بناء على مؤشرات اليونسكو لتنمية الإعلام

تقييم تنمية الإعلام في الأردن

2015/09/9
التاريخ : 09/09/2015

تموز 2015

يتشرف مكتب يونسكو عمان بنشر تقييم شامل للمشهد الإعلامي الأردني، بالاستناد إلى مؤشرات اليونسكو لتطوير الإعلام.تُشكّل هذه الدراسة جزءاً من مشروع “دعم الإعلام في الأردن” الممول من الاتحاد الأوروبي، والذي يهدف إلى زيادة الحريات الإعلامية، واستقلالية الإعلام، والمهنية الصحفية في الأردن.

تقدّم مؤشرات اليونسكو لتطوير الإعلام، إطارَ عملٍ شامل لتقييم المشهد الإعلامي الحالي في أي دولة وفي أي وقت، ولكنها لا تتطلّع إلى مقارنة الدول ببعضها. وبالتالي فإن مؤشرات تنمية الإعلام ليست أداةً لتحديد المرتبة، بل هي أداة لتقييم المشهد الإعلامي بناء على مؤشرات أقرتها الدول الأعضاء في منظمة اليونسكو، ولتوصي باتخاذ خطوات من شأنها أن تطوّر إعلاماً أكثر حرية واستقلالية وتعددية بما يتماشى مع المعايير الدولية.

الأردن هي خامس دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تشملها سلسلة مؤشرات اليونسكو لتطوير الإعلام، بعد كلًّ من مصر، وليبيا، وفلسطين، وتونس. أما خارج الإقليم فقد قيّمت اليونسكو تطوير الإعلام في عشر دول بناءً على إطار عمل مؤشرات تنمية الإعلام، وهنالك 16 دراسة تحت الإعداد.

تضع مؤشرات تنمية الإعلام إطارَ عملٍ يمكن من خلاله للإعلام أن يسهم في الحاكمية الرشيدة والتطور الديمقراطي وأن يستفيد منهما. المؤشرات تعالج كل جوانب البيئة الإعلامية، وهي منظمة حسب الفئات الخمس التالية:
1- أنظمة مؤاتية لحرية وتعددية وسائل الإعلام وتنوعها.
2- تعددية وسائل الإعلام وتنوعها، مساواة اقتصادية وشفافية الملكية.
3- الإعلام كمنصة للخطاب الديمقراطي.
4- بناء القدرات المهنية ودعم المؤسسات التي تعزز حرية التعبير والتعددية والتنوع.
5- قدرة البنية التحتية كافية لدعم استقلالية وتعددية الإعلام.

أُعدّ تقييم مؤشرات تنمية الإعلام من قِبل فريق من الباحثين الأردنيين والدوليين خلال الشهور الستة الأولى من سنة 2015، وبُني على أساس الأدبيات السابقة الغنية في المشهد الإعلامي الأردني، وعلى بحث أصيل عميق واستشارات للجهات ذات العلاقة.

يقدّم تقييم مؤشرات تنمية الإعلام تحليلاً معمقاً للمشهد الإعلامي كما كان عليه في حزيران 2015، ومجموعة من التوصيات للعمل مستقبلاً، وبالتالي فإن الدراسة أكثر من مجرد تقييم، فهو يقدّم خريطة طريق مُقرّة من اليونسكو تهدف نحو إعلامٍ يمكّن كل امرأةٍ ورجلٍ وشابٍ وطفلٍ من التعبير عن أنفسهم بحريّة، وأن تكون لديهم القدرة على الوصول إلى المعلومات المتعلّقة بحياتهم اليومية، وهذا مهم بشكل خاص في الوقت الذي يمضي فيه العالم قدماً نحو أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وتأمل اليونسكو أن تسهم نتائج هذا البحث في النقاش القائم حول سُبُل توسيع نطاق حرية واستقلالية ومهنية الإعلام في الأردن. وكما هو الحال في أي بلد، فإن النقاش لا ينتهي أبداً، ولكنه حوارٌ ومناظرةٌ مستمرة بين وسائل الإعلام والحكومة والمجتمع المدني والعامة.

