main cover

حملات لأيام محدودة ولا كوادر مؤهلة
ذوي إعاقة ذهنية لم يتلقوا لقاح كورونا

08 أيار 2022 , | إسراء الأعرج
ما حاولت أسأل إذا في حدا مختص، لأني رحت أخذت المطعوم مع زوجتي وأولادي وشفنا كيف التعامل فمن الصعب يقدروا يتعاملوا من واحد في الحالة هاي

هذا ماقاله والد عمر* عن ابنه الذي يعاني من إعاقة ذهنية نمائية بسيطة وطيف التوحد، عن فترة تلقي لقاح كورونا، موضحاً وأن ابنه لا يتعامل مع الكوادر الطبية بسهولة، ويخاف من الأدوات الطبية خاصة الإبر، ما يتسبب له بحالات تشنج متكررة نتيجة الخوف.

أهالي الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية يعانون من حرمان أبنائهم من لقاحات كورونا، بسبب غياب المتخصصين المؤهلين علميا، والملمين بطرق التعامل مع حالات أبنائهم، وعدم وضوح وكفاية آليات التطعيم التسهيلية البديلة، ما أخر حقهم في الحصول على لقاح كوفيد-19، والذين يزيد عددهم عن 17 ألف شخص من إجمالي ذوي الإعاقة.

مع بداية عام 2022 دخل أمر الدفاع 35 (رقم 1/2) حيز النفاذ. يمنع بموجبه أي شخص تجاوز 18 عاماً من مراجعة الوزارات، والدوائر الحكومية، والمؤسسات الرسمية والعامة والقطاع الخاص، إلا إذا تلقى جرعتي المطعوم، في الوقت الذي شددت فيه منظمة الصحة العالمية على أن الأشخاص ذوي الإعاقة يتأثرون بشكل غير متناسب مع كوفيد-19، ويجب توفير جميع تدابير الوقاية، بما فيها التطعيم.

تواصل قيد التفعيل

توفيق نزال، لديه أخ يعاني إعاقة ذهنية منذ الولادة، يقول "شقيقي لا يتقبل التعامل مع الأطباء في المحيط الخارجي للمنزل، بالإضافة لخوفه الكبير من الغرباء. ما يتطلب تعاملا خاصا في إطار المنزل وبوجود الأهل".

دفعه حرصه على تلقي شقيقه التطعيم إلى التوجه في شهر حزيران/ يونيو 2021 صوب مركز التطعيم بمدينة الحسن الرياضية في إربد، والسؤال عن وجود فرق تطعيم متخصصة للحالات في المنازل، إلا أن الكوادر الطبية، نفت وجود فرق من هذا النوع، وعليه إحضار شقيقه إلى مركز التطعيم.

عمار الأعرج (29 عاما)، يعاني هو الآخر من طيف التوحد وإعاقة ذهنية، ويتصف بكثرة الحركة. يقول والده "من متابعتي الشخصية لابني، أصعب شيء هو التعبير، أن يجمع أحرف ويضعها في كلمة ويحكيها للشخص الذي أمامه"، وهذا يعني أن ابنه يحتاج متخصصين قادرين على فهمه وإيصال فكرة إعطائه المطعوم بطريقة سلسة.

وانتقد طريقة نشر المعلومات والترويج إعلاميا لحملة التطعيم -المؤقتة لذوي الاعاقات الذهنية- سواء من قبل خلية الأزمات وحتى المجلس الأعلى لذوي الإعاقة، واصفا إياها بأنها "ضعيفة ولم يعلم عنها".

المطعوم حق للجميع

عضو اللجنة الوطنية للقاحات كورونا الاستشاري ضرار حسن بلعاوي، يوضح أن اللقاحات بالاستناد إلى الدراسات والبراهين آمنة وفعالة، ولا تتعارض مع أي نوع من الأدوية، ما يعني ضرورة إعطاء الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية المطاعيم، لاعتبارهم من ذوي الأخطار العالية، نظرا لأن أجهزتهم المناعية ضعيفة وغير قادرة على التعامل مع الفيروسات والبكتيريا.

منحت المادة (24) من قانون الأشخاص ذوي الإعاقة 20 لسنة 2017 حق الحصول على تأمين صحي للأشخاص ذوي الإعاقة، ما يكفل حقهم في تلقي الخدمات الصحية والتأهيلية والحصول على المطاعيم والعلاجات بجميع أنواعها.

شخّص الدكتور جاك سركيس استشاري الاضطرابات العصبية والتوحد، المشكلة الحقيقة في التعامل مع مصابي طيف التوحد والإعاقات الذهنية، بأنها "تكمن في عدم إلمام الكوادر الطبية بصورة عامة في كيف يرى هؤلاء الناس من حولهم"، لذلك من الضروري تأهيل الكوادر الطبية على اختلافها قبل التخرج في كيفية التعامل مع الإعاقات المختلفة، وامتلاك المعلومات والمهارات الكافية للتواصل معهم، لأن أشخاص التوحد ليس لديهم مشكلة في فهم المواقف، إنما تأخر في استدراك المواقف والحديث وتحليل المعلومات التي يستقبلونها، يقول سركيس.

الإعاقة الذهنية عبارة عن انخفاض في المستوى الاستدراكي العقلي مع اختلافات سلوكية، تتطلب خططا لتعديل السلوك، ما يجعلنا أمام مسؤولية إيضاح المعلومات الطبية للأهالي عن المطعوم وأعراضه وطرق التعامل معه في حال حدوث أي مضاعفات جانبية بعد أخذه، إلى جانب توفير الهدوء في بيئة آمنة يتم التعامل من خلالها مع ذوي الإعاقة الذهنية بطرق ملائمة بوجود الأهالي معهم، بحسب أخصائية التربية الخاصة هنوف العظامات.

صلاحيات موقوفة

مديرة جمعية "أنا إنسان" لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة آسيا ياغي، تقول إن دور جمعيتها وجمعيات أخرى سيكون فعالا في حال منح الجمعيات صلاحية المساهمة في تطعيم ذوي الإعاقة بتشجيع أهاليهم وتوعيتهم. وأن الجمعية قادرة على تدريب الكوادر كونها تملك دليلا تدريبيا حول كيفية التعامل مع ذوي الإعاقة ما يعني أنه ليس بالأمر الصعب، كما أنه من الأفضل إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة من المطلعين على شؤونهم في وضع الخطط لتكون باتجاهها الصحيح.

تنص المادة (23) من قانون الأشخاص ذوي الإعاقة 20 لسنة 2017 على إلزامية وزارة الصحة والمؤسسة العامة للغذاء والدواء والجهات المختصة بالتنسيق مع المجلس الأعلى لذوي الإعاقة في ضمان حق وصول ذوي الإعاقة للخدمات والمستشفيات والمراكز الطبية التابعة للوزارة، والعمل على تأهيل الكوادر الطبية والفنية في المستشفيات والمراكز الطبية على طرق وأساليب التواصل والتعامل مع ذوي الإعاقة لضمان استيفائهم الحقوق العلاجية والطبية كاملة.

المعلومات الأولية كانت تفيد بعدم جاهزية وتهيئة الأماكن لذوي الإعاقة حتى يحصلوا على المطاعيم إلا أنها بعثت لوزارة الصحة باستعداد الجمعية للمساعدة، بأن تكون مقرا مهيأ للتطعيم، إلا أن وزارتي الصحة التنمية لم تردا، توضح ياغي.

حملة مؤقتة لم تصل للجميع

في 31 آذار/ مارس 2021، أطلق المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة بالتنسيق مع وزارة الصحة وخلية عمليات الأزمة في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، حملة لتطعيم الأشخاص ذوي الإعاقة لمدة 5 أسابيع موزعة على جميع الإعاقات، وقامت بتفعيل منصة خاصة تابعة لوزارة الصحة للتسجيل عليها، إلا أن الحملة كان لفترة محدودة ولم تستمر بعد المدة المحددة.

أعلن المجلس عن الحملة بأخبار صحفية ونشرات فيسبوك، تخللها رقم هاتف للراغبين بالاستفسار.

الناطق الإعلامي باسم المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة رأفت الزيتاوي، برر توقف الحملة بسبب ضعف إقبال ذوي الإعاقة الذهنية عليها، إذ بلغ عدد الحاصلين على اللقاح خلال العام الماضي 738 شخصا في يوم واحد، موزعين على 14 مركزا في المملكة، مع عدم القدرة على تفريغ مراكز محددة للحملة في ظل الضغط الحاصل في تلك الفترة.

ويشير إلى أن المجلس حاول إكمال الحملة من خلال إجراءات تسهيلية تمثلت في وضع بند "غير قادر حركيا" في منصة التسجيل للمطعوم، بالإضافة إلى إعطائهم الأولوية في التطعيم في المراكز عند قدومهم وعدم الانتظار.

الإعاقات لا تحتاج متخصصين!

مسؤول المعلومات في وزارة الصحة عمار السويطي يقول إن "الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية والتوحد يتلقون المطاعيم من قبل الكوادر مع إعطائهم الأولوية وليس بالضرورة وجود متخصص في الإعاقات". الوزارة دربت كوادرها على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والعمل جار على تدريب كوادر الصحة كافة، يوضح السويطي.

ولا تمتلك الصحة معلومات عن أعداد المؤهلين من الكادر التمريضي للتعامل مع الأمراض الذهنية، إذ تجاهلت الرد على هذا السؤال الذي وجه لهم بطلب حق الحصول على المعلومة بتاريخ 9 آذار الماضي.

مدير وحدة الاستجابة الإعلامية للمركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات الدكتور أحمد النعيمات، يقول إن خلية عمليات الأزمة ركزت في خططها في عملية التطعيم على الفئات ذات الأخطار العالية، ومن ضمنها الأشخاص ذوو الإعاقة سواء الذهنية أو الحركية.


إسراء الأعرج
صحفية مستقلة وكاتبة مقالات لدى شركة "موضوع" مهتمة في القضايا الحقوقية والاجتماعية.