هل تقدّم التيار الوطني الحرّ باقتراحين لقوانين تشجع على العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلدهم؟


غرّد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في 13 آذار/مارس 2022 قائلاً: “الانتخابات قد تكون مناسبة لإقرار القوانين التي تشجّع النازحين على العودة إلى سوريا. نحن تقدّمنا عبر السنين بعدة اقتراحات قوانين… فهل يتعهد النواب بإقرار هذه القوانين للتأكيد على عودة النازحين؟”.


وفي فيديو بعنوان “عودة النازحين” ضمن سلسلة “دقيقة مع جبران”، كرّر باسيل ما نشره في التغريدة، موضحاً: “لقد قدّمنا اقتراحات قوانين لتغريم كل حامل بطاقة نزوح يعمل في لبنان، ويأخذ وظيفة من اللبنانيين، ولمنع عودة حامل بطاقة النزوح إلى لبنان عند دخوله الأراضي السورية”.


واختتم باسيل: “فلنرَ إن كانوا سيتعاونون معنا في هذا الأمر”.


فهل تقدّم “التيار الوطني الحر” فعلاً باقتراحات قوانين تشجّع على عودة النازحين/ات السوريين/ات؟ وهل تتماشى هذه الاقتراحات مع المعاهدات الدوليّة التي التزم بها لبنان؟


الاقتراح الأول

في 19 كانون الثاني/يناير 2022، قدّم “التيار الوطني الحر” عبر تكتل “لبنان القوي” اقتراح قانون لتنظيم الوضع القانوني للنازحين/ات السوريين/ات بعد أحد عشر عاماً من وصولهم/ن إلى لبنان. يتضمن الاقتراح ثلاث مواد:

  • المادة الأولى: تمنع كل مواطن سوري مسجل كنازح في لبنان، سبق أن غادر الأراضي اللبنانية، من العودة إليها.
  • المادة الثانية: تفرض غرامة على كل نازح سوري يعمل في لبنان وفق تعريف قانون العمل اللبناني أو يستأجر مؤسسة أو مبنى للعمل.
  • المادة الثالثة: تعاقب كل رب عمل لبناني يوظف أو يشغّل نازحاً سورياً مسجلاً بغرامة مالية.

لم يتناول الاقتراح صراحةً موضوع عودة النازحين/ات، بل استند إلى “دليل العودة الطوعية” الصادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين/ات، عبر ما يُعرف بـ “عوامل الطرد” لحثّ النازحين/ات على المغادرة. ويواجه لبنان انتقادات دولية لمخالفة مبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي ينص على عدم إجبار اللاجئين على العودة إلى بلادهم إذا كانوا قد يتعرضون للاضطهاد، وفق المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984.


تعتبر الباحثة سحر مندور من منظمة العفو الدولية أنّ “أيّ عودة للاجئين/ات اليوم تُعتبر قسرية بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي يعانونها، إلى جانب القرارات التي تقيّد حركتهم وحقوقهم”.


وتفرض المديرية العامة للأمن العام في لبنان منذ 2015 على النازحين حاملي بطاقة UNHCR تقديم تعهّد بعدم العمل عند تجديد الإقامة المؤقتة. كما طلبت وزارة العمل تزويدها بأسماء المسجلين لدى UNHCR لحجب إجازات العمل عن المستفيدين من المساعدات الدولية، ضمن “خطة مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية في لبنان“. وتعتبر منظمات المجتمع المدني هذه الإجراءات غير إنسانية، نظراً إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان.



الاقتراح الثاني

في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، تقدّم باسيل باقتراح لتعديل قانون تنظيم الدخول إلى لبنان الصادر في عام 1962، للحد من تهريب الأشخاص بين لبنان وسوريا والدخول غير الشرعي. يقترح القانون إنشاء مراكز لإيواء الأجانب إلى حين ترحيلهم، إلى جانب تأسيس صندوق خاص لتغطية نفقات الترحيل. وعلى الرغم من موافقة مجلس الوزراء عليه مع تعديلات، إلا أنّه لم يُقر في المجلس النيابي.


أصدر المجلس الأعلى للدفاع في 15 نيسان/أبريل 2019 قراراً بترحيل السوريين/ات الذين دخلوا خلسة إلى لبنان، وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام أنّه قد تمّ ترحيل 301 مواطن سوري خلال شهر أيار/مايو 2019 تنفيذاً لقرار المجلس، ما أثار انتقادات من جمعيات حقوق الإنسان لعدم دستورية القرار، استناداً إلى التزامات لبنان بالمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، ومنها حقّ اللجوء.


وترى الجمعيات أنّ أسباب اللجوء من سوريا إلى لبنان لم تنتفِ، وما تزال قائمة بالنسبة للعديد من القادمين من هناك، وأنّ المجلس الأعلى للدفاع ليست لديه صلاحية اتخاذ قرارات بترحيل الأجانب من لبنان، فالقانون اللبناني يحصر قرارات الترحيل بحق الأجانب الذين لم يدخلوا عبر المعابر الرسمية بالقضاء الجزائي، بعد حصول الأجنبي على محاكمة عادلة يتسنى له خلالها تقديم الدفاع المناسب ضد عقوبة الترحيل (المادة 32 من قانون الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه الصادر في 10/7/1962 والمواد 71 و88 و89 من قانون العقوبات).


يشير تقرير لجنة تقصّي الحقائق في سوريا إلى أنّ الأوضاع في سوريا ما تزال غير آمنة لعودة اللاجئين/ات، بينما تلتزم المفوضية بعدم تسهيل العودة الجماعية إلى سوريا ما لم تتوفر شروط الحماية الأساسية.


سياسياً، ترى مندور أنّ “السياسيين في لبنان يستخدمون موضوع اللاجئين بشكل انتهازي، إذ يسعون إلى الحصول على تمويل دولي، بينما يُظهرون اللاجئين/ات كمسبب للأزمات الاقتصادية خلال فترة الانتخابات، على الرغم من أنّ السبب الفعلي للأزمة يكمن في السياسات الاقتصادية طويلة الأمد”.


وقد حاول وزير المهجرين عصام شرف الدين إعادة طرح ملف عودة النازحين/ات السوريين/ات على طاولة مجلس الوزراء بتاريخ 10/03/2022 بعد زيارته إلى سوريا، وبعدما تبيّن له أنّ الحكومة السورية قد اتّخذت إجراءات عدة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، لكنّه اصطدم بإرجاء البحث فيه إلى أجل غير مسمى.


إذن، فإنّ ما جاء في تغريدة باسيل حول الاقتراحات ومضمونها صحيح، لكنّ هذه الإجراءات لا تحقق عودة طوعية وآمنة وكريمة للنازحين/ات بحسب المعايير الدولية، بل تهدف أساساً إلى ممارسة ضغوط عليهم للعودة.