روزماري: صحافة الاستقصاء تتطلب مهارات أكثر من الكتابة المميزة

بعد ما يقارب العقد من الزمن على التدريس بجامعة نيويورك والعمل مديرة لبرنامج الصحافة والإعلام فيها، عادت روزماري أرماو للعمل كمحررة ضمن مشروع لمنظمة مكافحة الفساد والجريمة المنظمة. إذ تسعى الصحافية المخضرمة التي عملت سابقا ولعدة سنوات، رئيسة لشبكة المحررين والمراسلين الاستقصائيين (IRE)، لنقل تجربتها وخبرتها للصحفيين الاستقصائيين العرب، من خلال العمل مع محرري شبكة أريج في مقرها الإقليمي في عمّان.

خلال فترات مختلفة، عملت روزماري على إعداد وكتابة تقارير برامج التنمية الإعلامية في أفريقيا، آسيا وأوروبا الشرقية، وأعدت تقارير حول تطوير وسائل الإعلام لصالح وزارة الخارجية الأميركية.

وفي ألباني مركز مدينة نيويورك، عملت روزماري ضمن لجنة برامج الشؤون العامة والإعلام لإحدى الهيئات العامة للإذاعة الوطنية. وعملت محررة وكاتبة في سبع صحف أميركية إحداها الكترونية، ودرّست الصحافة والإعلام في خمس جامعات أميركية.

ماذا يمكن أن تقدميه لمحرري أريج؟

أجد نفسي مضطرة للضحك عندما أسمع محرري أريج – صغار السن بما يكفي لأقول أنهم كأولادي، بل أن بعضهم في عمر أحفادي – يقولون أنهم يريدون أن يتعلموا من تجربتي وخبرتي في مجال غرف الأخبار.

في الحقيقة، لديهم الكثير لأتعلم منهم، وهو بحد ذاته يعد جوهر غرف الأخبار وسحرها. فجميع الأجناس والطبقات والأعمار مجتمعة هنا، والأمر يعتمد فقط على من يمتلك القصة الأفضل. أريد أن يشعر محرري أريج بمدى أهمية ما يقومون به، وتشجيعهم على القيام به بسعادة ومرح ليبقوا في الميدان ما دمت أنا موجودة.

آمل أن يتعلموا مني تقنيات حول كيفية الحصول على المعلومات والبيانات من الناس باستخدام الطرق المناسبة والصحيحة في طرح الأسئلة، وكيفية الإجابة عليها للوصول إلى ما يريدون. كما أسعى لمساعدتهم للعمل مع الصحفيين الأقل خبرة ومهارة في الحصول على أقصى ما يمكن من مساعدة. لا أقصد الإهانة للصحفيين العرب حينما أقول “تفهّموا” أن الصحافة الاستقصائية التي نقوم بتنفيذها تتطلب مهارات أكثر من مجرد الكتابة بشكل مميز. يتوجب على الصحفي تثقيف نفسه في مجال المنطق، الرياضيات، تحليل البيانات، والقراءة النفسية لآراء الناس وتوجهاتهم، والاستعداد للمخاطرة للوصول إلى المصادر.

هذا كثير، أليس كذلك؟ إن الصحافة ليست صناعة صواريخ، ولكنها ليست بالأمر السهل أيضا. لقد عملت بها لوقت طويل، لكني لا زلت أتعلم مهارات وخبرات كثيرة.                    

كيف ترى روزماري الصحافة في العالم العربي؟

أعتقد أن الصحفيين العرب يواجهون ظروفا صعبة للغاية، ولا أملك سوى أن احترمهم لما يقومون به من جهد كبير لتحقيق أهدافهم. فحكوماتهم المتحّفظة والمستبّدة تستخدم معهم أساليب القمع لإيقافهم، وفي حالات كثيرة قد تزج بهم في السجون.

يزيد التحدي الذي يواجهه الصحفيون للوصول إلى أهدافهم، بغياب الوعي لدى عامة الناس حول ما يقومون به من أعمال من أجلهم ونيابة عنهم. كما أن الصحافة والإعلام في العالم والشرق الأوسط، تمر بظروف صعبة وتحديات كبيرة. لكن على الرغم من ذلك، فإن الأريجيين يقدمون في كل عام عددا من التحقيقات المهمة التي تكشف عن قضايا فساد وتورط شخصيات كبيرة فيها.

أعتقد أن براعة ومهارة الصحفيين العرب في توثيق هذه الأعمال استقصائيا هو دليل على شجاعتهم في المقام الأول، ويمكن أن تنقل للصحفيين في أمريكا وغرب وشرق أوروبا الذين يحاولون الآن محاسبة ومقاضاة القادة الفاسدين والمناهضين للديمقراطية.

ما رأيك بأريج بعد مرور ستة أشهر على وجودك في عمان؟

في الحقيقة، أحب العمل مع محرري أريج الأذكياء، والذين يكرسون معظم أوقاتهم للعمل، كما أنهم يملكون حس فكاهة أيضا. يجب علينا أن نعشق الصحافة على الرغم من كونها مهمة صعبة. لذلك، وفي هذا السياق، فإني يوميا أسمع المحررين يحاولون إقناع الصحفيين باستغلال الوقت والجهد، وإرشادهم لاتخاذ الخطوات الضرورية الواجب القيام بها للخروج بتحقيق استقصائي ناجح وكبير. وأسمعهم يعملون بأخلاقيات مهنة الصحافة وهم يتناقشون ويتحاورون في الكلمات والجمل الواجب استخدامها في التحقيقات ليتأكدوا من أنها ستجذب انتباه القراء والمشاهدين.

ومع تحول أريج إلى المحتوى الرقمي، فإن الصحفيين يقومون، وعلى نحو متزايد وملحوظ، بإلتقاط الصور، تصوير الفيديو، وكتابة النصوص لإبراز ما يحتاج المتلقي معرفته حول العمل وما يقومون به من دور كجزء من هذا العالم.