ARIJ Logo

بالأزرق صوتي

مراكز تخاطب مصرية تسبب معاناة للأطفال ذوي التوحد مع غياب القوانين الناظمة

تحقيق: صفاء عاشور
quote
كيف عرفتِ أنّ مشرفة الحضانة هي من تسببت في كسر ذراع ابنتك؟

كان هذا سؤال المحقق الأول إلى زينب صبحي، والدة الطفلة زمزم -تسع سنوات- من ذوي التوحد، حين لجأت إلى تحرير محضر جنح (22928) لعام 2019 في قسم ثانٍ المنتزه بمحافظة الإسكندرية.
"أمسكت زمزم ذراعي، ولوتها تماماً مثلما حدث معها، كعادتها عندما تخبرني عن أحداث يومها"، هكذا أجابت صبحي، التي فوجئت خلال أحد أيام شهر تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي بمديرة إحدى جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة بوسط الإسكندرية، تطالبها بالحضور سريعاً بسبب تعرض ابنتها لحادث صغير، في الجمعية حيث تنمي ابنتها مهاراتها في مجال التخاطب.
تكمل صبحي: "كانت ذراع ابنتي مرتخية تماماً، كأنّها بلا عظام.. لكنّ طبيبة الجمعية طمأنتني بأنّ الأمر مجرد جزع بأربطة المفصل". أطباء مستشفى مار مرقص بمنطقة سيدي بشر كان لهم رأي آخر، إذ تبين أنّ زمزم تعرضت لكسر مضاعف بعظمة العضد في الذراع الأيمن، وتحتاج إلى عملية جراحية لتستعيد وظائف ذراعها.
بدأت النيابة التحقيق في الواقعة منذ شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وما تزال حالة زمزم النفسية سيئة على الرغم من مرور أربعة أشهر على الحادث، بسبب عجزها عن استخدام يدها اليمني في ممارسة هواية الرسم والتلوين. وفي الوقت ذاته استمرت الجمعية في استقبال حالات ذوي الإعاقة حتى تاريخ 14-3، واكتفت الإدارة بإبلاغ صبحي أنّ وزارة التضامن أوقفت المشرفة المسؤولة عن الواقعة عن العمل خلال فترة التحقيق.

عالم خاص

حكاية زمزم واحدة من سبع حالات وثّقتها مُعِدَّة التحقيق خلال تسعة أشهر، حول تعرض الأطفال من ذوي التوحد لانتهاكات داخل مراكز تخاطب تخالف توصيات نقابة الأطباء المصرية. وكشف التحقيق أيضاً عن مخالفات لعشرة مراكز تخاطب بمحافظات القاهرة والإسكندرية والمنيا والإسماعيلية والجيزة، في ظل غياب قانون موحّد لإنشاء تلك المراكز، أو ما ينظم عمل العاملين بها، مع افتقار وزارتي التضامن والصحة -جهتي الترخيص- لآليات الرقابة عليها.
طبيبة الأطفال نادية عبد الله الخبيرة في تنمية مهارات الأطفال متحدّي الإعاقة منذ عام 1981، والعاملة بمركز سيتي كاريتاس الخيري، أكدت أنّ جلسات التخاطب عنصر هام في إدماج الطفل ذي التوحد، على أن تكون بمشاركة الأمهات، وفقاً لخطة زمنية، وأهداف محددة. ذوو التوحد قادرون على الالتحاق بالمدرسة فالجامعة فالعمل.
نوبات الغضب التي تصاحب ذوي التوحد، وتثير حيرة المحيطين بهم ترجع إلى طبيعتهم الحساسة، كما تفسر عبد الله، بسبب ردود أفعالهم المختلفة عن أقرانهم للصوت والملمس واللون.

نادية عبد الله: تنمية مهارات ذوي التوحّد تمكّنه من الالتحاق بالمدرسة والجامعة

التعداد الرسمي الأخير للأطفال ذوي التوحد في مصر، أُعلن خلال الاحتفال باليوم العالمي لذوي التوحد عام 2017، وقدر بنحو 800 ألف طفل، وفقاً لتصريحات سابقة لمحمد فتحي مدير مركز رعاية وتأهيل أطفال التوحد بوزارة التضامن الاجتماعي.
يصعب أيضاً الحصول على أرقام رسمية لأعداد ذوي التوحد في محافظة بعينها، كما تؤكد فريدة الشيخ -والدة شاب من ذوي التوحد- التي حاولت الحصول على رقم رسمي خاص بمحافظة الإسكندرية حيث تقيم عند إشهارها جمعية أمهات التوحد رقم 3799 لسنة 2016، لكن من دون جدوى.

