"زواج السنّة".. "بنّوتات في بيت العدل"

12 نوفمبر 2017

 رجال دين وأهال يستغلون ثغرات قانونية لانتهاك الطفولة

جولات ميدانية وتوثيق بالفيديو يكشف من يزوج الأطفال في مصر

 

تحقيق: علياء أبو شهبة

رصيف٢٢– “البنت الكويسة اللي تتخطب وتتجوز بدري”، عبارة أبهجت ندى (اسم مستعار) عندما سمعتها لأول مرة من والدتها. وزادت سعادتها بارتدائها فستان الخطوبة وتزينها بالذهب قبل أن تكمل الخامسة عشرة من عمرها.

بعد أيام على الخطوبة، لم تفلح محاولات ندى المستميتة مع أهلها للتراجع عن الخطوبة والسماح لها بالخروج للعب في الشارع مع أقرانها.  ندى (18 عاما الآن) تعود بذاكرتها للوراء؛ تتأمل كيف كانت مقبلة على الحياة وكيف غدت مريضة بالاكتئاب تتردد على عيادة نفسية للعلاج “من كثر ما شلت الهم ونفسيتي تعبت من الجواز”. وتتذكر أيضا محاولاتها للانتحار وإيذاء نفسها للتخلص من هذه الزيجة المبكرة.

تزوجت ندى “زواج سنّة” بعد أشهر على خطبتها؛ زواج لا يوثق إلا بعد أن تبلغ العروس الثامنة عشرة، السن القانونية للزواج. كذلك الحال بالنسبة لإصدار شهادة ميلاد لرضيعتها، إذ انتظرت عاما قبل توثيقها، إلى ما بعد تسجيل عقد قرانها.

بخوف شديد تحتضن ندى رضيعتها: “لا يمكن أبدا أجوز بنتي بدري وأقبل يحصلها اللي حصلي”.

ندى وقعت ضحية “زواج السنّة”، حالها حال الآلاف من قريناتها، وهو نمط من الاقتران يستند إلى كلمة شرف من الطرفين بالقبول والإشهار. يتشارك في خرق القوانين مأذونون مرخصون وآخرون ينتحلون صفة “مأذون” دون ترخيص رسمي. لقياس حجم المشكلة، طرقت معدّة التحقيق أبواب مأذونين فوجدت أن منهم وافقوا على عقد قران “سنّة” مقابل رسوم مضخّمة.       

يستغل رجال دين ثغرة في قانون الأحوال الشخصية تسمح بعقد قران فتيات دون السن القانونية، ثم توثيقه لدى بلوغها الثامنة عشرة.  يتوارى خلف هذا الباب أهالي قصّر وقاصرات مستغلين ضعف رقابة وزارة العدل، في خرق لقانوني الطفل والأحوال الشخصية. واصطدمت محاولات برلمانية لتعديل قانون الأحوال الشخصية بحيث يتضمن عقوبات رادعة، بتيارات محافظة تطالب بتخفيض سن الزواج.  

  

هل زواج السنة حلال؟

أما السلطة الدينية، فتتخذ موقفا ضبابيا حيال هذا النمط، فيما يعارضه بعض رجال الدين. فبينما ترى دار الإفتاء أنه صحيح إذا كان مكتمل الأركان بغض النظر عن سن العروس، تعود لتؤكد وجوب توثيقه.    

“دار الإفتاء بتقول عليه حلال”، إجابة تتردد في أوساط الفئات الشعبية، حيث يضعف الوعي المجتمعي.

معدة التحقيق سلكت طريق البسطاء ووجهت سؤالا لدار الإفتاء المصري. فجاء الرد: “إذا كان الزواج مستوفيا لكل أركانه وشروطه فهو زواج صحيح وتترتب عليه آثاره. ولكن ينبغي تسجيل الزواج لدى الجهات الرسمية وذلك التزاما بقوانين البلاد وعملا لما فيه مصلحة المتعاقدين، وحفظا لحقوقهما”.

صدر قانون الطفل عام 1994. وعدّل هذا القانون في 2008 برفع سن الزواج من 16 إلى 18، وإضافة المادة (143): “لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، ويعاقب تأديبيا كل من وثّق زواجا بالمخالفة لأحكام هذه المادة”.

في المقابل يقول الشيخ سيد زايد، عضو لجنة الفتوى ورئيس مجمع الديري الإسلامي في بني سويف: “يؤسفني بل ويؤلمني أن يسمى بزواج السنّة، فهو بعيد كل البعد عن سنّة الرسول”.

ويضيف الشيخ زايد: “بعض من يدعّي العلم ينسبه إلى الرسول لأنه عقد قرانه على السيدة عائشة في سن السادسة ثم دخل عليها في سن التاسعة، ويزعمون أنه زواج سنة”. ويرد على هذا التفسير بالقول: كانت تلك “خاصّية للرسول، وللرسول خصائص لم تطرح لبقية أمته”.

عضو لجنة الفتوى أثناء وعظ السيدات في بني سويف بمخاطر زواج السنه

خلل قانوني

يرى عبد الفتاح يحيى المحامي بمركز قضايا المرأة المصرية، أن قانون الأحوال الشخصية “فتح الباب للزواج العرفي أو السنّة أو القبلي، وأحكام الشريعة الإسلامية لم تشترط وجود وثيقة”.

ويؤكد يحيى أن زوجة “السنّة ليس لها أي حقوق باستثناء الطلاق؛ ليس لها نفقة، مؤخر أو مسكن زوجية. وهي لا ترث الزوج إذا توفي قبل توثيق العقد، والإبن غير مثبت على الأب”. وفي حالات عديدة “تدخل البنت في دوامة وتسجل ابنها باسم والدها، أخوها أو خالها ويحدث اختلاط أنساب”. وطالب “بدراسة هذا الملف بآثاره الاجتماعية والنفسية والقانونية من أجل وضع حل له”.

أما رضا الدنبوقي، محامي ومدير تنفيذي بمركز المرأة للتوعية والإرشاد القانوني فيقول: “زواج السنّة وجه آخر للزواج العرفي؛ وهو محرم وفق المادة (80) من الدستور المصري، لأنه لا يصح بأي حال من الأحوال عقد الزواج تحت سن 18 سنة كما أنه مخالف للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر”.

يضيف الدنبوقي: “يسعى آباء لحفظ حقوق بناتهم بطلب إيصال أمانة من الزوج حتى يوثق عقد ابنته بعد بلوغها سن الثامنة عشرة تحت مسمى “التصادق”. إلا أنه في حال رفض الزوج توثيق العقد، لا تعترف المحكمة بهذا الإيصال، فالأمر لا يخرج عن كونه علاقة زواج عرفي، فتحكم ببراءة الزوج من أول جلسة، وبالتالي تضيع حقوق الزوجة”.

 

من يزوج الأطفال؟

في جولات ميدانية واتصالات هاتفية موثقة بالصوت والصورة، وثقت معدة التحقيق كيف ومن يزوّج الأطفال؟

في حارة ضيقة بمحافظة بني سويف، على بعد أمتار من مجمع المحاكم  يقع مكتب تعلوه لافتة: “مأذون شرعي” دون كتابة اسم المأذون. تواصلت معدة التحقيق مع المأذون (ش. أ) – الذي تبين أنه غير مسجّل رسميا في وزارة العدل – وطلبت منه تزويج أخيها المغترب في إحدى الدول العربية بفتاة عمرها 15 سنة عبر عقد زواج رسمي أو من خلال زواج السنّة. واقترحت أن يكون مؤخر الصداق 50 ألف جنيه (2755 دولار).

بعد أن أقرّ خلال حديثه بأن هذا الإجراء مخالف للقانون، وافق المأذون على كتابة عقد رسمي مختوم، على أن يوثّقه بعد أن تبلغ العروس السن القانونية. وأبدى استعداده لإجراء مراسم القرآن في أي مسجد أو موقع مع ربط العريس بإيصال أمانة لحفظ حق العروس. كما قدّم نصائح كطريقة سفر الزوجة القاصر. لاحظت معدّة التحقيق أن المأذون غير المرخص رفض تحديد رسوم القران وأصر على ذكره عند الحضور لمكتبه.

معدة التحقيق تواصلت مع (ش. ث) من منتحلي صفة مأذون في إحدى مراكز محافظة بني سويف، وطلبت منه تزويج طفل عمره 16 سنة لطفلة في الرابعة عشرة من عمرها. رد في البداية بسخرية “مستعجلين على ايه”، ثم وافق على عقد القران بوثيقة رسمية مختومة دون توثيق في المحكمة على أن يتم التوثيق بعد بلوغهم السن القانونية، مؤكدا أنه حلال.

كما طلب خمسة آلاف جنيه (280 دولار) مقابل عقد القران سواء كان شاملا كتابة عقد أو دون عقد.

تحايل وتزوير

محمد الخولي، سكرتير عام نقابة المأذونين في بني سويف، يتهم منتحلي صفة مأذون ب”تزوير دفاتر عقود الزواج في مطابع خاصّة بذات الشكل والختم المماثل للدفتر الأصلي، الذي يطبع في المطابع الأميرية بأمر من وزارة العدل”. الاختلاف يكمن فقط ب”خامة الورق”، حسبما يوضح.

طريقة أخرى للتحايل تتم عبر توثيق عقد الزواج المخالف في محافظة أخرى من خلال دفتر رسمي لمأذون مخالف، بالتعاون مع رئيس قلم المأذونين، حسبما يضيف الخولي، مشيرا إلى “ضعف في الرقابة وتعاون في الخطأ من دون عقوبات رادعة”.

 

الأهالي خارج نطاق القانون   

محمد عبده سلمان، مأذون شرعي في بني سويف، يرى أن المسؤولية القانونية ملقاة بالكامل على المأذون الشرعي، الذي يعاني بسبب منتحلي صفة المأذون. ويؤكد سلمان أن أبلغ وزارة العدل عن مخالفين عدة مرات ولكنها لم تتخذ أي إجراء ضدهم.

الشيخ مصطفى عبده، نقيب المأذونين بمحافظة بني سويف، يؤكد من جانبه أن نقابة المأذونين برئاسة إسلام عامر،عدد منتسبيها 4618 مأذونا، أعدّت قائمة بالمخالفين لتقديمها إلى النيابة العامة. لكنّها لم تتخذ أي إجراء عقابي بحقهم، وفق الشيخ عبده، الذي يؤكد أنهم معروفون في كل منطقة.

يقول محمد الفقي، مأذون شرعي في مركز الواسطى في بني سويف إن المشرّع وضع كامل المسؤولية في يد المأذون ونسي الأب والزوج والأطراف الأخرى المشاركة في الزواج، لماذا لم يجرّم سائر الأطراف؟

“أنا السبب أنا اللي عملت في بنتي كده كنت عايزة أجوزها واحد غني”، هكذا تندب الثلاثينية ثناء مأساة ابنتها التي طلّقت قبل أن تكمل عامها الخامس عشر. والأسوأ من وقع الطلاق هو جرحها النفسي ومعاناتها البدنية التي تؤلم والدتها: “أنا اللي ضيعت بنتي”.

 

سماسرة الزواج

تتنهد ثناء تنهيدة طويلة وتعود إلى لوم نفسها: “كنت ضحية جارتي المشهورة بالخطّابة لتزويج الفتيات”.

ابنتها هبة (١٤ عاما)، طفلة انتزعت منها فرحتها وبراءتها. سمراء شاحبة الوجه، ضعيفة البنيان، جميلة الملامح، جمال حزين لا يغيب عنه ذكرى ما مرّت به من ألم بعد عام على تزويجها. تشرد قليلا لتنظر إلى رفيقاتها في المرحلة الإعدادية وهن يستقبلن عامهنّ الدراسي الجديد دون أن تكون معهنّ.

تقول الأم:” لم تستمر الزيجة سوى شهرين بعد توقيع إيصال أمانة بقيمة 130 ألف جنيها (2340 دولار)، لم نحصل على قرش منها حتى الآن”.

الصدمة الشديدة كانت الشعور الذي سيطر على “هبة” بعد اصابتها بنزيف ليلة زفافها نتج عنه إجراء خياطة في منطقة المهبل. بعد تلك الليلة عاشت  “هبة لمدة شهرين مع زوجها في منزله اكتشفت خلالهما أنها مجرد خادمة”.

تستذكر الأم: “كانت هبة دائمة الشكوى وكنت أشجعها على العودة لمنزلها وتحمل المتاعب والإهانة”. كانت الأم تصور المعاناة على أنها أمور طبيعية، حتى قالت لها: “لو خليتيني أروح تاني أنا هموت نفسي، فخشيت إزهاق روحها بيدي ووافقت على تطليقها من زوجها الذي لم يتم حتى الآن”.

أزمة برلمانية

تقدمت مارجريت عازر، عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري باقتراح يحدد السن الأدنى للزواج ب (21) سنة حتى تملك الفتاة الخبرة الكافية لتحمل مسؤوليات الزواج.

