ARIJ Logo
Syria map

في مصر..

"بروتوكولات" التصدي لكورونا نشرت العدوى بين الطواقم الطبية

تحقيق: عزة مسعود
7/12/2020
qoute icon

لم تعد الممرات آمنة"

جملة عبرت فيها "إلهام" الممرضة في مستشفى الصدر في محافظة بني سويف، عن مخاوفها كلما سارت متّبعة الخطوط التي وضعها فريق مكافحة العدوى، للوصول إلى قسم عزل المصابين بفيروس كورونا. ولم يمضِ وقت طويل حتى صدقت هذه المخاوف حين ظهرت أعراض إصابتها، وتأكدت بإجرائها فحص الكشف عن فيروس كورونا "PCR". عندها غادرت "إلهام" المستشفى من باب خلفي، بسيارة إسعاف إلى مستشفى حجر "ملوي" في محافظة المنيا، لتلقّي الرعاية التي سبق أن قدمتها للمرضى المصابين بالكورونا.

ممرض آخر يعمل في المعهد القومي للأورام في القاهرة هو "سيد"، ظهرت عليه أعراض الإصابة وظل يتنقل بسيارة زميله الخاصة بين المستشفيات لإجراء اختبار "PCR"، لأنّ مكان عمله لم يوفر له هذه الإمكانية.

أما "غادة" الممرضة في "مستشفى عين شمس العام" فاستمرت في ممارسة عملها رغم تعرضها لرذاذ من حالة مصابة بالكورونا، تنفيذاً لتعليمات إدارة مكافحة العدوى بـ "انتظار ظهور الأعراض" قبل أن يسمح لها بإجراء فحص الـ "PCR"، على الرغم من أنّ تعليمات منظمة الصحة العالمية تنصّ على ضرورة ارتداء قناع تنفسي عالي الكفاءة (N95|FFP2) في حال التعامل المباشر في منطقة معرّضة لتناثر الرذاذ، كما توجب إرشادات "تقييم خطورة التعرض" الصادرة عن المنظمة -التي ضمّنتها "الإدارة العامة لمكافحة العدوى" في توصياتها للعاملين بوزارة الصحة- على "غادة" عزل نفسها منزلياً لمدة 14 يوماً وإجراء فحص "PCR"، إلّا أنّ ذلك لم يحدث، بسبب ما تقول إنّه "قصور في الإمكانيات".

فريق مستشفى عين شمس - خدمات معاونة وعمال

يعمل في قطاع الصحة

حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2018

nurse

ممرض

doctor

طبيب

hospital

مستشفى

قطاع حكومي

143,200

75,700

691

قطاع خاص

22,800

25,130

1,157

"تحايلت" غادة بالتنسيق مع مسؤول بفريق مكافحة العدوى في المستشفى لإجراء الفحص بعد أن ظهرت أعراض الإصابة على أبنائها، واتخذت مكانها برفقتهم بين صفوف الوافدين إلى المستشفى الذي تعمل فيه "كمواطن عادي"، فتعليمات "الإدارة المركزية للشؤون الوقائية" تمنع إجراء فحص الـ "PCR" للعاملين في المنشأة أو المخالطين لهم قبل ظهور أعراض قوية، تجعل من اشتباه الإصابة بالعدوى أمراً مؤكداً.

للأسف ثبتت إصابة غادة واثنين من أطفالها الأربعة، فعزلت نفسها في المنزل. لكنّها تعرضت لمضاعفات دفعتها للانتقال إلى المستشفى على كرسي متحرك. تقول: "قمت بتركيب جهاز الأكسجين لنفسي. رجال أمن البوابة وزملائي خافوا مني". وعندما استدعيت للعمل، بينما كانت ما تزال تعاني أعراض الإصابة، طلبت إجراء فحصٍ آخر لتأكيد التعافي، لكنّ المستشفى رفض ذلك.

بحسب غادة، قام المستشفى -تجنباً لإثارة المشاكل- بسحب العينة منها ومن باقي المصابين من الطاقم الطبي ممن يقضون فترات العزل، وهي عبارة عن مسحة من الحلق، لكنّ أحداً منهم لم يتلقَّ نتيجة هذا الفحص.

حاولنا التواصل مع مدير "مكافحة العدوى" بالمستشفى لكنّه كان في العزل بعد ثبوت إصابته أيضاً. كما حاولنا التواصل مع مدير المستشفى، لكنّ مسؤول مكتبه أحالنا إلى رئيسة فريق التمريض "ن. ع" التي أكدت أنّ "الوزارة لم توفر عدداً كافياً من مسوحات "PCR"، ما اضطر إدارة المستشفى إلى إجراء هذه الفحوص لأعضاء الطاقم الموجودين على رأس عملهم فقط، والمعرضين بشكل أكبر للإصابة. أما من هم عائدون من العزل فتطبق عليهم تعليمات وزارة الصحة التي تفيد بعدم الحاجة لأخذ مسحة بعد مرور 28 يوماً من ثبوت الإصابة، إذ تُعتبر هذه الفترة كافية للتعافي".

نتائج تحاليل "غادة" أظهرت ضعفاً في المناعة وقلّة في نسبة الأكسجين في الدم، ما يعني احتمالية عدم شفائها الكامل، وتمّ تحويلها إلى التأمين الصحي لمنحها إجازة مرضية.

عبر تتبع مسار هذه الحالات الثلاث، إلهام وسيد وغادة، ابتداءً من التقاط العدوى إلى نقلها وحتى تماثلها للشفاء، يكشف التحقيق مسؤولية وزارة الصحة المصرية عن المساهمة في تفشي العدوى بين الطواقم الطبية أولاً، وجموع المخالطين لهم ثانياً، عبر تطبيقها بروتوكولات مجتزأة أحياناً، ومتناقضة أحياناً أخرى، أو عدم اعتمادها بروتوكولات محددة أصلاً للكشف المبكر عن العدوى ومحاصرة انتقالها بين العاملين.

البروتوكول الموحد

حتى منتصف نيسان/ أبريل الماضي، أي بعد شهرين من إعلان اكتشاف أول إصابة في مصر بتاريخ 14 شباط/ فبراير، لم تكن وزارة الصحة قد أعلنت بروتوكولاً موحّداً للتعامل مع إصابات الطواقم الطبية، وتركت الأمر لتقدير إدارات المستشفيات.

وفي 18 نيسان/ أبريل صدر أول بروتوكول بهذا الخصوص وأُلحق في 12 أيار/ مايو بمنشور توضيحي مُوقع من "الإدارة المركزية للشؤون الوقائية" بإدارة مكافحة العدوى، حُدِّث فيما بعد متضمناً تعريفاً متعلقاً بمنظومة تقييم ومتابعة حالات "الاشتباه المؤكدة".

في وقت سابق على صدور "البروتوكول" كانت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد قد أعلنت استعدادات الوزارة لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، بتجهيز ثلاثين مستشفى للعزل موزعة على محافظات الجمهورية، ضمن خطة مرحلية امتدت من أواخر كانون الثاني/ يناير وحتى أيار/ مايو 2020، لاستيعاب حالات كورونا المبلغ عنها. لكنّ الطواقم الطبية في العيادات الخارجية وأقسام الطوارئ بالمستشفيات العامة ظلت تعمل بلا بروتوكول موحد وواضح، وذلك بحسب بيانات نقابية اتهمت نقابة الأطباء في واحد منها وزارة الصحة بالقتل بـ "الترك" ، فضلاً عن عمل مستشفيات وأقسام عزل بأكثر من بروتوكول -وذلك بحسب أطباء ونقابيين- جميعها لا تتناسب والخطر الذي صنفته منظمة الصحة العالمية على أنّه "وباء" ومن ثم "جائحة".

بيانات المستشفيات والوزارة

بالبحث في قاعدة بيانات وزارة الصحة الخاصة بتسجيل نتائج فحوصات الاشتباه، التي استطعنا الوصول إليها، لم نجد، حتى 1 حزيران/ يونيو، معلومات محددة توضح أسماء وأعداد المصابين من الطواقم الطبية.

غير أنّ البيانات الرسمية لوزارة الصحة تشير إلى أنّ الأعداد استمرت في التزايد، من قلة قليلة تعد على أصابع اليدين في منتصف آذار/ مارس إلى 81 حالة من إجمالي 803 إصابات، أي ما نسبته 10,1% حتى بداية نيسان/ أبريل. لتبلغ 13% بحسب تصريحات مسؤول مكتب منظمة الصحة العالمية السابق في مصر جن جبور، في منتصف نيسان/ أبريل.

المستشفيات المخصصة للتعامل مع مرضى كورونا على مستوى الجمهورية

بحسب بيانات وزارة الصحة والسكان وحتى 3 يونيو

hospital icon
20

مستشفى للعزل

hospital icon
320

مستشفى عاماً ومركزياً لخدمة مرضى كورونا

hospital icon
24

مستشفى جامعياً

بقوة استيعابية

35,152 سريراً بالقسم الداخلي
643 جهاز Xray
3,539 سرير رعاية مركزة
125 جهاز CT
539 سرير رعاية مركزة
2,218 جهاز تنفس صناعي

* اضغط/ي على النقاط الحمراء لمعرفة أعداد المستشفيات في كل محافظة

شمال سيناء
6
جنوب سيناء
5
البحر الأحمر
70
أسوان
14
الوادي الجديد
5
الأقصر
5
قنا
8
سوهاج
18
x
أسيوط
15
المنيا
15
الجيزة
17
بني سويف
8
السويس
4
القاهرة
35
الإسماعيلية
3
الشرقية
26
دمياط
15
الدقهلية
28
كفر الشيخ
14
البحيرة
17
الإسكندرية
13
مطروح
7
القليوبية
13
المنوفية
16
الغربية
16
بور سعيد
5
الفيوم
9

وبحسب بيان آخر لوزارة الصحة صدر في 25 أيار/ مايو وصلت حالات الوفاة بين الطواقم الطبية إلى 11 حالة، وسجلت 291 إصابة، 69 منها لأطباء في مستشفيات الحميات، والصدر، والعزل.

في حين أنّ بياناً لنقابة الأطباء صدر بالتاريخ نفسه أعلن تسجيل 19 وفاة و350 إصابة بين الأطباء فقط. وحتى مطلع أيلول/ سبتمبر ارتفعت هذه الحصيلة إلى ما يزيد على ألف إصابة و160 وفاة، بحسب تصريح للدكتور محمد عبد الحميد، أمين صندوق نقابة الأطباء.

وحتى 3 تشرين الثاني/ نوفمبر وصلت حصيلة الوفيات إلى أكثر من 200 وفاة، وسجلت أكثر من 3500 إصابة بحسب الدكتورة إيمان سلامة، مقرر اللجنة الاجتماعية بنقابة الأطباء، التي أكدت صرف دعم الإصابة لهذه الأعداد ضمن خطة النقابة لتعويض الأطباء.

تُضاف إلى هذه الحصيلة 5 حالات وفاة بين الصيادلة بحسب بيان النقابة في حزيران/ يونيو، و23 وفاة بين الممرضين، بحسب كوثر محمود نقيب التمريض وعضو مجلس الشيوخ، التي رفضت التصريح لنا بأعداد الإصابات قائلة: "مش هتاخدي مني أرقام". لكنّ تقديرات النقابات الفرعية تقول إنّ النسبة تجاوزت الـ 20% في بعض المستشفيات، وذلك من إجمالي 300 ألف ممرض وممرضة يعمل 220 ألفاً منهم في المستشفيات الحكومية، و21 ألفاً تمّ إلحاقهم بمستشفيات العزل، بحسب كوثر محمود نقيب تمريض مصر.

أما عن عدد الإصابات بين الفنيين والعمال فلم يستكمل حصرها بعد بحسب عبير السعيد، مدير عام نقابة العاملين بمجال الصحة.