التوحد: مجموعة من الاضطرابات المعقدة في نمو الدماغ، تتميز بمواجهة الفرد صعوبات في التفاعل مع المجتمع والتواصل معه، ومحدودية وتكرار خزين الاهتمامات والأنشطة لديه، كما يصاب 50% منهم بإعاقات ذهنية مختلفة.
منظمة الصحة العالمية
group children
قُدِّر عدد الأطفال ذوي التوحد بـ
800,000
في مصر لعام 2017

إيذاء بدني

"كدمات وسحجات في الجانب الأيمن من الوجه، والبطن، والقدم، والكتف" هكذا وصف التقرير الطبي المبدئي الصادر عن مستشفى بولاق الدكرور العام بتاريخ 23-9-2018، ما تعرض له الطفل محمد -من ذوي التوحد، 17 سنة- في إحدى الجمعيات الخاصة بتأهيل ورعاية ذوي الإعاقة بمنطقة أرض اللواء بمحافظة الجيزة. تقول ولاء زكريا والدة محمد: "مرضت فاضطررت إلى إلحاق ابني بإحدى الجمعيات المختصة في تنمية المهارات والتخاطب بنظام اليوم الكامل أو المبيت"، وخلال 20 يوماً فقط من التحاق محمد بالجمعية لاحظت ولاء ظهور علامات على جسده، إلى جانب تكرار حالات التبول اللاإرادي لديه، وعند مواجهة الجمعية بمخاوفها نفت تعرضه للضرب أو سوء المعاملة.

لكنّ ولاء لم تصدق رواية الجمعية، وقررت اللجوء إلى القضاء، وبالفعل صدر حكم قضائي لصالحها في القضية رقم (35760) لسنة 2018 بمحكمة 6 أكتوبر يدين رئيسة الجمعية المشار إليها بالإهمال وفقاً للبند 1و2 من المادة (244) من قانون العقوبات، وغرامة قدرها 300 جنيه.

قررت ولاء بعد ذلك رعاية ابنها داخل المنزل، خوف تعرّضه للإيذاء البدني من جديد، فيما تستمر الجمعية المشار إليها في استقبال ذوي التوحد، تحت إدارة المديرة ذاتها التي صدر ضدها حكم الإهمال. وهناك تقرير آخر صادر عن مكتب وزارة التضامن الاجتماعي بمحافظة الجيزة بتاريخ 2-10-2018، يفيد بعدم حصول الجمعية من الأساس على تصريح للعمل في مجال تأهيل ذوي الإعاقة.

الكاتبة شيرين بدران، المقيمة بمحافظة المنوفية، توقفت هي الأخرى عن زيارة مراكز التأهيل والتخاطب بصحبة ابنها إياد -طفل من ذوي التوحد 14 عاماً- بعدما رفض أحد المراكز -رفضت ذكر اسمه- وجودها في الجلسة، أو إطلاعها على خطة علاجية واضحة، على الرغم من أنّ تكلفة الجلسات وصلت إلى 6 آلاف جنيه شهرياً.

فيما اكتفت نجلاء محمد بالتردد على مركز تخاطب بمحافظة المنيا حيث تقيم، بصحبة ابنها إياد -من ذوي التوحد، 8 سنوات- بعد خسارتها خمسة آلاف جنيه خلال تقييم وجلسات من دون خطة علاج محددة في أحد مراكز التخاطب بمنطقة فيصل في إقليم القاهرة الكبرى.

موت مفاجئ

حزن كثيف يثقل ملامح أم كريم الشابة -اسم مستعار- أثناء الحديث عن ابنها كريم -من ذوي التوحد، 11 عاماً- الذي توفي وفاة طبيعية قبل لقاء مُعِدَّة التحقيق ببضعة أيام، بدت أم كريم متماسكة، وهي تحكي كيف نجحت في رعاية أربعة توائم، ثلاثة منهم من ذوي التوحد، قائلة "تأخر حملي فرضيت بعطايا الله.. وقررت أن أبذل كل شيء في سبيل رعايتهم".

لكنّ حديثها لم يَطُل، أصابتها حالة من الانهيار عند تذكر كيف وثقت بمقطع فيديو تعرّض كريم للإيذاء البدني داخل أحد مراكز التخاطب، واعتذرت عن استكمال الحديث.

محمد -اسم مستعار- صديق العائلة أخبرنا بتفاصيل إضافية حول الواقعة التي حدثت نهاية آب/ أغسطس العام الماضي، بعد ملاحظة أم كريم علامات الإيذاء البدني على جسد ابنها، بعد عودته من المركز الذي تردد عليه عاماً كاملاً.  

حررت أم كريم محضراً بالواقعة ضد المركز في قسم أول المنيا، حصلت مُعِدَّة التحقيق علي رقم المحضر ونسخة من الفيديو المؤثر، يظهر خلاله الفقيد الصغير يتألم بينما تشرح أمه تفاصيل الواقعة.

أم مصطفي القاطنة بمنطقة السيوف بمحافظة الإسكندرية، واجهت أيضاً مصاعب في متابعة جلسات التخاطب وتعديل السلوك لابنها مصطفى بسبب ضيق ذات اليد، على الرغم من أنّ مصطفى مسجل في إحدى المدارس الحكومية في المرحلة الابتدائية، إلّا أنّ التخاطب لا يدخل ضمن الخدمات الطبية التي يشملها التأمين الصحي لطلبة المدارس.

تؤكد دكتورة فاطمة علي خبيرة التربية، التي تملك ما يزيد على 20 عاماً من الخبرة في مجال الدراسات الأكاديمية والعمل على تنمية مهارات ذوي التوحد، أنّ القانون رقم (10) لسنة 2018 لذوي الإعاقة لم يخص الأطفال ذوي التوحد ببنود خاصة تراعي طبيعتهم واحتياجاتهم، بالمقارنة بالإعاقات الذهنية والحركية.

غير أنّ اللائحة التنفيذية للقانون نفسه وهي القرار رقم 2733 لسنة 2018 ذكرت بنوداً تتعلق بدمج الأطفال ذوي التوحد في المدارس بناءً على تقرير طبي من أحد المستشفيات الحكومية، ويرى المحامي الحقوقي بمركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب مايكل رؤوف، أنّ القانون المشار إليه لا يتضمن تغليظ العقوبة ضد من يعرض متحدّي الإعاقة للإيذاء البدني، بل إنّه تجاهل وضع بنود خاصة بذلك.

صمت الملائكة

في كل مرة يعود فيها "مروان" -طفل من ذوي التوحد- بوجه يحمل علامات حمراء وملابس غير مهندمة، كانت والدته الشابة "ميرفت" -اسم مستعار- تستبعد تعرضه للعنف البدني من قبل القائمين على مركز التخاطب الذي يقصده ثلاث مرات أسبوعياً بمحافظة دمياط، حتى عاد مروان في أحد أيام شهر تشرين الأول/ أكتوبر لعام 2018 بخدوش واضحة على رقبته، وملابس ممزقة، وبكاء لا ينقطع. يومها سارعت ميرفت إلى اصطحابه إلى قسم ثانٍ مدينة دمياط، لتحرير محضر رقم "12941"، إضافة إلى شكوى بخط نجدة الطفل برقم "148914".
تقول ميرفت: "مروان لم يتكلم بعد على الرغم من بلوغه عامه الخامس، وكان يبكي دائماً عند ذهابه إلى مركز التخاطب المشار إليه، لكنّني فهمت شكواه الصامتة بعد فوات الأوان"، ميرفت نقلت مروان إلى مركز آخر بينما يستمر المركز المشار إليه في استقبال حالات من ذوي التوحد.

فيما تراجعت ابتسام ماهر أيضاً عن تقديم شكوى ضد تعرض ابنتها مرام -من ذوي التوحد- للإيذاء البدني داخل مركز تخاطب -رفضت ذكر اسمه- بمحافظة المنيا بعد التصالح مع إدارة المركز.

حاولنا التواصل مع خط نجدة الطفل للحصول على أعداد الشكاوى المقدمة من قبل أهالي أشخاص ذوي توحد تجاه التعرض للإيذاء البدني في مراكز التخاطب والتأهيل، لكنّ الطلب قوبل بالتجاهل.

هاني هلال الأمين العام للائتلاف المصري لحقوق الطفل -غير حكومي- قال إنّ المجلس الأعلى لشؤون الإعاقة منذ تأسيسه عام 2012، أصبح الأكثر اختصاصاً بشكاوى الانتهاكات ضد الأطفال متحدّي الإعاقة ومن ضمنها التوحد.

من جانبه أشار محمد مختار، مسؤول إدارة خدمة المواطنين بالمجلس القومي لشؤون الإعاقة، إلى انخفاض عدد الشكاوى التي تصل إلى المجلس بشأن تعرض متحدّي الإعاقة وذوي التوحد إلى الإيذاء البدني، مشيراً إلى أنّ الخط الساخن استقبل أربع شكاوى فقط في هذا الشأن العام الماضي، تمّ التصالح في ثلاث منها.

يرجع مختار قلة الشكاوى إلى خوف الأهالي وعدم الوعي، مشيراً إلى أنّ المجلس على تنسيق دائم مع قطاع حقوق الإنسان التابع لوزارة الداخلية لمتابعة البلاغات الخاصة بمتحدّي الإعاقة، لكنّ دور المجلس ينتهي بمجرد وصول القضية إلى النيابة.

البديل الحكومي

وفقاً للقانون المصري، هناك طريقتان فقط يمكن من خلالهما ترخيص مركز للتخاطب، الأولى عن طريق وزارة الصحة وفقاً للقانون رقم (51) لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم (153) لسنة 2004 بشأن تنظيم المنشآت الطبية، ويشترط في مقدم الطلب أن يكون عضواً في نقابة الأطباء، وأن يكون نشاط المنشأة محدداً.

والثاني أن تتيح وزارة التضامن الاجتماعي للجمعيات الأهلية إنشاء حضانات لرعاية الأطفال ذوي الإعاقة بشروط ميسرة، وفقاً للقرار الوزاري رقم (98) لسنة 2006، وذلك في حالة إدراج رعاية متحدّي الإعاقة ضمن أهداف الجمعية المشهرة.

هذا إضافة إلى أنّ بعض الحضانات تتجاوز مسألة الحصول على ترخيص عن طريق الاتفاق مع معالج تخاطب يخصص جلسات أسبوعية، تماماً كما يفعل عدد من مراكز العلاج الطبيعي، ومراكز علاج الإدمان كما أثبتت مُعِدَّة التحقيق خلال جولة عشوائية على عشرة مراكز.

وترجع نهلة أحمد المعالجة النفسية والتربوية الحاصلة على ماجستير في مجال الأطفال ذوي الإعاقة وجود مراكز مخالفة إلى قلة البدائل الحكومية، المهتمة بالأطفال ذوي التوحد، وغياب القانون المنظم والتنظيمات النقابية الخاصة بالعاملين في مجال ذوي الإعاقة من مهن مساعدة.
يذكر أنّ الجهات الحكومية الخاصة بعلاجات ذوي التوحد تتمثل في مستشفى العباسية ومركز الطفل بجامعة عين شمس وجامعة الإسكندرية ومعهد السمع والكلام بإمبابة، ومركز ذوي التوحد بالمطرية.

على الموقع الرسمي لوزارة التضامن الاجتماعي لن يجد الزائر معلومات تُذكر عن التعامل مع الأطفال ذوي التوحد، أو ما توفره الوزارة من خدمات، الأمر نفسه ينطبق على موقع وزارة الصحة.

وعبر اتصالات مسجلة بثلاثة خطوط ساخنة للشكاوى التابعة لوزارة التضامن، والصحة، والمجلس الأعلى لشؤون الإعاقة، لم تستطع مُعِدَّة التحقيق التحقق من حصول مركز تخاطب بعينه في منطقة حلوان على ترخيص من عدمه، إذ أكدت الجهات الثلاث عدم اختصاصها بالأمر.

المراكز التي تمّت زيارتها

مراكز مخالفة

خلال جولة على عشرة مراكز للتخاطب والتأهيل بمحافظات القاهرة والإسكندرية والمنيا والإسماعيلية تبين وجود عدد من المخالفات وفقاً للطرق القانونية لإنشاء تلك المراكز وترخيصها وفقاً لوزارتيْ التضامن والصحة، وأيضاً وفقاً للمعايير الدولية الخاصة بجودة الخدمات المقدمة التي تتشابه في أربع دول هي: الأردن والولايات المتحدة الأمريكية والهند وجنوب إفريقيا.
اعتمدت الجولات على أربعة مؤشرات لتقييم خدمة المراكز هي: طبيعة ترخيص المركز التي يجب أن تكون بواسطة طبيب تخاطب، أو خريج أقسام صوتيات حاصل على درجة ماجستير، والإعلان عن الخدمات المقدمة ومقابلها المادي، وتسجيل الجلسات، وحضور الأمهات.

ستة مراكز من ضمن المراكز العشرة كانت مخالفة للقانون المصري، إذ تقدم خدمات جلسات التخاطب من دون ترخيص، على النحو التالي: مركزان للعلاج الطبيعي في منطقة المنيل والمعصرة، ومركز لعلاج الإدمان في منطقة حلوان، وحضانتان في منطقة حدائق المعادي والإسكندرية، ومركز لتدريبات التنمية البشرية والإدارة بمحافظة المنيا.
المراكز الأربعة المتبقية كانت قانونية وفقاً للقانون المصري كونها تتبع جمعيات مُشهرة، لكنّها تعد مخالفة أيضاً وفقاً للمعايير الدولية، التي تشترط في إنشاء تلك المراكز أن يكون صاحب الترخيص طبيباً أو حاصلاً على ماجستير خاص بدراسة التوحد.
فيما لوحظ أنّ المراكز الأربعة التي تعرض فيها كلٌّ من زمزم ومحمد ومروان والفقيد كريم لأذى جسدي تابعة لجمعيات أهلية، ويخضع اثنان منها لقرار وزارة التضامن، لكنّ ذلك لم يمنع الانتهاكات.

مشروع قانون

خلال عام 2015 خاطبت نقابة الأطباء الجهاز المركزي للتنظيم الإداري؛ لتوضيح الفرق بين لقب الاختصاصي الذي يطلق على طبيب التخاطب، وبين المعالج الذي يطلق على التخصصات الأخرى التي تتشابك مع مهنة التخاطب.
ناشدت النقابة أيضاً وزارة التضامن الاجتماعي بوقف التصاريح الخاصة بإنشاء حضانات ومراكز تخاطب تابعة للجمعيات المشهرة، لكون أمراض التخاطب تخصصاً طبياً.

يقول دكتور أحمد حسين عضو مجلس نقابة الأطباء إنّ النقابة بصدد إعداد قاعدة بيانات عبر موقعها تمكّن المواطنين من مراجعة ترخيص المنشأة الطبية، مضيفاً أنّ عمل عيادات الإدمان أو العلاج الطبيعي في مجال التخاطب يخالف تخصص المنشأة، والأمر ذاته فيما يتعلق بتحديد برامج العلاج من قبل معالج نفسي من دون اللجوء إلى طبيب تخاطب مختص.

النقص الحاد في عدد المختصين للعمل في مراكز التخاطب داخل المناطق البعيدة عن العاصمة يؤدي إلى عمل غير المختصين في مجال التخاطب مع صعوبة الحصول على تدريبات معتمدة، ومن أمثلة ذلك محافظة المنيا، كما يؤكد حسام محمد مدير المركز المصري لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ومدرّس التخاطب في معهد ضعاف السمع، فيما تقتصر البدائل الحكومية على جلسات التخاطب التي يقدمها المستشفى الجامعي هناك.

تستعين بعض المراكز أيضاً بمعالجين مخالفين للتخصصات المعتمدة التي تشمل خريجي دبلوم التخاطب من جامعة عين شمس أو معهد السمع والكلام، أو قسم الصوتيات بكليات آداب الإسكندرية، وفقاً لمها الهلالي عضو المجلس الأعلى لشؤون الإعاقة، ووالدة طفل من ذوي التوحد.

سحر السماحي، مديرة الجمعية المصرية لعلوم التواصل واللغة بالإسكندرية، أشارت إلى ضرورة فرض الحصول على ترخيص لمزاولة مهنة التخاطب، مع ضرورة إصدار قانون لتنظيم المهنة، والتمييز بين المعالج الذي حصل على شهادة عقب دورة تدريبية لم تزد على بضعة أشهر، وبين خريجي أقسام الصوتيات بجامعة الإسكندرية.

بالبحث على الإنترنت، يمكن إيجاد عشرات المراكز الخاصة، غير المعتمدة، التي تمنح دورات في التخاطب وتعديل السلوك، بمبالغ تتراوح بين 1500 جنيه، و5000 جنيه.

سحر السماحي: يجب وضع قواعد لممارسة مهنة التخاطب

عند الاتصال بثلاثة مراكز منها، أكد القائمون على الدورات عدم وجود شروط للالتحاق بتلك الدورات، التي تتراوح مدتها بين شهر وثلاثة أشهر.

في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2017 عقدت لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب المصري اجتماعاً لمناقشة مشروع تنظيم مزاولة مهنة طب أمراض التخاطب والتأهيل التخاطبي، المقدم من الدكتورة إيناس عبد الحليم، وحتى تاريخ نشر التحقيق لم يقر مجلس النواب القانون.

الدكتورة إيناس عبد الحليم لم تعلق بدورها على الأمر، فيما أكدت دكتورة إليزابيث شكري عضو لجنة الصحة عدم امتلاكها معلومات حول مصير مشروع القانون.

وعملاً بحق الرد أرسلت مُعِدَّة التحقيق خطابات بعلم الوصول إلى كلٍّ من وزارتيْ الصحة والتضامن بتاريخ 16 آذار/ مارس الماضي، للرد على الانتهاكات التي رصدها التحقيق والاستفسار حول الإجراءات المتبعة في حالة مراكز التخاطب المخالفة، وآليات الرقابة المتعبة، لكن أيّاً من الجهتين لم ترد.