يحظى حملة الشهادات العليا -متقنو اللغّات الأجنبية بشكل خاص- بفرص أوفر في سوق العمل. إلّا أنّ فرص التشغيل شبه معدومة أمام حملة الشهادات من ذوي الإعاقة في مجتمع تطغى فيه الصورة النمطية حيال تقييم إنتاجية هذه الفئة وقدراتها.
ليلى نبهان واحدة ممن يواجهون أبواباً موصدة، رغم نيلها شهادة ماجستير في حقوق الإنسان وإتقانها لغتين -الإنجليزية والروسية- إلى جانب لغتها الأم (العربية). تشكو ليلى تجاهل أصحاب العمل لمهاراتها وكفاءتها بسبب شلل دماغي يسبّب لها اضطرابات في توازن الجسم، منذ كانت في سن الخامسة.
"عندما تصبح في الحادية والثلاثين وأنت ما تزال تطلب المال من والديك، فتلك مشكلة، بل مشكلة كبيرة. امنحوني فرصة وسأثبت نفسي"، تناشد ليلى، بينما تعدّد مهاراتها اللغوية والأكاديمية. ثم تتساءل: "لم لا أُمنح فرصة كأيّ شخص آخر؟".
تبحث هذه الشابة عن عمل مستقر بدوام كامل، بعد أن راكمت خبرة في العمل التطوعي لدى مؤسسات مجتمع مدني.
سارة أبو علي، وجدت أبواب العمل موصدة بعد تخرجها عام 2016. رد إحدى الشركات أحزنها بعد أن علمت أنّها كفيفة: "ألغينا مقابلة العمل لأنّ الوظيفة لا تناسبك". أمام هذا الصد، صممّت الفتاة -البالغة من العمر 26 عاماً- على مساعدة ذوي الإعاقة البصرية عبر تحويل أفكارها إلى تطبيقات هاتف تساعدهم على قراءة العملات الورقية والتفريق بين الألوان.
تقول سارة: "يدرك ذو الإعاقة تماماً حدود قدراته، لذا لن يتقدم لوظيفة لا يستطيع القيام بها... لن يحرج نفسه ويجعلها عرضة للرفض".
التحديات التي تواجهها ليلى وسارة وغيرهم من ذوي الإعاقة، تكشف أوجه القصور في تطبيق ما يعرف بـ "كوتا توظيف ذوي الإعاقة"، التي استحدثها المشرّع الأردني عام 1993، وطوّرها في قانونيْن معدلّيْن عاميْ 2007 و2017 لإلزام المؤسسات العامّة والخاصة بتوظيفهم.
"تستخدم مؤسسات القطاع العام والخاص والشركات التي لا يقلّ عدد العاملين فيها عن 25 ولا يزيد على 50 عاملاً واحداً من المعوقين، وإذا زاد عدد العاملين في أيّ منها على 50 عاملاً، تخصص ما لا تقل نسبته عن 2% من عدد العاملين للمعوقين على أن لا يتعارض نوع الإعاقة مع طبيعة العمل في المؤسسة".
لم ينص القانون على عقوبات للمخالفين للقانون.
إلزام مؤسسات القطاع العام والخاص والشركات التي لا يقلّ عدد العاملين في أيّ منها عن (25) عاملاً ولا يزيد على (50) عاملاً بتشغيل عامل واحد من الأشخاص المعوقين، وإذا زاد عدد العاملين في أيّ منها على (50) عاملاً، تخصص ما لا تقلّ نسبته عن (4%) من عدد العاملين فيها للأشخاص المعوقين شريطة أن تسمح طبيعة العمل في المؤسسة بذلك.
من يثبت امتناعه يدفع غرامة مالية لا يقلّ مقدارها عن ضعف الأجرة الشهرية للحد الأدنى لعدد الأشخاص المعوقين المترتب عليها تشغيلهم خلال السنة، وفي حال تكرار المخالفة تُضاعف الغرامة.
مع عدم الإخلال بما يتطلبه العمل أو الوظيفة من مؤهلات علمية أو مهنية، تلتزم الجهات الحكومية وغير الحكومية، التي لا يقلّ عدد العاملين والموظفين في أيّ منها عن (25) ولا يزيد على (50) عاملاً وموظفاً، بتشغيل شخص واحد على الأقل من الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن شواغرها، وإذا زاد عدد العاملين والموظفين في أيّ منها على (50) عاملاً وموظفاً تخصص نسبة تصل إلى (4%) من شواغرها للأشخاص ذوي الإعاقة وفقاً لما تقرره وزارة العمل.
يعاقَب كلّ من يخالف بغرامة لا تقلّ عن ثلاثة آلاف دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار.
نسبة معينة من شيء يسمح للشخص بامتلاكه أو يتوقع منه فعله.
وفي المفهوم الخاص في سياق التوظيف، نسبة الوظائف المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة.
رغم مرور ربع قرن، فشلت الحكومات المتعاقبة في الاستجابة لحقوق ذوي الإعاقة وتطبيق الكوتا المقوننة بسبب ثغرة في قانون الأشخاص ذوي الإعاقة؛ الذي عُدّل آخر مرّة عام 2017. يعود ذلك أيضاً إلى تضارب في القوانين الناظمة، وضآلة الغرامات الرادعة وضعف التنسيق بين مؤسسات الدولة بسبب سرعة تغيير الحكومات، حسبما وثّق مُعِدَّا التحقيق. يفاقم المشكلة الصورة النمطية لذوي الإعاقة وغياب تجهيزات تيسيرية في أماكن العمل وفي شبكة المواصلات العامّة.
قانون "رعاية المعوقين" لعام 1993 ألزم المؤسسات -التي تشغّل 50 فرداً فأكثر- بألّا يقلّ عدد ذوي الإعاقة عن 2% من موظفيها. وفي 2007، حل مكانه قانون آخر، رفعت فيه النسبة من 2% إلى 4% مع تغيير المسمّى إلى قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. تزامن ذلك مع مصادقة الأردن على الاتفاقية الأممية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وولادة المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة برئاسة الأمير رعد بن زيد. منذ ذلك الحين، باتت هذه الهيئة مظلّة مؤسّسية وقانونية للأشخاص ذوي الإعاقة "بهدف الوصول إلى مجتمع يتمتع فيه ذوو الإعاقة بحياة كريمة مستدامة تحقّق لهم مشاركة فاعلة قائمة على الإنصاف والمساواة".
في رصده لأوضاع ذوي الإعاقة خلال عام 2018، استنتج المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بأنّ غياب آليات التطبيق في المادة (25) من قانون 2017 يشكّل عائقاً أمام حماية حقوق ذوي الإعاقة في العمل والتمكين الاقتصادي. ورد ذلك في أول تقرير سنوي يصدره المجلس بالاستناد إلى المادة 9/أ من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2017. ويشير التقرير إلى أنّ غياب آليات المحاسبة في المادّة (48) الخاصّة بتخصيص نسبة تصل إلى 4% لهذه الفئة من شواغر القطاعين العام والخاص "قد يشّكل ذريعة لأصحاب العمل لعدم تعيين الأشخاص ذوي الإعاقة بحجّة أنّ عدد الشواغر قليل ولا يسمح بتعيين الأشخاص ذوي الإعاقة".
على أنّ أمين عام المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة مهند العزّة يرمي الكرة في ملعب وزارة العمل "هذه وظيفة الوزارة. يجب عليهم التحليل والتفتيش على الشواغر ومن ثم تطبيق القانون"، يشرح العزة، مضيفاً "بالنسبة لي، [نص الشواغر] واقعي ومنطقي".
ورغم إقراره بصعوبة تحديد الشركات الملتزمة بكوتا الشواغر، يرى العزّة أنّ ربطها بمعادلة تخصيص 4% من الوظائف المشغولة لذوي الإعاقة قد يعني استغناء أصحاب عمل عن موظفين أصحّاء. ويشكو العزّة سرعة تغيير الحكومات في الأردن، فهي أشبه بـ "الكابوس" الذي يعيد المجلس إلى نقطة الصفر في الحوارات والنقاشات، حسب قوله.
توالى على المجلس خلال سنوات عمله الثلاث عشرة اثنتا عشرة حكومة، ترأسها سبعة رؤساء وزراء، بينما تعاقب عشرة وزراء على حقيبة العمل.
ضمان تطبيق قانون العمل منوط بوزارة العمل، التي تنحصر صلاحياتها بالرقابة على القطاع الخاص؛ إذ يعمل أكثر من 658 ألف شخص حتى نهاية 2018، وفق جداول المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
التقرير السنوي الأول للمجلس الأعلى تضمّن مراجعة للتشريعات ذات الصلة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وفحص مدى انسجامها مع الأحكام الواردة في قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة النافذ. ووجد أنّ المشرع لم يستبعد الأشخاص من العمل أو التدريب على أساس الإعاقة، لكنّه أوجد مخرجاً لصاحب العمل باشتراط وجود عمل "يتناسب مع حال العامل ذي الإعاقة".
أما مؤسسات السلطة التنفيذية، فتخضع لرقابة مجلس النواب، الذي تنشط تحت قبّته لجان مختصة؛ مثل لجنة المرأة وشؤون الأسرة والشباب والتعليم. لكن ليس ثمّة لجنة تشريعية تُعنى بشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة.
تنشر وزارة العمل 174 مفتشاً في مقابل 4475 مؤسسة خاصّة ينطبق عليها القانون.
خلال 2019، نفّذ المفتشون 5069 جولة نجم عنها توجيه 415 إنذاراً لمؤسسات مخالفة. 169 منها لم تصوّب أوضاعها خلال المهلة الزمنية المحددة، وأُحيلت إلى محكمة الصلح، حيث دفعت كل منها غرامات تتراوح بين 50 و100 دينار (70-140 دولاراً).
كما رصدت الجولات التفتيشية عدم التزام 2185 شركة بتوظيف أشخاص ذوي إعاقة، بحسب تصريحات الناطق الرسمي باسم وزارة العمل غيداء العواملة.
لدى مقابلته في آذار/ مارس 2019، شكا مدير مديرية التفتيش السابق منور أبو الغنم عدم التزام الشركات الخاصة "كما يجب" بتوظيف النسبة المنصوص عليها في القانون.
في 2016، أقامت شركة أخطبوط للتوظيف معرضاً توظيفياً للأشخاص ذوي الإعاقة بمشاركة 27 شركة في القطاعات التكنولوجية، والمصرفية، والأكاديمية والصحية. حضر ذلك المعرض قرابة 3000 باحث/ة عن عمل من ذوي الإعاقات السمعية والبصرية والحركية. وعلى الرغم من أنّ الشركات عرضت 1207 شواغر وظيفية، فإنّ 15% منها فقط وظفّت أشخاصاً ذوي إعاقة، بحسب الأرقام التي زودتنا بها الشركة.
تواصل مُعِدَّا التحقيق مع عدّة شركات شاركت في المعرض وطلبا منها تعبئة استبانة لدراسة الأسباب التي تحول دون توظيف ذوي إعاقة في القطاع الخاص، إحدى الشركات أرجعت ضعف تشغيل هذه الشريحة إلى عدم تهيئة بيئة العمل لذوي إعاقة والخوف من قلة إنتاجيتهم.
تتكرر هذه الشكوى في تقرير رصد أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، المنشور على موقع المجلس مطلع آذار/ مارس 2020 "جدول الأمراض التي تحول دون التعيين والابتعاث الصادر بالاستناد إلى المادة (17) من نظام التقارير واللجان الطبية رقم (13) لسنة 2014 يشكّل عائقاً أمام تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة".
على أنّ أمين عام ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر يبرّر قلّة الوظائف المتاحة لذوي الإعاقة في القطاع العام بتدنّي الكفاءات، وتردّي الوضع الاقتصادي ومحدودية الشواغر المتاحة. ويشكّل ذوو الإعاقة 2000 شخص من مجمل طالبي التوظيف في القطاع العام، الذين يقدرون بـ 389 ألفاً، حسبما يوضح أمين عام الديوان.
وعرض الناصر على مُعِدَّيْ التحقيق موافقة مجلس الوزراء على طلب الديوان بإعادة تأهيل 167 من ذوي الإعاقة يحملون شهادة الدبلوم، وينتظرون على قوائم الديوان منذ ما يزيد على عشر سنوات. وكان حاملو الدبلوم يُحرمون من التدريس في المدارس الحكومية، منذ صدور قرار عام 1995 يشترط درجة البكالوريوس كحد أدنى للتوظيف في وزارة التربية والتعليم. وتنصّ الموافقة على تزويد 59 شخصاً سنوياً -بين 2019 و2021- بالمهارات اللازمة لإدخال البيانات، والأرشفة والطباعة، قبل تشغيلهم في مؤسسات حكومية في مجالات إدارية.
في المقابل، توظف مؤسسات ذوي إعاقة امتثالاً للشرط القانوني، فيصبحون موظفين بالاسم من دون إسناد أيّ مهام وظيفية لهم.
الكفيف منذ الولادة حمزة بركات (26 عاماً) يعمل "معلماً زائداً" في إحدى المدارس الحكومية. وُظِّف هذا الشاب -القاطن في منطقة طبربور- قبل ثلاث سنوات، لكنّ عمله الفعلي لم يتجاوز الشهرين في تدريس طلاب صفين. يساعد حمزة طوعياً في تدريس تلاميذ يعانون صعوبات تعلم، وما عدا ذلك فهو يتقاضى راتباً لقاء حضوره وانصرافه على الرغم من أنّه غير مكلّف رسمياً بأيّ مهام.
حمزة الذي يحمل شهادتيْ البكالوريوس باللغة الإنجليزية وآدابها والماجستير في علم اللغويات التطبيقية، يعتقد أنّ الكوتا ما هي "إلا حبر على ورق".
يثير نظام الكوتا جدلاً حول نجاعة تطبيقه في الدول التي اعتمدته. إذ يرى مناصروه أنّه ضروري لمكافحة التفرقة ضد ذوي الإعاقة، بينما يرى معارضوه أنّ النسبة المتفق عليها رمزية وتعرّض المستهدفين لمعاملة خاصة.
في المملكة المتحدة مثلاً، استُعيض عن نظام الكوتا في تسعينيات القرن الماضي بقانون يمنع التفرقة ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، بعد نصف قرن تقريباً على اعتماده هناك.
مهند العزّة يرى أنّ الكوتا تشكّل "حلاً مؤقتاً" و"أداة استثنائية" يُفترض توظيفها إلى جانب حلول طويلة الأمد لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل.
أمين عام المجلس الأعلى -الذي يعاني إعاقة بصرية- يحثّ أصحاب العمل على التخلّي عن "الاعتقاد السائد بأنّ الأشخاص ذوي الإعاقة عاجزون". ويردف "يجب عليهم تغيير طريقة تفكيرهم إذا أراد الأردن تحقيق فرص متكافئة".
الأشخاص الذين يتعرضون للتمييز على أساس الإعاقة يمكنهم الشكوى على صاحب العمل لدى لجنة تكافؤ الفرص، التي أُنشئت بموجب قانون 2017 برئاسة أمين عام المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة وعضوية 12 ممثلاً عن الحكومة والقطاع الخاص، وأشخاص من ذوي الإعاقة، ونقابات عمالية والمركز الوطني لحقوق الإنسان.
تلقّت اللجنة 54 شكوى من تاريخ تشكيلها عام 2018 وحتى أكتوبر/ تشرين الأول 2019. وعالجت 17 من تلك الشكاوى، إما بترقية المشتكي، أو نقله إلى موقع آخر لدى جهة رسمية أو توفير ترتيبات تيسيرية في مكان العمل.
وتؤكد عضو لجنة تكافؤ الفرص بثينة فريحات، ممثلة المركز الوطني لحقوق الإنسان، أنّ معظم الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يتقدمون لوظائف يواجهون غالباً تمييزاً ذا صلة بالإعاقة، لا يمكن إثباته.
تمنح الحكومة دعماً نقدياً للعائلات التي لديها أطفال من ذوي الإعاقة والمصابين بعجز كليّ من خلال صندوق المعونة الوطنية. ولكنّ هذه المعونات التي تبلغ بمتوسط شهري 47 ديناراً ونصف (67 دولاراً)، ليست كافية في بلد يقدّر خط الفقر فيه بـ 814 ديناراً للفرد سنوياً (1148.11 دولاراً)، بينما تزيد نسبة الفقراء على 15% من الشعب الأردني.
الفتى أحمد نمر (16 عاماً) يعمل منذ كان في الثانية عشرة عقب تعرض والده لعجز منعه من إعالة أطفاله. معونة وزارة الشؤون الاجتماعية لا تكفي ليكمل الفتى تعليمه "كنت حابب أكمل دراستي"، يقول أحمد، الذي يعمل الآن في مقهى شمال غربي عمّان. "ولكن عندما تغيرت الأحوال كان علي تقبل الواقع كما هو".
الثلاثينية أحلام (اسم مستعار) تتحرك على عكّازين منذ كانت في السادسة من عمرها. إلّا أنّ هذا الحال لم يُعِقْ قط قدرتها على العمل.
تعمل أحلام حالياً في موقع آخر بعد أن اضطرت إلى ترك وظيفتها في مجال الموارد البشرية في سلسلة محال تجارية شهيرة، على الرغم من أنّها حصدت لقبيْ "موظف الشهر المثالي ومدير السنة المثالي". تقول أحلام إنّها موظفة مجتهدة؛ فهي ما تزال تحتفظ بشهاداتها في منزلها شرقي عمان كذكرى لأيام عملها السابق.
روت أحلام عند مقابلتها لأول مرة في آذار/ مارس 2019 أنّها أمضت سبعة أشهر في البحث عن عمل جديد قبل أن تجد هذه الفرصة الأدنى من سابقتها.
"أمضي سبع أو ثماني ساعات في العمل ثم أعود إلى المنزل، أجلس مع أمي قليلاً وبعدها أذهب إلى النوم". ولكن، بعد عام من العمل الدؤوب، استطاعت أن تثبت نفسها في مكان عملها، وأن تحصل على ترقية وزيادة في الراتب. وتعلّل ذلك بأنّ إثبات نفسها أمام صاحب العمل وزملائها "تطلب وقتاً حتى أدركوا من أنا فعلاً".
يحظر القانون حرمان الطالب ذي الإعاقة من دراسة أيّ مبحث أكاديمي وكذلك من ترسيبه أو ترفيعه تلقائياً على أساس إعاقته أو بسببها. ولكن مُعِدَّيْ التحقيق توصّلا من خلال المقابلات إلى أنّ ذوي إعاقة فشلوا في دراسة مباحث وتخصصات معينة في المدرسة والجامعة، ما حدّ من خياراتهم المهنية.
حمزة أراد دراسة البرمجة بعد الثانوية العامة عام 2011، لكنّه درس اللغة الإنجليزية لقلّة الخيارات المتاحة أمامه. وما يزال هذا الشاب يعتمد على والده في الوصول إلى المدرسة التي يعمل فيها في منطقة جبلية رغم أنّه يسكن ضمن منطقة عمله.
تستذكر أحلام معاناة حضورها ندوة نظمّتها جهة حكومية حول قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة في فندق فاخر. كان الجميع يحتفلون ويلتقطون الصور، إلّا أنّها عندما همّت بالمغادرة انتظرت على جانب الطريق لمدّة ساعتيْن بحثاً عن سيارة أجرة.
أطلقت أمانة عمان أولى مراحل مشروع الباص السريع -الذي يتوقع إنجازه منتصف 2021- بتدشين 135 حافلة مهيأة لهذه الفئة من أصل 286 حافلة على خطوط داخل مدينة عمان.
ربع قرن، وثلاثة قوانين وعشرات القرارات استهدفت حماية هذه الفئة. إلّا أنّ معظم ذوي الإعاقة ما انفكوا يطاردون أمل العمل والاستقرار وسط ضعف الإجراءات الحكومية وتنصل شركات في القطاع الخاص من مسؤولية تطبيق الكوتا.