في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أعلنت "اللجنة الوزارية للمشاريع
التنموية والبنية التحتية في البحرين" عن إطلاق حزمة من المشروعات
الاستراتيجية بقيمة تتجاوز 30 مليار دولار، ضمن خطة التعافي الاقتصادي
بعد انتشار وباء كورونا، من ضمنها خمس مدن بحرية جديدة في كل من: فشت
العظم، وفشت الجارم، وجزيرة سهيلة، وخليج البحرين، وجزر حوار. وتباينت
مخططات الجزر الخمس ما بين مشروعات صناعية وسياحية وسكنية ومتعددة
الاستخدامات.
وما إن أُعلن عن هذه المشروعات حتى ارتفعت أصوات معارضة لردم البحار،
بالإضافة إلى محاولات برلمانية لحماية هذه المناطق.
وتقدم مجلس النواب بمشروع قانون ينص على تصنيف منطقتي فشت الجارم وفشت
العظم محميتين طبيعيتين، إلا أن الحكومة دعت لإعادة النظر في المشروع،
كما سبق أن رفض مجلس الشورى مشروعاً بقانون مماثل عام 2012.
وأثناء مناقشة المقترح، أكد النائب حسن إبراهيم حسن، أهمية قضية حماية
البيئة البحرية أكثر من أي وقت مضى. وأشار إلى ضرورة إدراج فشت الجارم،
وفشت العظم والموائل المرتبطة بهما، محميتين طبيعيتين، كونهما تحتويان
على مساحة من الحشائش البحرية التي تعد موئلاً مهماً للحيوانات
البحرية.
وحذر حسن من ردم هذه المساحات البحرية، مضيفاً: "يترتب على هذه الأنشطة
انتشار الترسبات، وخسران الموائل البحرية المهمة، وتدني فرص إعادة
الثروة السمكية ونشاط الصيد الذي لطالما تأثر سلباً بعمليات الردم".
وفي أيار/مايو 2022، انفرد حساب "بوابة البحرين" بنشر خبر عن البدء
بدفن جزء من فشت العظم، وقد أثار هذا الخبر الجدل. وطالب الدكتور
إسماعيل المدني، مدير عام حماية البيئة والحياة الفطرية سابقاً، عبر
حسابه على منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، الجهات المختصة بنشر تقييم
الأثر البيئي للمشروع.
"حيث إن هذا يهم كل مواطن لعلاقته بالأمن الغذائي؛ فإنني أطالب جهاز
البيئة بنشر مستندات الموافقة على دفن رئة الثروة السمكية؛ وهي فشت
العظم، إضافة إلى نشر تقييم الأثر البيئي للمشروع، الذي هو شرط للبدء
في أي مشروع".
حساب الدكتور إسماعيل المدني، المدير العام السابق لحماية البيئة
والحياة الفطرية، عبر منصة إكس
وبعد نحو عام من إثارة الجدل، نشرت مواقع صحفية محلية خبراً يشير إلى
أن هيئة التخطيط والتطوير العمراني بالبحرين عينت شركات استشارية
عالمية، متخصصة في الدراسات البيئية، لإعداد دراسات بيئية أولية لتلك
المواقع. فيما نُشر خبر آخر بتاريخ 2 أيار/مايو 2024، مفاده أن
المسوحات الأولية للمدن الخمس الجديدة، التي ستُستخدم لـ"تقييم الآثار
البيئية المحتملة في هذه المناطق"، بدأت منذ سنة لكنها لم تُستكمَل حتى
الآن.
وحين سألنا الصياد البحريني، محمد المقشاعي، عن التأثير المحتمل للمدن
الجديدة، أجاب: "إذا دُفنت هذه المناطق ستتضرر الحياة البحرية؛ ويصاب
الماء بالركود ويزداد الطين، وينقطع السمك. هذان الفشتان هما الفشتان
الوحيدان المتبقيان في البحرين، فحتى السمك الموسمي، الذي يمر على
بحارنا، ليضع بيضه ويمضي لن يعود إلينا بعد ذلك".
أنجز هذا التحقيق بدعم من أريج