الأردن

الهروب

في يوليو عام 2010، احتفلت قيادات شركة الشرقية "إيسترن كومباني" بافتتاح مصنع جديد لإنتاج التبغ وسجائر الكليوباترا في منطقة الزرقاء بالأردن، كاستثمار مشترك مع شركة "التاج لصناعة التبغ والسجائر والمعسل"، بقيمة 14 مليون دولار.

قالت الشركة -في تصريحات صحفية- إن ذلك بغرض التوسع وزيادة حجم صادرات سجائر كليوباترا. وطبقًا لوثيقة التسجيل على موقع دائرة مراقبة الشركات الأردنية، فإن صاحب الملكية الأكبر لشركة "التاج" هو رجل الأعمال الأردني "عيسى يوسف مطيع عيسى"، وقد تأسّست في فبراير 2007 لكن طبقًا لمستندات اتفاقية التصنيع الخارجي التي وقّعت بين الشركة الشرقية "إيسترن كومباني" وشركة "التاج" في أكتوبر 2009، كان ممثلّ الأخيرة رجلُ الأعمال الأردني "عوني يوسف مطيع عيسى" بصفته رئيس مجلس الإدارة، بموجب توكيل من أخيه "عيسى" مالك الشركة، كما مُنحت لشركته رخصةٌ حصرية لتصنيع بعض علامات كليوباترا والمنتجات الأخرى، بالإضافة للتوزيع في بعض الدول التي تحددت أسماؤها في ملحق إضافي لاتفاقية الترخيص.

لكن الشراكة بين الشركتين لم تدم طويلا، ففي منتصف عام 2011، أخطرت الشركة الشرقية شركة "التاج" قانونيًا بانتهاء العمل بأحكام الاتفاقية، موضّحة أن الأخيرة أخلَّت بالتزاماتها في شروط التعاقد.

لكن الشركة وضَّحت أسبابًا أخرى في خطاب صادر للجمارك المصرية، ذكرت فيه أن شركة "التاج" أنتجت كميات من سجائر كليوباترا دون إخطارها، كما هرَّبت كميات أخرى إلى السوق المصري، فرفعت الشركة الشرقية دعوى قضائية أمام المحاكم الأردنية ضد شركة التاج برقم 29292/2012، لا تزال متداولة أمام القضاء الأردني.

لكنّ قرار إنهاء الشراكة لم يُوقف استمرار "شركة التاج" عن إنتاج السجائر، لتنشر الشركة الشرقية للدخان في أغسطس 2012 تحذيرًا باللغة الإنجليزية عبر مجلة "توباكو إنترناشيونال" من التعامل مع شركة "التاج" يوضّح إنهاء الترخيص والشراكة بين الشركتين، رغم استمرار شركة التاج في التعامل ببعض العلامات التجارية المملوكة للشركة الشرقية دون ترخيص.

العديد من الوثائق الصادرة عن الشركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني" -التي حصلنا على نسخ منها- تشير إلى اتهام رجل الأعمال "عوني مطيع" بأنه وراء عمليات إنتاج سجائر كليوباترا وتهريبها في عدد من الدول الأجنبية، خاصة فيتنام، مستخدمًا الترخيص الملغي الذي منحته إياه، بعد توقيع اتفاقية بين شركة "التاج" والشركة الشرقية إيسترن كومباني، لتصنيع منتجاتها في الأردن وتصديرها إلى دول أخرى، لكننا لم نستطع التأكد من هذه الاتهامات.

لكن في يوليو عام 2018 عندما شكَّلت حكومة أردنية جديدة بقيادة الدكتور عمر الرزاز، وإثر شكوى تقدَّم بها النائب مصلح الطراونة، في أثناء جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة، أصدرت السلطات الأردنية قائمة تحوي 30 اسمًا للقبض عليهم ومنعهم من السفر، على رأسهم "عوني مطيع" وأبناؤه "بشار ويوسف" وأخوه "عيسى" مالك شركة التاج التي وقَّعت الاتفاقية مع الشركة الشرقية إيسترن كومباني، بتهمة تصنيع السجائر وتهريبها بطرق غير شرعية، بعد مداهمة 4 مواقع إنتاج يمتلكها "عوني مطيع"، إلا أن رجل الأعمال الأردني تمكن من الهرب إلى لبنان، قبل يوم واحد فقط من إصدار أمر القبض عليه.

ومع بداية أغسطس 2018، أصدرت السلطات الأردنية مذكرة بحث عن "عوني مطيع" أوردت فيها أنه متهم بارتكاب جرائم اقتصادية وممارسة نشاط غير مشروع داخل الأراضي الأردنية، تمثلت في تصنيع كميات كبيرة من السجائر المغشوشة وتهريبها بطرق غير مشروعة، وترتّب على المتهم دفع رسوم وغرامات جمركية لصالح خزينة الدولة تقدر بنحو 177 مليون دينار أردني (ما يقارب 250 مليون دولار أمريكي) في الفترة من 2004 إلى 2014.

كما أصدر الإنتربول الدولي نشرة دولية حمراء للبحث عن عوني مطيع، ذكرت احتمالية وجوده في لبنان أو تركيا.

يمتلك "مطيع" العديد من الشركات في الدول الأوروبية المتخصصة في مجال تجارة التبغ وتصنيعه، ففي رومانيا لديه شركة تحت اسم "باشروم 2000"، توضّح أوراق تسجيلها أنها بدأت نشاطها عام 2001، في مجال المعجنات والحلويات والبن والمشروبات، وأضاف لها بعد ذلك في عام 2002 تجارة التبغ وتصنيعه، كما يمتلك أيضًا شركة أخرى تحت اسم "التاج الذهبي للاستثمار" في جورجيا، تأسست عام 2017، ومجال عملها الأساسي تجارة أوراق نبات التبغ وتصديرها.

في تواصلنا مع وصفي أبو رمان، محامي رجل الأعمال عوني مطيع، قال إنه ليس وكيلًا عامًا لرجل الأعمال، وإنما يدافع عنه في قضية جديدة متعلقة بارتكاب جرائم اقتصادية وممارسة نشاط غير مشروع داخل الأراضي الأردنية، وليس لديه علم بخصوص أي نزاع قضائي مع شركة الشرقية للدخان، مشيرًا إلى صعوبة التواصل مع موكله -عوني- للرد على مُعدّ التحقيق في الوقت الحالي، لكن في منتصف ديسمبر قُبض على "عوني" في تركيا بمساعدة الإنتربول الدولي.

لكن في إحدى الوثائق المرسلة من الشركة الشرقية إلى مصلحة الجمارك المصرية في 2015، ذُكر أن "عوني مطيع" مستمر في تقليد سجائر كليوباترا عبر شريك ليبي له في منطقة امساعد بليبيا.

فريق العمل
  • تحقيق

  • أحمد الشامي
  • بالتعاون مع

  • شبكة البلقان للتحقيقات الاستقصائية
  • شارك في التحقيق من الجبل الأسود

  • ماركو كوسيفيتش
  • إشراف تحريري

  • مصطفى المرصفاوي
  • إشراف عام

  • رنا الصباغ