بلدية الزرقاء «فساد تراكمي» يرفع مديونيتها الى 13 مليون دينار

17 مارس 2013

الزرقاء – الدستور- يضيق سكان مدينة الزرقاء ذرعا بتكدس أطنان النفايات في شوارع وحارات وأسواق مدينتهم رغم استيفاء البلدية لرسم النفايات لقاء هذه الخدمة الحيوية.

بعد سبعة أشهر من التقصي وجمع البيانات، يكشف هذا التحقيق أن تدهور وضع النظافة يعود إلى فساد تراكمي في إدارة الموارد، وتعيينات غير صحيحة.

كل ذلك رفع عجزالبلدية المالي الى ما يزيد عن 13.5مليون دينار(19.5 مليون دولار)عام 2011، بعد أن كانت بلا ديون حتى عام 2007م. ما جعلها شبه غائبة عن مشهد النظافة في52 حيا تفرز يوميا800 طن من النفايات صيفا و550 طنا في الشتاء، تتضاعف إلى1000طن في شهر رمضان.

عدم رضى السكان يختزله استبيان وزعه كاتب التحقيق على 200 مواطن في حي الأمير عبد الله، المعروف بالغويرية، وجبل الأمير حسن. إذ أجاب99% من المستطلعة آراؤهم أن وضع النظافة سيئ جدا، مقابل1 % يرون أن لا غبار عليه.

يصف رئيس لجنة بلدية الزرقاء المهندس فلاح العموش، الذي عيّن في الزرقاء بتاريخ20/7/2010م، معضلة النظافة، أنها تراكمية نتيجة أخطاء سابقة ولكثافة تواجد اللاجئين السورين، ولكثرة الازقة التابعه لبلدية قصبة المحافظة، وهي الأصغر من حيث المساحة والثانية من حيث كثافة السكان بين نظيراتها الاثنتي عشرة. 

ويقدّر العموش عدد سكان قصبة المدينة بـ650 ألف نسمة، بمعدل 15–20 ألف نسمة في الكيلو متر الواحد لا سيما في منطقتي الغويرية وجناعة. 

بلدية الزرقاء التي أتمت مؤخرا عامها الرابع والثمانين خسرت غالبية أسطولها الذي تجمع من خلاله القمامة والبالغ 85 ضاغطة وكابسة اشترت معظمها بين عامي2000 و2010، إضافة لاليات أخرى قبل ذلك التاريخ.

من بين الآليات المتعطلة32 ضاغطة- تحمل من 10- 15 طن نفايات، و26 كابسة – تحمل بين 3 و5 أطنان، بقي منها 16 كابسة بحالة ميكانيكية سيئة، نتيجة السرقات المتكررة والإهمال وسوء الاستخدام وغياب الضوابط والمساءلة.

توظيف في غير محله

رغم إعلان البلدية وقف التعيينات خلال السنوات الماضية، إلا أنها سمحت بتعيين1500موظف تحت بند «عمال وطن»، خارج التشكيلات والموازنة، يكبدون صندوق البلدية 5 مليون دينار سنويا رواتب، ثلث «العمّال الذين لا يعملون»، يحملون الشهادة الجامعية الأولى، وبعضهم مهندسون ومهندسات، بحسب العموش.

المؤسف أن البلدية تضطر لتوظيف عمال نظافة وافدين، ويبلغ عددهم حاليا 600عامل وافد، على ما يضيف العموش، الذي شغل سابقا منصب وكيل أمانة عمان.

هذا النقص المتجدد في أعداد عمال النظافة نتيجة التلاعب بالمسميات الوظيفية والتعيين المستمر خارج التشكيلات، أوصل عدد موظفي البلدية إلى4125 موظفا، أي أكثر من ضعف العدد المطلوب لتشغيل البلدية.

ينهش هؤلاء 85 % من ميزانية البلدية، وتبلغ رواتبهم17 مليون دينار سنويا، علما أن إيراداتها لا تتجاوز 22 مليونا اما 800 من الموظفين ممن عينوا وثبتوا في عملهم بين عامي 2007 و2011، فلا يعرفون مبنى البلدية إلا آخر الشهر لدى استلام الراتب، وبعضهم يقيم خارج أرض المملكة.

هذا العبء المالي دفع البلدية للاستدانة من بنك تنمية المدن والقرى، من أجل تغطية رواتب موظفيها، وسط ضعف التحصيل والجباية، بسبب المحاباة والإهمال والتلكؤ، بحسب العموش الذي يؤكد أنه لم يشغّل سوى10 موظفين منذ استلم منصبه. 

لدى التجوال داخل مبنى البلدية الرئيس والدوائر الأخرى، لاحظ كاتب التحقيق وجود عشرات الموظفين داخل غرفها المكتظة، يحتسون الشاي والقهوة ويتبادلون أطراف الحديث. 

يقول العموش إنه وجد ترهلا في جميع الأقسام؛ مثلا 84 موظفا مهمتهم الوحيدة الرد على الهاتف بينما يعمل71 سائقا على مركبة واحدة،وأغلق عدة دوائر لا عمل لها كـ»دائرة الإغلاقات»(للمحال التجارية المخالفة) و»الحركة»، حيث كان يتكدس مئات الموظفين، كما رفع من السوية المالية للبلدية بعد أن كان غير قادر على شراء مكنسة واحدة حين تسلمها.

في أواخر 2010، أعاد رئيس لجنة البلدية هيكلتها وتنظيم موظفيها وتأهيلهم وإعاد النظر في مسمياتهم الوظيفية، مستعينا بأمانة عمان، ويخطط العموش «لإنهاء مشكلة النظافة خلال أربعة أشهر»، بعد أن تلقت البلدية تبرعا ملكيا لصالح النظافة قدره مليونا دينار.

الترهل الذي تحدث عنه العموش،استفحل مؤخرا بشكل واضح برأي عدد من المسؤولين غير الراضين عن أداء رئيسهم.. يقول هؤلاء:»العموش يحاول أن يظهر أزمته في البلدية أنها مالية إلا أنها إدارية، فالهيكلة التي قام بها كانت جزئية، وغير موفقة وعادت بالضرر الكبير على البلدية وهي من الأسباب التي أسهمت في رفع المديونية،فوضع مسؤول غير متخصص في غير مجاله، يكبد البلدية خسائر مالية كبيرة».

مهندسو البلدية الذين نفذوا منتصف شباط/فبراير 2013 اعتصاما للمطالبة بحقوقهم كانوا الحلقة الأضعف ومنهم مهندسون زادت خدمتهم عن 18 و19عاما ما زالوا رؤساء أقسام، في ظل تعيين مدراء للمناطق لا يحملون شهادة الثانوية العامة.

ويطالب مسؤولون وموظفون في بلدية الزرقاء التقاهم كاتب التحقيق وزير الشؤون البلدية ماهر أبو السمن بضرورة إيقاف الهيكلة تلك وإعادة النظر فيها، لما تخللها من ظلم كبير ومحاباة وإجحاف بحق كثير من الموظفين.

أسطول متهالك

داخل كراج البلدية الملطخة أرضيته بالزيوت والشحوم بمنطقة عوجان وفي «سكراب» حي معصوم الغارق بمياه الصرف الصحي، تتكدس42 ضاغطة وكابسة تم شراؤها منذ عام 2000، إضافة إلى رصيد البلدية من الضاغطات والكابسات قبل ذلك التاريخ ومئات الآليات الأخرى، ومنها سيارت، ديانات، قلابات، صهاريج، جرافات، جرافات بجنزير باهظة الثمن، تريلات بكبات، كمريسرات، ماتورات، وآلاف من قطع الآليات المفككة والمبعثرة.

وتبدو الآليات في شلل تام رغم أن العمر الافتراضي للضاغطات والكابسات يقدر بـ 20 عاما على الأقل، إذا خضعت دوريا للصيانة، بحسب مهندسي ميكانيك مستقلين التقاهم كاتب التحقيق.

أي أن الآليات صمدت فقط أربع سنوات كحد أقصى، لاسيما تلك المصنعة في 2009 و2008، وعددها 32 ضاغطة والتي قال عنها العموش: إن فيها خللا في المواصفات.

استدرج العموش عروضا لإحياء أسطول البلدية ورسا عطاء شراء 20 ضاغطة على شركة فولفو بكلفة مليون و300 ألف دينار، فيما أنيط بشركة نبيل حمزة إعادة تأهيل 11ضاغطة من نوع مرسيدس، مجرّدة من كل القطع إلا من «الشاصي»(هيكلها الحديدي) ورقم النمرة مقابل 27 ألف دينار للضاغطة الواحدة. 

وفي معرض تأكيده على نزاهة عمل لجنة البلدية الحالية، يقول العموش: ان جميع قطع الضاغطات التي أرسلت للترميم، مسجلة لديهم ودخلت في مستودعات البلدية.

كراج البلدية.. سوء إدارة  ..وهدر للمال العام

غياب الرقابة والمسائلة دفع عاملين وسائقين في الكراج إلى «تعطيل آلياتهم عن قصد كونهم لا يرغبون في العمل في ذلك اليوم أو من أجل أخذ إجازة رفض مديرهم الموافقة عليها»، بحسب موظفين في دائرة الآليات، حبذّوا عدم التصريح عن أسمائهم.

يمر كل ذلك دون عقوبات رادعة رغم أن المادتين (19 و28) من قانون العمل تنص على أن يعاقب العامل بالفصل دون إشعار إذا ارتكب خطأ نشأ عنه خسارة مالية جسيمة لصاحب العمل.

تكشف وثائق رسمية بحوزة كاتب التحقيق حجم الإهمال المتجذر في الكراج. مثلا تسبّب أحد السائقين بعطب محرك آليته نتيجة إهماله لموعد تغيير زيتها لمسافة 130 ألف كيلومتر، واخرى تعطل محركها بع السير عليها 65 الف كيلومتر.

وثيقة أخرى تكشف أن سبب تعطل محرك آلية موديل2002م يعود إلى سير السائق فيها مسافة زادت عن 650 كيلومترا دون تغيير زيت المحرك، في ظل غياب نظام الرقابة على الآليات وموعد غيار زيتها وموعد صيانتها.

الإهمال واللامبالاة كانا سببا كذلك في تلف الاطار الأمامي الأيمن والاطار الخلفي الأيمن لإحدى الآليات، بحسب كتاب رسمي. ويكشف كتاب آخر عن مطالبة مدير المنطقة الرابعة، لرئيس البلدية بضرورة تصليح سيارة قسم النظافة عقب مشاجرة حدثت في منطقته مع موظفي البلدية، أسفرت عن تعطل عمل السيارة تلك منذ شهر كامل.

سرقات بالجملة

غالبية ضاغطات وكابسات البلدية وغيرها من الآليات معلقة على جنطات وبلوك وطوب بعد أن خلت من قطع الغيار وحتى اطاراتها وأبوابها وزجاجها، وكل قطعة يمكن سرقتها وبيعها لأن الكراج غير مسور من إحدى الجهات ما يسمح للكل بالدخول إليه في ظل غياب الحراسة المشددة وكاميرات التصوير والرقابة الداخلية والخارجية عنه، بخاصة أوقات تبديل «الشيفتات»، بحسب مدير أسبق للكراج وموظفين.

غياب الحراسة المشددة عن كراج البلدية الذي يعتبر العامود الفقري لها، أسهم في ازدياد السرقات، فحراس الكراج عددهم اربعة حراس فعليون من أصل سبعة، يتعاقب كل اثنين منهم على الشفت المسائي واثنين على الشفت الليلي وفي بعض الأحيان يظل حارس واحد للكراج الذي تبلغ مساحته خمسة دونمات.

المؤسف أكثر أن مستودعات قطع الغيار باهظة الثمن وبحسب الموظفين هي بلا حراسة مطلقا.

العموش يؤكد أن لدى الكراج حراسة كافية على مدى 24 ساعة، فضلا عن التفتيش اليومي.

وبات الكراج الذي يضم كادرا قوامه بين200 و250 موظفا، مصدر دخل مهم لمسؤولين في البلدية وإداريين وعاملين في الكراج من خلال عدة أساليب.

أولى طرق الكسب غير المشروع، تكمن في عمل بعض موظفي الكراج مع أصحاب كراجات خاصة في مخالفة لشروط التوظيف، يقومون بتحويل آليات معطلة وغير معطلة لتصليحها أو بحجة تصليحها في كراجات التجار الخاصة مقابل أجر، مع أن إصلاح تلك الأعطال إن وجدت ممكن داخل كراج البلدية.

وتوصل كاتب التحقيق إلى أن ثلاثة من مديري الكراج السابقين كانوا يمتلكون ورشات تصليح خاصة بهم، حول بعضهم إليها مركبات معطلة على حساب خزينة البلدية.

العموش يشدّد من جانبه على عدم جواز ازدواجية العمل، مقرا في ذات الوقت بوجود حالة واحدة من هذا النوع، تعود لمدير جمع بين إدارته لكراج البلدية وامتلاكه لكراج خاص، وقام العموش بسحب رخصة المهن منه.

الطريقة الثانية من خلال سرقة قطع غيار الآليات المكدسة في الكراج وسكراب حي معصوم أو ما يعرف بـ«التشليح» ومن ثم بيعها في السوق السوداء لتجار يعاودون بيع تلك القطع للبلدية.

أحد موظفي الكراج «فضل عدم ذكر اسمه» قام بحفر علامة على إحدى القطع ليتفاجأ عقب أيام بشراء تلك القطعة من أحد التجار وهي في الأساس ملك للبلدية وهذه الحالة متكررة بحسب الموظف.

حارس في الكراج، يؤكد أن أحد مديري المناطق، قدم إليه مساء قبل حوالي أسبوعين، في ظل غياب الإدارة، وقام بفك عجل عن ضاغطة وعجل ثان عن ضاغطة أخرى؛ ما شل حركة ضاغطتين تقفان الآن على طوب وبلوك بدلا من إطاراتها.

وتتمثل الطريقة الثالثة في إصدار فواتير بآلاف الدنانير، في واحدة من تلك الفواتير صدرت لشراء قطع غيار وتصليح أربعة صهاريج مياه على الأقل، تابعة لقسم الزراعة في البلدية بكلفة وصلت لـ 28 ألف دينار، سبعة آلاف دينار تقريبا للصهريج الواحد.

المعنيون بالصفقة أقدموا فقط على طلاء الصهاريج التي ما تزال جاثمة في مكانها لا تعمل، ودليل ذلك سجل المـحروقات الذي حصل كاتب التحقيق عليه ويوضح أن قسم المحروقات لم يصرف لتر ديزل واحد لتلك الصهاريج.

أبلغ من ذلك أيضا،يصار إلى إخفاء كرت التصليح من ملف الآلية الخاصة بها، وذلك لسحب أكبر قدر ممكن من قطع الغيار عبر طمس أثار التصليحات السابقة.

مثال ذلك تغيير إدارة الكراج 41 « جيرا « لسبع آليات في فترة وجيزة، وفق موظف في الكراج فضل عدم الإفصاح عن اسمه. وفي ذات السياق حصل كاتب التحقيق على وثيقة موجهة من مدير المنطقة الخامسة إلى رئيس البلدية يشتكي فيها من سرقة معظم قطع أحد «تنكات المياه» كان أرسله سابقا لغرض الصيانة.

جاء في الوثيقة: «أرسل إلى الكراج تنك ماء يحمل رقم (10307) من أجل صيانته منذ أربعة شهور ونصف الشهر ورغم تلك المدة لم تقم إدارة الكراج بتصليح التنك بل على العكس من ذلك، فقد سرق الكرسي الأمامي وبلف الهواء والغطّاس كاملا أثناء وجود الآلية في الكراج».

مدير المنطقة الخامسة طالب بمحاسبة كراج البلدية عن تأخير تصليح التنك وفقدان القطع المشار إليها.

وثيقة أخرى تكشف تعرض إحدى ضاغطات البلدية لسرقة قطعها بعد ثلاثة أشهر على إرسالها للتصليح في إحدى الورش خارج كراج البلدية، وهي مخرطة تعاملت معها البلدية لأكثر من مرة.

تفيد الوثيقة: انه «تم إرسال ضاغطة تحمل رقم (22085) لإصلاحها خارج كراج البلدية منذ ثلاثة شهور وبعد إهمالها كل تلك المدة شكّلت لجنة من أجل الكشف عليها، وتبين أن الضاغطة فقدت منها برابيش الهواء وطاسه فلتر الهواء ما يؤدي لارتفاع هائل في درجة الحرارة إضافة لخطأ في وضعية المحرك كما أن تصميم مروحة الهواء والروديتر غير طبيعي وقواعد المحرك الأمامية غير مناسبة وهناك خطأ في تركيب الدينمو ونظام الكهرباء بالإضافة إلى عدم وجود حمالة للجير المعدل على تركيبة كما أن عزم الماتور ضعيف بالنسبة للمحرك الأسبق الموجود على الآلية». 

تلك السرقات يؤكدها أيضا مستشار رئيس لجنة بلدية الزرقاء الحالي ومدير دائرة الآليات الأسبق، المهندس ناورز يرفاس قائلا: «هناك سرقات بالجملة لقطع غيار الآليات مرتفعة الأثمان، نتيجة إصرار البلدية على إصلاح الآليات المعطلة في ورش وكراجات خارجية ودفع مبالغ طائلة لقاء ذلك، في حين بالإمكان إصلاح أعطال الآليات في كراج البلدية الذي يتمتع فنيوه بخبرات ممتازة». 

فهذه التجاوزات أسهمت في تضخيم ميزانية الكراج التي تضاعفت من نصف مليون إلى مليون دينار عام 2012 عن العام الذي سبقه دون أن تنعكس إيجابا على أسطول البلدية، على ما يضيف يرفاس. 

ويقول يرفاس، الذي شغل سابقا منصب مدير كراج البلدية: «قام تاجر لمع اسمه بالتزامن مع مقدم رئيس لجنة بلدية الزرقاء الحالي بالدخول إلى كراج البلدية أثناء تبديل الشيفتات وهو يقود آلية تابعه لبلدية الزرقاء، رغم أنه ليس موظفا فيها وقام التاجر بنقل العديد من قطع الغيار في آلية البلدية ثم أفرغها في مركبته الخاصة التي تقف خارج الكراج من الناحية الأخرى في ظل غياب الحراس والموظفين والرقابة الداخلية والخارجية».

مسؤول ثان في الكراج قال: ان فواتير بعض التجار سهلة الصرف ويقومون بمتابعتها من مكتب إلى آخر وهذا مخالف للقوانين..يرفاس يتساءل هنا حول سر سهولة صرف فواتير ذلك التاجر في ظل تعثر فواتير شركات كبرى ومعروفه مثل شركة وكلاء مرسديس وشركات التأمين.

وبالعودة إلى غرفة تجارة الزرقاء، من أجل التأكد من صحة امتلاك بعض التجار لأكثر من شركة بأسماء مختلفة، رفض رئيس الغرفة التجارية والذي يشغل في الوقت ذاته منصب نائب رئيس لجنة بلدية الزرقاء، حسين شريم، الإفصاح عن أي معلومة تعود لأي من الشركات، معللا ذلك بأنه من تخصص وزارة الصناعة والتجارة، بالرغم أن غرفة تجارة الزرقاء هي المعنية بمنح سجل الترخيص وشهادة المنشأ.

العموش بدوره نفى تسليم التاجر سيارة خاصة بالبلدية، مؤكدا أن أمانة عمان هي من زكّته له كونه من أنزه التجار وأفضلهم في التعامل وأقلهم في سعر التصليح والقطع.

كما يشير الى أنه شكّل 15 لجنة تحقيق منذ تعيينه استنادا إلى الشكاوى بوجود شبهات فساد، إلا أنها لم تثبت، مشددا في الوقت ذاته على أنه لن يتوانى عن تحويل أي موظف للقضاء في حال ثبوت أي شبهة عليه.

ويقر العموش يوجود عدد كبير من القضايا على بلدية الزرقاء، لدرجة انه لم يعد يقوم بتحويل تلك القضايا إلى هيئة مكافحة الفساد، وبات يحولها مباشرة إلى المحكمة.

مصدر مسؤول في هيئة مكافحة الفساد، أكتفى بتأكيد وجود سبع قضايا على بلدية الزرقاء، بينها ما هو قيد التحقيق، وواحدة سقطت بالعفو العام.

المصدر أوضح، أن الهيئة حفظت عددا آخر من القضايا، لم يذكر عددها، كونها لا ترتقي الى «شبهة فساد»، مشيرا إلى عدم درايته بوجود قضايا متعلقة بكراج البلدية واسطولها. 

ديون البلدية

يكشف الملف المالي للبلدية أن العجز قفز إلى 13مليون دينار في غضون خمس سنوات فقط، فوزارة الشؤون البلدية كانت أقرت ميزانية بلدية الزرقاء عام2007 البالغة نحو17 مليون دينار من دون أي عجز يذكر.

كاتب التحقيق حصل على وثيقة تبين أن بلدية الزرقاء طلبت من شركة توفيق غرغور وأولاده -وكلاء مرسيدس- صيانة آليات المرسيدس المصنعة عام 2001 وفحصها على جهاز الكمبيوتر لديها، إلا أن مدير الصيانة في الشركة رفض استلام أي آلية، إلا بعد تصفية الأمور المالية المتراكمة والمستحقة عليها منذ أكثر من عام .. « شركة توفيق غرغور رفضت التعقيب على هذه الوثيقة « . 

 حاويات القمامة.. صفقات بالآلاف مخالفة للمقاييس

تعاقدت بلدية الزرقاء أخيرا لشراء300 حاوية جديدة كدفعة أولى لقاء80 ألف دينار، بعد إغلاق مصنع الحاويات والعربات التابع لها.

وتشير الوثائق إلى أن الحاويات المشتراه، مخالفة للمواصفات؛ الأمر الذي حاول العموش التقليل منه، موضحا أن الخلل يعود الى نقص 5 ملكرون من سمك «قلفنة الحاوية» المطلوب. 

المفارقة الغربية أن بلدية الزرقاء كانت تصنّع حاويات القمامة لديها حتى عام 2006، طبقا للمواصفات اللازمة، كما كانت تبيع قسما من إنتاجها إلى بلديات وجهّات أخرى، ما شكل رافد ماليا جيدا للبلدية.

سعر شراء الحاويات يفوق تكلفة تصنيعها بثلاثة أضعاف على الأقل؛ فتكلفة صناعة الحاوية يقدر بـ70 دينارا في حين يكلف شراؤها 300 دينار على الأقل.

العموش يصف مصنع الحاويات المغلق الذي عاينه كاتب التحقيق، بأنه «محددة « كونه مجهزا لتصنيع حاويتين يوميا، مخالفة للمواصفات بكلفة200 دينار للحاوية الواحدة، تتلف نتيجة تعرضها للشمس بعد أسبوع.

مدير دائرة المشاغل والميكانيك الأسبق والذي كان مصنع الحاويات والعربات تحت إدارته، ناورس يرفاس، يؤكد أن طاقة إنتاج المصنع كانت 15حاوية يوميا بمواصفات عالية وبكلفة70 دينارا للحاوية، إضافة إلى إنتاج المصنع للحاويات الصندوقية الكبيرة وعربات النظافة ومجاريد وكريكات ومرابط إنارة، قبل أن تتجه البلدية لشراء هذه الأدوات من السوق بأسعار مضاعفة .

وتبين وثيقة بحوزة كاتب التحقيق، صفقه بيع حاويات من قبل البلدية لجهة أخرى لقاء 170دينارا للحاوية الواحدة. 

يرفاس يكشف أيضا أن رئاسة البلدية قامت بتصفية «كانسة» حواف الطرقات، وهي مركبة بمقدروها شفط ستة أطنان من الأوساخ والرمال وعقائب السجائر، بعد أن عكف على تصنيعها في مصنع الحاويات ذاته عامين كاملين، إضافة إلى تصفية «المشحمة والمغسلة؛ ما أظهر آليات البلدية بشكل قبيح جدا. ويصف يرفاس الكانسة بأنها كانت تعمل عن150عاملا، إذ تقبع «الكانسة « الآن في «سكراب» حي معصوم وعليها إشارة (x) تمهيدا لشطبها ذلك من قبل لجنة شكلها العموش . 

كما تكشف الوثائق أن البلدية غفلت عن ضرورة تناسب مقاييس وأطوال حاويات القمامة مع مقاييس الضاغطات والكابسات؛ ما يؤدي لتلف الحاوية خلال زمن قصير جدا، على ما تشير كتب رسمية بحوزة كاتب التحقيق، الذي عاين المئات من الحاويات التالفة المكدسة في سكراب حي معصوم كما عاين هلاك العديد من الحاويات الجديدة في زمن قياسي.

العموش يقول: إن من أسباب تلف الحاويات تعرضّها للحرق على يد متظاهرين، ما يزيل عنها الطبقة العازلة ويضعف مقاومتها.

وفي كتاب رسمي بحوزة الكاتب مرسل من مدير المنطقة الأولى إلى مساعد شؤون المناطق، جاء فيه: «أثناء قيامنا بجولة ميدانية تبين أن أربع حاويات جديدة فقدت عجلاتها، ولدى الاستفسار من المشرفين أعلمونا أن الخلل في الضاغطات إذ أن جكّات الضاغطة يوجد فيها اتساع؛ ما يؤدي إلى سقوط الحاوية من الضاغطة قبل السيطرة عليها». في كتاب آخر مرفوع إلى رئيس البلدية، يشكو مدير المنطقة الأولى من فقدان حاويتين لعجلاتهما بعد سقوطهما من السيارة بسبب اتساع ذراعي الضاغطتين».

أخطاء متراكمة

نقص الآليات حال دون تمكن البلدية من جمع النفايات والتخلص منها في مكب الغباوي للنفايات، الذي يبعد30 كيلومترا عن الزرقاء، فاستحدثت مكبا خلف غرفة تجارة الزرقاء، لتقريب المسافة على أن يشكّل نقطة أولى يجري لاحقا نقل النفايات منه للمكب الرئيس.

إلا أن ذلك لم يحدث، إذ عملت البلدية على حرق تلك النفايات وإرسال كميات بسيطة منها لمكب الغباوي.

ودفعت الأدخنة الناتجة عن عمليات الحرق أهالي المنطقة لتقديم شكاوى فأجبرت البلدية لنقل المكب المؤقت عقب تدخل شرطة البيئة إلى تقاطع شارع المصفاة مع شارع مكة المكرمة.

وينفي العموش استمرار تجميع النفايات داخل المكب المستحدث، لافتا إلى أن التجميع مؤقت ليعمل فقط في شهر رمضان، حين تتضاعف النفايات إلى 1000 طن يوميا.

ويقول: إن خطته ستؤدي إلى معالجة تردي النظافة وتدهور الوضع البيئي في الزرقاء جذريا بعد أربعة شهور، وذلك عقب تبرع جلالة الملك عبد الله الثاني بمليوني دينار، حين ناشده وجهاء الزرقاء،خلال زيارته منزل محمد بشير الشيشاني، بتاريخ 13/9/2013م الذي شغل منصب أمين عمان الكبرى، خلال1991 – 1993.

إطار خارجي

منذ عام 1990م و حتى 2013م استلم سدة بلدية الزرقاء كل من، ياسر العمري، مصلح الطروانه، مصطفى الفياض، ياسر العمري، صالح جرادات، دليوان المجالي ، جميل المومني، محمد موسى الغويري، وفلاح العموش.

 تم انجاز هذا التحقيق بدعم « إعلاميون من اجل صحافة استقصائية عربية ” أريج ” بأشراف الزميل سعد حتر والزميل عبد الله السعافين.


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *