أحمد سليمان: الجائزة الحقيقية للصحفي الاستقصائي هي تغيير المجتمع للأفضل

دخل أحمد سليمان عالم الاستقصاء مبكراً بعد تخرجه من كلية علوم الاتصال والإعلام بجامعة عين شمس المصرية، وعمل في العديد من القنوات الفضائية المصرية مثل أون تي في، سي بي سي، دريم، ‏التحرير‎، لكن نقطة التحول في حياته المهنية كانت عندما عمل منتجا فنيا في برنامج “آخر كلام” مع الإعلامي يسري فودة.

وعلى مدى عامين، ساهم سليمان في تأسيس قسم الفيديو في شبكة أريج وأشرف على العديد من التحقيقات الاستقصائية التلفزيونية التي كان لها تأثير كبير في العالم العربي، وبعد أن بدأت ثقافة الاستقصاء المرئي تنتشر في العالم العربي، قرر الخوض في تجربة جديدة بالانتقال إلى ألمانيا والعمل مع دويتشه فيله ليواصل اكتساب المزيد من الخبرات والعمل ضمن بيئة إعلامية جديدة.

ساهمت في نشر صحافة الاستقصاء التلفزيونية في العالم العربي، من خلال اشرافك على تحقيقات الفيديو التي أنتجتها أريج، كيف ترى صحافة الفيديو بعد سنوات من العمل في أريج؟

ظلت أريج خلال سنوات طويلة تنشط في الصحافة الاستقصائية المكتوبة وخلال العامين الماضيين قررت الاتجاه نحو الصحافة الاستقصائية المرئية، وبدأت بتأسيس أول جيل من صحفيي الفيديو، وأنا كنت أحد الذين تدربوا على يد أريج، ومن ثم عملنا على الإنتاج. ثم قررت أريج مع مطلع العام 2015 تأسيس أول وحدة استقصائية عربية في الشرق الأوسط لإنتاج تحقيقات استقصائية مرئية في تسع دول عربية وكانت الصعوبة الأكبر هي كيفية ربط أو دمج المهارات التلفزيونية مع المهارات الصحفية. لم يكن من السهل إيجاد صحفيين استقصائيين عرب يمتلكون مهارات الفيديو في العالم العربي، فقررنا العمل على نوعين من التدريب، الأول يهتم بالأساسيات والثاني متقدم لعمل تحقيقات متقدمة، ونجحت أريج في تأسيس جيل ناجح جداً في مجال التحقيقات المتلفزة.

أريج بعد عامين أصبحت تمتلك في كل بلد عربي عملت به صحفيين استقصائيين قادرين على إنتاج تحقيقات تلفزيونية استقصائية، وأغلبهم أنجز مشاريع بثتها مؤسسات عالمية.

صحافة الاستقصاء صحافة معقدة لأنها صحافة النخبة، لكن صحافة الاستقصاء المرئي أكثر تعقيدا لما تستلزم من إلمام بمهارات وأدوات الفيديو المختلفة التي تختلف عن الصحافة الاستقصائية المكتوبة، وأنا كصحفي فيديو منحاز دائما لهذا النوع من الصحافة، لما له من تأثير وقرب من المتلقي الذي يرغب دائماً في أن يرى ويسمع. وأنا فخور بما قدمته أريج، وعلى ثقة أنها ستقدم أضعاف ما قدمته خلال الفترة القادمة.

من وجهة نظرك، هل ساعد التطور في عالم السرد القصصي والتقنيات الحديثة في الصحافة الرقمية على تطور صحافة الاستقصاء، وكيف؟

بكل تأكيد التطور الحاصل عامل مساعد دائماً لنا لمواكبة تطورات السرد القصصي وهذه الأدوات مكملة للأدوات الأساسية ومساعدة بشكل كبير جداً لكل الصحفيين.

في السنوات الأخيرة ظهرت تقنيات وأدوات جديدة مثل صحافة الموبايل وسرد الأونلاين وغيرها، مما ساعد على خلق شكل أفضل للقصة. على سبيل المثال، ومواكبة من أريج لكل التطورات والأدوات في عالم الصحافة الاستقصائية، أنجزنا تحقيقات كاملة باستخدام الموبايل، وفي تحقيق آخر مهم عابرا للحدود أنجزنا 70% منه باستخدام الموبايل، لأن ظروف التصوير كانت لا تسمح بالتصوير بالكاميرا العادية. استخدام تقنية الموبايل سهل كثيرا من إنجاز التحقيق.

كيف ترى أريج خلال الأعوام القادمة في ظل التحديات التي تواجهها الصحافة الاستقصائية في العالم العربي؟

أريج احتفلت العام الماضي بعشر سنوات على نشر صحافة الاستقصاء في العالم العربي، وكان الشعار “نرى نسمع نكشف”، ومع ازدياد حالات القمع في العالم العربي والانتقام من الصحفيين، يزداد الوضع صعوبة لكن في نفس الوقت يزداد الصحفيون العرب مهارة وخبرة وتحديا لكشف كل ما هو فاسد وكل من يخالف القانون في العالم العربي.

من وجهة نظري، الصحافة الاستقصائية العربية تعمل في خطين متوازيين، فكلما زادت التحديات والضغوط على الصحفيين الاستقصائيين العرب زادت قوة الصحافة الاستقصائية في العالم العربي، وبالتالي يزداد دور أريج، الذي ظل خلال الفترة السابقة يتمحور حول نشر صحافة الاستقصاء، وحالياً تحفر بعمق في صحافة الاستقصاء، السنوات القادمة يتوقع أن تكون صعبة لكن الصحافة الاستقصائية تزدهر أكثر ويزداد فهم أغلب الصحفيين العرب وتحمسهم للخوض في هذا النوع من الصحافة.

نصيحة تقدمها للصحفيين الاستقصائيين العرب؟

نصيحتي للصحفيين العرب، التحلي بالصبر، والابتعاد عن ثقافة حصد الجوائز والتركيز على جوائز التحقيقات الشعبية التي تأتي من ردود الأفعال للتحقيقات، فالجائزة الحقيقية هي التغيير في المجتمعات، وأعتقد أن الهدف الرئيسي لمعظم صحفيي أريج هو كشف فساد أو حماية القوانين من أجل مصلحة مجتمعاتهم وتغييرها نحو الأفضل.