حرمان المرأة السورية المتزوجة من غير سوري من منح جنسيتها لأولادها وزوجها

3 أغسطس 2008

تحقيق: رهادة عبدوش

أربع وعشرين عاما مرّت على (منتهى) السورية التي تزوجت من رجل مصري في وقت لم تدرك فيه أن ذلك الزواج سيترتب عليه عواقب ماتزال مستمرة ليومها هذا، أما الذي تنتظره فهو قانون ينصفها، فقد ارتبطت بشخص من غير جنسيتها في بلد لا يعترف لها بحق منحها الجنسية لأبنائها وزوجها كما يعترف لأخيها المقيم بهولندا والذي استحق أولاده الجنسية السورية بمجرد ولادتهم بموجب حق الدم بالرغم من أنهم ولدوا من أم هولندية وفي بلاد أجنبية.لا لسبب سوى أنه ذكر وهي أنثى.

هذا هو قانون الجنسية السوري والذي يحرم المرأة المتزوجة من أجنبي من منح جنسيتها لأولادها، ففي مادته الثالثة الفقرة (ا) يحصر حق منح الجنسية السورية حكما بالميلاد بمن ولد في القطر أو خارجه من والد عربي سوري، دون إعطاء هذا الحق للمرأة لأسباب لا توضحها الحكومة، لكن الجواب الذي تلقّته حملة “جنسيتي لي ولأسرتي”، كان مفاده أنّه يهدد السيادة الوطنية والأمن القومي، بمعنى أنه من المحتمل أن تتزوج امرأة سورية من أجنبي ويتبين فيما بعد انه يعمل ضد المصلحة الوطنية السورية، باعتراف ضمني أن المرأة عاطفية ولا ينطبق هذا على الرجل كونه عقلاني!!!

رحلة ترقبات منتهى

قانون الجنسية السوري انعكس على مجمل حياة منتهى التي بدأت منذ زواجها من الطبيب المصري منذ حوالي أربع وعشرين عاما حيث غادرت معه إلى مصر، لكن بعد الشهر الأول من زواجها طلقت وعادت إلى سورية حاملة جنينا حصيلة هذا الزواج الذي دام أياما ولازالت تحاصرها نتائجه طيلة تلك الأعوام، قال لها ابنها خلالها آلاف المرات “كان عليك أن تعرفي حقوقك قبل أن تتزوجي رجلا من غير جنسيتك؟” واليوم تنتظر نتيجة طلبها السابع إلى رئاسة الجمهورية للحصول على استثناءا لإعطاء ابنها الجنسية السورية (رقم الكتاب 161 تاريخ 25-10-2007م) أسوة ببعض من حصلوا على استثناء، وبين هذين التاريخين لم تترك بابا لم تطرقه، من وزارة الأوقاف التي أكدت أن منح جنسيتها لابنها لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، إلى وزارة العدل، إلى المستشارين القانونيين الذين أقروا عدم معارضة طلبها مع الدستور السوري، لتصل أخيرا إلى وزير الداخلية الذي قال لها أن الجنسية لن تعطى إلا بمرسوم جمهوري (حسب ما ذكرت منتهى).

“توقعت أنني الوحيدة أو من النساء القليلات اللواتي يعانين من تلك المشكلة- تقول منتهى وتضيف: لكن منذ أعوام تفاجأت بأن حالتي هي ظاهرة تعاني منها نساء كثيرات ليس في سورية فقط بل في العالم العربي كله، ففي عام 2003 قدمت شهادة عن وضع ولدي ومعاناته وكانت شهادتي ضمن حملة قامت بها رابطة النساء السوريات بدمشق وقد دعيت إليها لأتحدث عن معاناتي وكم سعدت عندما وجدت أني لست وحدي فهنالك حالات كثيرة تشبه حالتي ما أعطاني الأمل بان الوضع سيتحسن.والآن بعد الحملة الاقليمية التي قامت بها مجموعةالأبحاث والتنمية (CRTD) في مصر والأردن وتونس والجزائر والمغرب ولبنان وسورية تحت عنوان (جنسيتي حق لي ولأسرتي) استطاعت المرأة المصرية أن تنصف نفسها بأن اخذت حقها بمنح جنسيتها لأولادها أما تونس والجزائر فقد انصفوا بقرار رئاسي والباقي بالانتظار.

