ARIJ Logo

تونس

ضرائب المحروقات والملايين المفقودة

تحقيق: خولة بوكريم

17/07/2020
شاهد/ي خلاصة التحقيق في أقلّ من دقيقتين

في صباح الرابع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، أعلنت وزيرة المالية التونسية لمياء الزريبي خلال ندوة برلمانية في مجلس الشعب التونسي أنّ عجز الميزانية تجاوز 3.9 في المائة. الزريبي أرجعت العجز لأسباب متعددة، منها عدم تمكن المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية من دفع الإيرادات المستحقة عليها للدولة.

في تلك الفترة لم تتعدَّ إيرادات الموارد النفطية 2% من إجمالي الناتج المحلي في تونس بحسب بيانات البنك الدولي عام 2017.

إعلان الوزيرة العجز تزامن مع نشر الوزارة على موقعها الإلكتروني بيانات ما تمّ توريده خلال العام نفسه إلى خزينة الدولة التونسية. تضمنت هذه البيانات ما دفعته الشركات النفطية الأجنبية العاملة في تونس.

يوثق التحقيق، غياب الشفافية والوضوح في بيانات الحكومة التونسية بعد مقارنة عائداتها من ضرائب ورسوم الشركات الأجنبية، بالمبالغ التي صرحت تلك الشركات بأنّها دفعتها للسلطات التونسية. ويثبت التحقيق خللاً في طريقة احتساب الضرائب وجمعها وإعلان أبوابها. إضافة إلى وجود اختلالات قانونية في العقود المبرمة بين الشركة التونسية للأنشطة البترولية والشركات البترولية الأجنبية.

فقدان ملايين الدولارات وتعتيم على المعلومات الضريبية

دققت مُعِدَّة التحقيق بيانات خمس شركات نفطية للأعوام الممتدة من 2016 إلى 2018 من إجمالي 30 شركة عاملة في قطاع النفط في تونس وفق آخر إحصائية لدراسة "أسرار عقود المحروقات في تونس" الصادرة في كانون الثاني/ يناير 2019، والمنفذة من قبل الجمعية التونسية للمراقبين العموميين.

توضح البيانات أنّ الشركات أعلنت أنّها دفعت ما مجموعه مليار وأربعة وثلاثون مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل ملياريْن وستة وثلاثين مليون دينار تونسي للحكومة التونسية على شكل ضرائب، ورسوم تشغيلية، ورسوم استغلال الآبار. بينما أعلنت الحكومة التونسية أنّها حصلت من هذه الشركات خلال هذه الأعوام على ما مجموعه (1799.2 مليون دينار تونسي).

تحليل البيانات المعلنة خلال الأعوام المذكورة كشف عن وجود فارق بين المبالغ المعلنة من الشركات والحكومة التونسية يقدر بـ 406 ملايين دينار تونسي أي ما يعادل 164 مليون دولار أمريكي، بينما تشير بيانات الشركات الخمس إلى أنّها دفعت 2204.4 مليار دينار تونسي أي ما يعادل 1022.8 مليون دولار أمريكي.

في تونس منذ 2015
Petrofac Limited
المشروع
Chergui
نوع المشروع
نفط وغاز
السلعة
غاز طبيعي
إجمالي المدفوعات للحكومة
$4,790,000
في الفترة الواقعة ما بين 2016 - 2018
في تونس منذ 2016
Royal Dutch Shell plc
المشروع
Hasdrubal
نوع المشروع
نفط وغاز
السلعة
غاز طبيعي
إجمالي المدفوعات للحكومة
$279,602,751
في الفترة الواقعة ما بين 2016 - 2018
في تونس منذ 2013
OMV
المشروع
Ashtart
نوع المشروع
نفط وغاز
السلعة
غاز طبيعي
إجمالي المدفوعات للحكومة
$126,130,736
في الفترة الواقعة ما بين 2016 - 2018
في تونس منذ 2016
Serinus Energy Incorporated
المشروع
Chouech Es Saida
نوع المشروع
نفط وغاز
السلعة
غاز طبيعي
إجمالي المدفوعات للحكومة
$6,103,000
في الفترة الواقعة ما بين 2016 - 2018
في تونس منذ 2016
Eni S.p.A.
المشروع
Adam
نوع المشروع
نفط وغاز
السلعة
غاز طبيعي
إجمالي المدفوعات للحكومة
$415,290,204
في الفترة الواقعة ما بين 2016 - 2018
* لاستعراض بيانات الشركات، اضغط/ي على اسم الشركة على الخريطة.
Petrofac Limited
Royal Dutch Shell
OMV
Serinus Energy Incorporated
ENI S.p.A
Petrofac Limited
Royal Dutch Shell
OMV
Serinus Energy Incorporated
ENI S.p.A

وتنشر وزارة المالية التونسية في تقاريرها السنوية ما تمّ تحصيله من ضرائب بشكل إجمالي إلى خزينة الدولة من كل الجهات، أما فيما يخص الشركات النفطية فهي لا تنشر إلّا المبالغ الإجمالية دون التطرق إلى تفاصيل كل شركة وما دفعته من رسوم تشغيلية وإتاوات. كما لا تحدد قيمة التقديمات العينية من النفط.

وجدير بالذكر أنّ مداخيل النفط تتكون من الإتاوة الراجعة للدولة عن إنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي ومن الأداءات التكميلية. وقد وقع إدراجها بداية من سنة 2012 ضمن المداخيل المتأتية من الضريبة على الشركات البترولية، وانطلاقاً من قانون المالية التكميلي لسنة 2015 تمّ اعتماد مبدأ فصل عمليات تسويق المحروقات.

أمر يعيبهُ الأستاذ شرف الدين اليعقوبي، المنسق الوطني لتحالف الشفافية في الطاقة والمناجم، مؤكداً أنّ الأرقام التي توفرها وزارة المالية هي أرقام إجمالية وليست مفصلة تتعلق بكل شركة على حدة. ويقول اليعقوبي إنّ "على الدولة التونسية أن تنشر مداخيلها من الشركات البترولية بالتفصيل، وشركة بشركة، مع ذكر أنواع الإتاوات والضرائب والرسوم، حتى نتمكن من المقارنة بصفة دقيقة بين الطرفين".

ويضيف اليعقوبي أنّ غياب الشفافية الكاملة من قبل وزارة المالية ونظامها الضريبي، مع وجود فجوات رقمية بين ما تنشره هذه الشركات في لندن والبورصات الكبرى، وبين ما تنشره الوزارة، يدفعنا إلى التساؤل أين تذهب هذه الأموال؟

ففي عام 2016، ذكرت وزارة المالية التونسية في نشرتها المالية أنّ مداخيلها من المحروقات لهذا العام بلغت نحو 418 مليون دينار تونسي (ما يعادل 179 مليون دولار أميركي). هذا المبلغ يتناقض مع ما أعلنته الشركات البترولية في تقاريرها للعام ذاته، إذ يتجاوز مجموع ما دفعته 544 مليون دينار، أي ما يعادل 316 مليون دولار أميركي، وهو ما يعني أنّ قيمة الفارق بلغت 126 مليون دينار تونسي (قرابة 53 مليون دولار أميركي).

المحامي حسام الدين خليفة المختص في القضايا الاقتصادية، يؤكد أنّ الدولة التونسية لا تنفذ رقابة حقيقية على عملية استخراج المحروقات التي تقوم بها الشركات البترولية، وليست لديها إحصائيات دقيقة لضبط الكمية المستخرجة. ويشير خليفة إلى أنّ الضريبة يتمّ احتسابها حسب تصريح الشركة البترولية نفسها.

المحامي حسام الدين خليفة المختص في القضايا الاقتصادية

غياب الشفافية لا ينحصر في أرقام بيانات الشركات البترولية الخاصة بالضرائب فقط، بل ينسحب على الأرقام النهائية التي نشرتها الوزارة والتي تخص المحاصيل النهائية للمدفوعات. إذ توقعت وزارة المالية أنّ مداخيلها من الضرائب التي تدفعها الشركات البترولية وفق قانون المالية لسنة 2016 ستبلغ 1048 مليون دينار تونسي.

ثم تراجع هذا المبلغ إلى أقل من نصفه في قانون المالية التكميلي، لتتوقع مبلغ 450 مليون دينار فقط، وتحصّل مع نهاية 2016 مبلغاً من الضرائب قدره 418.9 مليون دينار تونسي، ما لا يتطابق البتة مع المبلغ الإجمالي المدفوع من الشركات البترولية. كما حدث الأمر ذاته خلال 2017.

يؤكد لنا الدكتور ياسين بن إسماعيل، أنّ هناك خللاً فادحاً في الطريقة المعتمدة لجمع وتحصيل الضرائب، بدليل الفجوة الحاصلة بين ما تتوقعه وزارة المالية في ميزانيتها العامة وفي قانون ميزانيتها التكميلي وبين ما تحصّله من مداخيل الضرائب على الشركات البترولية.

كما ينم ذلك عن عدم استجابتها للمعايير الدولية لعلوم المحاسبة. بدليل أنّ هذا الأرقام التنبؤية التي وقع اعتمادها في مشاريع الميزانيات العامة للدولة، لا تتطابق مع المداخيل النهائية المسجلة لموارد الدولة الضريبية على الشركات البترولية.

ويشير بن إسماعيل إلى أنّ امتناع الحكومة التونسية ممثلة بوزارة المالية، عن نشر القوائم المالية المفصلة للضرائب شركة بشركة، مع تحديد تواريخ بدايات ونهايات السنوات المالية لهذه الضرائب، هو نهج معتم وبعيد كل البعد عن الشفافية وحسن الحوكمة. كما يفتح باب الشك على مصراعيه حول مصداقية الأرقام الإجمالية التي تنشرها الدولة، وحتى الشركات ذاتها، إضافة إلى مآلات تلك الأموال، نظراً إلى صعوبة البتّ في صحة المعلومات من الجانبين، إذ تغيب الرقابة عن أحدهما، فيما يمتنع الآخر عن نشر معلومات تفصيلية.

يقول بن إسماعيل في هذا السياق إنّ "غياب رقابة معمّقة على هذه الشركات من قبل وزارة المالية وهياكلها المختصة في مراقبة الضريبة، والشركة التونسية للأنشطة البترولية، ينمّ عن وجود اختلالات وتجاوزات عميقة في علاقة الإدارة التونسية بالشركات المذكورة".

المآخذ على الحكومة التونسية ووزارة المالية تحديداً تجاه سياسة التعتيم التي تنتهجها بخصوص نشر ميزانياتها العامة واحترام حق الجمهور في النفاذ إلى المعلومة لا ينتقدها خبراء محليون فحسب، بل جهات دولية كذلك، إذ نشرت منظمة International Budget Partnership تقريراً في العام 2019 عن مؤشر الشفافية في تونس بخصوص الموازنة المفتوحة. ويُذكر أنّ مسح الموازنة المفتوحة "Open Budget Survey" هو برنامج عالمي للبحث والدعوة لتعزيز وصول الجمهور إلى معلومات الموازنة وتبني أنظمة الموازنة.

حصلت تونس بحسب التقرير على 35 نقطة من أصل 100، واحتلت المرتبة 82 عالمياً من بين 117 دولة.

كما أشار التقرير إلى نتيجة سلبية جداً على مستوى مشاركة الجمهور في إعداد الميزانية بـ 17 نقطة من أصل 100. فيما حققت درجة الرقابة 45 نقطة من أصل 100.

ودعا التقرير في هذا السياق إلى ضمان أن يكون لدى جهاز الرقابة العليا في تونس التمويل الكافي لأداء مهامه على النحو الذي تحدده أيّ جهة مستقلة (على سبيل المثال، السلطة التشريعية أو القضائية) وإلى ضمان مراجعة عمليات التدقيق من قبل وكالة مستقلة. ولعل أهم ما جاء في توصيات التقرير، ما تمّ توجيهه لوزارة المالية التونسية تحديداً بضرورة انتهاج إصلاحات مهمة على مستوى الشفافية وإعداد ومتابعة الميزانية. كما دعا التقرير إلى سرعة نشر تقارير التدقيق المالي.

محاباة وتمييز بين المستثمرين في تمديد الرخص ودفع الضرائب

تؤكد دراسة "خفايا أسرار عقود المحروقات في تونس" الصادرة سنة 2018، وجود خلل واضح وتجاوزات عميقة في تعامل وزارة الطاقة السابقة وبعض الجهات الرسمية مع شركات بترولية بعينها على حساب أخرى. إذ كشفت الدراسة وجود 17 حالة تمييز بين المستثمرين، إضافة إلى 5 حالات تمديد امتيازات لشركات بعينها بطريقة غير مشروعة أو غير مبررة. وكشفت الدراسة أيضاً من خلال تحليلها للعقود التي نشرتها وزارة الصناعة في 14 حزيران/ يونيو 2016 عن وجود ثلاث حالات لتصاريح استغلال تتضمن انتهاكات جسيمة لبنود الاتفاقيات المبرمة، وخروقات كبرى تتطلب تحقيقاً.

شرف الدين اليعقوبي، المنسق الوطني لتحالف الشفافية في الطاقة والمناجم

تعدّ حقول كل من MISKAR وASDRUBAL من أهم حقول الغاز في تونس التابعة لرخصة Amilcar. إذ تراجع إنتاج MISKAR من النفط الخام والغاز المسال خلال سنة 2018 إلى 77 كيلو طن مقارنة بـ 98 كيلو طن في العام 2015.

الحكومة التونسية منحت الشركة البريطانية بريتش غاز، تصريحاً باستغلال حقل Miskar، أكبر حقول النفط الخام والغاز المسال في تونس لعام 2015 فقط، بعقد غير قابل للتجديد مقابل 54 مليون دولار أمريكي. في حين حوّلت بعد عام واحد استغلال الحقل إلى شركة رويال شل مقابل دفعات ضريبية قيمتها أقل بكثير من تلك التي دفعتها بريتش غاز، بلغت 16 مليون دولار أمريكي.

مقارنة بيانات الشركات مع بيانات الحكومة

Royal Dutch Shell
$279,602,751
2016
$23,054,291
2017
$142,480,000
2018
$114,068,460
Serinus Energy Incorporated
$6,103,000
2016
$2,000,000
2017
$1,000,000
2018
$3,103,000
.Eni S.p.A
$415,290,204
2016
$133,678,434
2017
$123,146,270
2018
$158,465,500
OMV
$126,130,736
2016
$73,919,694
2017
$21,711,820
2018
$30,499,222
Petrofac Limited
$4,790,000
2016
$176,000
2017
$1,812,000
2018
$2,802,000
مجموع الشركات الخمس
$831,916,691
2016
$232,828,419
2017
$290,150,090
2018
$308,938,182

ولكن حسب بيانات الحكومة

2016
$232 مليوناً
للشركات الخمس
$178 مليون
2017
$290 مليوناً
للشركات الخمس
$235 مليوناً
2018
$308 ملايين
للشركات الخمس
$265 مليوناً

عدم الرد

01
تقدمنا بطلب الحصول على المعلومة -وفقاً لقانون حق النفاذ إلى المعلومات عدد (22) لسنة 2016 المؤرخ في 24 آذار/ مارس 2016- للاطّلاع على كشف مفصل حول الضرائب التي دفعتها الشركات البترولية العاملة في تونس خلال الأعوام 2016 و2017 و2018 المشمولة بالتحقيق، لكنّنا لم نشهد أيَّ تعاون من قبل وزارة المالية.
02
بعدها رفعنا قضية ضد الوزارة في هيئة النفاذ إلى المعلومة بعد انقضاء الآجال القانونية بتاريخ 13 كانون الثاني/ يناير 2020.
03
حاولنا مراراً وتكراراً التواصل مع وزارة المالية لتلقّي ردها حول المعلومات التي أوردناها، ولكن من دون جدوى. كما قدمنا طلباً رسمياً للوزارة لإجراء مقابلة صحفية مع الوزير والحصول على إجابات حول ما ورد في التحقيق، لكن لم نتلقَّ أيَّ رد.
04
لم نكتفِ بهذا الأمر، وأرسلنا أسئلة المواجهة عبر البريد مضمون الوصول إلى مقر وزارة المالية، ولكنّنا لم نتلقَّ أيَّ رد أيضاً.

يُذكر أنّه تمّ إعلام مُعِدَّة التحقيق في 18 حزيران/ يونيو من طرف السيد رفيق بن عبد الله؛ عضو هيئة النفاذ إلى المعلومة بصدور قرار لصالح المدّعية.

إذ ألزم مجلس الهيئة وزارة المالية التونسية بتسليم المدعية نسخاً من كل المعلومات التي طلبتها، والتي لم نتلقَّ أيَّ رد بشأنها من وزارة المالية حتى تاريخ نشر التحقيق.

ملف الطاقة "طُمس" بين تشريعات قديمة ووزارة تختفي وفق "أهواء" الحكومات

تتعدد التشريعات الخاصة بتنظيم قطاع المحروقات في تونس، ما بين قوانين ومراسيم مجلة المحروقات، التي من بينها قوانين قديمة جداً تجاوز عمر بعضها قرناً من الزمن. وتجد الدولة التونسية صعوبة كبرى مع المستثمر في إلغائها. مثل نظام الاتفاقيات الخاصة والمرسوم عدد (9) لسنة 1985، وحتى مجلة المحروقات نفسها التي تستوجب مراجعة ضرورية وعاجلة.

يعلق شرف الدين اليعقوبي بالقول: "نحن بحاجة إلى إعادة النظر في مجلة المحروقات لإدراج أفكار جديدة تتعلق بالحوكمة والشفافية. مثلاً، نشر العقود غير ملزم، لعدم وجود قوانين تلزم الدولة بنشرها، علاوة على ضرورة نشر التأثيرات البيئية على المدى المتوسط والبعيد في المناطق المحيطة بالآبار".

من جهته يرى المستشار الجبائي وعضو المجلس الوطني للجباية محمد صالح العياري، أنّ الإصلاحات الضرورية في هذا السياق متعلّقة أساساً بملاءمة التّشريع الجبائي مع المعايير الدّولية في مادّة أسعار التّحويل، فقد تمّ إدراج عدد من الإجراءات ضمن قانون المالية لسنة 2019 تتعلّق أساساً بضبط الضّريبة المستوجبة على المؤسّسات المقيمة أو المستقرّة في البلاد التّونسية والتّي تربطها علاقة تبعية مع مؤسّسات أخرى، والتّي تراقب مؤسّسات أخرى والمنتمية إلى نفس المجمع.

ولكن يؤكد العياري أنّه لم يتمّ تطبيق هذه الإجراءات على أرض الواقع وذلك في انتظار القيام بتكوين موظفي إدارة الجباية في هذا المجال وإصدار بعض النّصوص التّطبيقية.

هذه الإجراءات كانت ستسهم في الحدّ من ظاهرة التّهرب الضّريبي بالنّسبة للمؤسّسات العاملة في البلاد التّونسية بصفة عامّة، وللمؤسّسات العاملة في قطاع المحروقات بصفة خاصّة.

وفي نفس الإطار، يكون من الأنجع تحسين القانون عدد (93) لسنة 1999 المؤرّخ في 17 آب/ أغسطس 1999 المتعلّق بإصدار مجلّة المحروقات، وذلك بعد مرور نحو 20 سنة على إصداره لإدخال التّحسينات الضّرورية وذلك بالنّسبة لشروط إسناد تراخيص الاستغلال والتّنقيب والمراقبة والمتابعة وخاصّة بالنّسبة لضبط الأعباء والمصاريف بصفة شفّافة، ولتطبيق الأداءات والمعاليم المستوجبة على الأرباح الحقيقية وذلك للحدّ أكثر ما يمكن من تفشّي ظاهرة التّهرب الضّريبي في قطاع هامّ لا يسهم بالقدر الكافي في تنمية موارد ميزانية الدّولة فيما يتعلق بالضرائب المستوجبة.

وعلى الرغم من أهمية ملف المحروقات وكل الحديث حول الفساد في رخص إسناد التنقيب للشركات البترولية، فإنّ الحكومة التونسية السابقة بقيادة يوسف الشاهد ارتأت حذف وزارة الطاقة في آب/ أغسطس 2018 بعد إقالة كاتب الدولة السابق لملف الطاقة هاشم الحميدي والمديرين العامّين للشؤون القانونية والمحروقات والرئيس المدير العام للشركة التونسية للأنشطة البترولية.

حذف وإقالات دون إصلاحات أو تبريرات أو حتى محاسبة

وزارة الطاقة والمناجم والانتقال الطاقي عادت في شباط/ فبراير الماضي مع الحكومة الحالية بقيادة إلياس الفخفاخ، لكن أمام الوزير منجي مرزوق مجموعة من الإصلاحات العاجلة التي عليه اتّباعها وفق شرف الدين اليعقوبي.

إذ يشدد على ضرورة إعادة هيكلة الوزارة، مشيراً إلى أنّ حذفها في السابق كان قراراً خاطئاً أضرَّ كثيراً بقطاع المحروقات وعوَّم مشاكله من دون إيجاد حلول جذرية لها.

ويرى اليعقوبي أنّ من الضروري بسط سلطة حقيقية على قطاع المحروقات والمتدخلين فيه. لأنّ كلّ تراخٍ للدولة سيزيد من خسائرها من ناحية الثروات. كما أنّ ذلك سيشجع تنامي الفساد ويفتح الباب واسعاً للإفلات من العقاب. ويشدد اليعقوبي على ضرورة تحديد المسؤوليات بشكل واضح لتسهيل عملية المساءلة والمحاسبة.