أصابع الاتهام تتجه نحوها.. محلات ذبح الدجاج هل هي المسؤولة عن حالات تسمم الشاورما؟

25 سبتمبر 2007

تحقيق: جمال علوي
أصابع الاتهام تتجه نحوها محلات ذبح الدجاج هل هي المسؤولة عن حالات تسمم الشاورما؟ حل مشكلة تسمم الشاورما يبدأ من ضبط عملية البيع في محلات النتافات السالمونيلا تنتقل من الدجاج المستخدم والرقابة غير كافية أكياس مخلفات الدواجن تأخذ طريقها إلى السوق والعمالة الوافدة تسيطر على هذه المحلات البلديات تتراخى في إغلاق النتافات بسبب عجزها عن توفير البديل استخدام البقايا قوالب لتشميع سيخ الشاورما بما يجعلها أرض خصبة للتلوث الأمانة أغلقت 90محلا العام الماضي و19 منذ بداية العام الحالي رغم عدم ترخيصها حل مشكلة النتافات يتم عبر إعادة تأهيلها لبيع الدجاج المبرد بقروض ميسرة

وراء موجات التسمم المتكررة في محال الشاورما انتشار كثيف لدكاكين بيع الدجاج الحي “النتّافات” في المحافظات وهي تواصل العمل في ظروف غير صحيّة تحت إشراف عمال وافدين وذلك رغم محاولات إغلاقها ، على ما يؤكد رؤساء بلديات وخبراء صحة. تقول هذه المصادر إن مئات النتافات تزود محال الشاورما بدجاج مذبوح بعيدا عن الشروط الصحية المطبّقة في مسلخ عمّان ، وهي المدينة الوحيدة الخالية من النتّافات بقرار رسمي بسبب وجود مسلخ يلبي احتياجات السكان.

لذلك يحذّر رؤساء بلديات من بقاء مخاطر التسمم بجرثومة السالمونيلا ، المرافقة للدجاج الخارج من النتافات ، حتى بعد تشديد الرقابة على محال بيع الشاورما وفرض معايير صحية جديدة.

نقطة البداية انطلق هذا التحقيق من مراقبة محلات بيع الدجاج الطازج في ثلاث محافظات هي البلقاء ، الزرقاء والرصيفة (وسط المملكة) لقياس مستوى التزام أصحابها بالمعايير الصحية والبيئية. في الزرقاء ، ثالثة محافظات المملكة من حيث عدد السكان بعد العاصمة وإربد ، 285 محلا للنتافات تنتشر غالبيتها داخل الأحياء الشعبية وتحديدا في الغويرية ، حي الحسين ومعصوم والامير محمد. أما الرصيفة ، التي شهدت كبرى موجات التسمم الجماعي ، فينتشر بين أزقتها وعلى مدخل مخيم حطيّن 132 محلا ، في حين يوجد في البلقاء 135 محلا يتزود بالطيور من 157 مزرعة بين لاحم وبيّاض.

المحطة الأولى

مصادر في بلدية الزرقاء تؤكد أنها تسعى – منذ العام 2000 – لإغلاق النتّافات – لكن دون جدوى. وأرجعت المصادر السبب الرئيس إلى “تعثر تجهيز مسلخ مركزي لغياب التمويل” رغم جهود البلدية ووزارة الشؤون البلدية والقروية.

ومن الزرقاء الى مدينة الرصيفة والتي تقع على اكناف محافظة الزرقاء والتي شهدت كبرى موجات التسمم في منتصف العام الحالي. يقول رئيس بلدية الرصيفة السابق غسان خريسات إن البلدية “اتخذت قرارا هذا العام بإغلاق محلات النتافات نهائيا ، لكن تعثر اقامة مسلخ دفعنا للعودة عن القرار والسماح للمحلات بالعمل حتى نهاية العام الحالي بعد أن نحسم أمر المسلخ”.

في موازاة قرار المنع تواصل البلدية ، بحسب خريسات ، تشديد الرقابة على هذه المحلات لضمان الشروط البيئية والسلامة العامة. على أن الرقابة تصطدم بعقبات ميدانية إذ أن غالبية المحلات يتم تضمينها إلى عمال وافدين ، وبالتالي من الصعب ضمان شروط السلامة العامة.

مخالفات بالجملة

الدستور رصدت مخالفات كثيرة من بينها قيام محلات ببيع “بقايا الدواجن إلى مصنعين يتعاملان مع مخلفات ذبح الدجاج” وذلك عبر شاحنات صغيرة تجول المحال لالتقاط بقايا الذبح .

