ضيف العدد : الصحفي عماد الرواشدة

ضيف هذا العدد من النشرة الشهرية لشبكة أريج الصحفي عماد الرواشدة – أحد قصص النجاح التي حققتها أريج في استثمارها طويل الأمد في الصحفيين العرب-.
الرواشدة الذي عمل صحفياً استقصائياً ومحرراً ومشرفاً في أريج لسنوات في الأردن، انتقل قبل ثلاث سنوات إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، ليبدأ رحلة نجاح وعمل وعلم يعتقد أّنّ مدرسة (أريج) كان لها الفضل الكبير في بناء مهاراته التي على أساسها فتحت له أبواب الفرص.
يعمل حالياً كصحفي حر، مراسل غير متفرغ مع بي بي سي العربية من العاصمة الأميركية واشنطن، إضافة إلى عمله كمدرب ومستشار تحرير غير متفرغ مع مؤسسة تومسون رويترز ضمن مشروع التحقيقات الاستقصائية “ثروات الامم” الخاص بتعقب التمويل غير المشروع في افريقيا. وحالياً، يكمل دراسته العليا لبرنامج الماجستير في الصحافة في جامعة جورج تاون الأميركية.
بدأ عمله في الصحافة قبل عشر سنوات في 2006 كمذيع ومراسل ومحرر في عدد من الإذاعات المحلية الأردنية، إلى جانب اهتمامه بالصحافة الاستقصائية. أنجز مع أريج نحو خمس تحقيقات قبل أن يباشر عمله كمحرر ونائب لرئيس قسم التحقيقات المكتوبة.

عملت سابقا كمحرر في أريج لمدة سنتين، كيف انعكس ذلك على خبرتك وعملك اليوم في كبرى مؤسسات الإعلام في العالم؟

لا شك أن المهارات الصحفية المتقدمة التي اكتسبتها في أريج على مدار سنوات عملي معها سواء كصفحي حر أو كمحرر ساهمت بشكل كبير في تطوري المهني والأكاديمي. فعملي مع رويترز، على سبيل المثال لا الحصر، جاء بناء على خبرتي التي اكتسبتها في شبكة أريج. حتى على مستوى مساري الأكاديمي، بقيت مهارات الصحافة المتقدمة التي اكتسبتها من أريج بمثابة مخزون استراتيجي، يعينني على إنجاز المهام المطلوبة بثقة أكبر ووفق المعايير المهنية والأخلاقية اللازمة.

كيف ترى أريج اليوم، وما الذي تتوقع أن تكون عليه بعد خمسة أعوام من الآن ؟
أريج كانت ولا تزال مركزاً إقليميا رائداً في تدريب الصحافة الاستقصائية. كثر هم الصحفييون العرب الراغبون بإنجاز صحافة مهنية رفيعة المستوى، لكن ما ينقصهم هو التدريب والمعرفة، وهنا تبرز أهمية أريج. الدورات وورش العمل والمؤتمرات الدولية المتاحة للصحفيين من خلال شبكة أريج تمثل مدرسة متكاملة في العمل الصحفي. أرى أريج بعد خمسة سنوات، وقد أصبحت مركزا إقليمياً رئيساً ليس فقط في مضمار الصحافة الاستقصائية، ولكن أيضا في مجال الصحافة الرقمية الحديثة. أعتقد أن أريج تملك من القدرات من سيمكنها من احتلال مكانة بارزة في مجال الاستقصاء على المستوى الدولي وليس فقط الإقليمي. واعتقد أن هذا سيحدث في المستقبل القريب بفضل وعي الإدارة وإخلاص العاملين ورغبتهم في التفوق وخدمة الصالح العام.

برأيك ما هي أهم التحديات التي تواجه الصحفي الاستقصائي في العالم العربي وفي الأردن خاصة؟ وكيف تم التعامل مع هذه الصعوبات في التجربة الغربية؟
لا شك أن أهم المعوقات هي انخفاض مستوى الحريات والرقابة الرسمية والذاتية المفروضة على العاملين في الصحافة. أضف إلى ذلك عدم مواكبة صناعة الإعلام في الوطن العربي للتطورات الحاصلة في العالم على صعيد المحتوى والشكل الصحفيين. السبيل للتغلب على هذه الصعوبات يتم بتصوري عبر مسارين متوازيين. الأول هو مواصلة تقديم صحافة نوعية تحترم القارئ وتراعي أخلاقيات المهنية وبما يسهم برفع سقف الحريات من جهة، ومن جهة أخرى متابعة التغيرات التي تلحق بصناعة الإعلام في العصر الرقمي ومحاولة التكيف معها بأساليب خلاقة وحلول مبتكرة. مثلاً معظم الناس تستهلك الأخبار الآن بواسطة الهواتف النقالة وتقرأ الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يفرض إنتاج محتوى ملائم لهذه الوسائط. كيف يمكن جعل الناس تقرأ تحقيقا من 2000 كلمة؟ سؤال يحتاج جلسات مطولة من العصف الذهني من قبل صحفيي التحقيقات.

لو خيرت بأن تضع منهجا للمقارنة بين أسلوب وطريقة عمل الصحفي الاستقصائي العربي والعالمي ما هي أولى نقاط المقارنة؟
الدقة. أكثر ما يميز الصحافة العالمية عن العربية هي احترام الدقة لحد اعتبارها جزءاً من المنظومة الاخلاقية للصحفي والمؤسسة على حد سواء. تعمل أريج على تعزيز هذا المبدأ لدى العاملين معها، وأتوقع أنها ستتمكن من تعزيز هذه الثقافة في غرف الأخبار خلال المستقبل القريب.

ماذا تقول للصحفيين الاستقصائيين العرب الذيم يساورهم الإحباط بسبب التضييق على الحريات؟ ماهي الخيارات المتاحة؟
أعتقد ان انخفاض او ارتفاع سقف الحريات أمر يلعب الصحفي والمؤسسة دوراً بارزاً فيه، فالصحفي الذي يمارس الرقابة الذاتية هو جزء من المشكلة. التجارب المتكررة ومحاولة رفع السقف تتم عبر مواصلة الكتابة. أحد الخيارات المتاحة للصحفيين لتجاوز معضلة الحريات، هي التشبيك مع مؤسسات المجتمع المدني وأعضاء البرلمان المؤمنين بالحريات. مثل هذا التشبيك قبل النشر وبعده يسهم في إعطاء زخم للتحقيق ويجعل السلطات تتردد في التضييق.

ثلاث نصائح تقدمها لصحفي في بداية مسيرته المهنية بمجال الصحافة الاستقصائية.

أنصحه بأن لا ييأس لا يمل وأن يواصل التعلم. العمل الاستقصائي مستهلك للوقت والجهد وربما المال ايضا. وفي أحيان كثيرة يبدو الحصول على المعلومة شبه مستحيل. ما لا يعرفه الصحفيون في بداية عملهم الاستقصائي، أن هذه الظروف يمر فيها حتى أعظم صحفيي التحقيقات في العالم، لكنهم لا ييأسون والسبب هو أن المنتج النهائي لدى اكتماله يستحق العناء. الصحافة الاستقصائية ذات مردود مهني كبير على حياة الصحفي، وتستحق منه أن يوليها ما تستحق من اهتمام وجهد. إلى جانب كل ذلك أنصحهم كما أنصح نفسي بمواصلة متابعة التطورات على المهنة، واكتساب المزيد من المهارات فكلنا في العصر الرقمي متعلمون وليس بيننا من يمتلك المعرفة المطلقة.