نشرت الشرطة الفلسطينية بتاريخ 6 حزيران/يونيو 2022 عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، خبراً على لسان الناطق باسمها العقيد لؤي ارزيقات جاء فيه:
“انفجار داخل منجرة في بيتونيا غرب مدينة رام الله يُحدث أضراراً مادية دون وقوع إصابات والأجهزة الأمنية باشرت إجراءات البحث والتحري، وتمّ التحفظ على مالك المنجرة، وأمر رئيس نيابة محافظة رام الله والبيرة بإغلاق المنجرة، وكلّف إدارة هندسة المتفجرات والدفاع المدني بإعداد التقارير الفنية اللازمة، وفحص المكان للحفاظ على السلامة العامة”.
بعد نشر هذا الخبر، انتشر كم كبير من المعلومات المتعلقة بالحادثة على عدد من الصفحات والحسابات الشخصية على موقع “فيسبوك”، منها أنّ المخابرات العامة عثرت داخل المنجرة على خرائط لمقرّات الأجهزة الأمنية ومخرطة صغيرة وورقة بها أسماء 15 ضابطاً يعملون في الأجهزة الأمنية، ومبلغاً مالياً كبيراً ونفقاً، فيما بلغ عدد المعتقلين 19 واعترفوا بوجود مخطط لاغتيال ضباط أمن في الضفة، فيما أفاد خبر آخر بالعثور على نفق ثانٍ قرب منزل أحد المعتقلين وأنّ المعتقلين يتبعون لحركة حماس.
متداولو الادعاء:
صفحة عهد الأوفياء- فتح
صفحة نبض المنطقة الجنوبية
كما تداول الادعاء مستخدمون آخرون، منهم:
1 رائد غازي النعسان
2 أحمد عمر المقادمة
3 رامز ابو سنينة
4 حسين عودة
بعد البحث والتقصي، عثرنا على نفي مدير مجموعة “محامون من أجل العدالة” مهند كراجة، الذي يتابع هذه القضية، الذي نشر على صفحته عبر فيسبوك بتاريخ 7 حزيران/يونيو 2022 مقطع فيديو قال فيه:
“خلال الساعات الأخيرة وصلت الكثير من القصص التي تخص حدث منجرة بيتونيا، الحقيقة أن اليوم كان هناك ثلاثة من المعتقلين السياسيين الذين تم إحضارهم إلى المحكمة للتحقيق معهم حيث حضرت أنا وزملائي التحقيق، والرواية التي يتم تداولها مختلفة وغير صحيحة حتى اللحظة ولا يوجد شيء مما يتم التحدث عنه وتناقله وما يتم سماعه غير صحيح تماماً“.
وبالبحث العكسي عن الصور المرفقة بالادعاء التي تداولها ناشروه باعتبارها ملتقطة بعد انفجار المنجرة، تبيّن أنّها صور مضللة.
فالصورة التي تعرض أسلحة وذخيرة وأموالاً وتمّ نشرها على أنّها من الحادثة، بعد البحث تبين أنّها قديمة ومنشورة منذ عام 2016، حيث وردت في إحدى النتائج مع خبر من موقع “دنيا الوطن” بعنوان “داخلية غزة تنفذ أكبر ضربة لتجار المخدرات منذ سنوات (صور وفيديو)”.
صورة أخرى تم تداولها مع الادعاء باعتبارها نفقاً، ولكن تبين أنّها عبارة عن حفرة امتصاص (حفرة لحفظ مياه الصرف الصحي) تعود لجد أحد المتهمين، فقد أكّدت ذلك أسماء هريش، شقيقة محمد وأحمد هريش المقبوض عليهم، التي قالت عند حضور الأمن لتفتيش المنزل “تم سؤالنا عن هذه الحفرة وأجبنا على أنّها حفرة امتصاص”.
وبتاريخ 17 حزيران/يونيو 2022، نشر حساب محامون من أجل العدالة، خبر الإفراج عن ثمانية أشخاص ممن تم اعتقالهم في قضية بيتونيا.
وقال المحامي مهند كراجة، إنّ هناك تهمتان فقط، إحداهما موجهة لـ 17 شخصاً، وتهمة أخرى موجهة للباقين، ولا علاقة بين التهم الموجهة وبين ما تمّ تداوله عن اغتيال ضباط أمن أو حتى حفر أنفاق وأنّه “لغاية هذه اللحظة لم يتم اعتراف أيّ شخص منهم بأنّه يقوم بنشاط معادٍ للسلطة وأنّ النيابة العامة لم تصدر بعد أيّ بيان حول الموضوع ولا حتى الأجهزة الأمنية كون الموضوع قيد التحقيق بعد”، وأشار أيضاً إلى عدم التحقيق مع الموقوفين حتى الآن على خلفية انتمائهم إلى حركة حماس.
وقال أحد المفرج عنهم، أشرف أبو معلى، إنه لم يُسأل في فترة التحقيق عن تفاصيل الانفجار، وإنّما عن علاقته بمالك المنجرة فقط، وأضاف: “أنّ النيابة العامة وجهت تهمة حيازة السلاح لا أكثر ولا أقل”.
وبالحديث عن باقي الموقوفين، قال إنّه تمّ إلقاء القبض عليهم لوجود علاقة تربطهم بمالك المنجرة فقط، ولا صحة لما تمّ تداوله من إشاعات حول حفر أنفاق واغتيال ضباط.
وبالتواصل مع الصحفية أسماء هريش، شقيقة محمد وأحمد هريش، اللذيْن أُلقيَ القبض عليهما، أكدت أنّه لم يتم اطلاع أفراد العائلة على لوائح الاتهام بعد.
ولم تصدر عن الشرطة الفلسطينية أيّ تفاصيل رسمية حتى لحظة نشر التقرير تجيب على ادعاءات حول العثور على أنفاق في موقع الحادث أو تبعية المتهمين لحركة حماس.
وبهذا، فإنّ الصور المتداولة والمعلومات المنشورة حول حادثة انفجار منجرة بيتونيا تتراوح بين التضليل بنشر صور قديمة باعتبارها ملتقطة في موقع الحادثة، والمبالغة بنشر معلومات لم تصدر عن جهات التحقيق الرسمية حتى الآن، أو تخالف ما أكده المتهمون والمحامون.