وفيما يتعلق بالتحايل على القانون ترى عازر أنه يجب وضع عقوبات رادعة، وتعلق: “نحتاج لتغليظ العقوبات، لأن الزواج المبكر في المجتمعات الريفية يتم عبر الإشهار من دون توثيق، ما يعني ضياع حقوق الفتاة. يمكن تطبيق قانون العقوبات بمعاقبة ولي الأمر لأن البكر لا تستطيع تزويج نفسها”.

في المقابل تقدم النائب أحمد سميح، عضو مجلس النواب عن دائرة الطالبية بمحافظة الجيزة، بمقترح أثار الكثير من الجدل؛ لمطالبته خفض سن الزواج إلى (16) سنة ميلادية بدلا من (18) سنة. يقول سميح: “لم آت بجديد لأن القانون حدد سن 16 سنة للفتاة و 18 سنة للولد منذ عام 1923، وكانت المخالفات أقل من ذلك بكثير وعندما رفع عام 2008 إلى 18 سنة، اصطدم التشريع بشريحة وقطاع كبير من الشعب المصري”.

سميح يؤكد أن اتخاذ القرارات التنموية يتطلب بيانات دقيقة لكن قواعد البيانات المتوفرة ليست حقيقية بسبب عقود الزواج غير الموثقة، وغالبية الزيجات وثقت في المحاكم بعد بلوغ الفتاة السن القانوني لإثبات الزواج أو إثبات الطلاق أو إثبات النسب.

يضيف سميح:” أنا مقيم في دائرة الجيزة ويتم دعوتي لحضور حفلات زفاف، أجد عمر العروسة 14 سنة وأتفاجأ بشيخ من الجامع أو عامل من الأوقاف أو شاب من الشارع معروف عنه الالتزام بالصلاة يكتب الكتاب”.

تحت عنوان “الزواج المبكر بين الواقع القانوني والممارسات الفعلية” أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان ورقة بحثية عن زواج الأطفال، في يوليو/تموز 2016. اقترحت فيها تعديلات تشريعية تمثلت في رفع سقف عقوبة الإدلاء بأقوال غير صحيحة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لتوثيق عقد الزواج .

كما طالبت باستحداث مادة قانونية في قانون الطفل تجرم الزواج العرفي، وأيضا استحداث عقوبات قانونية تطال الأب في حال قيامه بتزويج ابنته دون السن القانونية.

 

لا حل إلا بتشديد العقوبة

يعتبر سامح مصطفى، مسؤول وحدة منع الإتجار بالبشر في المجلس القومي للطفولة والأمومة، والمسؤول عن ملف زواج الأطفال، بأن زواج الأطفال ملف شائك يتحكم فيه الجهل والفقر إضافة إلى العادات والتقاليد. يضيف مصطفى:”نحتاج إلى حملات لرفع الوعي بالأضرار الصحية والاجتماعية والقانونية، لغياب عقوبات رادعة وانتشار التحايل بشكل كبير جدا، لذلك تم إرسال مشروع قانون لمواجهة الانتهاكات ضد الأطفال إلى اللجنة التشريعية بالبرلمان، ومن بين الانتهاكات زواج الأطفال، لأن المنع يكون عبر سن القوانين وتشديدها”.

وردا على اتهام المجلس القومي للطفولة والأمومة بالتقصير في محاربة زواج الأطفال يقول مصطفى: “إن دور المجلس هو رسم السياسات، وتقديم المقترحات ووضع خطط قومية لمواجهة انتهاكات الأطفال”. ويضيف: “ليس دورنا تقديم التوعية ولا العمل على الأرض لكن نعمل بالشراكة مع عدة جهات لأنها قضية مجتمعية”.

وعن التعديلات القانونية المطلوبة يقول مصطفى:” نطالب بإصدار بعض المواد الأخرى بتجريم الزواج غير الرسمي، هناك موضوعات تحت الدراسة لتعديل قانون الأحوال المدنية والمعاقبة التأديبية لكل من يوثق زواج طفلة دون السن القانوني”.

