شهيق أسود
غبار الفحم والاسمنت يفتك بصدور المصريين
الحكومة تخالف الدستور بإيجاز استخدام الفحم في الصناعة
تحقيق: رحمة ضياء
انفوجرافيك: محمد بكر
النوافذ مغلقة صيفًا شتاءً. رغم ذلك يتسلل غبار الفحم والاسمنت إلى المنازل فيوشح الستائر بالسواد. سُحب دُخان مصنع "تيتان" تُخيم على وادي القمر في الإسكندرية، حيث بالكاد يرتدي الأهالي هنا الملابس البيضاء.
الاسمنت وغبار الفحم يختلطان بزيت قليّ الفلافل في مطعم يبعد خمسة أمتار عن سور المصنع. في بيتٍ ملاصقٍ له، بخاخ الأكسجين لا يفارق يد مبروكة، التي يزحف عمرها صوب السبعين. تجاهد لتلتقط نفسًا، علّه يحمل هواءً نقيًا، إلى رئتها المصابة بالتليف.
الموت فَرّق بين مبروكة وجارتها هدى عبد الفضيل التي توفيت في سبتمبر/ أيلول 2016 بسبب ارتشاح رئوي، بحسب تقرير الوفاة. حفيد هدى يُصارع أمراض الرئة منذ ولادته قبل عام: "مفيش بيت هنا إلا فيه مريض رئة أو حساسية في الأنف أو العين"، تقول مبروكة.
تفيد تقارير طبية حديثة بوفاة اثنين من سكّان وادي القمر بفعل ارتشاح رئوي، وإصابة 20 آخرين بأمراض الجهاز التنفسي، في محيط مصانع اسمنت تستخدم الفحم في ثلاث محافظات؛ القاهرة، الإسكندرية، وأسيوط. وقعت هذه الإصابات بعد سنتين على تحوّل المصانع الثلاثة – من بين 19 مصنع اسمنت في مصر- لاستخدام الفحم البترولي/ الحجري، مستغلة قرارا حكوميا عام 2015 بتعديل لائحة قانون البيئة.