هانسون: يجب وضع آلية لضبط الجودة للتأكد من صحة كل ما ينشر

بعد أربعة عشر عاما من إدارة البرنامج الأكثر شهرة في السويد (Mission Investigate) ووضعه على خارطة البرامج الأكثر تأثيرا ومتابعة في شمال أوروبا، قرر الصحفي السويدي نيلز هانسون العودة إلى الميدان والعمل كصحفي استقصائي. وساهم هانسون مع فريق البرنامج في إنتاج قصص أسبوعية أحدثت تأثيرا كبيرا في المجتمع السويدي. ومنذ إنطلاق البرنامج في العام 2001، حصد العديد من الجوائز العالمية كان آخرها جائزة دانيال بيرل عن “الصحافة الدولية المتميزة”.

ويحاضر هانسون بشكل منتظم في مؤتمرات الصحافة الاستقصائية في السويد وحول العالم، ووضع رؤويته وخبرته الاستقصائية في كتاب تطرق فيه لأساليب وطرق التحقيقات الاستقصائية.

لماذا قررت التنازل عن عرش برنامج (Mission Investigate) والعودة إلى العمل كصحفي استقصائي؟

شعرت بأن مهمتي أنجزت وحان الوقت لنقل مسؤولية البرنامج لشخص آخر. أبلغ من العمر الآن 66 عاما، ما يعني أنه لم يتبقى لدي سوى عام واحد من العمل لدى التلفزيون السويدي SVT. العودة إلى العمل كمراسل مقارنة بالعمل كمحرر لعام آخر هو بمثابة التحدي بالنسبة لي. سيساعدني هذا التحدي على تحديث مهاراتي لتعزيز رغبتي في الاستمرار في إعداد التقارير الاستقصائية بعد أن أصل إلى عمر السابعة والستين.

حدثنا عن البرنامج الجديد الذي تعده مع يان يوسفسون؟

يان يوسفسون، من أعظم الصحفيين الاستقصائيين في السويد على الإطلاق. وخلال العقود الماضية، عمل يان على قصص مذهلة كان لبعضها تأثيرا كبيرا. بعد عام سيبلغ يان 67 عاما أيضا، لذلك فقد حان الوقت لكي ننظر إلى الوراء سوية ونقوم بالمتابعة. يتمحور دوري في البرنامج حول مساعدة يان كباحث. نخطط لتنفيذ ستة برامج طيلة كل منها ساعة، ليتم عرضها في ربيع العام المقبل.

ماهي فكرة القصص التي تود متابعتها والتي قام يان بالعمل عليها من قبل. هذا مصدر إلهام كبير لمراسلينا ليحذو حذوه ويعيدوا النظر في القصص القديمة ولكن من زوايا جديدة؟

تدور الفكرة حول امكانية عرض التطور داخل المجتمع بطرق مختلفة. على سبيل المثال، مشاكل الاندماج في مجتمعنا التي تسببت في مشاكل عنصرية وصراعات خطيرة داخل المجتمع. وبالعودة إلى القصص التي تم العمل عليها خلال الثلاثة عقود الماضية، يمكننا أن نعطي الجمهور خلفية فريدة للمشاكل الهائلة في مجتمعنا اليوم. كما سنعمل على واحدة من قصص الفساد الكبيرة التي عمل عليها يان، وطموحنا هو البحث عن معلومات مهمة جديدة للمشاهدين.

استنادا إلى تجاربك، بماذا تنصح الصحفيين الاستقصائيين؟

تعلم من الأفضل ولكن كن نفسك. كن سعيدًا بمواهبك ولكن كن صادقا مع نفسك عندما يتعلق الأمر بنقاط ضعفك. قم بتحديد هذه النقاط وقم بما في وسعك لتطوير مهاراتك ومعالجتها. ربما لديك قوة أكثر مما تدرك، استفيد من هذه القوة بتواضع. وابدأ كل مشروع بالتفكير: أين يمكن ان اكون مخطئًا تمامًا؟ يجب عليك أن تتحدى فرضيتك خلال العملية برمتها. كن منفتحًا قدر الإمكان مع موضوع التحقيق الذي يجب أن يمنح فرصة عادلة للرد على جميع الادعاءات. ويجب وضع آلية لضبط الجودة للتأكد من أن كل ما تنشره مناسب وصحيح.

ماذا يعني لك شخصيا أن تكون صحفيا استقصائيا؟ شاركنا بقصة واحدة عملت عليها جعلتك تشعر بأنك وصلت إلى قمة حياتك المهنية؟

أن تكون صحفيا استقصائيا، يعني أنه يمكنك أن تحدث فرقا في المجتمع بطريقة واقعية للغاية. كمحرر كان لي شرف العمل على أكبر القصص الاستقصائية في السويد. وبالنسبة لي شخصيا كانت القمة التي وصلت لها عندما عدت لفترة قصيرة كمراسل في عام 2010 وكشفت مع يان يوسفسون عن قضايا فساد على نطاق واسع في بلدتنا غوتنبرغ. أعطتني تلك القصة الثقة بأنه ما زال بإمكاني العمل كصحفي وهو ما أفعله الآن.

ما هي الاتجاهات التي لاحظتها خلال الـ 14 عامًا الماضية كمسؤول للبرنامج في ما يتعلق بالتمويل المتاح واهتمام الجمهور ونسبة المشاهدة، خصوصا وان معظم المشاهدين الأصغر سنا يتابعون البرامج اليوم على الأجهزة الذكية؟

الشيء المذهل في السويد هو أن الصحافة الاستقصائية أصبحت أكثر شعبية، وهو ما نأمل أن يكون موجودا في البلدان الأخرى. يمكنك حتى القول أنها أصبحت تجارية. وأدركت المؤسسات الإعلامية الخاصة أنه يتعين عليها تزويد القراء والمشاهدين بقصص حصرية لتحفيزهم على دفع تكاليفها عبر الإنترنت. لا يزال لدى البرنامج جمهورا كبيرا على التلفاز، ولكننا أيضًا نجحنا في الوصول عبر منصات مختلفة على الإنترنت. يمكننا إنتاج قصص رائعة، وأحيانًا مع مشاهد درامية والجميع معجب بها.

بماذا تتميز كصحفي استقصائي؟

لدي الصبر اللازم لكي لا أستسلم أبدا، على الرغم من كل العقبات. كما أملك مهارة تحفيز الناس على التحدث. وفي النهاية، أعتقد أني جيد جدا فيما يتعلق برواية القصص.

كنت عضوا في مجلس إدارة أريج لأربع سنوات على الأقل. ما الذي جعل مدير تلفزيون دائم الانشغال مثلك ينضم إلى المجلس ويتولى هذا الدور الذي يحتاج إلى بعض الاهتمام والسفر؟

أولا، دعيت كمدرب ومن ثم اتخذت الخطوة التالية وأصبحت عضوًا في مجلس الإدارة. كان شرفًا لي أن أتمكن من المساهمة في تطوير الصحافة الاستقصائية في هذا الجزء من العالم. لم أستطع الرفض لا سيما وأن رنا هي من طلب مني الانضمام، وهي أحد أكثر الصحفيين الاستقصائيين أهمية في العالم.

إذا نمت واستيقظت في عام 2025، أين ترى أريج؟

أرى عالم عربي مستقر حيث أصبحت اريج أكثر قوة في النضال من أجل حرية التعبير.

ما هو أكثر شيء ألهمك حول العمل مع أريج سواء كمدرب أو كمتحدث بشكل متكرر في مؤتمرات أريج السنوية؟

لرؤية إلى أي مدى يستمر الصحفيون الشجعان في إنتاج صحافة استقصائية عظيمة- رغم كل العقبات الكبيرة التي يواجهونها- تضع الأمور في نصابها بالنسبة لنا، لنعمل مع صحافة مماثلة في جزء آخر من العالم.