الاستبيانات غير موجودة والأرقام متضاربة

وفقاً لأرقام وزارة الداخلية فإنّ عدد النساء السوريات المتزوجات من عربي في عام 2006 بلغ ألف وأربعمائة وواحد وخمسون حالة، ما يعني ان هنالك الآلاف من محرومي الجنسية السورية منذ سنين طويلة. ووفقاً لتقدير مبدأي أعدّته رابطة النساء السوريات وهي التي تقود الحملة في سورية، فقد بلغ عدد النساء السوريات المتزوجات من أجانب وعرب حوالي (مائة ألف) امرأة. وانطلاقاً من تقديرات هيئة تخطيط الدولة في سورية والتي تحدد متوسط عدد أفراد الأسرة السورية بخمسة أفراد فإنّ هذا يعني أنّ نحو نصف مليون شخص يعاني من آثار هذه المشكلة في سورية.

ورغم أن الدستور السوري الذي ينص في المادة (25) منه على أن “المواطنين متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات”، وفي المادة(44) على أن “الأسرة هي خلية المجتمع الأساسية وتحميها الدولة”، وبالرغم من الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها سورية كاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل في المواد (7) و(8) والتي نصت بشكل صريح على وجوب تسجيل الطفل بعد ولادته فورا وأن يكون له الحق في الاسم واكتساب الجنسية والعيش ضمن أسرة آمنة. بالإضافة الى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نص في المادة (15) منه على أن “لكل فرد حق بالتمتع بجنسية ما ولا يجوز حرمان أي شخص من جنسيته تعسفا ولا من حقه بتغييرها”.وهذا كما ورد في الحملة الاقليمية العربية التي قامت بها مجموعة الأبحاث والتدريب في لبنان،.والتي تهدف الى الضغط على الحكومات بشكل سلمي لإلغاء التمييز الوارد ضد المرأة في قانون الجنسية في مجمل الدول العربية.

الأوراق تهترئ والمحاولات لم توقف:

وفي حين تدخل منتهى عامها الرابع والعشرين مع ملف كبير من الأوراق التي وصل بعضها إلى حالة من الاهتراء والإصفرار، فإنّ ابنها (محمد) والذي ارتبطت سني حياته بهذه المعاناة، وخاصة لأن الأب رفض التعاون فلم تعط له حتى ورقة الميلاد الى أن بلغ السبع سنوات، وهذه إلى الآن الوثيقة الوحيدة التي تثبت شخصيته مع الجنسية المصرية التي أعطيت له لاحقا و دون هوية أو أي ورقة اثباتية.

وهذا أمرا ليس عاديا فانه يدخل تفاصيل حياته اذ انه لا يستطيع السفر من محافظة الى أخرى إلا بسيارة خاصة لأنه لا يملك ورقة إثبات شخصية وأيضا لا يستطيع الانتقال بحرية وأمان من مكان إلى آخر في محافظته نفسها لخوفه الدائم من أي إشكال قد يوصله إلى مخفر فهو لا يحمل ورقة تثبت شخصيته!!.

في تفاصيل حياته عراقيل يحكيها بدءا من العمل في الدولة الذي لم يستطع الحصول عليه لأنه ليس سوريا والعمل الخاص الذي لن يتمكن من القيام به بشكل مستقل عن احد لأنه لا يحق له أن يشتري عقار أو يستأجر، مما يضطره للعمل كأجير عند الآخرين و دون أدنى أمان كالتأمينات أو العقود، نهاية الى أنه لا يستطيع الزواج لأنه لا يملك هوية أو جواز سفر أو أي إثبات لشخصيته! (نظرا لعدم موافقة والده على التوقيع على كافة أوراقه)، امور يعيشها وحده غريبا في بلد ولد فيها وأحبها تنسم فيها رائحة أمه التي عانت معه والتي تحلم بيوم تراه فيها سوري الجنسية لتثبت له وللجميع أنها لم تخطيء في تفانيها بخدمة بلدها كأي مواطن شريف يعيش على هذه الأرض.. هذه المشاكل أجبرت الأم على ترحيل ولدها الى مصر بانتظار الفرج.

مسيرة حملة رابطة النساء السوريات

لم تستطع رابطة النساء السوريات والتي انطلقت عام 2003م أن تتلقى إجابة من الحكومة على مطالبها رغم تضامن(35) نائباً في البرلمان السوري مع هذه الحملة وتبنيهم لمطالبها عبر مشاركتهم في وثيقة التواقيع التي أطلقتها الرابطة والتي تم رفعها إلى رئيس مجلس الشعب في حينه. بالإضافة الى الكتاب الذي رفعته الرابطة الى السيد رئيس الجمهورية بتاريخ 16-5-2006م المرفقة بعريضة وقع عليها الآلاف من المواطنين يطالبون بالتعديل. علما أن عدد أعضاء مجلس الشعب السوري (250) عضو وبحسب الدستور السوري لتعديل القانون يجب موافقة خمس أعضاء مجلس الشعب بالإضافة الى موافقة رئيس الجمهورية.

ومع ذلك لاتزال الرابطة تعوّل على تحرّك جديد من مجلس الشعب وعد به النائب محمد حبش إثر لقاءه بالرابطة وممثلي الأسر التي تعاني من مشكلة حرمان الجنسية بتاريخ 15-12-2007م، حيث أكد لهم أن الموضوع سيعرض على رئاسة مجلس الشعب لمناقشته. ومن خلال متابعاتنا عن طريق الرابطة ومصادر أخرى من الأشخاص المعنيين علمنا أنه إلى هذا التاريخ لم يجد الفرصة الملائمة لتقديم الطلب مبرراً ذلك بأنّه ينتظر الوقت المناسب كي يؤخذ طلبه بالحسبان.

في هذه الأثناء لم تتوقف مساعي الأسر التي تعاني حرمان الجنسية السورية عبر محاولات جماعية وفردية، لجأ بعض الأفراد المولودين من أمهات سوريات وآباء عرب أو أجانب إلى التجنس العادي حيث يخضع الأجنبي للمادة الرابعة من المرسوم التشريعي رقم (276) لعام 1969م ويخضع العربي للمادة (16) من المرسوم نفسه والتي يتفق فيهما شرط أساسي هو كمال الأهلية والخلو من الأمراض السارية والعاهات ما يعني حرمان الأطفال والمرضى والمعاقين ولو بطريقة التجنس العادي!!

ومن الذين عانوا من ذلك (طارق) المولود من أب تونسي وأم سورية فقد استطاع الحصول الجنسية السورية بالطريقة العادية كأي غريب يريد التجنس بعد سنوات من الانتظار تتجاوز العشر سنوات فيما لم يستطع شقيقه المعاق اكتسابها حتى بهذه الطريقة غير المباشرة، ما جعل العائلة تتفرق كي يستطيع الأخ المعاق العمل والعيش فأصبح بعضهم في تونس والآخر في سورية. ما يعني أن الحلول الفردية (كالاستثناءات والتجنس العادي) لن توصل إلى حسم المشكلة فتعديل المادة هو الحل وهو ما طالب به الدكتور جورج جبور عضو مجلس الشعب عام 2004 : “آمل أن يتمكن مجلس الشعب من دراسة اقتراح التعديل وأن يتبناه وأشكر هذه المساعي في مجال تحديث القوانين المتعلقة بالمرأة السورية”.

أما الاقتراح بالتعديل فيتناول المادة الثالثة من الفقرة واحد والتي تقول”يمنح الجنسية السورية حكما بالميلاد لكل من ولد من أب عربي سوري” والتعديل على الشكل التالي:”يمنح الجنسية السورية حكما بالميلاد كل من ولد من أب أو ام عربية سورية”. يجدر ذكره أن الحصول على التجنس بالطريقة العادية هو بالغ الصعوبة وهذا ما يؤكده معاون وزير الداخلية (حسن الجلالي) “منح الجنسية السورية لغير السوريين حتى بالطريقة العادية لا يتم الا بصعوبة بالغة فمنذ سنوات لم تعط الجنسية السورية لأحد”، ما يعني أنه حتى بالطريقة العادية لن يستطع طالب التجنس الوصول إلى الجنسية. وهذا ما تبين من خلال بحث في ملفات الجريدة الرسمية منذ عام 2004م حتى الأشهر الأولى من 2008م حيث لم يلحظ أي مرسوم أو قرار لمنح الجنسية بطريقة التجنس العادي ولا حتى استثناء، علما أنه بالمقابل توجد خمسين حالة أسبوعيا لمنح الجنسية بقرار وزارة الداخلية للنساء المتزوجات من سوري وهذا ما أكده ايضا الموظف في دائرة النشر في الجريدة الرسمية ” لم ألحظ وجود قرار أو مرسوم منح الجنسية بالشكل العادي منذ سنوات عديدة مع انه أسبوعيا تمر علينا أكثر من خمسين حالة لرجال سوريين منحوا جنسيتهم لنسائهم الغير سوريات مهما كانت جنستهم عربية أو أجنبية “

تحركات من جهات حكومية

وكانت الهيئة السورية لشؤون الأسرة وهي جهة حكومية بالتعاون مع الاتحاد النسائي وبعض المنظمات غير الحكومية في سورية قدّمت دراسة لإزالة التحفظ الوارد على البند(2) من المادة التاسعة من اتفاقية إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) المتعلقة بمنح المرأة جنسيتها من خلال إعداد دراسات قانونية لإبراز التمييز في قانون الجنسية السوري، وتنظيم عدد من الورشات الحوارية لعدد من أعضاء مجلس الشعب، حيث اتفق الأغلبية على إزالة التحفظ الوارد على هذا البند ورفعت الهيئة اقتراح إلى رئيس الحكومة السورية لرفع التحفظات للبدء باتخاذ الاحراءات التنفيذية لمواد الاتفاقية.

الجميع بالانتظار والحكومة تتجاهل:

“لكن الى الآن لم تصدر عن محاولاتنا أية نتيجة رسمية” هكذا قالت (سوسن زكزك) ناشطة في قضايا المرأة و اعتبرت أن الحكومة: تجاهلت الموضوع نهائيا وما القلق على الوضع الأمني او السيادة الوطنية الا توقعات من قبل المجتمع الأهلي في سورية… اذ لا مبرر أبدا لوجود قوانين تمييزية. ولا زالت الحملة تناضل ولازالت الأسر تنتظر ما بين المواقف القانونية والدينية المختلفة وبين القرارات الحكومية التي تتحجج بالمصلحة الوطنية تارة وبرجال الدين تارة أخرى”.

الموضوع مايزال عالقا رغم ما يؤدي اليه من أضرار اجتماعية واقتصادية وأسرية وبالرغم من أنه يساهم في زيادة عدد الأشخاص عديمي الجنسية أو المحرومين من حق منح الجنسية السورية حتى بعد توافر الشروط في التجنس العادي لصعوبة التجنس والذي ذكرناه سابقا وأكده السيد معاون وزير الداخلية.

ولرجال الدين آرائهم:

بدورهم رجال الدين لم يأخذوا موقفا موحدا فهم ينقسمون بين معارضين ومؤيدين لمنح المرأة جنسيتها لكن كل ذلك بعيدا عن الشريعة الإسلامية التي لم تتناول مرّة موضوع الجنسية كون الأمة الإسلامية لا تعتد بالجنسية إنما بأمة واحدة بقالب واحد، إنما مسألة الرفض لهذا الموضوع هو تمسك بقرارات الدولة لا أكثر فيقول الشيخ (أسامة الرفاعي) : نحن لا نعارض هذا الموضوع من الناحية الدينية، لكننا نرى أن المجتمع المدني في سورية يحاول أن يضغط على الحكومة كي تزيل التحفظات الموضوعة على اتفاقية (السيداو) والتي منها منح الجنسية لأولاد وزوج المرأة السورية، وهذا البند تحفظت عليه سورية -((كما تحفظت عليه جميع الدول العربية دون استثناء عندما صادقت على الاتفاقية))- ونحن نقف مع الحكومة كي نكون معها يدا واحدة.

أما السيد (علاء الدين الزعتري) المفتي في وزارة الأوقاف فهو لا يعارض أبدا موضوع منح الجنسية لا بل يؤيدها لأنها تعطي المرأة حقوقها كالرجل ويؤكد أن الشريعة الإسلامية لم تبحث في أمور الجنسية ويقول: على من يتهم الشريعة بأنها تقف في مواجهة قانون الجنسية ويحرم المرأة من حقها في منح جنسيتها لأبنائها أن يأتي بالدليل، فالتجنيس هو إجراء إداري ضمن مظلة سياسيّة دستورية فلنعمل على تكافؤ الرجل والمرأة في منح أي منهما جنسيته لولده ونحن في القواعد الفقهية نقول الأصل في الأشياء الإباحة فما لم يرد نص بالمنع فلا يجوز منعه.

من جهته أكد مفتي الجمهورية العربية السورية (أحمد بدر حسون) في العديد من تصريحاته الإعلامية ومنها لمجلة الاقتصاد والنقل السورية على موافقته على موضوع إعطاء المرأة الحق بمنح جنسيتها مع موافقة مجلس الشعب فهذا حقها كالرجل لأن الجنسية تختلف عن النسب فهي حق سياسي ووطني لكن النسب حق شرعي وميراثي.

أما الشق الثاني والذي يتعلق بالمصلحة الوطنية وسيادة الدولة فهو ما تحدث عنه الدكتور (فؤاد ديب) أستاذ القانون الدولي في جامعة دمشق حيث أنه لم ينف وجود هذه المشكلة لكنه رأى أنها تتعلق بالسيادة الوطنية والمرأة هي المستضعفة كون المجتمع ذكوري لذلك لم تكن القوانين في صالحها. فكما يقول: مما لا شك فيه أنه يجب المساواة وتطبيقها وان إعمال مبدأ المساواة لا يعني إهمال بعض التحفظات المتعلقة بتطبيق هذه المساواة والتي تحفظت عليها سورية في اتفاقية منع جميع أشكال التمييز ضد المرأة كالبند الثاني من المادة التاسعة من الاتفاقية والتي تتعلق بأحقية المرأة بمنح جنسيتها لزوجها وأولادها، وبالنسبة للأسر المتضررة يجب النظر مرة أخرى في تشريعات الجنسية بحيث تأخذ بالاعتبار حق المساواة من أجل خدمة الاعتبارات العائلية والإنسانية الوطنية ومنع انعدام الجنسية الحاصل في بعض الحالات وخاصة أنهم يعاملون معاملة الأجنبي من حيث الملكية والانتخاب والترشيح والتعليم وغير ذلك ما يجعلهم غرباء في بلد يعيشون فيه وتنتمي اليه والدتهم.

وعن موضوع مخالفته للدستور قال:أن هذا لايشكل مخالفة للدستور لأن الدستور السوري ترك للقوانين تنظيم ممارسة المساواة بين جميع المواطنين ما يعني أن هذا القانون هو منسجم مع الدستور.

بينما ترى المحامية الأستاذة (دعد موسى) وهي ناشطة في قضايا المرأة أن مخالفة قانون الجنسية في المادة (3) الفقرة (ا) للمادة الدستورية (25) الفقرة (3) والتي تساوي بين جميع المواطنين هو مخالفة واضحة فالمبدأ العام للمادة تتعارض مع الدستور السوري كباقي القوانين التمييزية ضد المرأة، علما أنه لم تقدم أية دعوى دستورية لأنه يجب أن تقدم بشكل شخصي لذلك لم تستطع الرابطة تقديم هذه الدعوى أما الشكل الشخصي فهو من الأمور التي تتخوف منها صاحبات العلاقة كي لا تتعرقل أمورهن أكثر حسب ما توصلنا اليه.

وفي لقائنا مع أكثر من عشر محامين ومحاميات لسؤالهم عن قضايا متعلقة بالجنسية تبين أن معظمهم لا يتبنى أو يتسلم قضايا الجنسية نظرا لأنها تدخل ضمن الأعمال الإدارية ولا ترفع أمام المحاكم كما تقول المحامية منى أسعد:”لا تقام الدعوى أمام القضاء إنما هي معاملات إدارية في وزارة الداخلية يمكن لأي شخص أن يتابعها” أما الأستاذة سنية يوسف فتقول:”هذه من القضايا التي لا نحبذ الدخول فيها لما تحتاجه من ذهاب وإياب ومماحكات لا نتيجة لها”

ومن جهته أكد الدكتور(محمد الحسين) عميد كلية الحقوق في جامعة دمشق، أن الجنسية هي علاقة قانونية وسياسية بين الفرد والدولة وقال:”انها الرباط العقلاني لشد الأسرة الى الانتماء الوطني اضافة انها أساسية في مسالة التكامل في الرجل والمراة، فحفاظا على وحدة الأسرة والانتماء يجب اعطاء الجنسية لأولاد وزوج المراة السورية خاصة و أن القانون السوري لا يمنع ازدواج الجنسية لذلك لا أرى مانعا للتعديل”

في هذا الوقت لاتزال سورية تخسر طلاب متفوقين ك(ديفيد) المولود في اللاذقية من أب قبرصي وأم سورية، تعلم في المدارس السورية، ودرس في الجامعة وحصّل علامات تؤهله لمتابعة دراسات عليا، لكن لأنه لا يحمل الجنسية السورية لم يتابع دراساته ولم يستطع الحصول على عمل وفقا لمؤهلاته.

وهناك أبطال مثل (أحمد عبد الخالق) المصري من أم سورية بطل الجمهورية العربية السورية في رياضة الجودو، لكنه لا يمثلها في الخارج لأنه ليس سوريا، و هناك خبرات مثل (آلاء الباشا) الشابة التي درست في كلية الآثار والمتاحف ولديها المؤهلات والامكانيات لكنها لأب غير سوري ما يمنعها من العمل في قطاعات الدولة وبالتالي حرمان الدولة من خبراتها وامكانياتها المميزة.

ورغم تحفّظ سورية على الفقرة المتعلقة بحق المرأة في منح جنسيتها لأولادها وزوجها في انفاقية سيداو والتي انضمت إليها سورية بموجب المرسوم (330) تاريخ 25-9-2002م، فإنّها مطالبة وفقاً للشرعة الدولية.أن تطبق بنود الاتفاقية وأن تسعى لإزالة التحفظات من خلال تعديل قوانينها الداخلية بما يسنجم مع الاتفاقيات الدولية ويلغي التحفظات.

في هذه الأثناء مزالت معاناة منتهى وابنها مستمرة كذلك خسارة البلد لمتفوقين وأبطال رياضيين حرموا من حمل اسم بلدهم رغم ولادتهم واستقرارهم فيه، مثل طارق وأحمد وآلاء ووووو…

ومع اطلالة كل يوم تتوالد خسائر جديدة في ظل هذا القانون، آخرها ما ظهر في منح قسائم المازوت حيث أن وزارة الداخلية اصدرت قرارا حددت بموجبه توزيع قسائم الدعم الحكومي لمادة المازوت للأسر السورية ومن في حكمها، حيث حرمت بموجبه “السوريات المتزوجات من غير سوري ويقمن مع أزواجهن على أرض الوطن” !!!!!!!

أنجز هذا التحقيق بدعم وإشراف شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج) www.arij.net


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *