخر كلماتها لمُعِدّ التحقيق كانت: "أريد أن أسلط الضوء على الأماكن المهيَّأة حالياً حتى لا ينتظر الناس عشر سنوات أخرى لعيش حياتهم فعلياً". وأضافت: "لمَ نحتاج للانتظار حتى تأتي الحكومة وتجبرنا على جعل محالنا ومدارسنا وعياداتنا الطبية مهيَّأة... علينا أن نتحمل المسؤولية بأنفسنا".

رحلت أغابي، لكن هل رحل حلم الأردن المهيَّأ معها؟ أم ستفي الحكومة بالتزاماتها تجاه قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2017 ويصبح الأردن بعاصمته وضواحيه ومحافظاته ومناطقه الأشد فقراً مهيَّأً بحلول 2022؟