على مدار ثلاثة أشهر (من منتصف شباط/ فبراير وحتى منتصف أيار/ مايو 2020) تتبعنا ما نشرته مواقع وصحف مصرية حول إغلاق المستشفيات، ورصدنا من خلال دوائر رسمية وقائع مثبتة بالبيانات لانتقال العدوى بين طواقم أكثر من 30 مستشفى منها: "عين شمس"، و"الزيتون التخصصي"، و"الزهراء الجامعي"، و"الشروق"، و"بنها الجامعي". وبحسب ما أفادت 30 شهادة مسجلة كان ذلك لأسباب مرتبطة بغياب بروتوكولات محددة للتعامل مع الجائحة، أو بسبب تطبيق بروتوكولات وتحديثات تضمنت إما تعليمات جديدة معدلة، أو مكملة للبروتوكول نفسه، سهلت انتشار العدوى. ووثقنا إصابة 20 حالة، من خلال بيانات صادرة عن المستشفيات، تبين تاريخ الإصابة والتشخيص الطبي وما أُجري من فحوص ومسوحات، وبيانات إدارة الترصد التابعة لوزارة الصحة التي توثق معلومات الحالات التي تخضع للعلاج.

كمامات رديئة

خارج البوابة الرئيسية للمعهد القومي للأورام بالقاهرة التقينا "سيد" وهو ممرّض في مستشفى "هرمل" الملحق بالمعهد. وافق سيد على التحدث إلينا شرط عدم ذكر اسمه الكامل، وهو ما التزمنا به مع جميع الحالات التي طلبت ذلك، لا سيّما وأنّ بعضها تعرض للتهديد من قبل مدراء المستشفيات التي يعملون فيها، بسبب اعتراضهم على عدم توفر أدوات الوقاية أو أجهزة للمرضى، فيما عوقب البعض الآخر بانتدابه للعمل في مستشفيات أخرى لفترات زمنية محددة، تحت مسمى "مأموريات خارجية".

"أنت من ضيعت المعهد" جملة رددها زملاء سيد على مسامعه فكانت أشد قسوة عليه من المرض نفسه. يقول: "في 21 آذار/ مارس استقبلنا بقسم الطوارئ حالة لطفلة تعاني أعراضاً مشابهة لأعراض الإصابة بكورونا. طلبنا إجراء فحص المسحة (PCR) للطفلة لكنّ ذلك لم يكن متاحاً في المستشفى، لعدم وجود بروتوكول يُلزم المستشفيات العامة في ذلك الوقت بتوفير المسوحات، على الرغم من أنّ الإدارة العامة لمكافحة العدوى توصي بأنّه في حال التعامل مع المرضى العاديين غير المصنفين كحالات اشتباه، يجب فرزهم قبل دخول المنشأة الصحية اعتماداً على درجة الحرارة والأعراض التنفسية، مع ضرورة ارتداء الكمامة الطبية (N95|FFP2). يقول سيد: "لم يوفروا لنا هذه الكمامات وكل ما قيل لنا: خدوا بالكم".

طابقنا أقوال سيد مع ملاحظات خمسين من العاملين في عشرين مستشفى، وكلها أشارت إلى أنّه لم يتم توفير "وسائل الحماية الشخصية، ومنها الكمامات الطبية"، وإن وجدت فهي مصنوعة من خامات رديئة (تسرب الهواء وسهلة القطع)، وبعضها غير مطابق للمواصفات، وهو ما تؤكده أيضاً بيانات نقابية، وخطابات صادرة عن اتحاد الصناعات - شعبة الأجهزة الطبية.

سيد الذي هاجمه فجأة ألم شديد، وعانى ارتفاعاً في درجة الحرارة، لم توفّر له كمامة بالمواصفات التي وضعتها "مكافحة العدوى" استناداً إلى تحديثات منظمة الصحة للواقيات الشخصية، فاستخدم كمامة عادية لا تطابق المواصفات أثناء تعامله مع حالة الاشتباه، كما لم توفر له سيارة إسعاف عندما قرر مدير المعهد توجيهه إلى "مستشفى المنيرة"، وهو أحد المستشفيات المخصصة لفرز حالات الاشتباه بكورونا، فنقله زميله "محمد" -الذي أُصيب لاحقاً بالفيروس- بسيارته الخاصة. محمد لم يستطيع تحديد مصدر العدوى، وقال: "إما أنّني التقطتها من الطفلة التي استقبلناها في الطوارئ، أو بعد ذلك من سيد. لكنّني أعلم بالتأكيد أنّني نقلت العدوى إلى أسرتي".

العدوى تنتقل إلى الأسر

ليس محمد وحده من نقل العدوى إلى أسرته، فهناك حالات مماثلة كثيرة ومنها حالة "زين" موظف الحسابات في "مستشفى معهد ناصر" بالقاهرة الذي نقل العدوى إلى تسعة من أفراد عائلته، بحسب ابنته هدير، الطبيبة في فريق مكافحة العدوى في "مستشفى بهتيم شبرا الخيمة". تقول هدير: "لم يخفِ المعهد إصابة أحد الإداريين فحسب وإنّما رفض توفير فحوص المسحات للإداريين العاملين بنفس المكتب الذي ظهرت فيه الحالة. سُمِح لوالدي بإجراء تحاليل دم وأشعة مقطعية فقط، وجاء التشخيص بناءً عليها على أنّه (دور برد) وليس كورونا".

وأضافت: "توزيع وسائل الوقاية الشخصية على العاملين عموماً يتمّ بشكل عشوائي وحسب توفرها. ومن موقعي كطبيبة في فرق مكافحة العدوى أقول إنّ التركيز كان على الطواقم الأكثر عرضة للفيروس مثل الأطباء والممرضين في أقسام العناية المركزة بالمقارنة مع بقية العاملين وخصوصاً الإداريين".

فضلاً عن ذلك هناك صعوبة في توفير فحوصات المسحات، فبالإضافة إلى شرط ظهور أعراض لإجرائها، تمّ اتخاذ قرارات إدارية من قِبَلِ بعض المحافظين والمديريات بتقليصها، إما بربطها بتوقيع طبيبيْن من فريق العزل داخل كل مستشفى، أو بإلغائها نهائياً، والاكتفاء بالأشعة المقطعية وتحاليل الدم.

استطاعت هدير من خلال علاقاتها الشخصية توفير مسوحات PCR لوالدها وأفراد عائلتها المخالطين، ونجحت في نقل والدها إلى "مستشفى حجر الإسكندرية" ووالدتها إلى "مستشفى قها" قبل تأكيد التقاطها هي وإخوتها للعدوى، إضافة إلى أحد أعمامها وأسرته.

أما سيد فكان قد نُقل إلى "مستشفى حجر 15 مايو" في القاهرة، بينما نُقل محمد وأسرته إلى مستشفى قها بالقليوبية، بينما ظل عاملون آخرون في مستشفيات مختلفة يتظاهرون للمطالبة بإجراء فحوص المسوحات للمخالطين بينهم.

hospital

المستشفيات القابلة للعزل

النجيلة بمطروح | أبو خليفة الإسماعلية | 15 مايو القاهرة | قها القليوبية | العجوزة الجيزة | الشيخ زايد النهيان القاهرة | العجمي الإسكندرية | بلطيم بكفر الشيخ | تمي الإمداد بالدقهلية | ملوي بالمنيا | كفر الزيات الغربية | الصداقة بأسوان | اسنا الأقصر | أبو تيج أسيوط | كفر الدوار البحيرة | هليوبوليس القاهرة. وأضيف إليها من المستشفيات الجامعية: قصر العيني الفرنساوي | العبور التخصصي.

التمريض ناقل للعدوى

شهد "مستشفى الصدر" في المنصورة بمحافظة الدقهلية واحدة من تلك التظاهرات، وتصف لنا إحدى الممرضات "منى"، الأوضاع الصعبة والضغوط التي تعرض لها طاقم التمريض هناك بالقول: "بعد إصابة تسعة من أفراد الطاقم بالكورونا طالبنا بعمل فحوص المسحات للعاملين في الطابق نفسه، فقالوا لنا إنّه لا بدّ أولاً من ظهور الأعراض، وعندما ظهرت الأعراض كانت العدوى قد انتقلت إلى طاقم التمريض في طابق آخر. بعد ذلك وضع 30 شخصاً من الطاقم في عزل منزلي، وكنا نوفّر لهم أدوية مما يتبقى من أدوية المرضى". وتضيف: "أصبحنا نحن مصدراً للعدوى، حتى أنّ مدير المستشفى أعطى تعليمات بمنع دخول طاقم التمريض إلى مكتبه".

paper

المستشفيات التي سجلت إصابات بين طواقمها الطبية حسب مواقع وبيانات من إداراتها

المستشفيات التي سجلت إصابات بين طواقمها الطبية حسب مواقع وبيانات من إداراتها: المنيرة | حميات إمبابة | معهد الأورام | الدمرداش | دكرنس | الزيتون التخصصي | معهد ناصر | معهد الكبد المنوفية | المبرة مصر القديمة | قصر العيني الفرنساوي | الخانكة | بنها الجامعي | مستشفى طلبة جامعة الإسكندرية | فاطمة الزهراء غرب الإسكندرية | بني سويف التخصصي | الزهراء الجامعي | مبنى الصدر والقلب بمستشفيات جامعة الزقازيق | مستشفى الطلبة بالجيزة | قسم الاستقبال بمستشفى أسوان الجامعي | النجيلة للعزل | المنصورة الجامعي | قناة السويس الجامعي | تأمين المنصورة | طب أسنان جامعة القاهرة | حميات مستشفى جامعة الزقازيق | المطرية | الزهراء الجامعي | عين شمس العام | حميات المنصورة العباسية | صدر العباسية.

نقابة التمريض أكّدت من جهتها "وجود أكثر من شكوى من فرق التمريض بمستشفيات مختلفة". وعندما اطّلعنا على "مخطط التعامل مع المخالطين" لحالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا الصادر عن "OES" (الإدارة العامة الوبائيات والترصد) في مصر وجدناه يفيد بضرورة إجراء فحوص المسوحات للمخالطين مخالطة لصيقة أو عارضة لكن "بعد رصد ظهور أعراض تنفسية أو ارتفاع في درجة الحرارة". وهو ما انتقده إيهاب الطاهر أمين عام نقابة الأطباء بقوله: "من الخطأ ربط قواعد السلامة بظهور أعراض. لقد تسبب ذلك بأن يصبح الفريق المتصدر لمواجهة الجائحة، والذي يفترض أن يحمي المواطنين ويقدم لهم العلاج مصدراً لتفشي العدوى. طالبنا مراراً بعمل مسح شامل لأعضاء الفريق الطبي بهدف تقليل نسب انتقال العدوى دون انتظار ظهور أعراض، لكن بلا جدوى".

قرارات الوزارة لم توقف العدوى

كان قطاع الرعاية العلاجية بوزارة الصحة قد أصدر في 24 آذار/ مارس قراراً بإيقاف العمل بالعيادات الخارجية كمحاولة للحد من انتشار العدوى، ثم صدر قرار آخر في 5 نيسان/ أبريل عن رئيس قطاع الطب الوقائي، الدكتور علاء عيد، ألقى فيه مسؤولية مكافحة العدوى على عاتق إدارات المستشفيات، إذ نصّ على ضرورة تخصيص ممر خاص بالمستشفى لدخول حالات الاشتباه بأعراض تنفسية، وإجراء فحص يومي صباحي "screening" للعاملين في المستشفى قبل التوقيع في دفتر الحضور، وتخصيص مراقب "observer" من فريق مكافحة العدوى بالمستشفى للتأكد من التزام أفراد الفريق الطبي بسياسة ارتداء ونزع أدوات الوقاية الشخصية وإبلاغ مدير المستشفى فور ارتكاب أيّ تجاوز. وهو ما اعتبره الأطباء عبئاً جديداً يضاف إلى مجموع أعبائهم في متابعة الحالات، خاصة وأنّ بعض المستشفيات لم تكن مهيأة بالأساس لتطبيق هذه الإرشادات، مثل تخصيص ممر للمرضى العاديين وآخر للمشتبه بإصابتهم بالفيروس.

الوزارة كانت قد اتخذت قرارات أخرى ضمن خطتها لمواجهة وباء كورونا منها القرار رقم "215" الصادر في 11 نيسان/ أبريل. الذي يقضي بتخصيص الإدارة العامة لمكافحة العدوى بالوزارة "دون غيرها" لإصدار جميع التعليمات الخاصة بمكافحة عدوى كورونا، وذلك لمواجهة حالة التخبط التي ظهرت في قرارات قطاعات مختلفة تابعة للوزارة.

إضافة إلى القرار رقم واحد الصادر بتاريخ 13 نيسان/ أبريل الذي ضمّنته الهيئة العامة للرعاية الصحية بالوزارة "تحذيرات" بالتوقف الجزئي أو الكلي للخدمة العلاجية في حال استمرار وقوع إصابات بين الطواقم الطبية، لكن دون تحديد لعدد هذه الإصابات، وهو القرار نفسه الذي أقر تقسيم العمل بالتناوب بين الفرق لتخفيف نسب التعرض وبالتالي عدد الإصابات.

يقول الطبيب وعضو مجلس نقابة الأطباء كريم مصباح: "انتظرنا مع بداية الأزمة فرقاً مختصة في مكافحة العدوى تتولى مهمة مراقبة إجراءات الوقاية وحمايتنا، لكنّ حماية الأطقم الطبية لم تكن ضمن أولويات الوزارة". وأبدى مصباح استغرابه مما وصفها بـ "الاتهامات" التي وجهها البعض للأطباء بأنّهم "لا يريدون أن يعملوا" بينما يعانون عدم توفير أدوات الحماية الشخصية لهم مثل الكمامات، وغياب بروتوكول موحد للتعامل مع حالات الإصابة.

حالة من الغضب تصاعدت بين الأطباء دفعت بعضهم إلى التهديد بالاستقالة، اعتراضاً على "سوء الإجراءات" على حدّ تعبير أحدهم، وهو الطبيب بمستشفى الشروق خالد نشأت الذي لم يكمل فترة انتدابه للعمل في مطار القاهرة الدولي، اعتراضاً على إجراءات فحص المخالطين لحالة إيجابية بين العاملين، إذ تقرر إجراء تحليل الكاشف السريع لهم في حين كان من الضروري إجراء فحص PCR، بحسب نشأت.

وبعد تدخل من مجلس الوزراء اضطرت وزارة الصحة إلى تشكيل لجنة تحقيق بحثت أسباب الاستقالة الجماعية التي لوّح بها أطباء يعملون بمستشفى "المنيرة" ونشروها على صفحاتهم على الفيسبوك بعد وفاة زميل لهم نتيجة "سوء الإجراءات".

%10.1

نسبة الإصابة بين الطواقم الطبية حسب جداول وزارة الصحة حتى 2 نيسان/ أبريل

60
60
انتقال العدوى - عودة من الخارج
145
60
انتقال العدوى - مخالطون
81
50
انتقال العدوى - فرق طبية
517
39
انتقال العدوى - قيد استكمال البيانات

إجمالي الإصابات

803

مستشفيات العزل تعتمد الكاشف السريع

على الجانب الآخر كانت مستشفيات العزل، وعددها 31 مستشفى، وكذلك أقسام الفرز بمستشفيات الحميات والصدر تعمل وفق بروتوكولات تتوافق وتوصيات منظمة الصحة العالمية. لذا عندما شعرت "إلهام" بسعال خفيف تمّ إجراء فحص المسحة لها، وللفريق المخالط أيضاً، وأثبتت نتائجها إصابة ستة من زملائها. (اطلعنا على أسمائهم في كشوف رصد المستشفى) ولم يعد أحدهم إلى العمل إلّا بعد إجراء مسحتيْن إضافيتيْن لتأكيد التعافي التام.

لكنّ الأوضاع في مستشفيات العزل تغيّرت قليلاً بعد الاستعاضة عن اختبارات PCR باختبارات الكاشف السريع RAPID TEST للكشف عن الإصابة بين الفرق الطبية. يقول الدكتور عبد الرحمن محمد عبد اللطيف إنّه خضع لاختبار الكاشف السريع، وكانت النتيجة سلبية، بحسب ما هو مثبت في إفادة صادرة عن "مستشفى حجر بلطيم النموذجي" بكفر الشيخ، لكنّه يشير إلى أنّ دقة نتائج هذا الاختبار، التي تظهر خلال ربع ساعة، تقدّر بنحو 45% بالمقارنة مع 65% لصالح اختبار PCR، لذلك فهو يُلزم نفسه بالعزل الذاتي لمدة أربعة عشر يوماً تبدأ من تاريخ انتهاء فترة خدمته في المستشفى.

ويرى الطاهر، أمين نقابة الأطباء، أنّ الوزارة أخطأت بقرارها تبديل الاختبارات ويقول: "كل يوم يطلعوا لنا بشيء جديد"، ويوضح: "أطباء الفرق التي تعمل بالتناوب بمستشفيات العزل لمدة 14 يوماً، من المفترض علمياً أن تؤخذ منهم مسحتان بينهما 48 ساعة، لكنّ التعليمات الجديدة التي اعتمدت الكاشف السريع خالفت ذلك، وبدورنا حذرنا من هذا الأمر استناداً إلى إرشادات منظمة الصحة العالمية".

حاولنا التواصل مع خالد مجاهد المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة لكن بلا جدوى. كما حاولنا الحصول على تصريحات من الدكتور إيهاب عطية، مدير عام الإدارة العامة لمكافحة العدوى، فأكد لنا أنّ هناك تعليمات بعدم الإدلاء بأيّ معلومات للإعلام دون إذن من المتحدث الرسمي للوزارة، وبالمثل رد الدكتور مصطفى غنيمة مدير عام الرعاية العلاجية.

عاد سيد إلى عمله في صمت، تحيط به اتّهامات زملائه له بأنّه سبب نقل العدوى إلى الفريق. وظلت غادة تعاني مضاعفات التقاطها العدوى، في الوقت الذي سُجِّلَت فيه خمس عشرة إصابة أخرى لزملائها.

زملاء غادة عادوا أيضاً إلى العمل بعد فترة العزل. (م. ر) الذي يعمل في قسم الطوارئ يقوم بعمله مرتدياً كمامة جراحية وقفازات سميكة "ليس خوف التقاط العدوى وإنّما خشية نقلها"، بينما تتساءل "ن. ر" التي تعمل في قسم العيادات: "نعرف إننا خفينا إزاي؟ المستشفى استدعاني للعمل، وطالبت أكثر من مرة بإجراء مسحة لكن تحديث (تقييم ومتابعة حالات الاشتباه المؤكدة) ألغاها". وتقول "ج. ح" الممرضة في المستشفى نفسه: "لا مشكلة في العودة إلى العمل لكن يجب أن نتأكد من تعافينا أولاً. ما زلت خائفة من احتضان أولادي".

لكنّ ممرضتيْن ممن تواصلنا معهم عند إعداد هذا التحقيق لم تعودا أبداً إلى العمل. "فاطمة" و"بسمة" اللتان عملتا في "مستشفى التأمين الصحي" في القاهرة، واللتان تدهورت حالتهما الصحية نتيجة الإصابة بكورونا ما أدى إلى وفاتهما.

أرقام مهمة

13% نسبة الإصابة بين الطواقم الطبية

حسب مكتب منظمة الصحة العالمية بالقاهرة حتى منتصف نيسان/ أبريل

3 وفيات و 43 بحسب نقابة الأطباء حتى 11 نيسان/ أبريل

حسب مكتب منظمة الصحة العالمية بالقاهرة حتى منتصف نيسان/ أبريل

800 حالة تتلقى أو تلقت العلاج

رئيس قطاع الطب الوقائي في نيسان/ أبريل

11 وفاة و 291 إصابة من بينهم 69 طبيباً

بيان وزارة الصحة لمستشفيات الصدر والعزل والحميات في 25 أيار/ مايو

19 وفاة و 350 إصابة لأطباء

بيان نقابة الأطباء في 25 أيار/ مايو

أكثر من 200 وفاة و 3500 إصابة

بحسب حصر نقابة الأطباء أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر

قاعدة بيانات تفاعلية توضح الإجراءات الاحترازية الرئيسية التي اتخذتها الحكومات العربية لمواجهة كوفيد-19، وأعداد الإصابات والوفيات بكورونا والمتعافين منها في الدول العربية. للاطّلاع اضغط/ي هنا.

corona-img corona-img corona-img corona-img