تموز- 2015
غاي بيرغر
يونسكو – مدير دائرة حرية التعبير وتطوير وسائل الإعلام

الملخص التنفيذي
لقد كان الإصلاح الديمقراطي على أجندة الأردن منذ عقود، وبالطبع فقد كان إصلاح الإعلام جزءاً مهماً من ذلك الحوار. فخلال ربع قرن منذ عودة الانتخابات البرلمانية التي تبعت “هبة نيسان” 1989 تحققت مكاسب ديمقراطية مهمة، من بينها انتخابات ديمقراطية دوريّة، كما خطت حرية الإعلام خطوات مهمة، وتتمتع البلاد الآن ببيئة إعلامية حيوية ومتنوعة إلى حد معقول. في الوقت نفسه فإن إطار العمل الشامل لتنمية الإعلام ما يزال أمامه خطوات كثيرة في سبيل استيفاء المعايير الدولية، كما وضعتها اليونسكو في مؤشرات تنمية الإعلام. يقدّم تقييم مؤشرات تنمية الإعلام هذا نظرةً مفصّلةً على الجوانب المختلفة لبيئة حرية الإعلام بناءً على منهجية هذه المؤشرات، لتحديد نقاط القوة والضعف وتحديد احتياجات الإصلاح.

1: أنظمة مؤاتية لحرية وتعددية وسائل الإعلام وتنوعها
يضمّ الدستور ضمانات قوية لحرية التعبير والإعلام إلا أن هذه الضمانات لا ترتقي بشكل كافٍ إلى مستوى الضمانات الدولية نظراً إلى أنها تحمي فقط الحق في الإبلاغ وليس الحق في البحث على المعلومات والأفكار والحصول عليها، كما فشلت في وضع قيود صارمة على ما من شأنه أن يقيّد على حرية التعبير. كما يفتقر الدستور إلى ضمانات بخصوص الحق في الحصول على المعلومات، المعرّف بأنه الحق في الوصول إلى المعلومة الموجودة بحوزة الجهات الحكومية، ولقد تضمنت الأجندة الوطنية (2007-2017) التزامات مهمة وإيجابية من نواحٍ قانونية وخاصة المتعلقة بالسياسات، طُبّق القليل منها بينما لميُطبّق بعضها فعلياً حتى الآن.

كان للأردن دور قيادي في المنطقة باعتبارها الدولة الأولى في إقليم الشرق والأوسط وشمال إفريقيا تبنت قانون الحق في الحصول على المعلومات، إلا أن قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لسنة 2007 يمكن العمل على تحسينهكما أن جهود تنفيذه كانت محدودة. كما يتضمن الإطار القانوني قواعد موّسعة حول السريّة، وهو ما يقلل من أثر قانون ضمان حق الحصول على المعلومات.
في بعض الحالات، كانت الحكومة الأردنية تجري استشارات شاملة بخصوص إصلاحات قوانين وسياسات الإعلام، ولكنها في أحيانٍ أخرى كانت تتبنى قوانين بعد إجراء مشاوراتأقل، ومن ناحيته فقد كان المجتمع المدني يرفد عمليات إصلاح القوانين والسياسات بمدخلاته في بعض الأحيان، ولكن بشكل غير متواصل.

يتضمن الإطار القانوني عدداً من القواعد التي تُفرط في تقييد المحتوى الذي يتم نشره أو بثه، ويضمّ ذلك قوانين تشهير جنائية قاسية وواسعة النطاق، مجال الدفاع أمامها محدودٌ وقيودها على حرية التعبير واسعةٌ، لأسباب مثل حماية الأمن القومي والمحاكم والمشاعر الدينية. ومن وجهة نظر تركّز على حرية التعبير، فإن محاكمة العاملين في الإعلام أمام محاكم عسكرية (كمحكمة أمن الدولة على سبيل المثال) على أنواع معينة من الجرائم – مما يسمح بتوقيفهم لحين محاكمتهم- يُعدّ أمراً مثيراً للجدل.

ومن ناحية التشريعات الإعلامية فإن القانون يوفر حماية قوية وفعّالة لحق الصحفيين في المحافظة على سرية مصادرهم، ولكن نظام التشريعات الإعلاميةلا يتماشى مع المعايير الدولية من عدة نواحٍ، وهذا يشتمل على التالي:

• ضعف استقلالية هيئة الإعلام بالإضافة إلى النظام الذي يجعل الحكومة صاحبة القرار الأخير عن ترخيص جهات البث.
• قيود قانونية على من تحق لهم ممارسة الصحافة، أو أن يُعتبروا صحفيين، مما يؤدي إلى حالة يُمنع فيها عدد كبير من الأفراد ممن يعُتبرون صحفيين عادةً من الحصول على عضوية نقابة الصحفيين الأردنيين ويُمنعون رسمياً من العمل كصحفيين.
• ترخيص الصحف.
• التحكّم والتقييد غير المبرر للمواقع الإلكترونية، ومن بينها المواقع الإخبارية.
تأثرت هذه المعايير سلباً بجهودٍ مشتركة من عدة لاعبين من القطاعين العام والخاص للتأثير على نزاهة المخرجات الإعلامية، وهو ما وُصف بأنه “احتواء ناعم”.

2:تعددية وسائل الإعلام وتنوعها، مساواة اقتصادية وشفافية الملكية.
انتهى الاحتكار الحكومي للبث التلفزيوني والإذاعي سنة 2002، مما أدى إلى تأسيس العديد من محطات الراديو والتلفزيون، وازداد تنوع المخرج الإعلامي المتوفر للأردنيين بشكلٍ ملموس. إلا أن إطار العمل الإعلامي،في الوقت ذاته، لا يحتوي الكثير من التدابير الفاعلة التي من شأنها أن تعزز تنوّع الإعلام.

النظام المتّبع لمنح تراخيص البثقائمٌ فعلياً على أن من يأتي أولاً يُخدم أولاً، وهو نظام يعترف بنوعين فقط من جهات البث ألا وهما الجهات الحكومية والخاصة، إذ لا يوجد أي قواعد قانونية تنظّم جهات البث المجتمعية، والتي تُعدّ جهة بث ثالثة بالغة الأهمية عالمياً، ولا يوجد أي تدابير لتخصيص وحماية الترددات الخاصة بجهات البث المجتمعية. ولا يعدّ التنوع معياراً رسمياً عند منح رخص البث، كما أن عملية منح الرخص تفتقر إلى قواعد وإجراءات واضحة، كما أنها لا تُجرى بعملية تنافسيةٍ شفافةٍ تتيح المجال لمشاركة الجمهور.

أما من ناحية المعايير المالية، فليس هنالك قواعد تقيّد تركُّز المُلكيّةالإعلامية أو تضمن شفافيتها، وبدأت الآن بُنى تركّز مُلكيّة الإعلام في الظهور.رسوم البث الأرضي باهظة، وحتى الآن لم يتم إصدار أي رخص بث أرضي. أما قطاع الصحافة المطبوعة، وخاصة الصحف اليومية الكبرى تعاني من أزمة مالية تهدد بإغلاقها مستقبلاً، ومن بينها أكبر وأقدم الصحف. وتبقى بعضالأسئلة عالقةً حول إن كانت الأسعار التي تدفعها الجهات الحكومية مقابل الإعلان لدى هذه الصحف كافيةً، وحول التدابير التي تضمن توزيع الإعلانات الحكومية بطريقة موضوعية وشفافة ومحايدة سياسياً.

3: الإعلام كمنصة للخطاب الديمقراطي
تتركز وسائل الإعلام غالباً في العاصمة عمّان، بينما تُمنح القضايا التي تهمّ المواطنين في المحافظات الأخرى اهتماماً أقل. أما النساء وبعض المجموعات كاللاجئين مثلاً فإنهم يُمَثّلون تمثيلاً ضعيفاً في المحتوى الإعلامي وفي القوى العاملة في مجال الإعلام، خاصة في المناصب العليا.
سيكون هنالك حاجةٌ لجهود حقيقية على المستوى القانوني والإداري والعمليّ لضمان أن وسائل الإعلام الحكومية والمملوكة جزئيا من قِبل الحكومةفي الأردن تعمل كخدمة إعلامعام تتماشى مع المعايير الدولية. وتعاني كل جهات البث الحكومية ووكالة الأنباء الأردنية بترا من ضعف استقلاليتها عن الحكومة، وذلك تنظيمياً – أي في الطريقة التي يتم فيها تعيين مجالس إداراتها ومديريها- وعملياً – أي أن هنالك تدخلاً اعتيادياً في البرامج التي تبثها وفي طواقم العاملين لديها. كما تفتقر هذه الجهات إلى تعليمات تُعرَّف كيف ينبغي عليها أن تخدم الجمهور، وتحديداً فيما يخصّ نوع المحتوى المقدم للجمهور. المحطة التلفزيونية الجديدة:”محطة الإعلام العام المستقلة” والتي لم تبدأ بثها بعد يُتوقع منها أن تكون جهة البث العمومية، إلا أن هذه المحطة تحتاج استقلالية أوضح عن الحكومة حتى تستوفي المعايير الدولية لخدمة البث العام.

تتسم علاقة الحكومة بالصحف المملوكة من الدولة بقدر غير كافٍ من الوضوح،حيث تظهر المُلكية العامة الجزئية من خلال حُصص مملوكة للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، مما يمنح الحكومة فعلياً القدرة على تعيين أعضاء المجالس وكبار الموظفين، وتفتقر وسائل الإعلام هذه في الوقت ذاته إلى سمات خدمة الإعلام العمومي، وليس لديها ولاية قانونية أو إلزام بأن تعمل لصالح الجمهور.

وبالرغم من المحاولات على مر السنين إلا أن الإعلام لم يتمكن بعد من وضع نظام فعالٍ ومستقلٍ للتعامل مع الشكاوى المتعلقة بمهنية الإعلام، بالإضافة إلى تعزيز مساءلة الإعلام من قِبل الجمهور.هنالك نظام رسميٌ معمولٌ به حالياً من قِبل نقابة الصحفيين الأردنيين وميثاق الشرف الصحفيومجالس النقابة التأديبية، إلا أن هنالك اعترافاً واسعاً بأن هذا النظام مثيرٌ للجدل، وهنالك نقاشات حالياً حول استبداله بنظام جديد.

ومن بين مشاكل النظام الحالي ومما يُضعفه هو أنه لا يشمل عدداً كبيراً من المشتغلين بالإعلام نظراً لعدم استيفائهم لشروط عضوية نقابة الصحفيين الأردنيين، بالإضافة إلى مواد مُقيِّدة بشكل غير ملائمفي ميثاق الشرف الصحفي، والنظام التأديبي الذي يكون قاسياً في بعض الأحيان بشكلٍ غير متناسب.

ولا تُعاني الأردن من مشاكل حقيقية فيما يتعلق بسلامة الصحفيين، إلا أن هنالك تحديات قائمة في هذه المنطقة، فهنالك الاعتقالات مثلاً، والمعاملة القاسية، والإهانات العلنية، والتهديدات بالإيذاء الجسدي، وتبقى احتمالية الإفلات من العقوبة عاليةً في مثل هذه الحالات، حيث تمّت إدانة عدد قليل جداً من اللاعبين –من القطاعين العام والخاص- بسبب الاعتداء على الصحفيين. وبالإضافة إلى قضايا أخرى، فيبدو أن الاهتمام متدنٍ بالتحقيق في مثل هذه الحالات، ويكمن السبب جزئياً في أن الأجهزة التي تُجري هذه التحقيقات عادة، هي أيضاً ذات صلة بالاعتداءات.
4: بناء القدرات المهنية ودعم المؤسسات التي تعزز حرية التعبير والتعددية والتنوع.
يوجد في الأردن نطاقٌ واسع من المنظمات التي توفّر التدريب للصحفيين وغيرهم من العاملين في الصحافة وقد استفاد أغلب الصحفيين من التدريب بشكلٍ أو بآخر. إلا أنه من الممكن للتدريب أن يلبي بشكل أفضل احتياجات الصحفيين الحقيقية، أي أن يتم وضع هدف ذو مدى أبعد لجهود التدريب، وبتعزيز التنسيق والتعاون بين الجهات المقدّمة للتدريب، بالإضافة إلى إجراء تقييمٍ للأثر. كما يحتاج مجال التدريب إلى المزيد من التركيز على قيم الديمقراطية ومهنية الإعلام، تعزيز التوازن الجندري بين المشاركين، وتوفير المزيد من فرص التدريب خارج العاصمة، وإشراك الموظفين من المناصب العليا كمدراء الإعلام ورؤساء التحرير، والعمل على بناء القدرات.

تتوفر في الأردن مساقات أكاديمية متنوعة حول الصحافةوالاتصال، وهنالك خلل في أغلب هذه البرامج وهو قلة الوقت المخصص للمحاور العملية. كما يمكنتحديث بعض المواد ومهارات الطاقم التدريسي، في ما يخص الإعلام الاجتماعي والتقارير الصحافية المعدة بمساعدة الحاسوب.

لا تتوافق حالة احتكار نقابة الصحفيين الأردنيين كاتحاد للصحفيين مع المعايير الدولية، والتي تدعو إلى تمكين الصحفيين من الانضمام إلى الاتحادات التي يختارونها، كما تؤدي إلى مشاكل عملية في النقابة باعتبار أن النقابة ذاتها تمثل كلّاً من العاملين والإدارة. كما يظهر تحدٍ آخر في هذا المجال وهو سيطرة الصحفيين الذين يعملون في الإعلام الحكومي وصحفيي الصحافة المطبوعة على نقابة الصحفيين الأردنيين، وينتج هذا عن التعريف الضيق لمن هو الصحفي، باعتباره أي شخص يعمل في الصحف، ولا يضم التعريف سواهم إلا من يعملون في أقسام الأخبار في وسائل الإعلام الإلكترونية وفي الراديو والتلفزيون، وتاريخياً لم تحظ النساء بتمثيل كافٍ في مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين.

5: قدرة البنية التحتية كافية لدعم استقلالية وتعددية الإعلام.
يتمتع الأردن بشكل عام بتطورٍ تكنولوجي في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وغيرها، وخاصة خلال السنوات الأخيرة، مما مكّن الغالبية العظمى من السكان إلى الوصول للقنوات الفضائية والهواتف النقالة مع نمو قوي وسريع في الوصول إلى الإنترنت وملكية الهواتف الذكية، ومن أحد التحديات هو موقع الأردن الضعيف في سلة أسعار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات،والتي تُظهر أسعاراً مرتفعة في المنطقة.

لقد شكّل النمو المتزايد في خدمات الإعلام الإلكتروني–التي تقدمها المواقع الإعلامية التقليدية، وجيل جديد من الإعلام الأردني على الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي العالمية- نجاحاً للأردن في السنوات الأخيرة. وقد أدى هذا إلى تغير في أنماط استهلاك المحتوى الإعلامي بين الجماهير الأردنية، ووفر أدوات للمنظمات الإعلامية لإنتاج محتوىً أغنى، إلا أن تبني قواعد متشددة إلى حد بعيد لتنظيم الإعلام على الإنترنت، وتحميل المواقع التي تسمح بنشر التعليقات الخارجية المسؤولية القانونية عن تعليقات القراء التي تسمح بها، قد أدى إلى حدوث انتكاسة في التبني الإيجابي للفضاء الرقمي.

ويعدّ التعاون بين القطاعين العام والخاص لوضع إستراتيجية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من المجالات الواعدة في الأردن، هذا التعاون يأخذ بعين الاعتبار التغيرات التكنولوجية والتنافسية التي تحدث في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال والمزايا التي يمكنها أن تقدمها لتنمية الإعلام، كما أن تكنولوجيا المعلومات مفيدةٌ لإشراك المنظمات المدنية أو المنظمات غير الربحية للعمل أكثر.

6: خطوات مستقبلية
بشكلٍ عام فقد راجعت هذه الدراسة لمؤشرات تنمية الإعلام المشهد الإعلامي في الأردن بعمق، بالاعتماد على المعايير الدولية لتنمية الإعلام. ولقد تمّ تحديد إنجازاتٍ وتحدياتٍ في الفئات الخمسة التي تمّت دراستها، بهدف دعم جهود الجهات المعنية لتعزيز مجتمع المعرفة في الأردن، والذي يمكنه أن يخدم من يسكنون فيه من نواحي السلام، والفرصة الديمقراطية، والتنمية المستدامة.
تم تقديم ما مجموعه 14 توصية (راجع ما يلي) منبثقة عن الفجوات التي تمّ تشخيصها في التحليل، بالاعتماد على المعايير الدولية، وتقدّم الدراسة خارطة طريق ممكنة ليتم أخذها بعين الاعتبار والتحاور حولها، لمعرفة كيف يمكن للأردن أن يتقدّم في تعزيز تنمية الإعلام.
التوصيات الأساسية
تقرّ اليونسكو بالجهود الجارية التي تبذلها الحكومة والجهات ذات العلاقة في الأردن لتطوير بيئة إعلامية حرة ومستقلة ومتنوعة. إلا أن هنالك الكثير مما يمكن فعله حتى يتماشى إطار العمل بشكل عام مع المعايير الدولية، ومنها استيفاء الالتزامات الإيجابية التي يفرضها القانون الدولي على الدولة لتشجيع إعلام حرٍ وتعددي ومستقل. النقاط التالية هي التوصيات الأساسية، ليتم أخذها بعين الاعتبار، وهي مستقاة من تقييم مؤشرات تنمية الإعلام في الأردن، أما التوصيات الأكثر تفصيلاً فهي موجودة في نهاية الفئات الخمس التي يتناول كلٌ منها فئة من الفئات الرئيسية التي قُسّمت إليها المؤشرات.
1. يمكن أن تُبذل جهودٌ لتجديد محاولة استيفاء التزامات إصلاح الإعلام كما جاءت في الأجندة الوطنية.
2. يمكن للحكومة والبرلمان أن يلتزما بإجراء عملية تشاورية شاملة في كل مرة يعملون فيها على إصلاح قانون إعلامي، كما على منظمات المجتمع المدني أن تبذل جهداً تضمن معه أن تكون مساهمتها في مثل هذه المشاورات على أعلى درجة ممكنة من المهنية.
3. هنالك حاجة لأن تتم مراجعة شاملة للقوانين التي تحد من حرية التعبير والإعلام و\أو تنص على السرية بهدف تعديل هذه القوانين بحيث تتماشى مع المعايير الدولية. كما يمكن أن يكون هنالك تركيز خاص على إصلاح قانون حماية أسرار ووثائق الدولة المؤقت وشروط التشهير.
4. يمكن أن يبذل قطاع الإعلام بشكل عام جهوداً تضمن أن يخدم القطاع كل سكان الأردن، أي أن يعطوهم صوتاً للتعبير عن وجهات نظرهم، وأن يقدموا لهم المعلومات التي يحتاجونها، ويمكن أن يسعى ليصبح القطاع الرائد في ممارسات التوظيف العادلة مع تركيزٍ خاص لتأمين تمثيلٍ عادلٍ للنساء في كل المستويات الوظيفية.
5. يحتاج قانون ضمان حق الحصول على المعلومات إلى مراجعةٍ بشكل كامل لتتم مواءمته مع المعايير الدولية و الممارسات الفضلى، وعلى الجهات الحكومية في الأردن أن تتخذ الخطوات اللازمة لتطبق القانون تطبيقاً ملائماً.
6. يمكن أن يُستحدث تشريعٌ شاملٌ للبث ويُتوقع منه عدة أمورٍ، منها تحويل هيئة الإعلام إلى جهة مستقلة بشكلٍ كاملٍ بحيث تكون محميةً من التدخل التجاري والسياسيّ، وأن تضع الهيئة أسساً لعملية ترخيص عادلة وغير تمييزية مما سيعزز منحاً متساوياً للرخص لجهات البث بدرجاته الثلاثة (وهي خدمة البث العمومية، والتجارية، والمجتمعية) كما تعزز التنوّع في البث.
7. يمكن أن يُعدّل قانون المطبوعات والنشر بحيث تُزال المواقع الإلكترونية، ومن بينها المواقع الإخبارية، من نطاق القانون، كما يجب ألا يُفرض التسجيل أو أي قيدٍ إداريّ على تأسيس المواقع الإخبارية.
8. يحتاج التلفزيون الأردني والإذاعة إلى التحول إلى خدمة بث عمومية حقيقية محمية من التدخل السياسي والتجاري، وتلتزم بخدمة مصلحة الجمهور، وتنتفع من تمويلٍ كاف. كما يمكن إجراء مشاورات لتحديد مستقبل أي وسيلة إعلامية عامة أخرى، وبشكل يضمن حمايتها هي الأخرى من التدخل السياسي.
9. الإعلام بحاجة لوضع آلية –أو آليات- مستقلة يتمكن الجمهور عن طريقها في تقديم الشكاوى الإعلامية.
10. عند وقوع اعتداءات على الإعلاميين أو الوسائل الإعلامية، فإنه يتوجب على السلطات المختصة أن تدين الاعتداء وأن تخصص الموارد اللازمة بما يضمن إجراء التحقيقات المناسبة وأن يتم تقديم المتسببين إلى المحاكمة.
11. على الموظفين الحكوميين، وبالأخص أعضاء الأجهزة الأمنية، ألا يعتدوا بدنياً على الصحفيين، وألا يهددوهم، سواءٌ كان ذلك بشكل مباشر أو من خلال وسطاء، ويجب على السلطات أن تدين مثل هذه الأفعال عند حدوثها، وأن تقدم المعتدين للمحاكمة.
12. يمكن للمنظمات التي تقدم التدريب والتعليم الإعلامي أن تسعى للتنسيق في ما بينها بشكل أكثر فعاليّة، وأن تضمن استجابة التدريب للاحتياجات الحقيقية لقطاع الإعلام في الأردن. ومن التدابير الأساسية التي يجب إدراجها، طرح مجموعة واسعة من المواضيع والتخصصات، ومراعاة أن يمثل المشاركون المجتمعَ الأردني، وأن يمثلوه جندرياً، وأن تزيد نسبة التدريب العملي في البرامج الأكاديمية.
13. ينبغي أن يُلغى الإحتكار القانوني لنقابة الصحفيين الأردنيين في تمثيل الصحفيين، وأن يكون للصحفيين حرية اختيار الانضمام لها، كما يجب أن يُنظر في إضفاء طابع ديمقراطي أكبر على نقابة الصحفيين الأردنيين وتوسيع مظلة عضويتها.
14. يمكن تقديم الدعم المتواصل لضمان استمرارية التعاون ما بين القطاعين العام والخاص في مجال إستراتيجية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأن يتم تحديثه حسب ما تقتضي الحاجة لتواكب التغيرات التكنولوجية وغيرها.

لمشاهدة الدراسة كاملة