تأهيل وهمي .. حين تتحول رخصة القيادة إلى أداة قتل

13 ديسمبر 2015

تحقيق: سعادة عبد القادر

أصوات مصرية– تحقق حلم الشاب محمد بدران، 26 عاما، بأن يمتلك سيارته الخاصة، ليعمل عليها بنظام “المشوار” لتوصيل الركاب مقابل أجر.

فبعد سنوات من عمله الشاق بأحد مطاعم القاهرة، جمع هذا الشاب بمساعدة والده، نحو 50 ألف جنيه وسددها كدفعة أولى لشراء سيارة ملاكي (خاصة) ليعمل بها في محافظة الشرقية.

ذهب إلى إدارة المرور في مركز ديرب نجم في الشرقية للحصول على رخصة قيادة، تقدم للإختبار مرتين متتاليتين لكنه فشل في الحصول على الرخصة.

بعد ذلك، قرر سلوك طريق يمكنه من الحصول عليها دون إختبار وبمقابل المال. وبدأ البحث عن سمسار، وبالفعل وجده ونجح بدران في استخراج رخصة قيادة دون الخضوع لأي اختبارات مقابل 1150 جنيها دفعها لهذا السمسار.

حال الشاب بدران يشابه حال آلاف المصريين ممن سلكوا ذات الطريق في الحصول على رخصة قيادة مقابل المال ودون الخضوع لأي فحص أو اختبار قيادة، ما جعلها رخصة للقتل.

يحدث هذا الأمر، بالتواطؤ ما بين سماسرة ورجال مرور مهمتهم إصدار هذه الرخص مقابل المال وسط غياب شبه تام لرقابة إدارات المرور.

ويقول تقرير للجهاز المركزي للإحصاء – صدر عام 2014 – إن العنصر البشري (سائق المركبة) يتسبب في 64% من حوادث الطرق.

تجربة استصدار الرخصة

خاض معد التحقيق تجربة إصدار رخصة قيادة دون الخضوع لأي اختبار قيادة أو اختبارإشارات المرور، مقابل دفع المال (رشوة) ووثّق ذلك بالصوت والصورة.

وحتى لا يشارك في الفساد، من خلال دفع رشوة والوقوع تحت طائلة المساءلة القانونية، اكتفى بخوض التجربة حتى وصل إلى مرحلة دفع الأموال (الرشوة) واستلام الرخصة، حينها توقف عند هذه الخطوة.

وتتضمن المواد من 103 إلى 111 في قانون العقوبات المصري رقم 95 لسنة 2003 تفصيلا لعقوبات جريمة الرشوة. وتنص المادة 103 على أن كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفة يعد مرتشيا اًو يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لاتقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به.

سمسار رخصة قاتلة

أسفل كوبري علوي بمنطقة فيصل، الواقعة بمحافظة الجيزة، أحمد عبد الدايم (اسم مستعار) يعمل مسؤول مواقف سيارات. يربط صفارة حول أحد أصابع يده اليسرى التي يلوح بها لقائدي السيارات قائلا “تركن ياباشا”. ثم يطلق صفارته بأصوات قصيرة متلاحقة لينبه سائقي المركبات القادمين إلى وحدة مرور فيصل بوجود مكان خال لـ”ركن” سياراتهم.

عبد الدايم “ذاع صيته” لدى رواد وحدة مرور فيصل، بأنه أحد سماسرة استخراج رخص قيادة السيارات من وحدة المرور بمقابل مادي ودون الحاجة لتقديم الاختبارات.

في التفاوض مع عبد الدايم، لن تأخذ وقتا طويلا للإتفاق على المبلغ الذي يطلبه، مقابل أن يساعدك في استخراج رخصة قيادة دون الخضوع لأي اختبار، لكن بعد أن يسألك (ما هو مؤهلك العلمي؟) حتى يستطيع تحديد المبلغ المطلوب منك.

 مَبلغ الرشوة

“لو دخلت لوحدك اختبارات القيادة بالمرور رح تسقط. وبكدا ما ينفعش تدخل اختبارات الرخصة تاني غير لما يعدي عليك ثلاث أشهر، بس أنا هاخد 1500 جنيه وهخلصها من غير ما تتعب نفسك” بحسب ما يقول عبد الدايم في لحظة التفاوض مع معد التحقيق.

ويقسّم بأن المبلغ المطلوب لاستخراج الرخصة هو كالآتي: 500 جنيه  لمدرسة تعليم القيادة، و100 جنيه ضريبة، و100 جنيه لسيارة الاختبارات، و150 جنيه لأحد الأفراد داخل المرور، و150 جنيه  يحصل عليها عبد الدايم نفسه.

يضيف أن المبلغ المتبقي (500 جنيه) يمثل رسوم استخراج شهادة لياقة طبية ومصروفات خاصة بتصوير الأوراق.

“لكن المبلغ المطلوب كبير” هكذا علّق معد التحقيق على حديث عبدالدايم ليجيب بدوره “إنت هتستلم رخصة قيادة بدون ما تعمل أي حاجة غير إنك تتصور للرخصة بس، ولزيادة الاطمئنان مش هاخد منك ولا جنيه إلا عند استلام الرخصة”.

هذا الأمر، مكّن معد التحقيق من خوض التجربة دون الحاجة إلى دفع الرشوة.

لم يكن عبد الدايم إلا حلقة أولى في سلسلة حلقات تبدأ داخل وحدات  المرور. فأثناء خوض التجربة تم الكشف عن أمناء شرطة بوحدات المرور وآخرين بالمباحث وبمعاونة موظفين بالإدارات المرورية المختلفة يتورطون في تسهيل استخراج رخص قيادة لمواطنين مقابل الرشوة.

وحدة مرور فيصل ليست الجهة المتهمة فقط، فبعد البحث والتقصي من قبل معد التحقيق لـ 10 وحدات مرور بمراكز في محافظات مختلفة شملت الشرقية والإسماعيلية والسويس والاسكندرية توصل إلى أنه يمكن استخراج رخصة قيادة دون أن تعرف شيئا عن قيادة السيارات وبمقابل مادي (رشوة). إذ عقد معد التحقيق اتفاقا مع أربع سماسرة لاستخراج الرخص، وقالوا إنهم ليس لديهم أي مانع من تسهيل المهمة.

حجم الكارثة

معد التحقيق تتبع المسار الزمني للوفيات الناتجة عن حوادث المرور بحسب احصاءات رسمية،  ففي العام 2013 قدرت منظمة الصحة العالمية عدد القتلى نتيجة حوادث المرور في مصر بـ 13 ألفا فيما قدرت المصابين بـ 60 ألف مصاب، وبمعدل وفيات وصل إلى 35 قتيلا يومياً.

وفي العام 2014، قدرت إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عدد الوفيات بـ 6236 وفاة سنوياً، وبمعدل يومي بلغ 17.1 وفاة. فيما وصلت أعداد المصابين إلى 24154 مصابا.

تقرير حديث صدر بتاريخ السابع من مايو 2015 للجهاز المركزي حمّل العنصر البشري (السائق) السبب الرئيس في حوادث الطرق وبنسبة بلغت 64 % ما يكشف مدى انتشار مسألة  الحصول على رخصة قيادة دون الخضوع لاختبارات فنية دقيقة.

وأظهر دراسة أجراها المركز العربي للنزاهة والشفافية (خاص) حول مقياس الرشوة المصري لسنة 2014، المؤلف من عشر درجات ويكون الأقل درجة هو الأكثر حصولا على رشوة، أن وحدات المرور حلت ثالثا وبواقع 3 درجات.

استبيان

أجرى معد التحقيق استبيانا على 500 شخص- وهم عينة عشوائية من السائقين التقاهم في محافظتي القاهرة والجيزة – يوضّح مدى حصولهم على رخص قيادة مقابل دفع المال، أو دون دخول اختبارات قيادة. أظهرت النتائج أن 372 شخصا من العينة وبنسبة 74,4% حصلوا على رخص قيادة خاصة بهم مقابل دفع المال (رشوة) ودون الخضوع لأي اختبار قيادة.

كما أظهر الاستبيان أن 128 شخصا وبنسبة 25.6% حصلوا على رخص قيادة بعد دخول اختبارات القيادة، لكنهم في ذات الوقت قاموا بدفع رشوة لتسريع الإجراءات وعدم الوقوف والانتظار في طوابير أمام وحدات المرور.

ويقول قانون العقوبات المصري رقم 95 لسنة 2003 إن كل موظف عام تاجر بأعمال الوظيفة، المختص بها، من أجل تحقيق مصلحة خاصة؛ يعاقب بالسجن المشدد والغرامة وتختلف هذه العقوبة حسب اختلاف الوظيفة وحجم الضرر.

كما أن القانون يعاقب الراشي بذات عقوبة المرتشي، إلا في حال ابلاغه السلطات عن الرشوة، حينها يتحول إلى شاهد بالقضية.

(م – ع) أحد سكان محافظة السويس والذي خشى تعنت رجال المرور معه في الاختبارات لأنه لا يقرأ ولا يكتب يقول إنه لجأ إلى الباب الخلفي لاستخراج رخصة قيادة خاصة، لاستخدامها في تشغيل سيارة ملاكي بالأجرة. ويضيف أنه حصل على الرخصة بعد أن قام بدفع مبلغ 1200 جنيه  كرشوة لأحد أفراد الأمن بوحدة المرور التابع لها.

هاني عبدالعال (اسم مستعار)، وهو من سكان محافظة الشرقية، يقول إنه حصل هو الآخر على رخصة قيادة خاصة نظير دفع رشوة مبلغ 1000 جنيه.

شكاوى معلقة

الجهات الرقابية بوحدة مرور القاهرة ضبطت المدعو(ن.ع) 59 سنه مهندس فني بوحدة مرور السلام حال تقاضيه رشوة 500 جنيه من (هـ. س) مقابل تسهيل حصوله على رخصة قيادة وتحرر عن ذلك المحضر رقم 9637 لسنة 2013.

على غرار هذه القضية تعج المحاكم المصرية بمئات القضايا في هذا الشأن غالبيتها انتهت بالبراءة أو حفظ القضية من الأساس.

داخل وحدة مرور

أسفل لافتة زرقاء اللون، التقى معد التحقيق مع “سيد” وهو اسم مستعار لأحد أفراد الشرطة الذي يتعامل معه عبد الدايم مسؤول مواقف السيارت، ويجلب له الزبائن. طلب منّي الشرطي أن أشتري ملفا خاصا وأن أقدمه في شباك رقم (2)”.

وأمام وحدة المرور يتم بيع الشهادات الطبية للمتقدمين للحصول على الرخصة بمقابل 20 جنيها للشهادة التي تكون ضمن الأوراق المطلوبة في الملف.

بعدما تأكدت الموظفة الموجودة بالشباك رقم (2) من صحة الأوراق والبيانات، طالبتني بالدخول إلى مكتب مدير وحدة المرور، حينها اصابني رعب، وانتابني شعور بأن ينكشف أمري. سألت الشرطي سيد (الذي سيحصل على المال) هل أدخل أم أنتظر، فقال “أدخل ده أمر روتيني حتى يتأكد من وجودك ويعطيك استمارة”.

أثناء دخولي مكتب مدير وحدة المرور والوقوف أمامه، قام مُساعده بحمل جريدة ورقية من على مكتبه وأشار لي بقراءة عنوانها الرئيسي، حتى يتأكد من أنّي أجيد القراءة والكتابة.

بعد ذلك طالبني بالتوجه إلى مكتب الضابط المسؤول عن اختبارات الإشارات والعلامات المرورية، بداخل مكتبه قام هو الآخر بعمل اختبار قراءة وكتابة فقط بالجريدة كذلك، قرأت أحدعناوينها. ولم أخضع لأي اختبار إشارات من أي نوع.

 الفحص العملي

بداخل سيارة حمراء اللون ماركة (شاهين) سألني أحد أفراد الشرطة، الذي أخبره مسبقاً الشرطي سيد بأنه مرافق لي “أنت بتعرف تسوق؟” أجبته بالنفي.

فقال لي “اسمع الكلام اللي هقول لك عليه عشان نخلص من موضوعك وتأخذ الرخصة” فطأطأت رأسي في إشارة منّي إلى الموافقة.

“دوس على الدبرياج واسحب الفتيس (عصي نقل السرعات بالسيارة) إلى الخلف”.. كانت تلك هي تعليمات أمين الشرطة المرافق لي بالسيارة.

على الفور، فعلت ذلك فتوقف محرك السيارة قام هو بتشغيلها مرة أخرى وقام بسحب الفتيس للخلف فيما قمت أنا بالضغط على الدبرياج مرة أخرى فتحركت السيارة نحو خمسة أمتار إلى الأمام، بعدها طلب منّي النزول من السيارة. هنا انتهى الاختبار.

في الخطوة قبل الأخيرة للحصول على الرخصة، توجهت إلى موظف قام بإكمال الأوراق الخاصة بي، لندخل بعدها إلى مرحلة التصوير الفوتوغرافي وهي المرحلة الأخيرة للحصول على الرخصة. وعند هذه الخطوة طلبت من الشرطي مرافقي بأن أذهب إلى (الحمام) لحين أن يأتي دوري في التصوير، حينها خرجت مسرعا من وحدة المرور قبل أن يراني هذا الشرطي، ويطالبني بدفع المبلغ المتفق عليه (الرشوة) بمجرد استلام الرخصة بعد التصوير.

يرى رئيس الجمعية المصرية لسلامة وتكنولوجيا المرور المهندس عادل الكاشف أن رخصة القيادة في مصر أضحت أداة قتل، مقدرا نسبة تزيد عن الـ 60% ممن يحملون رخص قيادة لا يستحقون حملها أو الحصول عليها لأنهم لا يمتلكون أساسيات قيادة السيارات.

يضيف أن القيادة في مصر لم تعد “فنا ولكنها أصبحت بلطجة”، مرجعا ذلك إلى عدم تأهيل السائقين سواء فنيا أو طبياً.

إدارة مرور الجيزة تردّ

في 9 نوفمبر 2015 وعبراتصال هاتفي تم توثيقه، يقول اللواء مجدي إسماعيل رئيس إدارة مرورالجيزة التي تتبع لها إدارة مرور فيصل إن الإدارة تشدد الرقابة والتفتيش على جميع وحدات الترخيص الـ  13 في ما يخص مسألة سماسرة الرخص.

ويتابع “ضبطت الإدارة 6 سماسرة يتقاضون رشوة مقابل تسهيل إجراءات الحصول على رخصة قيادة”.

طالب إسماعيل معد التحقيق في نهاية المكالمة بزيارته في مكتبه للتحدث أكثر في الأمر. ذهب معد التحقيق إلى المكتب في اليوم التالي لكن دون أن يتمكن من مقابلته، إذ اكتفى إسماعيل بتكليف مديرمكتبه للقاء معد التحقيق.

بعدها وعد مدير المكتب معد التحقيق بإرسال إنجازات الإدارة عبرالإيميل، لكن حتى لحظة إعداد التحقيق لم تصل رسالة الإيميل هذه.

المستشار سامي مختار، رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق وأسرهم يقول إن هناك ثلاثة عناصر أساسية لحوادث الطرق، المركبة وقائدها والطريق ويتم التركيز على العامل البشري كأكبر سبب لوقوع الحوادث بنسبة تتجاوز 85%.

ويقول مختار إنه “لا توجد معايير حقيقة في استخراج رخص القيادة” وبعيداً عن ضعف الاختبارات العملية فمدّة صلاحية رخصة القيادة التي تصل لعشر سنوات طويلة جدا وكفيلة بإحداث كثير من التغيرات على صحة مالك الرخصة، وتساءل ما هو تأثير أمراض الشيخوخة والسكر والضغط على قائد مركبة جدد رخصته عند سن 60 عاما وكيف سيصبح حاله وهو في سن الـ 70.

يقول مختار إنه يجب التدقيق في الكشف الطبي على المتقدمين للحصول على الرخصة نظراً لعدم قانونية شهادات طبية يتقدم بها أصحاب الرخص ولا تعبّر عن الواقع إذ تستخرج دون الذهاب للأطباء أصلا للكشف الطبي. ويقترح إسناد عملية إصدار الرخصة لمركز تدريب على القيادة أو شركات خاصة على أن تقوم الدولة بدورها الرقابي وتطبيق القانون على كل من يخالف ذلك.

يشير مختار إلى تضارب الاحصاءات بين الجهات التي تصدر الإحصائيات مثل منظمة الصحة العالمية والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ومجلس الوزراء، ويؤكد عدم القدرة على حصر حوادث الطرق بشكل دقيق، نظرا لعدم تسجيل نسبة 50% من الحوادث المرورية بمحاضر رسمية، لأنه لا ينتج عنها قتلى أو إصابات خطيرة.

إجراءات استخراج رخصة القيادة 

1 – أربع 4 صور شخصية.

 2- إثبات اللياقة الطبية بموجب شهادتين طبيتين (باطنة – نظر) مع تحديد فصيلة الدم، مختومين من أي مستوصف أو مستشفي حكومي.

3 – صورتين للرقم القومي مع الاصل للمطابقة.

4- صوره للمؤهل الدراسي مع الاصل للمطابقة.

5 – لا يقل السن عن 18 عاما مع تقديم ما يثبت شخصيته ومحل الاقامة.

6 – إجتياز الإختبار النظري والعملي في القيادة وفي قواعد وآداب المرور. 

مدارس التأهيل غير موجودة: 

من جهته، يقول مدير المركز المصري للقيادة الآمنة م. أشرف زكي إنه أثناء فترة اختبار السائقين بالمركز للذين يعملون بالقطاع السياحي وجد أن هناك من يحمل رخص قيادة مهنية درجة أولى لكنه لا يجيد القيادة.

ويضيف أن المركز يقوم بعمل تنقيح لكشوف المتقدمين للإختبار ومن يثبت عدم قدرته الجيدة على القيادة يوضع في القائمة السوداء تجنباً لتقدمه مره أخرى إلى اختبارات المركز، مشيرا إلى أن نسبة هؤلاء تقدر بحوالي 10% من السائقين العاملين في قطاع السياحة فقط، مرجعاً ذلك إلى الاستخراج العشوائي لرخص القيادة.

ويسعى المركز بحسب زكي إلى التغلب على هذه الظاهرة بتصنيف كل سائق على حسب قدراته القيادية، ويتم وضعه على المركبة المناسبة له، وهو ما يشير إلى أن عددا كبيرا من السائقين يحملون رخص قيادة أكبر من قدراتهم الحقيقية.

يضيف زكي: “من خلال تجربتنا فإنه يجب إصدار الرخصة لمن يتجاوز الفحص الطبي والمهني مع تجديد الإجراءات كل مرة عند تجديد الرخصة، علاوة على أنه خلال التدريب يجب التعرف على القدرات الضرورية التي يجب توافرها لدى سائق السيارة مثل: السرعة الإدراكية، التناسق البصري الحركي، المرونة العقلية، القدرة على إدراك المسافات، درجة الثبات عند مواجهة الخطر، والقدرة على إدراك الخطر واستشعاره والتعامل معه”.

في مصر، دور مدارس تأهيل السائقين ليس إجباريا وذلك لأن وحدات المرورتكتفي بالاختبارات التي تجريها للمتقدم من اشارات وقيادة ولا تشترط إدارة المرور أي أوراق تفيد بأن المتقدم حصل على تدريب سواقة.

وليد جمال اخصائي تدريب بالمركز المصري للقيادة الآمنة يري أن مسؤولية وجود أجيال من السائقين لا يتحملون المسؤولية ولا يدركون الثقافة المرورية، يعد خطرا كبيرا بسبب ارتفاع نسبة الحوادث عاما تلو الآخر.

ويشير إلى أن وحدات المرور التي لا تؤهل السائق قبل حصوله على الرخصة، تتسبب في وجود سائق قاتل للبشر.

من جانبه، يقول اللواء أبو بكر عبدالكريم المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية إن الأشخاص الذين يمارسون عملية استخراج رخصة مقابل رشوة لا بد وأن يتم ضبطهم ومحاسبتهم، مضيفاً أن مثل تلك الأعمال يتم ضبطها باستمرار من قبل إدارات المرور بالمحافظات ويجري محاسبة المتورطين ولا أحد فوق القانون.

فيما يقول اللواء سعيد طعيمه الرئيس السابق للإدارة العامة للمرور والذي خرج من الخدمة لبلوغه سن المعاش، إنه لن يتحسن حال البلاد إلا بإصلاح القطاع الحكومي. ويرى أن منظومة المرور لن تصلح إلا باستخدام أجهزة الكمبيوتر وتعميم عملها على وحدات المرور وأن لا يكون هناك تدخل للموظفين إلا في حدود بسيط.

ويشدد عادل الكاشف على وجوب وجود مراكز لتعليم وتأهيل الراغبين في الحصول على رخصة قيادة، على غرار المركز المصري للقيادة الآمنة التابع لوزارة السياحة وهو أول مركز متخصص لتعليم القيادة الآمنة لسائقي القطاع السياحي على مستوى الشرق الأوسط والثاني على مستوى العالم. ويقدم المركز خدماته أيضا للأفراد والشركات.

ويشترط المركز أن تكون مدة الدراسة ثلاثة أشهر يجتاز فيها الشخص التطبيق العملي والشرح النظري “حتى نخلق سائقا مسؤولا عن نفسه ومركبته ومن حوله على الطريق، بدلاً من استخراجها بالمحسوبية، ودفع المال بطريقة غير مشروعة”.

وتبلغ كلفة تدريب الشخص الواحد في المركز لمدة 3 أشهر نحو 30 ألف جنيه في حين تتيح مدارس خاصة تعليم القيادة في أسبوع بتكلفة 500 جنيه.

أمام هذا التراخي وعدم تفعيل الرقابة بشكل يمنع حدوث هذا التحايل، لا يزال أبرياء يدفعون حياتهم ثمنا لهذا الاستهتار، فقوانين المرور لا تغني ولا تسمن من جوع، عقوباتها غير رادعة، والرقابة غائبة، والنتيجة استخراج رخص قيادة قاتلة.

(الدولار= 7.83 جنيه مصري)

أنجز هذا التحقيق بدعم شبكة أريج (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية)www.arij.net وبإشراف الزميل حمد العثمان.


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *