"آخر راكب"

3 ديسمبر 2013

– 54 ألف لاجئ سوري فروا من الزعتري وسط تساهل امني.  

– سماسرة امتهنوا تهريب اللاجئين… وسوق سوداء لبيع الكفالات المزورة.

– الأمن العام يُقر بوجود قضايا رشوة مقابل تهريب لاجئين خارج المخيم.

صوت أنين اللاجئة السورية نسرين ” 28″ عاما، يصدح داخل خيمتها المهترئة في مخيم الزعتري، فالمخاض جاءها في ظروفٍ كالحة، تحت وطأة اللجوء وقسوته، وزوجها يجلس بجانبها حائرا، راجيا من الله أن تلد بسلام.

لم يكن المخاض يسيرا. بحلول الليل، وصلت إلى المشفى المغربي في المخيم، الذي قرر إجراء عملية جراحية (قيصرية) لها. خوف الزوج من العملية داخل المشفى المكون من خيمة كبيرة تفتقر إلى الخدمات الطبية، دفعه للهروب بزوجته من المخيم إلى مستشفى عاقلة في عمان تحت جنح الظلام وبطريقة غير قانونية عن طريق أحد السماسرة مقابل 100 دينار.

تشترط إدارة مخيمات اللاجئين السوريين في وزارة الداخلية، على كل لاجئ سوري يريد مغادرة المخيم، أن يقدم كفالة قانونية لإدارته، من قبل كفيل أردني، بحيث يعرف مكان إقامته، أو أن يحصل على إجازة/ مغادرة لمدة 3 أيام بحد أقصى. على أن يتم تقديم طلب إجازة مسبب إلى قسم الشؤون الاجتماعية في المخيم، الذي يحق لها قبوله أو رفضه دون إبداء الأسباب.

نسرين وزوجها ضمن قرابة 54 ألف لأجئ سوري  فروا من مخيم الزعتري بطريقة غير قانونية منذ افتتاحه عام 2012، وذلك من أصل 130 ألف لاجئ سوري يقيم هناك وفق تقديرات وزارة الداخلية.

يكشف هذا التحقيق، تواطؤ بعض رجال الأمن العام المكلفين بحماية مخيم الزعتري، مع سماسرة أردنيين وسوريين امتهنوا تهريب اللاجئين السوريين من مخيم الزعتري إلى خارجه، بسيارات شاحنة، وصهاريج المياه، مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 50 -150 دينار على اللاجئ الواحد، علاوة على تهريب البضائع والمواد التموينية الخاصة باللاجئين إلى خارج المخيم، لبيعها في الأسواق المحلية، وبأسعار تفضيلية.

مخيم الزعتري الذي تم افتتاحه في منتصف عام 2012، مقام على 220 ألف متر مربع من أراضي محافظة المفرق شمال الأردن، ويبعد 15 كم عن الحدود الأردنية السورية، و70 كم عن العاصمة عمان. ويعتبر أكبر مخيم للاجئين السوريين في الأردن، إذا تبلغ

طاقته الاستيعابية 150 ألف لاجئ، ويحتوى على17 ألف كرفان، 8 ألاف خيمة، و3 آلاف محل تجاري.

تجربة شخصية

العاشرة صباحا من يوم السبت 22/ حزيران/2013، وصل كاتبا التحقيق ساحة كبيرة بالقرب من مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين داخل مخيم الزعتري، تقف فيها سيارات، باصات صغيرة، بك أب وشاحنات صغيرة “ديانا”. ينادي الدلال ( وهو لاجئ سوري عادة يكون طفلا يعمل على تجميع من يريد الهروب من المخيم) بأعلى صوته: “آخر راكب… آخر راكب”، وذلك لنقل وتهريب اللاجئين خارج المخيم.

تقمص كاتبا التحقيق شخصيتي لاجئة سورية وزوجها، واتفقا مع سائق الديانا، (سيارة شحن صغيرة) تحمل لوحة أردنية، على إخراجهما من المخيم بعد أن وضعهما مع عائلتين مكونتين من 15 شخصا، مقابل 200 دينار لكل عائلة، لتكتمل حمولة الديانا.

انتظر السائق حتى الثانية ظهرا، لحين تغيير ورديات (شفتات) دوام رجال الأمن العام، وقوات البادية المكلفين بحماية المخيم لضمان خروج الشاحنه من المخيم بأمان، فأحد رجال الأمن في الشفت الجديد سَيُسهل المهمة، كما قال.

ركب معدا التحقيق في المقعد الأمامي، وإلى جانبهما السمسار أبو علي، الذي ما أنفك ينسق عبر هاتفه عملية التهريب مع عبد السلام، أحد عناصر قوات البادية التي تحرس المخيم من الخارج. بقية الركاب الخمسة عشر ركبوا في الخلف بين البضائع.

انطلق السائق عبر طريق جانبي غير معبد، وأمامه سيارة لقوات البادية. ولدى مروره بجانب نقطة للامن العام مكونة من باص و4 إفراد، لم يوقفه أحد.

السمسار أبو علي لم يغلق هاتفه وهو يتابع عليه مع عبد السلام موجهاً السائق:” بقلك عبد السلام من قوات البادية امشي…ورح يرمي عليك حجر عشان توقف… بس ظلك ماشي”. كان المقصود هو ان رجل البادية سيتظاهر بأنه حاول ايقاف السيارة ولكنه عجز عن ذلك.

قانون العقوبات: 

المادة (171)

1-كل شخص من الأشخاص المذكورين في المادة السابقة طلب أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعدا أو أية منفعةأخرى ليعمل عملاً غير حق أو ليمنع عن عمل كان يجب أن يقوم به بحكم وظيفته ، عوقب بالإشغال الشاقة المؤقتةوبغرامة تعادل قيمة ما طلب او قبل من نقد أو عين.

2- يعاقب بالعقوبة نفسها المحامي إذا ارتكب هذه الأفعال.

المادة (172)

1-يعاقب الراشي أيضاً بالعقوبات المنصوص عليها في المادتين السابقتين.

2- يعفى الراشي والمتدخل من العقوبة إذا باحا بالأمر للسلطات المختصة او اعترفا به قبل إحالة القضية الى المحكمة.

المادة(173)

من عرض على شخص من الأشخاص الوارد ذكرهم في المادة (170) هدية أو منفعة أخرى أو وعده بها ليعملعملاً غير حق أو ليمتنع عن عمل كان يجب أن يقوم به عوقب – إذا لم يلاق العرض أو الوعد قبولاً – بالحبس لا أقلمن ثلاثة أشهر وبغرامة من عشرة دنانير إلى مائتي دينار.

وفعلا، ما إن غادرت الشاحنة حدود مخيم الزعتري، ومرت بنقطة تفتيش تابعة لقوات البادية التي تحرس المخيم، حتى تلقت السيارة حجرا صغيرا من عبد السلام، ليتابع السائق المسير، حسب الاتفاق.

بعد خمس دقائق توقفت الشاحنة، وترجل السمسار أبو علي. أخذ من السائق 50 دينارا، وهو يؤكد ” أنا والله مو مآخذ أشي… هي لعبد السلام (الجندي في قوات البادية)”.

وصلنا طريق الخالدية، طلبنا من السائق النزول، بعد أن دفعنا له 140 دينارا، 70 دينارا عن كل شخص.

شؤون المخيمات ترد!

مدير إدارة شؤون مخيمات اللاجئين السوريين في وزارة الداخلية العميد وضاح الحمود، يؤكد ضبط جهاز الأمن العام لعدد قليل من إفراده قبضوا رشاوى داخل مخيم الزعتري مقابل تسهيلهم تهريب لاجئين، وتم تحويلهم إلى محكمة الشرطة. ورفض الادلاء بأي تفاصيل عن عددهم، أو الإجراءات التي اتخذت بحقهم. وشدد على “نظافة وحسن سلوك الأجهزة الأمنية الأردنية” معتبرا أن الامر لا يشكل ظاهرة “.

بعثنا بطلبي حصول على المعلومات، وفق قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لكل من مديرية الأمن العام، ومحكمة الشرطة، نطلب فيهما عدد رجال الأمن العام الذين تم تحويلهم إلى محكمة الشرطة بتهمة تلقي الرشوة في مخيم الزعتري، وما هي الإجراءات حيال كل قضية رشوة منهما، منذ افتتاح المخيم، إلا أننا لم نتلقى رد منذ أب 2013.

يبلغ عدد رجال الأمن العام العاملين على حماية أمن مخيم الزعتري 800 رجل امن، تقع عليهم مسؤوليات منع حالات تهريب اللاجئين، والبضائع والحد منها، كما ويتم الاستعانة بقوات الدرك بحسب الأوضاع الأمنية داخل المخيم” حال حدوث مظاهرات، أو اعتداء على رجال الأمن”، بحسب مدير مخيم الزعتري العقيد زاهر أبو شهاب.

في المقابل، أكدت لنا وزارة الداخلية من خلال ناطق رسمي، أن عدد المحالين في قضايا رشوة من إفراد جهاز الأمن العاملين في مخيم الزعتري، لا يتجاوز الخمس حالات، وتم تحويلهم إلى الجهات القضائية المختصة، وساهم ذلك في بتر هذه المشكلة، بحسبه.

تعرف الرشوة في المادة 170 من قانون العقوبات، بأن كل موظف، أو شخص نُدب إلى خدمة عامة بالتعين أو الانتخاب، أو كلف بمهمة رسمية، أو طَلب، أو قَبل لنفسه، أو لغيره  هدية، أو وعدا، أو منفعة أخرى، ليقوم بعمل غير حق بحكم وظيفته.

يخضع العاملون في الأجهزة الأمنية، بحسب المحامية لين خياط، لقانون العقوبات، وقانون الجهاز الذي ينتمي له كل فرد، وما يطلق عليه ” الضبط والربط العسكري”، وتتراوح عقوبة المرتشي من  تنزيل الرتبة، حسم الراتب، الحجز في الوحدة، وقد تصل إلى إنهاء الخدمات ” ترميج”، دون استيفاء أي حقوق له.

خياط رأت، في تلقي رجال الأمن في مخيم الزعتري لرشوة مقابل غض الطرف عن مرور سيارات تهريب اللاجئين وعدم تفتيشها، جريمة يحاسب عليها القانون، لأن رجل الأمن حينها يضرب شرف المهنة بعرض الحائط.

فيما بين مدير مخيم الزعتري العقيد زاهر ابو شهاب انه تم التعامل قانونيا مع 429 قضية تهريب ” لاجئين، بضائع، كرافانات، خيم” من إجمالي حالات التهريب، وتم تحويلها جميعا إلى الحاكم الإداري في المفرق، الذي يربطهم بدوره بكفالات وتعهدات، لمنع تكرار التهريب مستقبلا.

طرق متعددة لتهريب !

سماسرة تهريب اللاجئين السورين يتبعون عدة طرق في إتمام عملهم، فشاحنات البضائع تحتل النصيب الأكبر كوسيلة للتهريب. بعد أن تدخل الشاحنة مخيم الزعتري مُحملة بالبضائع  بموجب تصاريح من إدارة المخيم، تفرغ حولتها ثم يصعد  لاجئون اليها بعد مفاوضات مع سماسرة قبضوا ثمن تهريبهم الذي يتراوح بين 50-100 دينار للفرد.

تغادر حينها الشاحنة من البوابة الخلفية للمخيم دون تفتيش. فرجال الأمن لا يفتشوا السيارات المغادرة أو القادمة من المخيم، ويكتفون بطلب بطاقات الهويات  الشخصية ورخص القيادة لا غير، بحسب السمسار الأردني غالب.

 يتابع غالب، 35عاما، بثقة “هناك تهريب عبر صهاريج المياه، فهي تدخل إلى المخيم لتعبئة خزانات المياه، وبعد تفريغها يستخدمها اللاجئون للهرب.

لمخيم الزعتري بوابتان. يعد الباب الرئيسي (باب الزوار) هو الأغلى سعرا ً، إذ تصل كلفة تهريب الشخص الواحد عبره 150 دينارا، نظراً لانخفاض الخطورة أثناء التهريب؛ كون الطريق سوي وغير مشمول بالساتر الترابي، مقارنة “بالبوابة الجانبية” للمخيم، النافذة إلى طريق صحراوي غير معبد.

سوق السماسرة

خلال زياراتنا المتكررة لمخيم الزعتري على مدار 8 أشهر، وثقنا عمل ثمانية سماسرة متخصصين بتهريب اللاجئين السوريين من هناك، قاموا بتهريب 800 لاجئ سوري خلال أسبوع واحد، بواقع 14 شخصا يوميا لكل سمسار.

ووفق ما رصده كاتبا التحقيق تبين أن 62% من السماسرة يتقاضون 50 دينارا مقابل تهريب الشخص الواحد، ويتراوح معدل ما يجنيه السمسار يوميا 300 دينار تقريبا، بعد  توزيع الحصص بين السائق، السمسار، الدلال، والمتعاونين من بعض رجال الأمن.

يحمل نصف السماسرة، الذين وثقنا عملهم بالصوت والصورة، الجنسية الأردنية، فيما يحمل النصف الأخر الجنسية السورية. 37% منهم أعمارهم فوق الأربعين عاما، فيما تقل أعمار البقية عن ذلك.

يسكن جميع هؤلاء مدينة المفرق وضواحيها، فيما يستخدم 50% منهم الشاحنات الصغيرة(ديانا) لتهريب اللاجئين من المخيم.

وزارة الداخلية: الزعتري تحت السيطرة

قبل نشر التحقيق وصلنا رد مكتوب من ناطق رسمي لوزارة الداخلية على أسئلتنا يوم الخميس 28/تشرين ثاني/2013، بين فيه أن حالات الفرار من المخيم الزعتري تقدر ب54 ألف لأجئ سوري قبل إعادة تنظيم المخيم، نظرا لعدم وجود سيطرة أمنية على محيطه سابقا، إضافة إلى عدم توفر المساعدات الإنسانية بشكل كافي، علاوة على حالة الفيضان التي حدثت في شهر كانون ثاني 2013.

وأكد، لا توجد حالات تهريب في المخيم الآن، حيث تم وضع سواتر ترابية حوله، وتعزيز مُحيطه بقوات أمنية/ درك وبادية. كما تم إحالة العشرات من القضايا للحكام الإداريين بخصوص تسهيل مهمة خروج لاجئين من المخيم.

وللوقف على ما جاء في رد وزارة الداخلية، حاول زميلنا دخول مخيم الزعتري يوم الجمعة 30/12/2013 كزائر، إلا انه تم منعه من قبل رجال الأمن على البوابة الرئيسة بحجة “الزيارة للعائلات”، ما دفعه إلى الدخول إلى المخيم مشيا على الإقدام عبر أشجار الزيتون، ومن فوق السواتر الترابية، بمساعدة سمسار يبلغ من العمر 17 سنة، لقاء 10 دنانير.

تجول زميلنا في المخيم لساعات، تأكد خلالها أن ظاهر تهريب اللاجئين جماعيا بواسطة السيارات وشاحنات الداينا وصهاريج الماء باتت قليلة جدا، غير أن التهريب الفردي ما زال مستمرا.

ليخرج زميلنا تهريبا من المخيم بنفس الطريقة، ومن ذات المكان، وبمساعدة سمسار أخر عمره 15 عاما، عرض خدماته مقابل دينار أردني واحد.

تهريب بلا عقاب

مدير إدارة شؤون مخيمات اللاجئين السوريين في وزارة الداخلية العميد وضاح الحمود، يوضح بأنه “لا توجد عقوبة بحق سماسرة تهريب اللاجئين السوريين من مخيم الزعتري، لأن لا جريمة إلا بنص، وفعل تهريب اللاجئين من المخيم غير مجرم في القانون الأردني، وان مصطلح (تهريب اللاجئين) من المصطلحات الدخيلة على مجتمعنا، إلا أن من يضبط في قضية التهريب يحول للحاكم الإدارة لاتخاذ الاجراء اللازم بحقه”

أما فيما يخص العقوبة بحق اللاجئ الهارب، فيوضح الحمود أن الإجراء يقضي “بإرساله إلى الحاكم الإداري، ليأخذ عليه تعهدا رسميا بعدم الخروج من المخيم بطريقة غير قانونية، ويعود بعدها إلى مخيم الزعتري من جديد”.

حاولنا، من خلال التقدم بطلب حق حصول على المعلومات لجهاز الأمن العام، معرفة  عدد السماسرة الذين تم تحويلهم إلى الحاكم الإداري بتهمة تهريب اللاجئين السوريين خارج مخيم الزعتري، والعقوبات التي اتخذت بحقهم لكننا لم نتلق ردا.

لكن وزارة الداخلية في ردها المكتوب على معدا التحقيق، أكدت “إحالة العشرات من السماسرة للحكام الإداريين، دون تفصح عن طبيعة الإجراءات المتخذة بحقهم”.

لتهريب البضائع قصص أخرى !

لا يقتصر التهريب على إخراج اللاجئين السوريين من مخيم الزعتري بطريقة غير قانونية فحسب، بل يتعداه إلى تهريب المعونات المجانية التي توفرها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبرنامج الأغذية العالمي في الأمم المتحدة للاجئين في المخيم.

الطفل السوري محمد 10 سنوات، يعمل داخل محل صغير في “الحارة السعودية” داخل مخيم الزعتري، يقوم بتفريغ محتويات أكياس صغيرة من المواد التموينية التي يوفرها برنامج الأغذية العالمي لكل لاجئ سوري داخل المخيم مجانا، في كيس “خيش كبير”، ليقوم رفيقه بترتيب أكياس الخيش في صندوق سيارة شحن صغيرة “بك أب”، تحمل اللوحة الأردنية. تابعنا السيارة “بك أب” لنكتشف انه يبيع حمولته في منطقة الخالدية (4 كم عن مخيم الزعتري).

زرنا 15 متجرا في أسواق المفرق، الرمثا، واربد، لنجد رفوفها مكدسة بالمواد التموينية التي تُصرف للاجئين السوريين في المخيم كتب عليها “غير مخصصة للبيع، برنامج الأغذية العالمي “؛ لتباع داخل تلك المحال بأسعار تفضيلية، وأقل عن مثيلاها في السوق الأردنية، بفارق يتراوح بين 50-75 %  للمادة الواحدة. مثلا يبلغ سعر  كيلو العدس في السوق الأردنية نحو 120 قرشا للكيلو، بينما يباع عدس الزعتري بنفس الجودة، ب50 قرشا للكيلو كحد أعلى.

يوزع برنامج الأغذية الدولي 2000 طن من المواد الغذائية في مخيم الزعتري شهريا، إضافة إلى نصف مليون رغيف خبز طازج يومياً، حصة الفرد منها 4 أرغفة.

تشتمل المواد الغذائية التي يتم يوزعها البرنامج على ستة أنواع وهي: العدس، الزيت، البرغل، الأرز، السكر، بسكوت بالتمر، وتبلغ حصة الفرد منها 2100 سعر حراري يوميا، أي ما يعادل 11 كيلو غرام من مجمل هذه المواد في الشهر الواحد.

” تبلغ تكلفة مئوونة اللاجئين السورين في مخيم الزعتري على منظمة الأغذية 4 ملايين دولار شهريا، بواقع 30 دولارا لكل لاجئ. بحسب مستشارة الإعلام ببرنامج الأغذية العالمي دينا القصبي.

تُسلم المفوضية خيمة كل عائلة بمجرد وصولها المخيم، وفرشة ووسادة لكل فرد، بحسب علي البيبي مدير التعاون والعلاقات الدولية في المفوضية السامية، إذ يؤكد على حق اللاجئ الكامل بالتصرف فيها، شرط عدم خروج المعونات من المخيم.

وخلال زيارتنا إلى الأسواق القريبة من المخيم في محافظة المفرق، وجدنا الخيم الخاصة باللاجئين السوريين معروضة للبيع بسعر يتراوح للجديدة منها بين 30-50 دينارا، فيما يتراوح سعر المستعملة 15-25 دينارا.

الأجهزة الأمنية في مخيم الزعتري ضبطت مطلع شهر تموز/2013، ست آلاف خيمة على أبواب الزعتري في محاولة لتهريبها من قبل سماسرة، وضبطت أيضا 7 طن من مواد غذائية يوزعها برنامج الأغذية العالمي، بحسب مدير إدارة شؤون المخيمات العميد وضاح الحمود.

كفالات مزورة !

بعض السماسرة امتهن تزوير الكفالات التي تسمح للاجئ السوري بالخروج من المخيم، ليبيعها بمبالغ مالية تتراوح بين 75-150 دينارا للكفالة الواحدة.

إبراهيم عماد (35 عاما) لاجئ سوري، هرب من المخيم بطريقة غير قانونية، بعد  أن عَرض عليه احد السماسرة الأردنيين، تكفيله من المخيم مقابل “75” دينارا. وافق إبراهيم على العرض رغبة منه “بتصحيح أوضاعه، وليتسنى له العمل بطريقة شرعية، والعيش دون مشاكل قانونية”.

بعد أيام، زار إبراهيم محافظة اربد مراجعاً، ليكتشف أحد الموظفين أن كفالته مزورة، ولا تحمل الختم الرسمي. واكتفى عندها الموظف بمصادرتها فقط، وفق ما يروي إبراهيم، الذي مازال خارج المخيم بطريقة غير قانونية.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المكفلين منذ افتتاح مخيم الزعتري حتى تشرين أول 2013، قرابة 49 ألف لاجئ سوري، بحسب رئيس قسم العلاقات العامة والإعلام الأمني في مخيم الزعتري الرائد صلاح الشرفات.

يقدم الكفيل إلى إدارة المخيم طلب كفالة للاجئ السوري المقيم في الزعتري، بشرط أن يكون أردنيا، وأن لا يقل عمره عن 35 عاما، وان يكون على صلة قرابة باللاجئ، علاوة على ربطه بكفالة مالية قيمتها 5 الألف دينار أردني. بحسب مدير إدارة شؤون المخيمات العميد وضاح الحمود.

في حال القبض على اللاجئ السوري خارج المخيم، بدون كفالة أو وثائق رسمية، يتم إرساله إلى الحاكم الإداري، ثم تجري إعادته للمخيم بعد توقيعه تعهدا رسميا بعدم الخروج من هناك بطريقة غير قانونية بحسب العميد وضاح الحمود.

ويستطيع اللاجئ الحصول على إجازة لمدة ثلاثة أيام، شريطة تقديم طلب بذلك إلى قسم الشؤون الاجتماعية والإنسانية داخل المخيم. بعدها يقوم القسم بتسجيل كامل بياناته، وسحب كرت المفوضية منه على أن يعاد إليه فقط بُعيد عودته للمخيم. ويتراوح عدد الإجازات اليومية في مخيم الزعتري بين 50-100 إجازة، بحسب مدير المخيم العقيد زاهر أبو شهاب.

انعكاسات اللجوء على الأردن

رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور جواد العناني، يرى بأن هروب اللاجئين السوريين من المخيمات “يقافم من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن استضافة الأردن اللاجئين السوريين عموما، فمعظم الأيدي العاملة السورية في الأردن غير مرخصة، علاوة على الضغط على البنية التحية، فثلث سكان الأردن اليوم هم من اللاجئين السوريين”.

وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور إبراهيم سيف، صرح خلال اجتماع مع ممثلي المنظمات المجتمع الدولي مطلع تشرين الثاني 2013 أن إجمالي كلفة الوجود السوري سنويا بلغت حوالي 1.7 مليار دولار.

وأوضح أن الكلف المباشرة للترحيب بالسوريين تقارب 700 مليون دولار سنويا، في حين بلغت كلفة الاحتياجات للبنى التحتية 870 مليون دولار سنويا.

اللاجئ السوري في مخيم الزعتري يكلف الحكومة الأردنية 2500 دينار أردني سنويا في حين بلغت التكلفة الإجمالية لللاجئين خلال عام 2012 “449.902” مليون دينار، ارتفاعا من  “140.28” مليون دينار، بحسب دراسة أعدها فريق البحث في المجلس الاقتصادي والاجتماعي.

في المقابل، قدرت الأمم المتحدة كلفة استضافة أكثر من نصف مليون لاجئ سوري في الأردن خلال عامي 2013 و2014 بنحو 5.3 مليار دولار، تم تأمين 777 مليون دولار منها فقط.

 يُعتبر الناطق الإعلامي بوزارة العمل هيثم خصاونة، وجود اللاجئ السوري على الأراضي الأردنية “تهديدا للأمن الاقتصادي في الدولة، من خلال إحلال العمالة السورية بدل الأيدي العاملة الأردنية، إذ يعمل أكثر من 150 ألف لاجئ سوري تتراوح أعمارهم بين 18-65 عام، في قطاع الخدمات، والصناعات اليدوية، حصل منهم 2646 على تصاريح عمل، حتى آب 2013”.

خصاونة، أكد ارتفاع معدل البطالة بنسبة 1.4 % بعد دخول اللاجئين السوريين إلى الأراضي الأردنية، ليصل إلى 14.2% عام 2013، من الأصل 12.8% عام 2012.

أما على مستوى التعليم، فتشير أرقام وزارة التربية والتعليم بأن عدد الطلبة السوريين في المدارس الأردنية بلغ 85 ألف طالب وطالبة حتى آب 2013، وتم افتتاح 80 مدرسة بنظام الشعب المسائية ، علاوة على الاستعانة بأكثر من 2000 معلم ومعلمة على حساب التعليم الإضافي لاستيعاب هذه الزيادة، بحسب مدير إدارة التعليم في وزارة التربية والتعليم د. صالح الخلايلة.

امنياً؛ بلغت عدد الجرائم داخل مخيم الزعتري فقط منذ مطلع 2013 وحتى أب من العام نفسه 100 جريمة، توزعت بين السرقة، الزنا المخدارت، والشروع في القتل، بحسب مدير المخيم العقيد زاهر أبو شهاب.

 هذا التحقيق من إعداد وحدة الصحافة الاستقصائية في راديو البلد، وبإشراف الزميل مصعب الشوابكة، وبدعم من شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج ) www.arij.net صحافة عربية استقصائية.

 

 

 

 


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *