ضيف العدد: ياسر الزيات

ياسر الزيات، يعمل حاليا كرئيس تحرير لشبكة أريج، دخل حقل الصحافة منذ عام 1988 في مجلة الإذاعة والتليفزيون المصرية، ثم شارك في عدة تجارب صحفية يومية وأسبوعية في مصر والسعودية والإمارات. كان محظوظا بأنه عاصر تطورات كثيرة وسريعة في صناعة الصحافة، منذ طباعة الروتو، مرورا بالأوفسيت، وصولا إلى ما تشهده الصناعة حاليا من تطورات متضاغطة، جعل فكرة ملاحقة التطور دافعا أساسيا يحركه في عالم الصحافة. وبالتزامن مع العمل صحفيا في صحف ومجلات ورقية، عمل أيضا في مواقع إلكترونية ومحطات تليفزيونية، قبل انتقاله إلى هولندا للعمل رئيسا لتحرير  القسم العربي في إذاعة هولندا العالمية. وفي السنوات التسع الماضية عمل مدربا واستشاريا لدى العديد من المنظمات الدولية المهتمة ببناء قدرات الصحفيين وتطوير المؤسسات الصحفية، وساعده ذلك على معرفة أوضاع الصحافة في دول عربية كثيرة.

كيف تقيم مسيرة صحافة الاستقصاء بعد عقد من انتشار هذا النوع من الصحافة في الوطن العربي؟

للإنصاف، لم تكن الصحافة الاستقصائية معروفة بشكلها المنهجي الحالي قبل أن تبدأ “أريج” في نشر هذا النوع الصعب والمكلف، لكن المؤثر، في العالم العربي. وعلى المستوى الشخصي، يجب أن أعترف بأنني تعرف على الصحافة الاستقصائية للمرة الأولى عن طريق “أريج”، عندما شاركت في الورشة الأولى لإعداد مشرفي “أريج” في مصر.

بعد 10 سنوات من عمل “أريج” في العالم العربي، انتشرت الصحافة الاستقصائية بشكل كبير، وأصبحت معروفة لدى قطاع واسع من الجمهور. وطور الصحافيون الذين دربتهم “أريج” آليات عملهم، وفقا للمنهجية التي تعلموها في “أريج”، وأصبحت القصص التي ينشرونها أكثر تأثيرا في مجتمعاتهم، وساهمت في تغييرها إلى الأفضل. لكن الصحافيين الاستقصائيين العرب أمامهم وقت طويل نسبيا لإحداث تغيير كبير، بسبب المعوقات والمخاطر التي يواجهونها في عملهم، ومنها ما يتعلق بحق الحصول على المعلومات، أو بحماية الصحافيين. هذه المخاطر والمعوقات هي أمر طبيعي بالنسبة للذين يعملون على كشف الحقائق وتوثيقها، لأنهم يتحولون إلى مصدر تهديد لمن يرون في كشف الحقيقة خطرا على نفوذهم ومصالحهم. لذلك يجب أن يضع الصحافيون سلامتهم الشخصية على قائمة أولوياتهم، ويجب أن توفر لهم مؤسساتهم التدريبات اللازمة لحمايتهم. وفي “أريج” ستكون للسلامة المهنية أولية متقدمة في العامين المقبلين، وسنعمل على إصدار دليل “أريج” للسلامة المهنية بنهاية 2017.

ورغم هذه المعوقات والمخاطر، فإن الصحافة الاستقصائية تنمو نموا سريعا في العالم العربي، وسيزداد تأثيرها بما يؤدي إلى انتشار ثقافة الشفافية والمحاسبة والحكم الرشيد.

ماهي خططك كرئيس تحرير لأريج خلال الفترة القادمة؟

بعد 10 سنوات، قادت خلالها “أريج” قاطرة الصحافة الاستقصائية في العالم العربي، أظن أن الوقت قد حان لإحداث نقلة على المستوى التقني، تقود “أريج” من خلالها قاطرة تطوير الصحافة العربية. إذا كان هدفنا أن نكشف الحقيقة ونبثتها، فيجب أن نعرض الحقائق بكل الوسائط الممكنة التي يستخدمها الجمهور لتلبية احتياجه للمعرفة، وحقه فيها. تطورت الصحافة كثيرا في السنوات الماضية، وقدمت لها التكنولوجيا تسهيلات لا يمكن إغفالها، حتى أن المطورين والمصممين باتوا جزءا من العملية التحريرية في الكثير من غرف الأخبار، وليسوا مكملين لها.

التصور الذي عرضته على “آريج” للعامين القادمين هو أن يتحول كل إنتاج المؤسسة إلى محتوى عابر للوسائط في 2017، ثم إلى محتوى رقمي بنهاية 2018. وهذا التصور من شأنه أن يغير طبيعة المحتوى التدريبي الذي تقدمه “أريج” لتطوير مهارات الصحافيين العرب، بحيث يتمكنون من ملاحقة التطورات المتسارعة في عالم الصحافة. يجب علينا، كصحافيين، أن نروي القصة بشكل مختلف، بشكل أكثر تشويقا، لأن جمهورنا أصبح أكثر تطلبا، ويحتاج إلى معرفة المعلومات بطرق سهلة ومشوقة. لو كانت لديك أهم قصة في العالم، فلن تكون مهمة ما لم تصل إلى الجمهور، عبر الوسائط التي يستخدمها، وتؤثر فيه.