bg-intro

مستشفى النديم في الأردن:

مؤشرات تثير القلق
عاشت سارة عبد الله لحظات صعبة، وهي تنتظر تقديم الإجراءات الطبية اللازمة في مستشفى النديم؛ إثر تعرّضها لحادث مروري في محافظة مأدبا، الواقعة جنوب العاصمة عمّان.
header-image header-image header-image header-image header-image
header-image
header-image

13/03/2023
شروق النسور وعُلا العملة

وصلت سارة إلى مستشفى النديم في المحافظة، إلّا أنّ عدم وجود طبيب مختص للتعامل مع حالتها زاد معاناتها، حسبما أوضحت والدتها عائشة محمد، التي رافقتها.

في كلّ مرّة تروي فيها والدة سارة ما حدث مع ابنتها في المستشفى تبدي دهشتها من طريقة التعامل مع الحالة.

تقول والدة الفتاة إنّ الكادر الموجود في قسم الإسعاف لم يقم باستدعاء الطبيب؛ ما دفع أحد أفراد الأسرة إلى التواصل معه مباشرة، وطلبه إلى القسم. أُخضعت سارة لاحقاً إلى تصوير شعاعي، بحسب والدتها.

"نصيحة مني طلعوها من المستشفى"، قالها الطبيب بعد أن قيّم حالة سارة، إذ لا يوجد طبيب اختصاصي للتعامل مع حالتها، ما دفع ذويها إلى نقلها إلى مستشفى في العاصمة؛ لتخضع هناك لإجراءات طبية متلاحقة، وفق ما أوضحت والدتها.

يكشف هذا التحقيق المدفوع بالبيانات، تراجع مؤشرات الرعاية الصحية في مستشفى النديم في محافظة مأدبا على نحو يُنذر بالخطر، ويثير أسئلة حول حقيقة ما يجري في هذا المستشفى.

أُنشئ مستشفى النديم في ثمانينيات القرن الماضي، في محافظة مأدبا الواقعة إلى الجنوب من مدينة عمّان. وجرى تحويله من مستشفى خاص إلى ملكية الدولة في عام 1995.

يقع المستشفى على مساحة تبلغ 13 دونماً تقريباً بسعة 121 سريراً. يضم المبنى أربعة طوابق (تشمل التسوية والطابق الأرضي). تبلغ مساحة البناء القديم 6913 متراً مربعاً، قبل أن تُضاف له مساحة التوسعة الجديدة، البالغة 3100 متر مربع.





مؤشرات مقلقة


مر عام 2021 ثقيلاً على كثيرين؛ بسبب جائحة كورونا، التي خلقت تحدياً كبيراً أمام المؤسسات الصحية، والمنشآت الطبية داخل الأردن وخارجه.

لم تنحصر هموم مستشفى النديم في التعامل مع الجائحة، فهو يستقبل الحالات الناجمة عن حوادث المرور في المناطق المحيطة، وبشكل خاص التي تقع على الطريق الصحراوي.

يعدّ "النديم" المستشفى الحكومي الأكبر في محافظة مأدبا، مقارنة مع مستشفى حكومي آخر يقع في المحافظة ذاتها.

لم يكن هذا العام سيئاً بالمطلق بالنسبة لمستشفى النديم، المستقر في عمق المحافظة، إذ لم تُسجل أيّ وفاة بسبب فيروس كوفيد- 19 في العام 2021، حسب إحصائيات وزارة الصحة.

ومع ذلك واصل المستشفى إثارة قلق من نوع آخر، إذ استمرت الزيادة في نسبة الوفيات بين نزلائه.

انخفضت أعداد الوفيات الناجمة عن حوادث المرور المسجلة في محافظة مأدبا بين العام 2010 والعام 2021 بنحو 60%، وفق إحصائيات مديرية الأمن العام. ومع ذلك تضاعفت نسبة الوفيات المسجلة بين حالات الإدخال في مستشفى النديم خلال الفترة ذاتها.



تزايدت نسبة الوفيات في المستشفى في الأعوام الأخيرة مقارنة مع العام 2010



المصدر: تحليل بيانات التقرير الإحصائي السنوي لوزارة الصحة الأردنية 2010-2021

لا يفسّر سجل وفيات حوادث المرور التزايد في نسبة الوفيات داخل المستشفى



المصدر:
1- تحليل بيانات التقرير الإحصائي السنوي لوزارة الصحة الأردنية 2010-2021
2- التقرير السنوي للحوادث المرورية في الأردن 2010-2021 - المعهد المروري الأردني

تتركز الوفيات في ثلاثة أقسام داخل المستشفى للفترة 2010-2021



المصدر: التقرير الإحصائي السنوي لوزارة الصحة الأردنية 2010-2021

يكشف تحليل بيانات مستشفى النديم، الصادرة عن وزارة الصحة للفترة 2010-2021، أنّ الجزء الأكبر من الوفيات سُجِّل في قسم العناية المركزة (ICU) داخل المستشفى، يليه قسم الباطني. كما رُصدت زيادة في الوفيات في قسم الخداج في السنوات الماضية.

سجل قسم العناية الحثيثة لأمراض القلب (التاجية) أو CCU نسبة وفيات عالية في العاميْن الأوليْن له، تراوحت بين 37%-47% من إجمالي حالات الإدخال فيه، وهي نسبة تفوق ما رصده التحقيق في أقسام مماثلة داخل مستشفيات حكومية، علماً أنّ مستشفى النديم لا يُجري عمليات جراحة القلب.

بدأ العمل في قسم العناية التاجية (CCU) قبل عاميْن، بعد إنشائه ضمن مشروع التوسعة.

تظهر البيانات وفاة سبعة نزلاء من كلّ عشرين نزيلاً في القسم، في العام 2021، مع أنّ نسبة الإشغال فيه، لم تتجاوز 25%.



وحسب تحليل البيانات، فقد تبين أنّ نسبة الوفيات تزايدت في قسم العناية المركزة (ICU) منذ العام 2015، باستثناء العام 2018. كما ارتفعت نسبة الوفيات في الخداج منذ العام 2017، في حين شهد قسم الباطني تراجعاً في نسبة الوفيات خلال السنوات الأربع الأخيرة.

ترتفع نسبة الوفيات في قسم العناية التاجية (الحثيثة للقلب) في المستشفى



المصدر: تحليل بيانات التقرير الإحصائي السنوي لوزارة الصحة الأردنية 2020-2021

لم يسجل المستشفى وفيات بسبب الإصابة بفيروس كوفيد-19 في عام 2021

يتصدر مستشفى النديم المستشفيات الحكومية بنسبة الوفيات في قسم العناية التاجية (CCU)



المصدر: تحليل بيانات التقرير الإحصائي السنوي لوزارة الصحة الأردنية 2010-2021

الكوادر الصحية، كلمة السر

شهدت السنوات الماضية تراجعاً في عدد أطباء الاختصاص في مستشفى النديم، إذ بلغ عددهم في العام 2021، 32 طبيباً مقابل 44 طبيباً في العام 2010. في حين تزايد عدد الأطباء في برامج الإقامة بنسبة تقدر بنحو 50%، خلال تلك الفترة، وفق إحصائيات وزارة الصحة.

ارتفعت نسبة الوفيات في "العناية المركزة" والخداج

استمرت الزيادة في الوفيات في "العناية المركزة" منذ عام 2015 باستثناء عام واحد



المصدر: تحليل بيانات التقرير الإحصائي السنوي لوزارة الصحة الأردنية 2010-2021



يظهر تحليل بيانات وزارة الصحة الأردنية ارتفاعاً طفيفاً في عدد حالات الإدخال إلى المستشفى منذ العام 2010، وبنسبة لا تتجاوز 2%، مقابل تزايد واضح في عدد الحالات الواردة إلى قسم الطوارئ.

يقول سامي مصطفى -اسم مستعار لطبيب اختصاص عمل في السابق في مستشفى النديم- إنّ قسم الطوارئ يكتظ عند وصول إصابات الحوادث المرورية، خصوصاً في ساعات الذروة؛ بسبب موقع المستشفى القريب من الطريق الصحراوي.

تزايد عدد مراجعي قسم الطوارئ منذ عام 2010 بأكثر من 100%

نسبة التغير للفترة 2010 - 2021

(%) نسبة التغير

المصدر: تحليل بيانات التقرير الإحصائي السنوي لوزارة الصحة الأردنية 2010-2021

وحسب مصطفى، يجري استدعاء الأطباء في حالات الحوادث الخطيرة.

"كل الكادر بيركض كفزعة، أنا طبيب اختصاص، بس لما بكون موجود ناس مقطعة بالطوارئ، بدي أنزل اشتغل طبيب طوارئ"، يقول مصطفى.

عيسى أحمد -اسم مستعار هو الآخر- عمل عدة سنوات في مستشفى النديم، ضمن أحد التخصصات.

يوضح أحمد أنّه خلال سنوات عمله، كان لدى المستشفى اختصاصي واحد في مجال التخدير، يغطي أقسام العناية المركزة (ICU) والعمليات والطوارئ.

لا يقتصر عمل الأطباء في المستشفى على الأقسام الداخلية فيه، بل يشمل دورهم متابعة المرضى في عيادات الاختصاص التابعة لمستشفى النديم.

يوضح رئيس قسم الخداج في مستشفى النديم أحمد عطا، أنّ الأطباء الاختصاصيين التابعين للقسم، يتوزعون على موقع الطبيب المناوب، وقسم الخداج، وقسم الأطفال، وعيادة الاختصاص، وموقع الطبيب المساعد، في حين لا يوجد في القسم أطباء مقيمون.

وحسبما أوضح، فإنّ عدد أطباء الاختصاص داخل القسم غير ثابت، وهو يتراوح بين 5 إلى 7 اختصاصيين، موكداً وجود نقص في تلك الكوادر.

يقول عطا إنّ "المشكلة تتعلق حالياً بكافة أطباء وزارة الصحة، هناك نقص في الكادر، لأنّ عقود العمل في الخارج تكون برواتب مغرية جداً".

معدل أطباء الاختصاص والممرضين (لكلّ ألف مريض) في مستشفى النديم للفترة 2010-2021

المصدر: تحليل بيانات التقرير الإحصائي السنوي لوزارة الصحة الأردنية 2010-2021

يوضح عطا أنّ القسم كان لديه تسعة أطباء بداية العام، إلّا أنّ ثلاثة منهم تقدموا بإجازة دون راتب للعمل خارج البلاد؛ لحصولهم على رواتب أفضل، وقدم آخر استقالته. "النقص لا يحدث بسبب وزارة الصحة، لكن بسبب مغادرة الأطباء"، يقول عطا.

تُناط بأطباء الاختصاص في قسم الخداج أعباء كبيرة؛ بسبب عدم كفاية الكادر، بحسب رئيس القسم. يقول عطا "الطبيب اليوم مناوب، وفي الصباح يغطي قسم الخداج، أمس الطبيب كان مناوباً بقسم الأطفال اليوم يغطي قسم الخداج".

لا يختلف حال الكادر التمريضي في قسم الخداج عن حال أطباء الاختصاص هناك، إذ توجد في فترة المناوبة الواحدة ثلاث ممرضات، حسب رئيسة التمريض في القسم ابتسام العمرو، وهنّ يقمن على رعاية الأطفال في القسم، الذي يضم 15 حاضنة، أي بمعدل ممرضة لكلّ خمس حاضنات، حسب قولها.

تشير تعليمات الحدّ الأدنى من نسبة الممرضين للمرضى، الصادرة عن المجلس التمريضي الأردني، إلى ضرورة توفر ممرض لكلّ طفليْن كحدٍّ أدنى في أقسام العناية المركزة الخاصة بالأطفال، أو ما يعرف باسم Neonatal Intensive care unit، ولا يحتسب رؤساء الأقسام ومدراء التمريض من الكادر عند تحديد تلك النسبة.

كما تشير التعليمات إلى ضرورة زيادة تلك النسبة؛ نظراً للإجازات السنوية، وإجازات نهاية الأسبوع، والأعياد التي يحصل عليها الممرضون.

توضح العمرو أنّه تمّ فصل قسم الخداج عن قسم الأطفال في مستشفى النديم في العام 2008، حيث واجه القسم وقتها نقصاً في الكوادر، إذ كانت توجد ممرضتان في كلّ فترة مناوبة (الشفت).

"كل سنة تعزز رئيسة التمريض القسم بكادر، نحن لم نصل بعد إلى المعيار المطلوب، لكن الوضع الحالي أفضل من السنوات الماضية" تقول العمرو.

يلفت رئيس قسم الخداج أحمد عطا إلى أنّ الممرضة العاملة في قسم الخداج، التابع للمستشفى، تكون من المؤهلات والمدربات بشكل خاص، فهي تتعامل مع "مريض شديد الخطورة".

يقول عطا إنّ "قسم الخداج حساس جداً، هناك أطفال تتراوح أوزانهم بين كيلوغرام واحد إلى كيلوغراميْن، لا بدّ وأن تكون للممرضة خبرة في التعامل مع أجهزة التنفس الصناعي، وأجهزة الفوتوثيرابي والمونتير".

تعتمد مدة بقاء الطفل في قسم الخداج على وزن الطفل وعمره داخل الرحم؛ فكلما نقص الأخير، نقص وزن الطفل، وازدادت الخطورة وبات يحتاج إلى مدة زمنية أطول في قسم الخداج، حسب رئيس القسم.

تباينت نسب الإشغال في قسم الخداج داخل المستشفى في العقد الماضي، إذ تراوحت بين 30% و90%.

أما في الوقت الراهن فيقول رئيس قسم الخداج أحمد عطا، إنّ نسبة الإشغال في القسم تصل إلى 90%.

انخفاض معدل إقامة المريض في وحدة الخداج في مستشفى النديم 2010-2021



المصدر: التقرير الإحصائي السنوي لوزارة الصحة الأردنية 2010-2021

سجل قسم الخداج أعلى نسبة وفيات في أعوام انخفض فيها معدل الإشغال



المصدر: تحليل بيانات التقرير الإحصائي السنوي لوزارة الصحة الأردنية 2010-2021



أصدر المجلس الطبي الأردني قراراً في شهر نيسان/ إبريل الماضي، باعتماد مستشفى النديم الحكومي اعتماداً عاماً لغايات تدريب الأطباء في مختلف برامج الإقامة والزمالة المعتمدة منه سابقاً.

يعلق الطبيب في المستشفى سابقاً عيسى أحمد على القرار قائلًا: "قمة الظلم إنك تجيب مقيمين يشتغلوا بمستشفى متل النديم؛ لأنّه ليس مستشفى تعليمي، وبالتالي ما في عدد أخصائيين كافي يقدر يتعلم منهم"، ويضيف "أصلًا المقيم جاي يتعلم... ما بتقدر تحمله مسؤولية ولا يخدر أحد لحاله، هذا يشكل خطر على المريض".

أثناء إجراء التحقيق، قابلنا نسرين محمد التي عملت ممرضة في مستشفى النديم لعدة سنوات. تحدثت -خلال المقابلة- عن الصعوبات التي تواجه الكادر التمريضي هناك.

أكدت الممرضة السابقة في المستشفى وجود نقص في الكوادر الطبية والتمريضية، أثناء سنوات خدمتها، مشيرةً إلى أنّ تعيين كوادر تمريضية من خارج منطقة مأدبا دون تأمين المواصلات، أو السكن، كان يشكل تحدياً أمام الممرضات العاملات في المستشفى.

وحسب الممرضة، فإنّ انخفاض الرواتب شكّل عاملاً طارداً لتلك الكوادر. تقول محمد "أغلب التمريض يتوجه إلى خارج البلد، لأنّ الرواتب متدنية" مؤكدة افتقار المستشفى إلى أخصائيين في مجالات رئيسية، منها القلب والدماغ والأعصاب.

تكشف دراسة أجراها باحثون من مركز دراسات المرأة في الجامعة الأردنية، أنّ التعرض للاعتداء الجسدي واللفظي من المراجعين، كان يشكل أحد أبرز عوامل صعوبات بيئة العمل لدى ممرضات مستشفى النديم، حسب الدراسة التي نشرت في العام 2018 في دورية "دراسات" وشملت كافة الممرضات العاملات في المستشفى.





تعاقب المدراء ومشاكل متكررة

تكررت حوادث اعتداء المراجعين على العاملين في مستشفى النديم، وفق ما رصدته وسائل إعلام محلية، والتي طالت الإناث منهم، كان آخرها ما حدث في صيف العام 2021، إذ تعرضت طبيبة حامل في قسم النسائية والتوليد للضرب من إحدى المراجعات هناك.

لم تقتصر الاعتداءات على العاملين، بل امتدت إلى الأقسام والمعدات؛ كان آخرها حادث اعتداء وقع نهاية عام 2020 في قسم الباطني في المستشفى من ذوي مريض عقب إبلاغهم بوفاته؛ إذ عمدوا إلى تحطيم أجهزة ومعدات طبية، ولم يكن هذا الحادث الأول من نوعه، الذي يقع في المنشأة الطبية.

كان ذلك يحدث في ظل تفاقم المشاكل الإدارية في المستشفى، وعدم انتظام الكوادر الطبية والتمريضية؛ ما دفع وزير الصحة الأسبق غازي الزبن إلى الطلب من مدير المستشفى ومدير صحة مأدبا، اتخاذ الإجراءات الصارمة تجاه ما يقع من ممارسات داخل المستشفى، ومنحهما الصلاحيات لاتخاذ الإجراءات بحق الموظفين الإداريين، والكوادر الطبية والتمريضية، للالتزام بالعمل، حسبما أشارت إليه وكالة الأنباء الأردنية (بترا) في العام 2019.

يؤكد الطبيب عيسى أحمد سوء توزيع الكوادر -خلال فترة عمله- في المستشفى قبل سنوات.

وحسبما أوضح، يتواجد في إحدى فترات المناوبة (الشفت) نصف الموظفين، في حين يمتنع آخرون عن الدوام في فترات أخرى، خصوصاً الليلية منها.

يقول الطبيب وهو يستعيد ذكريات بدت أشبه بقصة ساخرة "بالنسبة للكادر التمريضي ما يداوم، عادي جداً، العمليات بتكون شغالة والتمريض مش موجود، لبين ما ييجي من بيته أو مشواره بيدخل على العملية".

رصد التحقيق تغييرات متكررة في إدارة مستشفى النديم؛ إذ تعاقب 10 مدراء على المنشأة منذ العام 2010.

بلغت أطول مدة خدمة للمدراء في تلك الفترة نحو عاميْن ونصف لمرة واحدة، في حين جرى تغيير الإدارة مرتيْن في العام الواحد ولأكثر من مرة، كما تكرر تغيير المدراء بشكل سنوي.

تواصل فريق التحقيق مع أكثر من مدير سابق لمستشفى النديم، إلّا أنّهم اعتذروا عن الحديث بسبب الانشغال، حسب قولهم.

تعاقب المدراء على مستشفى النديم للفترة 2010-2020

1 = icon عدد المدراء الجدد

0

2010

1

2011

1

2012

2

2013

0

2014

1

2015

1

2016

0

2017

1

2018

2

2019

0

2020

1

2021

0

2022

المصدر: أرشيف المواقع الإخبارية

يوضح الطبيب سامي مصطفى -الذي عمل في مستشفى النديم لنحو عشرة أعوام- أنّ توفير متطلبات المستشفى يتأثر بتوجه الإدارة في مطالبة وزارة الصحة باحتياجات المستشفى؛ إذ إنّ التطوير والتحديث يتطلب دفع الأموال لغايات تأمين الأجهزة وتوظيف كادر، حسب رأيه.

يقول مصطفى "المدير الضعيف بده يبيض وجه، ما بطلب كثير، لما تقدم له طلبات بيضعها في الدرج، ما بوديها للوزارة حتى يظهر أنّه بطل". ويضيف: "بالنهاية المرضى بدفعوا الثمن".

توزيع الكوادر الطبية في مستشفى النديم للفترة 2010-2021

المصدر: التقرير الإحصائي السنوي لوزارة الصحة الأردنية 2010-2021

تراجع النظافة

"غرفة العمليات لا تصلح أن تكون حمامات عمومية، الفئران كانت تمشي في غرفة العمليات، وكان هناك صراصير على طاولة العمليات خلال إجراء العملية"، يقول الطبيب عيسى أحمد الذي ترك العمل في المستشفى قبل الانتهاء من التوسعة الجديدة.

نشرت وكالة الأنباء الأردنية في العام 2019 ما يشير إلى شكوى الطبيب عيسى أحمد. ونقلت الوكالة شكوى أحد المراجعين "من تدني مستوى النظافة في غرف المستشفى وانتشار الحشرات كالنمل والجراذين والديدان في كلّ مكان"، حسبما أورده المصدر.

أقر مدير مستشفى النديم خالد الخرابشة في العام 2019 بانتشار الحشرات في المستشفى، رغم مكافحتها باستمرار، وعزا الخرابشة ذلك إلى البنية التحتية القديمة للمستشفى، الذي أُنشئ عام 1980، إضافة إلى التأخير في أعمال التوسعة في المستشفى، حسب تصريح أدلى به لوكالة الأنباء الأردنية.

كما أشار مقدم الشكوى إلى تعطّل نظام الإطفاء في المستشفى منذ سنوات، وحاجة الأقسام كافة -خاصة الأطفال والطوارئ- إلى الصيانة.

لم يقتصر وجود الصراصير على غرفة العمليات، إذ تؤكد لانا محمود -من نزيلات المستشفى- أنّها اضطرت للتخلص من صرصور وجدته فور دخولها غرفة الولادة، وذلك في العام 2019، خشية وصوله إلى أسرّة النزيلات. "يعني لو إجى على حدا من اللي بولدوا.. لو واحدة خافت وقامت ممكن تتأذى"، تقول محمود.

تشير تقارير متابعة الخدمات في مستشفى النديم إلى تدني مستوى النظافة، في جميع أقسام المستشفى بشكل ملحوظ، دون اتخاذ إجراءات بحق المتعهد، فضلاً عن قيام مراقب عمال النظافة بالتوقيع عنهم، حسب تقرير ديوان المحاسبة للعام 2018.



مشروع متأخر وآخر لم يرَ النور


بدأ العمل في قسم العناية المركزة (ICU) ضمن التوسعة الجديدة في أيار/ مايو من العام 2019، حيث جرت زيادة سعة القسم بنحو عشرة أسرّة، بعد أن كان المستشفى يضطر إلى نقل حالات بحاجة إلى العناية المركزة (ICU) إلى مستشفيات أخرى في العاصمة عمّان، حسبما صرّح به المدير الأسبق في المستشفى إبراهيم المعايعة.

صدر أمر المباشرة بمشروع توسعة المستشفى في شهر أيار/ مايو من العام 2015، بموجب عطاء رقم (2014/54)، البالغ قيمته نحو 3.5 مليون دينار أردني.

شملت التوسعة أقساماً مهمة، وهي 5 غرف عمليات، وقسم عناية مركزة "ICU"، وقسم عناية قلبية تاجية "CCU"، وقسم تعقيم وخدمات مساندة، وتقدر مساحتها بنحو ثلاثة آلاف متر مربع.

لم تكتمل فرحة أهل المحافظة بمشروع التوسعة؛ إذ تباطأ العمل فيه، ما تسبب بتأخّر كبير في التنفيذ، وامتدت فترة الإنجاز من عام واحد إلى بضع سنوات.

يكشف تقرير ديوان المحاسبة للعام 2019، أنّ مدة الإنجاز في مشروع التوسعة بلغت 350% من مدة العطاء، التي كان من المفترض أن تمتد لعام واحد، دون أن يتمّ الانتهاء من أعمال المشروع كافة.

استمر تأخر مشروع التوسعة حتى عام 2019، في حين لم يجرِ تسليم الأقسام الجديدة بعد الانتهاء منها لشهور، إلّا بعد إحالة العطاء إلى متعهد آخر.

يؤكد الطبيب سامي مصطفى لفريق التحقيق بدء العمل في أقسام التوسعة، قبل أن تتسلمها وزارة الصحة بشكل قانوني من المقاول، وأنّه جرى تشغيل الأقسام الجديدة دون استكمال الإجراءات.

وكانت وسائل إعلام محلية أكدت بدء تشغيل قسم العناية المركزة في التوسعة الجديدة في أيار/ مايو من العام 2019، في حين صرّح محافظ مأدبا بلال النسور عبر تلفزيون المملكة -في وقت لاحق من العام ذاته- أنّ الأقسام في التوسعة لم يجرِ استلامها بالشكل القانوني من المقاول.

يرى وزير الصحة الأسبق غازي الزبن أنّ توسعة مستشفى النديم، هي حل مرحلي، وليست بديلاً عن إنشاء مستشفى جديد، مؤكداً أنّ المستشفى لم يكن يقدم الخدمة بالمستوى المطلوب، حسبما صرّح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) في العام الذي سبق جائحة كورونا.

وكان وزير الأشغال والإسكان الأسبق سامي هلسة قد صرّح في العام 2018، أنّه سيتمّ طرح عطاء إنشاء مستشفى مأدبا الجديد خلال العام ذاته، إلّا أنّه لم يجرِ تنفيذ المشروع حتى الآن.

تبلغ المساحة الإجمالية للمشروع حوالي 90,000 متر مربع، معظمها تقع في المبنى الرئيسي. كما يحتوي المستشفى مساحة خدمات خاصة. وهو يقع على قطعة أرض بمساحة تقريبية تصل إلى 55 دونماً على طريق مأدبا/ ماعين ، حسب مخطط المستشفى الذي نفذته شركة محلية.

صُمم المستشفى ليخدم المرضى من إقليم الجنوب، وهو يضم 350 سريراً قابلة للزيادة، وبه أقسام عدة، منها قسم العمليات، وقسم القلب والقسطرة، وقسم العناية المركزة، وقسم العناية المركزة للأطفال، وقسم الإسعاف والطوارئ، فضلاً عن جناح تعليمي يحوي مدرجاً -يتسع لـنحو 250 شخصاً- وغرف محاضرات.

يواجه مشروع المستشفى الجديد عقبات في التمويل؛ إذ يُتوقع أن تبلغ تكلفته نحو 79 مليون دينار أردني.



من المسؤول؟

يرى خبراء من المجلس الاقتصادي والاجتماعي -وهي هيئة تقدم استشارات للحكومة الأردنية حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية- أنّ الأردن يواجه تحديَ الاحتفاظ بالكوادر البشرية المدربة، وهجرتها في القطاع الصحي، وضعف أذرع الرقابة على جودة الرعاية الصحية في القطاعيْن العام والخاص، حسب تقرير حالة البلاد للعام 2021.

تشير الاستراتيجية الصحية الوطنية للعام 2008-2012، الصادرة عن المجلس الصحي العالي في الأردن، إلى أنّ أحد أسباب هجرة الكوادر من وزارة الصحة في سنوات ماضية، هو تدني الرواتب، وغياب أنظمة التحفيز؛ إذ كان النظام المعمول به يعتمد بشـكل أساسـي على عدد سنوات الخدمة، ولا يرتبط بالأداء الفعلي، وهو ما لا يشجع الكوادر على زيادة جهودها وتحسين إنتاجية وجودة الخدمات الصحية المقدمة، حسب الاستراتيجية الصادرة عن المجلس الصحي العالي. يضع مجلس اعتماد المؤسسات الصحية (HCAC) معايير الرعاية الصحية الوطنية وتحديثها ومراجعتها وتصنيفها وتوزيعها على مؤسسات وبرامج الرعاية الصحية، مع مراعاة متطلبات الجمعية الدولية لجودة الرعاية الصحية (ISQua).

تُمنح المؤسسة الصحية الاعتمادية لمدة عاميْن فقط، يتمّ تجديدها لاحقاً بعد إخضاعها للتقييم مرة أخرى.

يوضح المحامي أنس جوهر أنّ وزارة الصحة هي المسؤولة عن توفير الرعاية الصحية للمواطنين كافة في البلاد، كما أنّها الجهة المسؤولة عن توفير الأطباء.

جوهر -الذي انتقل من غرف العمليات في مستشفيات حكومية، كفنّي تخدير إلى أروقة القضاء، بعد دراسة المحاماة- بات مهتماً بقضايا المسؤولية الطبية والصحية.

يقول جوهر إنّ للمستشفيات الحكومية أنظمتها، وهي لا تلاحَق جزائياً في حال وقوع خطأ طبي، لكن يمكن المطالبة بالتعويض عن العطل والضرر. يقول جوهر "في حال عدم توفر طبيب اختصاص وتسبب ذلك بالضرر، يمكن ملاحقة الوزارة مدنياً للحصول على التعويض، ولكن يجب إثبات العلاقة السببية بين غياب طبيب الاختصاص وما وقع من ضرر".

أما الطبيب أو الممرض العامل فيها فهو موظف عام، يُحاسب أمام الجهات القضائية النظامية، حسبما أوضح جوهر.

وأشار المحامي إلى أنّ الرقابة الداخلية في المؤسسات الحكومية هي الجهة المسؤولة عن انضباط الموظفين فيها. أما عند حدوث خطأ طبي، فتُعدُّ الجهة القضائية صاحبة الولاية لتحصيل الحقوق، إلّا في حال اللجوء إلى السلطة التنفيذية كجهة تأديبية، حسب جوهر.

تقدمت مُعدَّتا التحقيق بطلب إلى وزارة الصحة؛ لإجراء مقابلة مع مدير مستشفى النديم للحصول على توضيحات بشأن ما توصلتا إليه، إلّا أنّه لم يصلهما من الوزارة ردٌّ حتى تاريخ نشر هذا التحقيق؛ لتستمر معاناة المرضى كـ "سارة عبد الله" وغيرها ممن قابلناهم -ضمن هذا التحقيق- إلى أن يقوم المسؤولون عن المستشفى بدورهم في تحسين مستوى الخدمة المقدمة للمرضى.