تقصّي الفساد صحافيا

2010/07/9
التاريخ : 09/07/2010

أتفهم أسباب رئيس التحرير بإسقاط فقرة من مقالي أول من أمس حول المصفاة ومكافحة الفساد، فهو يريد ان تكون الصحيفة مهنيا وقانونيا في السليم مع جميع الأطراف وأيضا مع ما يفترض أنها خطوط حمراء.

الفقرة تشير بإيجاز شديد لخلفية بعض العلاقات والوقائع، فماذا لو قرر صحافي التوسع فيها وتقصّي التفاصيل وهي قد لا تتقصد أحدا بالضرورة أو تكون موجهة ضدّ طرف بعينه، بل لإضاءة المشهد من كل جوانبه أمام القارئ كما تفعل الصحافة الاستقصائية في الغرب؟

صحيفة الغد-جميل النمري أتفهم أسباب رئيس التحرير بإسقاط فقرة من مقالي أول من أمس حول المصفاة ومكافحة الفساد، فهو يريد ان تكون الصحيفة مهنيا وقانونيا في السليم مع جميع الأطراف وأيضا مع ما يفترض أنها خطوط حمراء.

الفقرة تشير بإيجاز شديد لخلفية بعض العلاقات والوقائع، فماذا لو قرر صحافي التوسع فيها وتقصّي التفاصيل وهي قد لا تتقصد أحدا بالضرورة أو تكون موجهة ضدّ طرف بعينه، بل لإضاءة المشهد من كل جوانبه أمام القارئ كما تفعل الصحافة الاستقصائية في الغرب؟!

صحافة الرأي مهمّة، لكن الصحافة الاستقصائية أهم وهي في موضوع مكافحة الفساد أهمّ بما لايقاس، فالرأي العام في هذه المواضيع أسير الانطباعات، وهو ليس وضعا صحيا ابدا، لأنه في غياب إعلام التحقيق المهني والمدعم بالحقائق والمعلومات تسيطر ثقافة القيل والقال وتصديق كل ما يقال والغلبة طبعا للانطباعات الجائرة التي تودي بالمعنويات العامّة.

وكان هذا بالذات موضوع أحد التعليقات التي نشرت أمس على المقال من الصديق القديم فايز حتاحت الذي يقيم في إيطاليا، لكنه متابع مثابر للوضع هنا، وأقول له ولجميع القرّاء إن تشجيع ودعم صحافة استقصائية في مجال مكافحة الفساد على درجة حاسمة من الأهمية، وإن تطور هذه الصحافة لا يساهم فقط في مكافحة الفساد، ولكن أيضا في تطوير ثقافة عامّة لا تعتمد على القيل والقال، ولا تأخذ بالإشاعات كمصدر للمعلومات، لأنها تعرف أن ثمّة جنود عمل في الميدان يأتون الرأي العام بالخبر اليقين، أو أقصى ما يتوفر منه.

بهذه القناعة تنوي جمعية الشفافية الأردنية دعم الصحافة الاستقصائية في مجال مكافحة الفساد، وهي قامت من خلال المعهد المتخصص بالصحافة الاستقصائية “أريج” بعقد دورة لبعض الزملاء الصحافيين، ويوجد لديها مشروع مسابقة للصحافيين في هذا المجال تنتهي بتفويز تحقيق استقصائي أو أكثر، وهي مناسبة أن أشجع الزملاء للمشاركة في هذه المسابقة. وأعتقد ان هذا هو أفضل ميدان للإبداع ويستحق التعب والجهد الذي يبذل فيه، وقد تتحول هذه المسابقة الى مشروع دائم.

بالعودة الى ما بدأنا به هذا المقال، فكيف يمكن إنشاء تحقيق استقصائي عميق ومفصّل، بينما المناخ العام والحسابات والحساسيات من كل نوع تحول دون نشر فقرة قصيرة، هذا قبل حساب الصعوبات الجمّة في تحصيل المعلومات! أين وكيف يمكن أن تنمو صحافة استقصائية من هذا النوع؟!

أقول إننا إذا لم نبدأ فلن نصل أبدا، وما هو نافر ومرفوض اليوم سيفرض نفسه بالتدريج حتى يصبح مقبولا غدا.

7/3/2010

أخبار ذات صله