بيئة تعليم "طاردة"

ذوو الإعاقة .. أمّيون بإهمال رسمي

"ما بدّي محمد.. أنا ما بتحمل مسؤوليته"، هكذا رد مدير المدرسة على مناشدة الأم لنقل ابنها إلى صف في الطابق الأرضي، نظراً لإعاقته الحركية التي تمنعه من صعود الأدراج. وأردف المدير بحزم: "بدّي ياهم يظلوا تحت عيني قرب مكتبي"، في إشارة إلى تلاميذ المرحلة الإعدادية.

تحقيق : أنس ضمرة

مدراء مدارس حكومية يرفضون تسجيل ذوي الإعاقة

كانت الأم القلقة استدعيت لمقابلة المدير لأن أحد أقران ابنها - الذي لا يستطيع الدفاع عن نفسه - دحرجه صباح ذلك اليوم عن أدراج الطابق الثاني. حين ذهب الطفل باكياً شاكياً إلى المدير صدّه وطلب ولي أمره، دون أن يراعي إعاقته، بموجب قانون الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 27 لعام 2017.

بمرارة ترتسم على تقاطيع وجهه الطفولي، يستذكر محمد آخر أيامه تلك في مدرسة "وادي السير" الأساسية حين كان عمره 12 عاما في السنة الدراسية (2015/ 2016). ويروي تفاصيل ذلك اليوم وهو جالس أمام التلفاز في منزله بعد عامين ونصف العام على تلك الحادثة، لم يتلق خلالها تعليما مدرسيا، ولم يستطع ذووه إلحاقه بمدرسة خاصة نظراً لارتفاع أقساطها.

“هذا آخر يوم كان إلي في المدرسة” يقول محمد الديسي 13 عام من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، وهو يصف يومه الأخير بالمدرسة في "بيادر وادي السير" عام 2017.

محمد كان من بين 20 طفلا من ذوي الإعاقة، وثّق هذا التحقيق الظلم والتمييز اللاحق بهم عبر استبعادهم من مدارس حكومية. كما توصل معد التحقيق – من خلال تحليل بيانات وزارة التربية - إلى أن مدرستين من كل ثلاث تفتقر لتجهيزات و/ أو متخصّصين لرعاية ذوي إعاقة رغم مرور سنتين على سن قانون لحماية هذه الفئة. وتختلف المراحل العمرية للأطفال، وكذلك الانتهاكات التي يتعرضون لها، بدءاً برفض تسجيلهم، واشتراط تعهد مكتوب من الأسرة بإخلاء مسؤولية المدرسة عن كل ما يحدث لهم فيها، وصولاً إلى فصلهم لاحقا من المدرسة؛ في خرقٍ لقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2007.

المادة (17):

‌أ- يحظر استبعاد الشخص من أي مؤسسة تعليمية على أساس الإعاقة أو بسببها

اقرأ أكثر

حبر على ورق..

في عام ٢٠١٧، عدّل الأردن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة – الصادر عام2007 - بما يلزم وزارة التربية والتعليم بقبول تسجيل الأطفال من هذه الشريحة في المدارس الحكومية. وتنص المادة 17 في القانون المعدّل: "يُحظر استبعاد الشخص من أي مؤسسة تعليمية على أساس الإعاقة أو بسببها".

هذا التحقيق يكشف عدم تطبيق هذا النص، ويعود خطوة إلى الوراء للبحث في مدى جاهزية المدارس الحكومية لاستقبال ذوي الإعاقة فيها، لا سيما بعد أن أصبحت وزارة التربية والتعليم ملزمة بقبولهم في فصولها.

معد التحقيق زار أربع مدارس حكومية في مناطق مختلفة في محاولة لتسجيل طالب من ذوي اضطراب طيف التوحد في الصف الرابع، وكان رد مدير المدرسة: "عندو توحد ما بيتسجل".

طلبنا من المدير تسجيله و إحضار معلم ظل* ليرافقه في المدرسة، إلا أنه رفض: "لا نقبل تسجيل أطفال التوحد، ومعلم الظل غير مسموح". ثم علّل رفضه بأن "عدد الطلاب يفوق الأربعين في الصف الواحد، وبالتالي لن يأخذ العناية والرعاية المطلوبة".

ثم زار معد التحقيق مدرسة ثانية لتسجيل طالبة أخرى؛ قدّمها على أنها شقيقته. لكن مديرة المدرسة الواقعة في منطقة الجبيهة بعمان اقترحت تسجيلها في مدرسة أخرى تبعد عن منزل الطفلة ٢٠ كم ، معللةً رفضها بعدم وجود معاملة خاصة في مدرستها لذوي الإعاقة: "غرفة الصعوبات بتاخذها فردي، ونحنا هون ما عنا غرفة صعوبات، انقلها هناك أفضل من جلوسها بين 45 طالبة، وما حدا ينتبه إلها".

في يوليو/ تموز 2019، صرّح رئيس الوزراء عمر الرزاز بأن الحكومة تتابع جودة التعليم وتطوير قدرات المعلمين. وأُنشأت لهذه الغاية وحدة جودة التعليم والمساءلة أثناء تولي الرزاز حقيبة التربية والتعليم في 2017. مذ ذاك، أصدرت الوحدة تقارير مفصلة عن 198 مدرسة حكومية، لتكشف أن هذه المدارس بيئة غير دامجة للتلاميذ ذوي الإعاقة. إذ بيّنت تقارير زيارات أن 169 مدرسة حصلت على تقييم أداء أقل من 53% في التقييم الإجمالي لبيئة التعليم في المدرسة.

كيف ينعكس عدم جاهزية المدارس الحكومية على حياة ذوي الإعاقة ؟

00:56
00:56
1:15
2:23
1:09
00:31

13 % من الأردنيين!

تقدر نسبة انتشار الإعاقة وفق التعداد السكاني للعام 2015 بـ 13 % من السكان في الأردن، ما مجموعه 911 ألف شخص من ذوي الإعاقة. هذه الأرقام مقاربة لتقديرات منظمة الصحة العالمية التي تقدر نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة بنحو 15 % من سكان العالم (واحد من بين كل سبعة أشخاص لديه إعاقة).

تفيد أرقام وزارة التربية بأن المدارس الحكومية تؤوي 21.576 طالبا/ طالبة من ذوي صعوبات التعلم والأشخاص ذوي الإعاقة؛ أي 1.6 % من إجمالي الطلاب في المدارس الحكومية المقدر عددهم بـ 1.3 مليون.

في الأردن أربعة آلاف مدرسة حكومية ، ألف منها فقط تحوي غرف مصادر (صعوبات)* و150 منها فقط مهيأة لاستقبال ذوي الإعاقة الحركية.

"الإعلان عن أن مدارسنا دامجة وحده لا يكفي"، تقول رئيسة مجلس التطوير التربوي التابع للوزارة/ لواء الجامعة د. مريم اللوزي. وتطالب اللوزي ببلورة رؤية واضحة ومأسسة تخطيط استراتيجي لآلية "الدمج" بناءً على المعطيات الموجودة والبنى التحتية للمدارس. وبالتالي فإن "وزارة التربية والتعليم هي المسؤولة عن رفض تسجيل الأشخاص ذوي الإعاقة وليس مدراء المدارس"، حسبما ترى اللوزي، التي تحثّ على توفير بنية تحتية مناسبة، أدوات ووسائل تعليمية ومساعد للمعلم في الفصل بما يمكّن المعلم من السيطرة على الفصول التي يصل عدد الطلاب فيها إلى 60 طالبا.

رئيس المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الأمير مرعد بن رعد بن زيد يشكو من أن هذه الأرقام غير مرضية، بل "صادمة للمجلس". ويتعهد بأن "يعمل المجلس كل ما بوسعه، لا سيما وأن الأشخاص ذوي الإعاقة أثبتوا محليا وعالميا أنهم قادرون على التعلم والعمل والعيش باستقلالية واحترام".

نقيب المعلمين الراحل (توفي في أغسطس/آب 2019) أحمد الحجايا يحمل طرحا مشابها. إذ يحمّل الحجايا وزارة التربية والتعليم مسؤولية تعنت إدارات المدارس الرافضة، نتيجة عدم توعية الكادر التعليمي والإداري بضرورة دمج التلاميذ ذوي الإعاقة وبحقوقهم القانونية والدستورية في التعليم. ويؤكد أن المدارس الحكومية غير مهيأة وتحتاج لإجراءات دمج عديدة؛ تبدأ بالأجهزة والمعدات والتدريب ولا تنتهي بإزالة العوائق والسلالم.
ويفتقر القانون إلى نظام مكمّل لتحديد أسس ومعايير التعليم الدامج، وفق مراجعة معدّ التحقيق.

مدير إدارة التربية الخاصة في وزارة التربية والتعليم سامي المحاسيس يقر بالحقائق التي توصل إليها معد التحقيق حول ممارسات مدراء مدارس. من بينها أن الوزارة لم تتخذ أي إجراءات عقابية رغم علمها برفض مدراء مدارس حكومية تسجيل أطفال من ذوي الإعاقة، يكتفي المسؤول التربوي بالقول إن إدارة التربية الخاصة تتابع مع أولياء الأمور الشكاوى المتصلة برفض قبول أبنائهم، وترسل كتباً رسمية لمديريات التربية بضرورة قبولهم في المدرسة، ولكن دون أن تفرض عقوبات على مدراء مدارس ثبت رفضهم لأطفال ذوي إعاقة. "لا يُحال مدير المدرسة إلى التحقيق إنما يُعاد إليه الكتاب مرة أخرى"، يشرح المحاسيس مع علمه بعدم الاستجابة لشكاوى الأهالي.

وزارة التربية تخرق القانون

بموجب قانون الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2017 "يُحكم بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أو بغرامة لا تزيد عن ألف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين كل من يخالف الفقرة (أ) من المادة (30) في القانون" التي تنص على أنه: "يعد عنفاً كل فعل أو امتناع من شأنه حرمان الشخص ذي الإعاقة من حق أو حرية ما، أو تقييد ممارسته لأي منها، أو إلحاق الأذى الجسدي أو العقلي أو النفسي به على أساس الإعاقة أو بسببها".

وتخالف وزارة التربية والتعليم نص الفقرة (هـ) من المادة (18) في القانون، التي تطلب من الوزارة "وضع خطة وطنية شاملة لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المؤسسات التعليمية بالتنسيق مع المجلس والجهات ذات العلاقة؛ على أن يبدأ العمل على تنفيذها خلال مدة لا تتجاوز سنة من تاريخ نفاذ أحكام هذا القانون ولا يتجاوز استكمال تنفيذها (10) سنوات". إذ لم تعلن وزارة التربية عن "الخطة العشرية" تلك حتى تاريخ نشر هذا التحقيق.

قبول مشروط!

أوس شاهين، طفل من ذوي اضطراب طيف التوحد حصل على قبول مشروط بمدرسة حكومية في أبو نصير بعد أن أتم عامه العاشر. اشترطت إدارة المدرسة توقيع والدته على تعهد بإخلاء مسؤولية المدرسة عن أي ضرر قد يتعرض له أوس داخلها. "احنا بناخذ الواجبات من أصحاب أوس في المنطقة، المعلمات ما بكتبوا على دفترو شو الواجبات"، حسبما يشكو والده علاء شاهين. وينقل الأب عن مديرة المدرسة تأكيدها على خلوها من غرفة مصادر أو معلمة متخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة. ويتساءل شاهين عن قدرة أي معلمة على إدارة غرفة صفية بوجود أطفال ذوي إعاقة مع عدد كبير من الطلاب يفوق الأربعين.

فشل دمج.. حتى في المدارس النموذجية

"لا يوجد لدينا مدارس حكومية مهيأة 100 % "، حسبما يشكو رئيس المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ويشير الأمير مرعد إلى تجارب مدارس لديها دمج جزئي مثل غرف المصادر أو غرف الإعاقة الذهنية، حيث يدرس ذوو إعاقة.

في عام 2017 اختارت وزارة التربية والتعليم والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أربع مدارس حكومية لتكون مدارس نموذجية للمدارس الدامجة في الأردن، هذه المدارس تمثّل "عينة" من تجربة الدمج الذي تسعى إليه الوزارة، بحسب مدير إدارة التربية الخاصة سامي المحاسيس. ويشرح المحاسيس بأن تلك المدارس – التي أنشئت بمنح أجنبية- اختيرت وفق معايير جاهزيتها الفنية ومطابقتها لكودات البناء العالمية. كما أن مناطق انتشار هذه المدارس تصنّف من الأفقر والأكثر انتشارا لحالات إعاقة؛ إحداها مدرسة خولة بنت الأزور الأساسية بمنطقة المشارع في الأغوار. ورغم هذا التصنيف، فإن عدد ذوي الإعاقة فيها لا يتجاوز عشرة من 628 طالب وطالبة، حسب جمعية أصحاب الهمم الخيرية غير الحكومية، الناشطة في المنطقة. ومع ذلك؛ تتبع معد التحقيق حالات رفض تسجيل أطفال من ذوي الإعاقة في هذه المدرسة.

تقارير جودة التعليم في ١٩٨ مدرسة حكومية

نتائج التقييم الشامل لمدارس حكومية زارتها وحدة جودة التعليم والمساءلة في مختلف المحافظات

قوي
2.3%
مقبول
11.3%
متدن
29.7%
ضعيف
52.9%

وثيقة حكومية ترصد واقع غرف صعوبات التعلم في المدارس الحكومية

ترصد هذه الوثيقة أبرز ملاحظات فرق وحدة جودة التعليم والمساءلة حول غرف صعوبات التعلم وذلك بعد تحليل 139 زيارة تقييمية و 2200 زيارة استطلاعية

02
صرف المبالغ المالية الموجهة لغرف صعوبات التعلم في أوجه صرف مختلفة كالصيانة والقرطاسية و الأنشطة وغيرها
04
ضعف التنسيق بين معلم غرف الصعوبات والمرشد التربوي ومعلم الصف، وعدم التزام معلمي الصعوبات بالحصص المقررة
06
عدم الاهتمام بملف الطالب ومتابعة تقدمه، وعدم وجود سجلات تثبت تواصل معلمي غرف الصعوبات مع أولياء الأمور
01
التشخيص الخطأ للفئات الخاصة وباستخدام أدوات ومقاييس لا تتمتع بالخصائص الموضوعية والصدق والثبات، والتي غالبا ما تكون من إعداد المعلم
03
تكليف بعض المعلمين كمعلم غرف صعوبات التعلم دون مراعاة الوصف الوظيفي، وضعف التنمية المهنية المقدمة لمعلمي صعوبات التعلم
05
ضعف المتابعة من قبل قسم التعليم العام في مديريات التربية ، وعدم مراعاة العدد المسموح به لغرف الصعوبات

مؤشرات تتقاطع مع ملف دمج أشخاص ذوي إعاقة في المدارس الحكومية

التنويع في استراتيجيات التدريس ومراعاة الفروق الفردية لتلبية احتياجات الطلبة

قوي
3.5%
مقبول
16%
متدن
35%
ضعيف
41%

مؤشرات تتقاطع مع ملف دمج أشخاص ذوي إعاقة في المدارس الحكومية

توظيف كفايات ومهارات التعامل مع الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة الموهوبين، بطيئي التعلم، صعوبات التعلم وإعاقات الحسية والعقلية

قوي
7.7%
مقبول
2.3%
متدن
31%
ضعيف
54%

مؤشرات تتقاطع مع ملف دمج أشخاص ذوي إعاقة في المدارس الحكومية

توظيف استراتيجيات وأساليب متنوعة لتعديل وضبط سلوك الطلبة

قوي
11.9%
مقبول
13.6%
متدن
26.7%
ضعيف
44%

مؤشرات تتقاطع مع ملف دمج أشخاص ذوي إعاقة في المدارس الحكومية

توفير مصادر تعلم كافية تناسب احتياجات الطلبة

قوي
3.5%
مقبول
10.7%
متدن
34%
ضعيف
47.6%

تقارير جودة التعليم ل ١٩٨ مدرسة حكومية

تعرض هذه النتائج التقييم العامل لمدارس حكومية زارتها وحدة جودة التعليم ومالساءلة في مختلف محافظات المملكة

قوي
2.3%
مقبول
11.3%
متدن
29.7%
ضعيف
52.9%

وثيقة حكومية ترصد واقع غرف صعوبات التعلم في المدارس الحكومية

ترصد هذه الوثيق أبرز ملاحظات فرق وحدة جودة التعليم والمساءلة حول غرف صعوبات التعلم وذلك بعد تحليل 139 زيارة تقيمية و 2200 زيارة استطلاعية

01
التشخيص الخطأ للفئات الخاصة وباستخدام أدوات ومقاييس لا تتمتع بالخصائص الموضوعية والصدق والثبات، والتي غالبا ما تكون من إعداد المعلم
03
تكليف بعض المعلمين كمعلم غرف صعوبات التعلم دون مراعاة الوصف الوظيفي، وضعف التنمية المهنية المقدمة لمعلمي صعوبات التعلم
05
5. ضعف المتابعة من قبل قسم التعليم العام في مديريات التربية ، وعدم مراعاة العدد المسموح به لغرف الصعوبات
02
صرف المبالغ المالية الموجهة لغرف صعوبات التعلم في أوجه صرف مختلفة كالصيانة والقرطاسية و الأنشطة وغيرها
04
ضعف التنسيق بين معلم غرف الصعوبات والمرشد التربوي ومعلم الصف، وعدم التزام معلمي الصعوبات بالحصص المقررة
06
عدم الأهتمام بملف الطالب ومتابعة تقدمه، وعدم وجود سجلات تثبت تواصل معلمي غرف الصعوبات مع أولياء الأمور

مؤشرات تتقاطع مع ملف دمج أشخاص ذوي إعاقة في المدارس الحكومية

التنويع في استراتيجيات التدريس ومراعاة الفروق الفردية لتلبية احتياجات الطلبة

قوي
3.5%
مقبول
16%
متدن
35%
ضعيف
41%

مؤشرات تتقاطع مع ملف دمج أشخاص ذوي إعاقة في المدارس الحكومية

توظيف كفايات ومهارات التعامل مع الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة الموهوبين، بطيئي التعلم، صعوبات التعلم واoعاقات الحسية والعقلية

قوي
7.7%
مقبول
2.3%
متدن
31%
ضعيف
54%

مؤشرات تتقاطع مع ملف دمج أشخاص ذوي إعاقة في المدارس الحكومية

توظيف استراتيجيات وأساليب متنوعة لتعديل وضبط سلوك الطلبة

قوي
11.9%
مقبول
13.6%
متدن
26.7%
ضعيف
44%

مؤشرات تتقاطع مع ملف دمج أشخاص ذوي إعاقة في المدارس الحكومية

توفير مصادر تعلم كافية تناسب احتياجات الطلبة التعلمية والتعليمية وتساعدهم على تحمل مسؤولية تعلمهم

قوي
3.5%
مقبول
10.7%
متدن
34%
ضعيف
47.6%

المدارس الخاصة.. تحدٍّ مُركّب

اصطدم محمود طهبوب بعوائق عديدة خلال رحلة بحثه عن مدرسة حكومية تقبل ابنه حمزة من ذوي الإعاقة الذهنية (متلازمة داون). بعد أن أوصدت الأبواب، أخذ طهبوب ابنه إلى مدرسة (المدينة الحديثة) الخاصة في عمان. هناك، دفع 4500 دينار رسوما سنوية؛ يسدّد نصفها صندوق آل طهبوب كمساعدة لحمزة ووالده. يدفع الأب النصف الثاني، ما يشكل عبئاً على أسرته، علما أنه يعمل موزع جُملة بمعدل دخل شهري غير ثابت لا يتجاوز 1000 دينار.

الأمير مرعد بن رعد يرى أن تجارب القطاع الخاص في دمج الأشخاص ذوي الإعاقة سجّلت تقدما وفق أعلى المعايير. لكن هذا الخيار ليس مطروحا أمام علاء شاهين، الذي اصطدم برسوم 12 ألف دينار لدى بحثه عن مدرسة خاصة لابنه أوس. وفق ذلك، طلبت إدارة المدرسة توقيع ولي أمر أوس على تعهد للمدرسة يخلي فيه مسؤوليتها عن كل ما يحصل للطفل داخلها.

لم يستطع معد التحقيق الحصول على نسخة من الإقرار. على أنّه لاحظ تطابقا في النص لدى مقارنة ثلاثة إقرارات لثلاث عائلات: "إخلاء مسؤولية إدارة المدرسة والمعلمين عن أي ضرر قد يصيب الطالب داخل المدرسة".

صحوة متأخرة

وزارة التربية والتعليم تعمل بالتعاون مع المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة على خطّة عشرية- كان يفترض أن تطلق مطلع 2019- لتهيئة بيئة دامجة في المدارس الحكومية.

أبرز ملامح هذه الخطة تهيئة البنية التحتية في المدارس الحكومية عبر إعداد كادر تعليمي مؤهل، مناهج مخصّصة لهذه الفئة، ومدراء مدارس للتعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، حسبما يشرح سامي المحاسيس.

على أن تلك الخطّة لا تزال حبرا على ورق، إذ خلت موازنة التربية الخاصّة عام 2019 من أي بند حولها. وثمّة خشية بأن يلقى المشروع الحالي مصير استراتيجية وطنية للأشخاص ذوي الإعاقة طرحت خلال الفترة (2007-2015). في ذلك الوقت، أمر الملك بوضع استراتيجية استهدفت شمول معظم قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، لا سيما ملف التعليم الدامج. إلا أن 50 % من أهداف تلك الاستراتيجية لم تر النور بعد أربع سنوات على انتهاء المهلة، حسبما يؤكد أمين عام المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة مهند العزّة.

ويرجع العزّة تباطؤ المشروع إلى إغراق المجلس بمهام الوزارات الخارجة عن نطاق اختصاصه: "معظم الوزارات لا تقوم بعملها والتزاماتها التي نصت عليها الاستراتيجية، وبالتالي أحيلت هذه المهام إلى المجلس، ما أدى إلى استنزاف طاقاته، موارده البشرية والفنية والمعرفية في تقديم الخدمات المباشرة". وفوق ذلك، ثمّة ضعف في آليات التنسيق بين المؤسسات المعنية بتنفيذ الاستراتيجية، علما أن المادة 33 من اتفاق الاستراتيجية تنص على وضع هذه الآلية، بحسب العزّة، لافتا إلى أن "غيابها أحال جميع المهام إلى المجلس".

من جانبه يؤكد رئيس المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أن "الإرادة موجودة"، لافتا إلى أن "ملف التعليم الدامج يشكّل أولوية رئيسة بالنسبة للمجلس ذي الدور الرقابي، وإذا لاحظ أي تقصير سيتم الوقوف عنده مع المعنيين".

جيل الاتفاقية!

حسن ( ١٧عاما) لم تسعفه القوانين والإجراءات الحكومية لبدء مسيرته التعليمية قبل نحو ١٠ سنوات عندما صادق الأردن على اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة.

"طاردت أنا وأهلي على مدارس الحكومة عشان أدرس فيها ولا مدرسة قبلت فيي"، يستذكر حسن، الذي تُصنّف إعاقته ضمن الإعاقات البسيطة. وضع ذويه المادي منع حسن من إكمال دراسته في مدرسة عين الباشا الخاصة.

انتهت مسيرة حسن التعليمية بعد ثلاث سنوات فقط على بدئها. أنهى صفه الثالث في مدرسة خاصة ثم أُرغم على تركها لأسباب مادية، بعد أن أغلقت المدارس الحكومية أبوابها في وجهه.

يمثل حسن ما يمكن تسميته بـ"جيل الاتفاقية" الذين حال غياب تطبيق البيئة التشريعية دون دمجهم في المدارس الحكومية.

وإلى اليوم، يغرق حسن في حزنه لدى رؤية أقرانه في طريقهم إلى مدارسهم. فهذا الطفل الذي كان مفعماً بالأمل والطموح، يطرق سن السابعة عشر وقد ذوى حلمه بدخول كلية الهندسة الميكانيكية. وهو يكدح حاليا في محل متواضع بمخيم البقعة لتصليح المعدّات الخاصة بذوي الإعاقة!