بينما تؤكد نرمين محمود، مقرر المجلس القومي للمرأة في بني سويف، على قيام المجلس بحملات توعية من خلال حملات “طرق الأبواب” والتي يتم خلالها رصد المشكلة بشكل كبير. وتضيف: “كثيرا ما تقابلنا حالات تم تزويجها دون أوراق ثبوتية، ويكون من المبكر وصولها إلى السن القانونية، فضلا عن المشكلات القانونية الناتجة عن الطلاق المبكر وإثبات النسب لزيجات مبكرة غير موثقة”.

ليلى أبوعقل المحامية بالنقض ووكيل وزارة العدل لنيابات شؤون الأسرة سابقا بنيابات بني سويف والمقرر المناوب للمجلس القومي للمرأة فرع بني سويف، ترى أن الحل يكمن بتطبيق عقوبة قانونية تقضي بحبس ولي الأمر ستة أشهر إضافة إلى دفع غرامة عشرة آلاف جنيه في حال خرق القانون وزوج طفلته.

التصادق

“التصادق على عقد الزواج”، هذا هو الحل الذي تلجأ إليه الأسر الراغبة في توثيق الزيجات التي تمت لفتيات قبل بلوغهن السن القانوني. يقول المستشار أحمد المصري، محامي في الأحوال الشخصية: “يصلني سنويا المئات من الراغبين في توثيق عقود زواجهم، ويتم فيها كتابة تاريخ بداية الزواج”. وأشار المصري إلى استحالة التوثيق في حالة وفاة الزوج وتهرب أسرته من الشهادة، وفي هذه الحالة تلجأ الفتاة إلى نسب الأطفال للجد أو الخال.

 

الزواج المبكر في البحيرة

تقع محافظة البحيرة، شمال غرب الدلتا، وتضم 16 مركزا ووفقا لتقديرات المجلس القومي للسكان بالبحيرة يوجد 4 مراكز هي النوبارية، وأبوالمطامير، وحوش عيسى، وكفر الدوار. وتعتبر محافظة البحيرة إحدى سبع محافظات هي الأعلى في نسب الزواج المبكر في مصر، وفقا لبيانات المجلس القومي للسكان.

طبيعة المجتمع والعادات والتقاليد، جعلت من الوصول إلى حلات تروي معاناتها بالأمر الصعب. ما جعل معدة التحقيق تستعين ب بلان إنترناشيونال إيجبت  خلال العمل على التحقيق في البحيرة للتنسيق وتسهيل الوصول إلى الحالات.

الحب لم يأت بعد الزواج

نظراتها الهادئة تخفي الكثير من الحزن الذي تصر على تجاوزه، نادية، اسم مستعار، روت تجربتها مع الزواج المبكر قائلة:” في المجتمعات الريفية تتزوج الفتاة عادة في سن 18 سنة، وإذا أنهت تعليمها من دون الزواج يعتبرها المجتمع تجاوزت مرحلة الزواج”.

تكمل حديثها قائلة إنها تزوجت وعمرها 16 سنة لم تكن حينها تدرك معنى الزواج؛ وقيل لها أن الحب يأتي بعد العشرة لكن هذا لم يتحقق واستمرت الخلافات مع زوجها، “كان عصبي المزاج ومتهور اختلف تماما عن الشخص الذي عرفته من قبل وحصلت على الطلاق ثم عدت إليه ولكن الحياة كانت مستحيلة فلجأت للخلع”.

في الريف محدش بياخد رأي حد

“العمر لو يرجع تاني أكيد أختار بشكل مختلف، كنت فرحانة بلبس الدبلة، أنا لقيت عمي جه على الظهر قال احنا قرينا فاتحتك محدش قالي موافقة مش موافقة الأرياف محدش بياخد رأي حد”، بهذه الجملة بدأت غادة، اسم مستعار سرد قصة زيجتها المبكرة التي انتهت بالطلاق.

طوال أربع سنوات كانت علاقة غادة بخطيبها تقتصر على صورة وكان عمرها 13 عاما، وشاهدته لأول مرة قبل إتمام الزواج بشهر؛ وذلك لسفره للعمل في إحدى الدول العربية، وحينها تفاجأت بعمره الكبير، وبعد الزواج زادت الخلافات بينهما نتيجة فارق العمر.

هبة، ندى، سناء، نادية، وغادة عاينوا “عيشة الزواج” وعادوا إلى بيوت ذويهم وقد خسروا الطفولة، التعليم والمستقبل.

تم إنجاز هذا التحقيق بدعم من شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج)- www.arij.net وبإشراف الزميل محمد الكوماني.


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *