350 "أريجي عربي" يتدربون على الاستقصاء.. ومصر تحصد معظم الجوائز

2010/01/20
التاريخ : 20/01/2010

واستضاف المؤتمر بول رادو رئيس منظمة الصحافيين الاستقصائيين في رومانيا الذي ألف دليلا الكترونيا عن تقصي الفساد في عالم المال والاعمال، ومايك شانهان المسؤول الإعلامي للمعهد الدولي للبيئة والتنمية، والسويدي الشهير نيلز هانسون، رئيس تحرير برنامج “مهمة تحقيقية” الأسبوعي عبر التلفزيون السويدي. ومن العالم العربي شارك يسري فوده معدّ ومقدم ورئيس تحرير برنامج “آخر كلام” على تلفزيون “أون تي في” وأحد أعضاء مجلس إدارة “أريج”. ومن مصر مجدي الجلاد، رئيس تحرير صحيفة “المصري اليوم”. ورشات عمل متخصّصة أما ما ميّز المؤتمر هذه السنة عن السنة الماضية، بحسب مديرة “أريج” التنفيذية رنا صباغ، فهي ورشات العمل المتخصّصة بالانترنت التي قادها رعد النشيوات ومحمد عميرة. وتمحورت حول تتبع الرسائل الالكترونية وحماية الملفات والبيانات الخاصة بالتشفير، وتقنيات البحث المتقدم باستخدام محرك البحث “غوغل” واستخدامات RSS، واستخدام الحاسوب في الكتابة الصحافية، وتتبع أصحاب المواقع الالكترونية واسترجاع البيانات المحذوفة. وتشير صباغ الى أن “أريج” تعي تماماً لمخاطر البيئة وقلة التحقيقات التي تنفذ حولها، لذا خصّصت ورشتي عمل حول تقصي قضايا البيئة والتغير المناخي التي قادها البريطاني مايك شناهان من المعهد الدولي للبيئة والتنمية. هذا عدا عن الورشات المتخصصة بالتقنيات المتقدمة في الكتابة الصحافية، والتعامل مع ضحايا تعرضوا للإساءة أو ما يُسمى بـ “المصار البيضاء”، وكيفية حماية حقوق المستهلكين، وتعقّب المال، والتشبيك والتعاون بين صحافيين من دول مختلفة عبر الحدود، والتحضير الجيّد للمقابلة الصحافية الكبيرة، وكيفية عمل الصحافي الاستقصائي في غياب قوانين حق الوصول الى المعلومات. صباغ: حماية الصحافيين أولوية واعتبرت صباغ أن الشبكة نجحت في تحقيق أهدافها، وفي مقدمها توفير تدريب مستدام لرواد في الصحافة العربية يبتغون إنجاز تحقيقات تهم الرأي العام، بهدف إحداث تغييرات إيجابية في مجتمعاتهم. ورأت أن المتدربين أنفسهم والصحافيين المتعاونين مع الشبكة، هم العنصر الأساسي لنجاح “أريج”، إذ وثقوا بها وتعاملوا معها وساروا على دربها وحققوا بالتالي نجاحات مهمة. وأشارت الى أن “أريج” نجحت لأنها “سدّت فجوة كبيرة في الصحافة العربية التي تفتقد الى التحقيقات الاستقصائية، إذاً انطلقنا من الحاجة الملحّة وبطريقة مهنية لنغيّر على مستوى المهنة وعلى مستوى الصحافي نفسه”. أما عن المعوقات التي تواجه الصحافيين في منطقتنا وبالتالي شبكة “أريج”، أكدت صباغ التي ترأست تحرير جريدة “جوردن تايمز” الاردنية الصادرة بالانكليزية وتكتب حالياً في صحف عدّة منها “الحياة”، أن غالبية إدارات وسائل الإعلام لا تتفهم ضرورة “الاستثمار في جهد مكلف من الناحية البشرية والمالية”. واشتكت من ضغوط رسمية أو خاصة مورست على بعض الصحافيين العاملين مع “أريج”، “فضلا عن معوقات الحصول على معلومات، ذلك أن قوانين حرية المعلومات غائبة عن غالبية الدول العربية، باستثناء الأردن”. وقالت إن حماية الصحافيين هي من أهم المشكلات التي تواجهها “أريج” التي تعمل على تشكيل نوع من التجمع والتعامل مع مؤسسات عالمية من أجل حماية هؤلاء، مضيفة: “حماية الصحافيين أولوية بالنسبة لنا”. وأوضحت صباغ أن “أريج” ليس لديها مشكلات مع الحكومات، أولاً لأننا تنبّهنا ألا “نقتل الناطور”، فبدأنا بالتحقيقات الاجتماعية والبيئية والطبية أي التحقيقات الحيوية التي تهمّ الناس وتلمس معاناتهم وتكشف حقائق تساهم في رفع الظلم عنهم. ومن المعوّقات التي تحدثت عنها، عدم وجود علاقات مهنية تربط الصحافيين الاستقصائيين ببعضهم ولا وسائل الاعلام ببعضها، “لذا قمنا بهذا المؤتمر وخصّصنا ورشة لذلك. فالمواضيع معظمها متشابهة ومتشابكة في العالم العربي، والتشبيك بين الصحافيين يحقّق نجاحات للتحقيق ويساعد على كشف الحقائق بشكل أسرع ويسهل العمل”. كما تطرّقت صباغ الى مشكلة تعانيها “أريج” مع الصحافيين ألا وهي عدم قدرتهم على كتابة التحقيق، بعدما تغرق ملفاتهم بالمعلومات، “وهو ما نعمل على تذليله في ورشات العمل والتدريب”. وقالت ان دليل أريج الإرشادي سيكون مرجعا للصحافيين والمشرفين والمدربين العرب المتعاونين مع الشبكة تحت شعار “من عرب إلى عرب”، وذلك في إطار توسيع قاعدة المعرفة وتبادل الخبرات على امتداد الوطن العربي. واعربت عن فخرها بروح التعاون الجماعي بين أعضاء مجلس الإدارة وزهاء 350 “أريجي عربي”، باتوا جزءا من خريطة الصحافة الاستقصائية العالمية، بعد ان كانت المنطقة العربية الوحيدة خارج نطاقها. وذكرت الصباغ أن المركز الدولي للصحافيين في واشنطن خصّص جائزة تقديرية مشتركة باسم الصحافي سيمور هيرش، الذي كشف ممارسات التعذيب في سجن أبو غريب، مع نسخة من هذه الجائزة الرفيعة للصحافيين العرب تحت اسم “سيمور هيرش – أريج”، وذلك ابتداء من العام 2010. مصر… أم الجوائز تعتزم “أريج” تشجيع الصحافيين المتعاونين معها وغير المتعاونين معها، من خلال جوائز تمنحها سنوياً لأفضل التحقيقات في المنطقة. فكان المؤتمر فرصة لتوزّع الجوائز على الفائزين بأفضل ثلاثة تحقيقات استقصائية أنجزت ونشرت عام 2009. ففازت الصحافية الأردنية مجدولين علان بالمرتبة الأولى عن فئة الصحافة المكتوبة عن تحقيقها الذي تناول الإهمال في تبليغات المحاكم الشرعية، فيما جاءت في المركز الثاني إيمان عبد المنعم من مصر عن تحقيقها “موت السجون- أنين بلا داوي”، وتلتها مواطنتها نيّرة الشريف عن تحقيق بعنوان “أطفال الشوارع يحكون تجاربهم مع عصابات سرقة الأعضاء البشرية”. أما عن فئة التحقيقات الإذاعية، ففاز الصحافي محمود سعيد من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، الذي نفّذ تحقيقاً حول عمالة الأطفال في مصر. واحتلت المصرية منى عراقي المركز الأول عن فئة التحقيقات المتلفزة لفيلمها “طبق الديابة”، الذي سلط الضوء على مخاطر تدوير مخلفات النفايات الطبية. كما حلّ المصريان محمود التميمي ورهام الشيخ في المركزين الثاني والثالث على التوالي. الأول عن تقريره “الطريق إلى الحانكة” والثانية عن تقرير حول التحرش الجنسي في شوارع مصر. أما عن فئة التحقيقات المتعلقة بالبيئة والتغير المناخي، فاز الثنائي المصري هشام علاّم ودارين فرغلي بالمركز الأول عن تحقيقهما المتصل بتلوث مياه النيل، الذي أثار ضجة سياسية وإعلامية الأسبوع الماضي. بينما جاء خالد موسى من سورية في المركز الثاني عن تحقيق تناول مكب النفايات في الغزلانية.مّان – رنا نجار: بعد أربع سنوات من العمل المتواصل والحرفي لشبكة “أريج” (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية)، واختتام المؤتمر الثاني الذي نظمته في عمّان أخيراً، يمكننا القول أن “أريج” نجحت في ترسيخ ثقافة الصحافة القائمة على الدقة والموضوعية والتوازن. فالصحافة الاستقصائية كما قال رئيس مجلس إدارة “أريج”، وجدت لكشف المستور وتفعيل مبدأ المساءلة من أجل المصلحة العامة. ومن أبرز ما قدّمته “أريج” في المؤتمر، إطلاق أول دليل للصحافة الاستقصائية العربية “على درب الحقيقة” الذي أنجز بدعم من منظمة “يونسكو” بثلاث لغات: العربية والانجليزية والفرنسية. وألّف الدليل الدكتور الأميركي المقيم في باريس مارك هانتر وأستاذ مادة التحقيق الاستقصائي في كل من جامعتي “باريس 2” و”أنسياد”، بمشاركة 8 صحافيين مشهورين وأعضاء في “أريج”. ويتوج الدليل تجربة أربع سنوات من التفاعل مع إعلاميين وأكاديميين غربيين، راكمت الشبكة خلالها أفضل المعايير الدولية في تجهيز التحقيقات بعد مواءمتها مع احتياجات الــواقــع العربي ومناخات الإعلام السائدة فيه. وفي حديثه لموقع “الراي نيوز” قال هانتر: “بعد البحث والعمل مع الصحافيين والطلاب، تبين أن من يحاولون القيام بتحقيقات استقصائية يفتقرون لأسس مبرمجة واضحة لتنفيذ هذه التقارير. فجاء هذا الدليل ليوضّح الصورة المبهمة ومساعدة المحقّق لتنفيذ عمله من دون درّب”. شبكة استقصائية تكبُر نشطت “أريج” التي تتخذ من عمّان مركزاً لها، منذ 2005 في إعطاء ورش تدريبية مكثّفة في كل من الأردن، لبنان، سورية، العراق، فلسطين، ومصر، وأخيراً بدأت في اليمن والبحرين. وتجدر الإشارة الى أن طريقة تدريب “أريج” على التحضير للتحقيق الاستقصائي والعمل على أساس فرضية معيّنة وكتابته في منحى مهني عالي، هو ما ميّز عملها. لكن الأهم من ذلك أن “أريج” درّبت صحافيين متمرّسين في العالم العربي، ليُتابع كل منهم صحافي متدرّب مبتدئ على حدا، ويُشرف على تحقيقه ويساعده حتى انتهاء التحقيق بالكامل. فكما تعتبر “أريج” أن مبدأ الاستقصاء يبدأ من الدقة، اتبعت ذلك مع المتدربين الذين تموّل تحقيقاتهم حتى ولو كان الصحافي ينتمي رسمياً الى وسيلة إعلام معينة ويتقاضى منها راتباً شهرياً. يشمل التمويل تكاليف التحقيق وليس أتعاب المُحقّق، على أن يُنشر في الصحيفة التي يعمل فيها المحقّق عينه. واستطاعت “أريج” أن تُنفّذ أكثر من 70 تحقيقاً استقصائياً نشروا أو بُثوا في وسائل إعلام مهمّة، ونال معظمها جوائز إقليمية وعالمية، إضافة الى 30 تحقيقاً ما زال العمل جار للانتهاء منهم، كما درّبت نحو 350 صحافي. نقطة لقاء وثمرة السنوات السابقة ويأتي المؤتمر الثاني للصحافة الاستقصائية في العالم العربي الذي انتهى أول من أمس في عمّان، والذي شارك فيه نحو 200 صحافي عربي وعدد من خبراء المهنة عبر العالم من 12 دولة، “كثمرة عمل السنوات السابقة التي أظهرت أهمية عقد مثل هذا اللقاء ليتعرف الصحافيين “الأريجيين” على بعضهم البعض وعلى إنجازات بعضهم، إضافة الى توسيع الشبكة لتضم عدداً أكبر من الأصدقاء والمتعاملين من الصحافيين”، كما قالت بيا ثوردسن عضو مجلس إدارة أريج ومنظمة الصحافة الاستقصائية الدنماركية. وأكدت على أهمية المؤتمر من أجل “التشبيك” بين الصحافيين العرب والأجانب لتبادل الخبرات والمعرفة. وأضافت: “لقد أدركنا من خلال التشبيك عبر العالم أن الصحافيين لديهم الكثير من الحيل والأدوات ليتشاركوا بها مع بعضهم البعض”، مشيرة إلى أهمية استغلال لحظات المؤتمر وجلساته المتنوعة لهذا الهدف. وحاضر في المؤتمر عدد من أبرز الأسماء اللامعة في حقل الصحافة الاستقصائية مثل تشارلز لويس من جامعة واشنطن الأميركية ومؤسس مركز النزاهة الدولية، وموندلي ميخينيا رئيس تحريـر صحيفتي التايمز والصنداي تايمز في جنوب أفريقيا اللتين أدخلتا مفهوم الصحافة الاستقصائية إلى غرف التحرير قبل أربعة عقود، حين كانت تلك الدولة تــرزح تحت نظام الفصل العنصري قبل بـدء عملية الإصلاح السياسي في تسعينيات القرن الماضي. كما حاضر في المؤتمر البروفيسور مارك هنتر أستاذ الإعلام والصحافة الاستقصائية في جامعتي “باريس 2” و”انسياد”، والذي أشـرف على صياغة كتاب “دليل أريج”، والبريطاني تيم سباستيان رئيس مجلس إدارة البرنامج الحواري الإعلامي البريطاني “نقاشات الدوحة” ومقدم سابق لبرنامج “هارد تولك” (الكلام القاسي) الذي عرض عبر تلفزيون “بي.بي.سى” لسنوات قبل أن يستقيل.

أخبار ذات صله