يقع المصنع الأول في منطقة الظليل (على طريق الأزرق) والثاني في الموقر (60 كيلو مترا جنوب شرق عمان). تكمن المشكلة في أن قرار إغلاقها يصطدم دائما بعقبات كثيرة إذ “سرعان ما تعمل قوى الشد العكسي على إفشال القرارات التي تصدرها المراجع المختصة” بحسب مصادر في بلديتي الزرقاء والرصيفة.

على أن صاحب نتاّفة في حي معصوم يرى “أن إغلاق هذه المحلات سيساهم بزيادة أرقام البطالة وتردي أوضاع الأسر التي تعيش من وراء تشغيل هذه المحلات”.

لذلك تسارع هذه الفئة “للجوء إلى مراكز النفوذ وتطيير مذكرات (احتجاج) إلى رئيس الوزراء لوقف قرارات الاغلاق والحؤول دون تطبيقها”.

المحطة الثانية

كانت المحطة الثانية في محافظة البلقاء ، حيث شاهدنا عن كثب عمليات البيع وتشغيل هذه النتافات منذ لحظة اختيار الزبون الكمية التي يريدها مرورا بتوزينها ومن ثم ذبحها ودخولها بما يعرف بالنتافة التي تعمل على نزع الريش عن الدجاج.

العمالة الوافدة

يروي محمدين ، وهو عامل وافد يعمل في أحد هذه المحلات ، حقيقة ما يجري خلف حواجز الذبح والتنظيف. يقول محمدين إن المخلفات ، التي تضم الريش وما يخرج من الدواجن بعد تنظيفها من مصارين وأوساخ أخرى ، تباع إلى سيارات جواّلة تعمل على نقلها إلى مصنع الموقر.

هناك ، يتم التعامل معها حراريا وإعادة تصنيعها لتصبح “أعلافا يعاد بيعها الى مزارع الدواجن لتقديمها مرة أخرى طعاما للدجاج” خلال فترة تربيته بما يعرف باسم “أعلاف مركزة” وذلك بسبب “ارتفاع كلفة الأعلاف المستوردة من الخارج”. وقالت مصادر وزارة الصناعة والتجارة أن الوزارة تستورد الشعير فقط حيث تبلغ كمية المستورد منه 850الف طن بينما يتم استيراد الاعلاف المركزة وغيرها من قبل القطاع الخاص ولا توجد ارقام دقيقة حول كمية المستورد ، وقالت مصادر وزارة الزراعة ان سعر الاعلاف المركزة المحلية تتراوح ما بين 450 600و دينار للطن ، بينما يصل المستورد منها الى 680 دينارا للطن ، اما الاعلاف التي تدخل فيها مخلفات الدواجن فتباع بسعر ادنى حيث يبلغ سعر الطن 460 دينارا.

اما السر الذي يكشفه محمدين بتردد ، فيكمن في بيع ما “يتم استخلاصه من عملية تقطيع الدجاج داخل أكياس خاصة إلى زبائن. تحتوي الأكياس على جلود ، زوائد عملية التقطيع ، رؤوس الدجاج وأرجلها التي تأخذ طريقها الى جهات غير معروفة”.

إلا أن قائمين على بيع الدجاج يؤكدون أن محال بيع الشاورما تستخدم الخلاصات من الدجاج لتجهيز أسياخ الشاورما.حيث تذهب الى محلات الشاورما في المناطق المحيطة حيث وقعت جميع حالات التسمم في مناطق تتواجد فيها النتافات مثل الرصيفة ـ البلقاء ـ مادبا والزرقاء .هذه المواد تباع مقابل نصف دينار للكيس الواحد ، وقد لاحظنا تحت طاولة التقطيع رزما وأكياس جاهزة للبيع ، حيث أن هذه العملية باتت تحصل على نطاق ضيق بفعل تشديد رقابة الجهات البلدية والرسمية عقب تكرار حوادث التسمم في الزرقاء ومأدبا والرصيفة.

يقول مدير صحة مأدبا آدم العبدللات إن “سبب التسمم ناجم عن المايونيز وأيضا من الدجاج نفسه الذي تظهر فيه جرثومة السالمونيلا”.

قوالب الشاورما

رغم ذلك سرعان ما تجد الأكياس طريقها مجددا إلى السوق حيث تستخدم في “تجهيز قوالب من الدهون تستخدم في تشميع أسياخ الشاورما”. وتستعمل الدهون الناجمة عن هذه المخلفات في تكوين طبقة دهنية حول سيخ الشاورما تساعد على سرعة استجابته للحرارة ونضوجه .

ويطالب مستهلكون بمنع “عملية التشميع” لأنها تتسبب بتكاثر البكتيريا المسببة للأمراض لا سيما السالمونيلا ، ويحضّون الحكومة والمجالس البلدية على إعادة تأهيل محلات النتافات “لتكون صالحة لبيع الدجاج المبرد من أجل منع تسرب المخلفات بصورة غير سليمة والتقليل من حالات التسمم وتوفير دواجن سليمة وصحيّة للمواطنين”. ولإنجاز هذه المهمة يحث مسؤولو صحة ، ومستهلكون من الحكومة توفير “قروض مدعومة لأصحاب هذه المحلات ومراقبة العاملين فيها”.

ذبح مخالف

وقد وجدت المتابعة الميدانية المتواصلة أن طريقة ذبح وتنظيف الدجاج تشكل أرضية خصبة لتكاثر الجراثيم. تبدأ الرحلة مع وصول المشتري ، وبعد الاتفاق على السعر المحدد يتم وزن كمية الدجاج المطلوبة ومن ثم إدخالها الى الباحة الخلفية من المحل التي تكون مجهزة بوعاء دائري (برميل) من الماء الساخن ووعاء آخر توضع فيه طيور الدجاج بعد ذبحها لتصفية الدماء.

الخطوة التالية تكمن في غمر الطير المذبوح بالماء الساخن قبل وضع الدجاج في جهاز النتافة المتحرك لتخليصها من الريش. ثم تبدأ عملية تقطيع الدجاج الى اربعة قطع أو ثمانية قطع حسب رغبة الزبون.

وقد لاحظنا أن العمال ، لاسيما الوافدين ، لا يستخدمون قفازات بلاستيكية قبل التعامل مع الدجاج من البداية وحتى تقطيع الكميات. فضلا عن ذلك تتواجد جميع المخلفات في المكان ذاته ، والذي لا تزيد مساحته عادة عن ستة أمتار مربعة تضم كل انماط المناخ الملائم لتكاثر البكتيريا من حرارة ومخلفات ودماء وحاوية.

المختبرات

وللوقوف على ما تحويه أكياس المخلفات والزوائد أخذت ثلاث عينات مختلفة الى أحد مختبرات القطاع الخاص. لكننا وجدنا أن مختبرات القطاع الخاص غير مجهزة للتعامل مع هذه العينات. ثم طرقنا باب أمانة عمان التي لديها مختبرات في دائرة صحة المجتمع مجهزة لكل انواع التحليل الجرثومي. أخذنا عينتين من منطقتين مختلفتين – إحداهما عين الباشا – القريبة من البقعة وذلك قبل أيام من وقوع حالة التسمم في أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن. رغم الاحتياطات التي اتبعت في أخذ العينة من حيث وضعها داخل كيس بلاستيك محاط بالثلج الا أن الاطباء وجدوا انها ملوثة من خلال ما يعرف بالكشف الحسيّ دون إجراء فحص مخبري.

بدون فحص تجزم الدكتورة ميرفت العبادي مديرة دائرة صحة المجتمع في أمانة عمان بأن العينة غير صالحة واستبعدت مواصلة الفحص المخبري. يمر الفحص بمرحلتين: “الأولى تسمى بالفحص الحسّي. وما يثبت تلوثه بالفحص الحسي من المنطقي أن لا يخضع للفحص الجرثومي ، إذ أن حاسة الشم والنظر تكشف التلوث من الرائحة التي تدل على نشاط بكتيري واضح وعال” ، حسبما تؤكد الدكتورة العبادي.

ولمزيد من الدقة أرسلت عينات جديدة من عين الباشا إلى دائرة صحة المجتمع القريبة من المنطقة ، وذلك لضمان سلامة النقل للمختبرات دون تعرضهما لعوامل خارجية. النتائج المخبرية التي ظهرت بعد فحوص دامت أسبوعا أيّدت تشخيص الدكتورة العبادي الأولي حول وجود بكتيريا هوائية في العينتين وبكتيريا “كولي فورم” التي تسبب فساد المادة الغذائية. كذلك رصدت بكتيريا “إيكولاي “وهي من الجراثيم الممرضة ، بحسب رأي الدكتورة ميرفت العبادي. هذه الأنواع من البكتيريا تظهر نتيجة عدم الاهتمام بعامل النظافة لدى تجهيز الأطعمة.

غذاء ملوث

ويقول الدكتور عبدالفتاح الكيلاني نقيب الأطباء البيطريين إن اكتشاف هذه الجراثيم في العينات “تدل على أن الغذاء ملوث ولا يجوز استخدامه في أي استخدام بشري ، لافتا إلى أن من نتائج انتشار البكتيريا – لاسيما “إيكولاي” ظهور أعراض إسهالات حادة وارتفاع في درجات الحرارة.

في محاولة للحد من حالات التسمم سعت وزارة الصحة الى إصدار تعليمات جديدة حددت من خلالها الشروط الواجب توافرها في المحلات التي تتعامل بوجبات الشاورما. من أهم الشروط منع ممارسة الشوي والبيع خارج حدود المحل لحماية المواد الغذائية من الملوثات الخارجية مع مراعاة توفير التهوية الملائمة وتركيب معدات خاصة بشفط الهواء. كذلك اشترطت أن تكون نوعية اللحوم البيضاء والحمراء صالحة للإستهلاك البشري.

وتفيد سجلات مديريات الصحة والبلدية في محافظة الزرقاء بأنها أتلفت خلال العام الماضي قرابة 160 طناً من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك البشري.

ويرى المدير المكلف السابق بإدارة المؤسسة العامة لمراقبة الغذاء والدواء الدكتور فتحي صالح أن سبب “المشكلة يعود بشكل واضح الى حدوث خلل في تداول البيض والدجاج” ، حيث تتفاقم المشكلة الصحية في هذه الحالة “سواء كان ذلك عبر القشرة الخارجية او داخل البيض ، إذ تبيّن التحاليل المخبرية أن السبب الأول في حالات التسمم يعود الى عدم إنضاج الشاورما تحت حرارة مرتفعة إلى درجة اللون الداكن مما يؤدي إلى ظهور جرثومة السالمونيلا”.

أما السبب الثاني ، بحسب صالح ، فينجم عن وصول الجراثيم عبر مادة المايونيز التي لا تعرض إلى درجة حرارة مرتفعة لدى تصنيعها مما يؤدي إلى إصابة من يتناول وجبة الشاورما المضاف اليها المايونيز بالتسمم .

ولا يتردد الدكتور صالح بالقول إن الفحوص دلت على وجود جرثومة السالمونيلا في العينات التي جمعت من المدن التي حدثت فيها حالات التسمم في لحم الدجاج والمايونيز. وحين سئل مجددا عن امكانية استخدام بقايا الدجاج المذبوح في محلات النتافات من قطع وزوائد التقطيع في محلات الشاورما أجاب صالح: “من ناحية عملية لا تستقيم الامور مع أصحاب المحلات من خلال استخدام هذه البقايا ، اذ يمكنهم استيراد دجاج مجمد على شكل طبقات وبلوكات جاهزة للاستخدام”.

لكنه شدد على أهمية “تدعيم الرقابة الرسمية بالرقابة الذاتية إذ أن معدل الزيارات التفقدية على المحال والمؤسسات التي تتعامل مع المواد الغذائية تصل الى زيارتين شهريا وهي غير كافية لضمان الرقابة في ظل تغير نمط الاستهلاك وإقبال المواطنين الكبير على أكل الشاورما التي اصبحت وجبة شعبية في كل المدن والمناطق في المملكة”.

وفي ضوء أقوال جهات ذات صلة بالموضوع لا تجزم بإمكانية وصول بعض الزوائد الى محلات الشاورما وقيام بعض النتافات ببيع هذه الزوائد إلى جهات لا تعرف كيف تتعامل معها دون ان تسبب الاضرار للمواطنين ، تثار أسئلة مجددا حيال احتمالات تكرار حالات التسمم في مناطق جديدة.

لذلك توصي البلديات بتطبيق قراراتها بإغلاق محلات النتافات أو اعادة تأهيلها لتكون قادرة على بيع الدجاج المذبوح في مسلخ امانة عمان او غيره من المسالخ.

ويرى رئيس بلدية السلط المهندس سلامة الحياري أن الحل يكمن في إخراج هذه المحلات من داخل حدود البلدية في مرحلة أولى ، أو تحويلها إلى محلات لبيع الدجاج المذبوح والمبرد. لكنه أقر بأن الأمر “يتطلب دراسة شاملة لواقع المزارع وقدرة اصحاب هذه المزارع على ذبح طيور الدجاج في مسلخ العاصمة. لذا نتريث الى حين دراسة كل أبعاد هذه القضية”.

وكان رئيس بلدية السلط السابق ماهر ابو السمن قد لفت الانتباه الى ان اغلاق المحلات يتطلب منذ البداية أن تكون الجهات الرسمية قد وفرت مسلخا حديثا من شأنه توفير الدواجن الجاهزة لهذه المحلات حتى لا ينقطع مصدر رزق العاملين فيها. لكن الدكتورة العبادي ترى أن التوعية ضرورية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تدفع المواطنين للبحث عن وسائل لتخفيض كلف متطلبات الحياة اليومية. وتذكّر بأن أمانة عمان حظرت بيع الدجاج بواسطة النتافات منذ سنوات عدة إلا أن الأمانة من خلال طواقمها تكتشف بعض المحلات التي تعمل بذات النظام في مناطق اليرموك ورأس العين وسحاب ومرج الحمام.

وقد اغلقت حملات الرقابة والتفتيش 50 محلا العام الماضي 19و محلا منذ مطلع العام الحالي ، بحسب مسؤولين في الأمانة ، وذلك تماشيا مع المادة الثامنة في نظام المسالخ (أمانة عمان) التي تحظر ذبح الحيوانات في المحلات التجارية . ورغم حرص الأمانة على إغلاق المحلات بموجب قرارات الحاكم الاداري ، إلا ان بعض اصحاب هذه المحلات يعود للعمل فيها مجددا بشكل مخالف للقانون أو ينتقل الى منطقة قريبة من المحل المغلق .

الرقابة الصحية

لكن واقع الرقابة الصحية في البلديات يكاد يكون أكثر صعوبة بسبب البعد الانتخابي الذي يفرض نفسه ويمنع الاجهزة المختصة في البلديات من القيام بواجبها. كما أن عدد المراقبين غير كاف. إذ وجدنا أن عدد المراقبين في بلدية الرصيفة 45 مراقبا مهمتهم متصلة في جميع الشؤون الصحية وليست مقتصرة على محلات الدواجن. لذا تكون زياراتهم مرة شهريا لبضع دقائق في أحسن الأحوال ، وهي تنحصر في غايات التأكد من صلاحية الرخصة أو تجديد رخصة العامل الوافد ، وبحسب عاملين في مديريات الرقابة الصحية.

وفي موازاة ذلك يعمل في بلدية الزرقاء 31 مراقبا تابعا للبلدية ، 25و مراقبا ضمن ملاك مديرية الصحة ، في حين لا يتجاوز عدد مراقبي الصحة في بلدية السلط ستة مراقبين إلى جانب مراقب واحد في كل منطقة من مناطق البلدية الثماني.

وتتعامل البلديات مع محلات النتافات بموجب قانون البلديات الذي صدر العام الحالي ، حيث منح البلديات صلاحية مراقبة الخبز واللحوم والاسماك والفواكه والخضراوات وغيرها من المواد الغذائية واتخاذ الاجراءات لمنع الغش فيها وإتلاف الفاسد منها والمساهمة في مكافحــــة الغـــلاء ، ومعاينة الذبائح وإنشاء المسالخ ، وفحص الحيوانات والدواجن المعدة للذبح واتخاذ الاحتياطات لمنع اصابتها بالامراض ، وتعيين مواقع لبيعها ومراقبة ذبحها وتصريف بقاياها .

الضحايا

ومع ارتفاع عدد ضحايا التسمم “حيث بلغ عدد الاصابات التي وقعت قرابة 200حالة”تبقى حالة بلال التلاوي الشاب الوحيد الذي توفي جرّاء تناوله وجبة شاورما هي الأكثر فداحة ، إذ أثبت تقرير الطب الشرعي ان الوفاة نجمت عن جرثومة السالمونيلا التي أصابته مباشرة بعد تناوله الشاورما .

حسين جروان التلاوي والد بلال يقول إن القضية ما زالت أمام الجنايات الكبرى لافتا الى أن الجهات الرسمية “لم تعترف بمأساته بأي شكل من الأشكال. كما انها قامت بتكفيل صاحب المطعم المعني”.

ورغم ان الحكومة لجأت الى قرار منع بيع شاورما الدجاج (وعادت عنه) فإن هذا القرار لن يكون نهاية المطاف في ما شهدته المملكة من حالات تسمم خلال الفترة الاخيرة ، إذ تحتاج الأجهزة الرسمية إلى حلول سريعة وحاسمة تبدأ من فتح ملف النتّافات على نطاق واسع والحسم بسرعة في التعامل معه ودون تردد.

أنجز هذا التحقيق بدعم وإشراف شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج) www.arij.net


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *