عماد الرواشدة - تعذيب واعتداءات جنسية في دور لرعاية الأطفال الأيتام الإهمال سمة عامة لغالبية الدور في ظل عدم كفاءات كوادرها

2009/12/28
التاريخ : 28/12/2009

حين بدأنا العمل على تحقيق الايتام لم يدر بخدلنا ان تتوسع حلقة البحث الى الحد الذي سنكتشف فيه ان ثمة اناس في الاردن يعيشون على حافة الموت، الانتحار او الانحراف .

كانت القصص التي سمعناها لاكثر من 30 حالة عاشت و تخرجت من دور الرعاية، اشبه بالخيال. شبان يحملون في دواخلهم طفولة مليء بمشاهد المشاجرات الدامية، و الاعتداءات الجنسية، بلا مورد للرزق، يبيتون ليال بلا طعام، يهربون من صور الماضي بالنوم لساعات طويلة، او بالانعزال على انفسهم لايام. اطفال بلا اهل، لا يعرفون في حياتهم سوى الشتم، التحقير، الجوع، و الضرب بالعصي و اسلاك الكهرباء .

اكتشفنا ان حياة أيتام دور الرعاية مسلسل يومي من الخوف و الرعب، الصغير يعتدي على الكبير، و الاخير كان ضحية في صغره لمن هم اكبر منه. ببساطة اتضح ان قصة هؤلاء تعود لاكثر من 13 عاما، و انها حلقة مفرغة من العنف، بكافة صنوفه، و العنف المضاد.

بعد وضوح صورة حال الايتام من خريجي دور الرعاية ومنتفعيها استطعنا بمساعدة مشرف التحقيق الأستاذ سعد حتر صياغة فرضية مفادها أن “الخلل في تنشئة الأيتام في دورالرعاية وغياب مظلة حماية حكومية لهم بعد البوغ تجعلهم عرضة للإنحراف والتشرد والضياع “.

حاولنا جهدنا في التحقيق فهم الاسباب الكامنة خلف كل هذا التسيب و انعدام الرقابة في متابعة فئة ليس لها ولي الا الدولة، فبحثنا عن مؤهلات ادارات الدور، ليتضح ان ثلثهم لم يكملوا المرحلة الاعدادية. بحثنا في انظمة الرقابة و التفتيش فإذا بها شبه معدومة كما ترى دراسات حكومية و عربية، و كما تبين لنا عبر الزيارات الميدانية للدور و عبر افادات الاطفال .

اثبتنا تدهور المستوى التعليمي لخريجي و منتفعي الدور الى حد الامية احيانا. عرضنا لمحاولات و وقائع انتحار، حصلنا على تقارير تؤكد تعرض العشرات لاعتداءات جنسية، اضافة لمن انحرف من الفتيات و الشبان الذين وصل الحال ببعضهم للقتل،تعاطي الحبوب المخدرة، او تعاطي الكحول في عمر مبكر.

كان اصعب ما واجهنا في التحقيق، هو انعدام الشعور بالثقة بالاخر عند هذه الفئة بسبب ما عانته في الصغر، و هو امر تبين بعد عرض عدد من الايتام الخريجين على طبيب نفسي، انه عارض مرضي، نتج، الى جانب معاناة معظمهم من “الاكتئاب المتوسط”، عن خبرات الطفولة القاسية.

المعوق الاخر الذي واجهنا في التحقيق هو كيفية التواصل مع الاطفال داخل الدور،اضافة الى عدم وجود قاعدة بيانات حكومية للتتبع احوال من تخرج منهم.

تلك المعيقات، تم التغلب عليها بفضل الدعم و التوجيه الذي قدمته لنا “اريج” ممثلة بمشرف التحقيق الاستاذ سعد حتر، و السيدة رنا الصباغ المديرة التنفيذية للشبكة.

بقي القول، اننا قدمنا اكثر من 5 طلبات حق حصول على المعلومة،تم التجاوب مع معظمها،و هو امر وفر وقتا و جهدا كبيرين لانجاز العمل المطلوب،اضافة لكونه اثرى التحقيق بمعلومات موثقة لا تقبل التشكيك.ش


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *