بالتهديد أو بالضغط أو بالاحتيال.. نساء يتنازلن عن ميراثهن

18 مايو 2014

الغد – عمان  –  منذ نحو 12 سنة وأم محمد (42 عامًا) تكافح مع شقيقاتها الثلاث للحصول على حقهن الضائع في تركة أبيهن، بعد أن حرمهن شقيقهن الأكبر من الميراث، ووقّعهنّ على وكالة بالتصرف بأملاك والدهم. 

أم محمد وشقيقاتها يتشاركن هذا “الحرمان”، مع واحدة من كل 5 إناث أردنيات يفقدن حقّهن بتركة أبائهن قسرا، بالتحايل أو بالتخجيل، وفق المفتش في دائرة قاضي القضاة القاضي الشرعي د. أشرف العمري. 

“فش عنا بنات ترث، لا تفتحي علينا العيون، ما بصير زوجها الغريب يأخذ مصاري أبونا، عيب أطالب بحق ميراث زوجتي، بتصيري عِلكة بثْمام الناس إذا بتقاضي خوالك”، عبارات كهذه وأكثر تتداولها عائلات أردنية لدى وفاة أحد أفرادها الميسورين. والمفارقة أن الأرملة تجحف بحق بناتها حين تأمرهنّ بالتنازل عن حقوقهن للأبناء الذكور، كما كشف هذا التحقيق الاستقصائي الذي استغرق إعداده عاما.

وتتأثر المتنازلات سواء المسلمات أو المسيحيات، بقوة تقاليد مجتمعية، لا تقر حقوقًا للمرأة في الميراث، أو جرّاء قلة وعيهن بالقانون والحقوق الشرعية. ويتم التنازل وسط فراغ قانوني يحول دون تجريم أفعال الاحتيال التي تمارس ضد المرأة لحرمانها الميراث، وهي المساحة التي يتحرك فيها أهال لحرمان بناتهم.

تقول أم محمد إن شقيقها الأكبر دخل في أيام العزاء إلى غرفة الأب و”سرق” كل أوراقه الثبوتية وأمواله، وأغرى أخواتي بمعسول الكلام كي يوقّعن له على وكالة بالتصرف في كل الأملاك. وحين ذهبت وأخواتها بعد 4 أشهر على الوفاة لمحكمة سحاب لإلغاء الوكالة “أطلق أخي سيلاً من التهديدات، أبرزها التلويح بالطرد من البيت ومقاطعة العائلة لنا”.

أمام تهديدات شقيقها وتعرّض أبنائه لزوجها وأبنائها، أقامت أم محمد دعوى قضائية في 2004 وقّع بعدها على تعهد هو وزوجته وأولاده بعدم التعرض لها أو لزوجها وأولادها. لكنه أفلح بعد إصرار على إثارة المشكلات في إخراج أم محمد وعائلتها من بيتها الذي منحها إياه والدها في حياته، دون عقد بيع أو ايجار في منطقة مرج الحمام (غرب عمان)، لتنتقل إلى ضاحية اليادودة (جنوب عمان).
معد التحقيق حاول الاتصال مع الأخ الأكبر الذي رفض الإجابة عن استفساراته، وذلك بمساندة الأم التي ترى أن “أي محاولة للتدخل أو الحديث في موضوع الإرث، سيكون مدعاة للتفرقة بين الأسرة الواحدة، والأموال ستذهب لأزواجهن الغريبين”.

يكشف هذا التحقيق عن ضعف في الدور الرقابي والتوعوي للمحاكم الشرعية، وتحايل أهالٍ على قانون الأحوال الشخصية، بإجبار المرأة على التنازل عن حقها في الميراث دون مقابل، في غياب للعقوبات بشأن “غصب” التركات، ما يؤدي لخلافات وتفاوت طبقي في العائلات، وسط موروث اجتماعي يشجّع حصرية التوريث للذكور. 

ووجد التحقيق أن قضاة شرعيين “يوافقون” على تنازل المرأة عن ميراثها في إطار عقد تخارج، استناداً إلى تعليمات تنظيم وتسجيل حجج التخارج، دون أن تسجل التركات. إذ يستعين القضاة في بعض الحالات بـ: “النظر إلى تقاسيم وجه الأنثى” لمعرفة فيما أنها تتنازل عن حقها بالميراث بالتخجيل والإجبار من عدمه. 

وتتعرض إناث رفضن التنازل عن الميراث، لتهديدات وصلت إلى عمليات قتل وشروع بالقتل، ادّعى أهالي أنها كانت بدافع الشرف لا المال، طبقاً لرصد رئيسة جمعية نساء ضد العنف.
المفتش في دائرة قاضي القضاة القاضي الشرعي د. أشرف العمري يقدر أن أنثى من كل 5 تتنازل عن ميراثها في الأردن. يستند د. العمري في تحليله إلى بيانات دائرة قاضي القضاة بين 2008 و2012 وسجّلت خلالها 20125 معاملة تخارج (تنازل عن الميراث) جلّها للإناث من أصل 70676 معاملة ميراث، بحسب تفسير د. العمري. 

دراسة حول الميراث استندت إلى مسح حول الحقوق المنتهكة للنساء في إربد (حق الميراث) وكشفت أن 74 % من نساء ثاني كبرى محافظات المملكة (مليون نسمة) لم يحصلن على حقوقهن في الميراث كاملة، و15 % منهن فقط تنازلن عن حقهن طواعية. (أعد الدراسة الصندوق الهاشمي للتنمية البشرية واللجنة الوطنية لشؤون المرأة العام 2012 بالتعاون مع الوكالة الكندية للتنمية الدولية “سيدا” وإشراف مؤسسة أوكسفام كيبيك الكندية.)

محاولات لإنصاف المرأة

تستمر المعاناة برغم أن قاضي القضاة الدكتور أحمد هليل يقول في مقابلة مع معد التحقيق، إن الدائرة وضعت ضوابط للتخارج الصادرة في تعليمات التخارج في كانون الثاني 2011 في قضايا الإرث حتى لا تهضم حقوق أحد وبخاصة المرأة. 

نحن لا نحكم بقضايا حصر الإرث، إلا بعد 3 أشهر على الأقل، حين تكون النفوس قد هدأت بعد فراق المورّث، والوارثون سيفكرون أكثر في حقهم ومصلحتهم” على ما يقول هليل.

وعن إمكانية تعديل آلية التخارج بين الورثة أو تجريم من يَحرِم المرأة الميراث، يجيب: “القانون المطبّق هو أفضل الموجود، والشرع لا يمنع التنازل، ونجد أحيانا أن الثراء بجانب المرأة وليس الرجل”. 

ويدعو قاضي القضاة، الفتاة التي تعتقد بأنه من المعيب أن تنازع إخوتها في الميراث، أن تتخلى عن هذه الطريقة في التفكير، “فهذا حق شرّعه الله للأنثى، وحتى الزوج ليس له منه حق، إلا بالتراضي، والحق الشرعي يجب أن يُنفّذ دون تأخير”.

آلام وحرمان

تقول الثلاثينية ميرفت العطي التي أصيبت بـ18 رصاصة أدت إلى بتر ساقها عام  2008، إن المحكمة برأت عمها الذي أطلق وابلا من الرصاص عليها، بعد أن اعترف شقيقها (القاصر) أنه هو من أقدم على محاولة قتلها، لتعيش مشردّة متخفية محرومة من الإقامة في بيت والدها، لأنها لم توقع على تنازل عن الميراث.

وتضيف العطي: “أحاول الآن اللجوء إلى خارج الأردن حماية لنفسي ومالي، بعدما أجمع أهلي على تصفيتي جسديا لأخذ حصتي من الميراث. تمت تبرئة أخي الذي اعترف زورا بأنه هو من أقدم على إطلاق النار، لأنه أقل من 18 عاما، ليخرج فيما بعد من دار الإصلاح والتأهيل”. 

 “أشكيه لله، يرجعلي حقي، هاي قطعة من النار برقبته، أنا أخته، أنا ربيته وتعبت عليه، يتقي الله، يرجعلي بيتي”، هذا ما تبوح به سمية (53 عاماً) باكية هضم حقها.

تأخذ قصة الحاجة سمية شكل استغلال الجهل، فقد تملّك شقيقها منزلها بتعويض قيمته 5 آلاف دينار بدلا من سعره الحقيقي الذي يفوق ذلك بكثير، مستغلًا جهلها بأسعار العقارات، وعندما عرفت السعر الحقيقي للبيت قطع علاقته بها.

تقول سمية: “أخوي قللي لو يطلع براسك شجرة ما برجعلك البيت، عقب التنازل، ما بيرضى يقابلني أو يجي علي أو يحكي معي بكحشوني من باب الدار بس أوصل”.

يؤكد الدكتور العمري وهو مفتش وقاضٍ شرعي إن “القاضي الذي يشرف على معاملات التخارج، يمكنه إنفاذ المعاملة حتى لو لم يكن البدل يساوي القيمة الواقعية للعقار”، كما حصل مع سمية.
الأب ياسر عياش مطران الروم الكاثوليك ينفي وجود مشكلة اسمها حرمان الإناث الميراث في المحاكم الكنسية، وإن وجدت فهي حالات فردية. ويضيف: “من يسعى إلى حرمان الأنثى الميراث يخالف تعاليم السيد المسيح”.

وعليه، فإن القانون المدني الأردني نص على أن التحاكم في قضايا الإرث للمواطنين كافة يتم وفق الشريعة الإسلامية، بالرغم من أن المفاهيم المسيحية تساوي بين الرجل والمرأة في تقسيم الميراث، وفق الأب عياش.

ويؤكد هليل أن دائرة قاضي القضاة لم تتسلم أي اعتراضات من المرجعيات المسيحية بهذا الشأن.

دانيا الحجوج، المسؤولة القانونية في مكتب شكاوى المرأة التابع للجنة الوطنية لشؤون المرأة، ألمحت إلى أن شكاوى “حرمان الميراث” انخفضت جرّاء تشدد دائرة قاضي القضاة في عدم إنجاز “التخارج” إلا بعد مرور 3 أشهر على الوفاة.

مع هذا، فإن الحجوج تناولت من بين مستندات في مكتبها ملف الأربعينية العمّانية خولة التي تنازلت لإخوتها مطلع عام 2012 عن حقها في ميراث والدها المتوفى عام 2011، تاركاً أراضيَ وشققا سكنية.

تواصل معد التحقيق مع خولة التي قالت: “تعرضت لمحاولات تخجيل وإقناع حثيثة كي أقبل العوض المالي، الذي لا يصل إلى رُبع نصيبي من التركة. مع ذلك فإن عملية التخارج تمت بسلاسة في المحكمة الشرعية، وعندما تفطنت للقيمة الحقيقية لنصيبي حاولت أن أفعل شيئاً، لكن قد فات الأوان فكل شيء قد تم توثيقه لبقية أفراد العائلة بطرق رسمية”.

موروث ضد المأثور الشرعي

يرى الاختصاصي الاجتماعي الدكتور يزن عبدة أن التحايل على قانون الأحوال الشخصية، يرغم المرأة على التنازل عن ميراثها، ما يؤدي إلى تفاوت اجتماعي في العائلة الواحدة.
أما الشيخ مصطفى أبو رمان وهو إمام وخطيب مسجد صهيب بن سنان في عمان، فيستند إلى الآيتين 11 و12 من سورة النساء، ليؤكد أن الضوابط الشرعية لا تحددها معايير الذكورة أو الأنوثة، “كما يتاح للذكر والأنثى التصرف بماله كيفما يشاء، إن تنازلت الأنثى للذكر فهو منها لا من الشرع”.

الوجه الآخر للحرمان، يجري قبل وفاة الأب إذ يقرّر الأب حرمان بعض أبنائه فيسجّل الأملاك بأسماء أبنائه الذكور، في تحايل ضد التعاليم الشرعية. 

هذا ظلم يحمله الأب في رقبته حيًا وميتًا”، كما يرى أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية أحمد نوفل، الذي يحصي عددا من حالات حرمان الأنثى حتى في الأوساط المتدينة التي تعرف الحكم الشرعي الواضح في المسألة.

رصد حقوقي

تحصر المحامية ايفا أبو حلاوة مديرة مركز مجموعة قانون من أجل حقوق الإنسان (ميزان) 6 أوجه لتنازل المرأة عن حقوقها،وتركز على شكلين مستترين منهما هما “حق السعي، الذي يجهله عديدون ويصعب إثباته، ويسهل الطعن به. ونقل الملكية قبل الوفاة الذي لا يمنعه القانون ولا تنظمه لوائح”. 

وتقول: “فيما يتعلق بتوزيع التركات، تصدر حجة حصر إرث ثم أخذ الديون فتوزيع التركات. للمرأة الحق في المهر المؤجل، وهو دين ذو امتياز على التركة وهذا ما لا تعرفه النساء جراء ضعف التوعية. أما (حق السعي) فعندما تسهم المرأة بشراء الأراضي والعقارات مع زوجها خلال عملها، وتكون هذه الأملاك باسم الزوج، وحال الوفاة يتقسم على أساس أنه تركة للزوج وهو في الأساس حق سعي المرأة”.

تشدد أبو حلاوة على أن “مستوى المرأة المادي والتعليمي ليس له دور في قرارها بالتنازل عن ميراثها”.

كذلك، تؤكد بثينة فريحات عضو في وحدة حقوق المرأة بالمركز الوطني لحقوق الإنسان، أن العادات والتقاليد والأعراف المغلوطة والممارسات الفعلية، تحول دون تمتع المرأة بحقها في الميراث، باعتبارها لا تحتاج للمال ما دامت في كنف الرجل”. وتقول إن الخط الساخن في المركز التقط جملة شكاوى متعلقة بانتهاك حق المرأة في الميراث.

أما رئيس جمعية نساء ضد العنف خلود خريس، فتؤكد أن القتل بداعي الشرف، يستخدم في غالبية الحالات كغطاء قانوني لحرمان الإناث من الميراث وتقاسمه بين الذكور.

تقول خريس: “هي ظاهرة تتفاقم بسرعة، من أشد أنواع العنف الذي يمارس على المرأة، والأسوأ أن ما يقارب 95 % من جرائم ما يسمى بالشرف هي بدافع الإرث، وفي كثير من الحالات التي تابعتها بنفسي من خلال جمعيتنا، يطلب من أصغر فرد بالعائلة وخصوصًا من لم يتم 18 عاما قتل شقيقته أو قريبته حتى يحصل على عذر مخفف، من أجل حفنة دنانير”.

أثناء وجود معد التحقيق في الجمعية، طرقت أم من منطقة ريفية جنوب الأردن – رفضت الإفصاح عن هويتها- باب جمعية نساء ضد العنف باكية، جراء “قتل ابنتها البريئة من أجل دونم أرض لا يزيد سعره على 50 ألف دينار”. وتشتكي الأم: “ابني يدّعي قتلها بداعي الشرف، هو قتلها حتى ما تاخذ حقها بالميراث” دون أن تسرد تفاصيل أخرى.

تسجيل صوتي: ما أخذ بوجه الحياء فهو حرام

برغم أن دائرة قاضي القضاة، أصدرت تعليمات التخارج لعام 2011، لكن هذه التدابير القانونية غير كافية عمليا، إذ تعتمد على النظر في تقاسيم الأنثى ساعة إقرارها بالتخارج أمام القاضي، لمعرفة أنها تتنازل عن حقها برضاها أو بالتخجيل والإجبار.

القاضي بفراسته يسأل أسئلة تكشف إجاباتها عيوبًا في الإرادة، وبالاستناد إلى نصوص قانونية، يؤجل توثيق عقد التخارج أو طلب مزيد من الإيضاحات والوثائق، لإعطاء فرصة أكبر لكي يراجع الأطراف قراراتهم المصرح بها في مجلس القضاء”، وفق العمري.

ويضيف: “في تجربة شخصية لي، كانت مراجعة تومئ لي بيدها وعينها أنها لا ترغب بإجراء عقد التخارج، فأوقفت المعاملة دون أن أصرح لأشقائها بالسبب”. 

ويقول: “القانون يوجب احترام إرادة الشخص المؤهل الراشد وغير القاصر”. ويؤكد: “لمزيد من النظر في حفظ الحقوق، يتم أحياناً استخدام وسائل أخرى للتحقق من عدم وجود ضغوط على أحد الأطراف، إذ يطرح القاضي أسئلة على أطراف العقد أو المعاملة، ويستمزج من خلال الأجوبة ردود الفعل، ما يمكن أن يخفي عيبًا من عيوب الإرادة، ويقابل أحد الأطراف على انفراد، وإذا كانت قاصرًا لا يمكن إجراء العقد باعتبار ذلك محجورًا عليها وحتى الوصي أو الولي لا يمكنه ذلك”.
مع هذا فهناك معاملات تخارج كثيرة، نفذّت دون الانتباه إلى رفض المرأة الداخلي؟ 
تنظم إجراءات التخارج الخاصة بالإرث، تعليمات تنظيم وتسجيل حجج التخارج لسنة 2011 المنشورة في عدد الجريدة الرسمية الصادر بتاريخ 16 يناير/كانون الثاني 2011.

الميراث خارج اهتمام القضاء العشائري

في المقابل، يقف القضاء العشائري على الحياد أمام هذه القضايا التي “يدخل فيها الشك بين الحلال والحرام”، وفق الشيخ عبد الكريم الصانع شيخ عشيرة الترابين، الذي يطالب بتعديل قانون الأحوال الشخصية، بالنص على إلزام الورثة التقاسم، وتسجيل الحقوق بأسماء أصحابها ذكورًا وإناثاً، ثم تبقى الأنثى حرة التصرف بمالها عبر معاملات أخرى.
مع هذا، فإن القاضي العمري لا يرى في مقترح الصانع طريقة شرعية. والحل وفق رأيه ليس في التمليك وتسجيل حصص بأسماء كل وريث على حدة، لأن من يبيّت النيّة للضغط والتهديد يفعل ذلك في دائرة الأراضي، كما يمكن أن يفعله في دائرة قاضي القضاة.

قانون بلا أنياب

تلقي الدكتورة سناء الحنيطي أستاذة القضاء الشرعي في جامعة العلوم الإسلامية، اللوم على القاضي، إذ إن الأنثى “تُقدم على كتابة ورقة التنازل لديه، لذا يجب أن يتأكد من رضاها وأنها لا توقع على التخارج روتينيًا أو أنها مكرهة عليه، وبشكل مشابه تمامًا لعقد الزواج”. 
وتؤيد المحامية تغريد الدغمي، رأي د. الحنيطي، إذ تؤكد أن جهل المرأة بالقوانين والإجراءات المتعلقة بالميراث واللجوء للتخارج من خلال التودد، يشكل جزءا أساسيا في حرمان النساء الميراث. وتلقي بالعبء على كاهل القضاة الشرعيين في توعية المرأة بخطورته، والآثار القانونية التي تترتب عليه. 

أستاذ القضاء الشرعي الدكتور مجدي العطار يؤكد أن للتخارج شروطا أقرها العلماء، وهي أن “يكون المتنازل ذكرًا موضحًا أم أنثى رشيدًا بالغًا، وعن غير إكراه بأي وسيلة من وسائل الإكراه والإلحاح بمن هو محل تقدير عند المكره”.

ويطالب العطار بأن تنص إحدى مواد قانون الإرث على أن “من جاء له ميراث ولم يسجل باسمه، فلا يتنازل عنه إلا بعد أن يسجل باسمه”.

في المقابل، فإن دراسة السياسات للصندوق الهاشمي للتنمية البشرية واللجنة الوطنية لشؤون المرأة، أوصت بتجريم جميع أفعال الإكراه والاحتيال التي تمارس ضد المرأة للتنازل عن ميراثها.

ضعف التوعية

لاحظ معدّ التحقيق عدم وجود برامج توعوية للمجتمع بشأن القوانين المتعلقة بالميراث والتخارج، باستثناء محاولات خجولة وغير منهجية لا تصل الشريحة المستهدفة.

ويقول القاضي العمري: “دائرة قاضي القضاة خصصت على موقعها الإلكتروني نافذة للسؤال والجواب في موضوع الإرث، كما إن الدائرة تبعث رسائل نصية عن التخارج ومسائل الإرث. وعقدت برامج تدريبية للنساء على شاكلة برنامج تمكين المرأة بالتعاون مع الصندوق الأردني الهاشمي”. لكن دراسة الصندوق الهاشمي توصلت إلى أن من أهم أسباب حرمان الإناث الميراث، عدم معرفتهن  لحقوقهن، والجهل بالقوانين والإجراءات المتعلقة بتقسيم الإرث.

حرمان اقتصادي

وتوجد دراسة للجنة الوطنية لشؤون المرأة تعود إلى العام 2009، تظهر أن نسبة امتلاك الأردنيات للعقار لا تتجاوز 4 %، جزء يسير منها يأتي عن طريق الميراث.

ووفقا لبيانات حصل عليها معد التحقيق من دائرة الإحصاءات العامة، فإن نسبة ملكية النساء للأراضي تبلغ 8.2 % فيما هي للذكور 81.3 % مقابل 10.5 % ملكية مشتركة، كما هي في العام 2011. في حين بلغت نسبة النساء اللاتي يمتلكن شققا 18.8 % من مجموع مالكي الشقق مقابل 74.5 % للذكور و6.7 % ملكية مشتركة.

يقع اللوم، وفق مديرة جمعية نساء ضد العنف خلود خريس، في فقر المرأة على عاتق ضعف الدور الرقابي والتوعوي للمحاكم الشرعية الذي أوصل نساء إلى حالة مفزعة من العوز والضعف، وتسبب في انتهاكات واضحة تهدّد حياة المرأة وأبنائها.

نسبة كبيرة من النساء يخشين البتر من المجتمع والعائلة فيختبئن من الواقع صامتات متنازلات عن حقوقهن المالية حتى يخيّل لنا أنهن لسن من أصلاب آبائهن.

أعد هذا التحقيق بدعم من شبكة أريج (إعلاميون عرب من أجل صحافة استقصائية).


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *